أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عياد أبلال - كرة القدم بالملاعب بين التشجيع و الشغب كتعبير عن خلل وظيفي في أداء النسق الاجتماعي















المزيد.....

كرة القدم بالملاعب بين التشجيع و الشغب كتعبير عن خلل وظيفي في أداء النسق الاجتماعي


عياد أبلال

الحوار المتمدن-العدد: 2153 - 2008 / 1 / 7 - 11:30
المحور: مقابلات و حوارات
    


انتشرت مؤخراً ببعض الملاعب المغربية ظاهرة اجتماعية ثقافية تمت استعارتها أساساً من المجتمعات الأوربية, إذ لم تكن الرياضة المغربية تعرفها, هذه الظاهرة هي تحول لحظات التشجيع لأحد الفريقين إلى فوضى واضطراب يعم الملعب,برمته لينتقل فيما بعد إلى خارج الملعب ليسم الشارع العام بمزيد من العنف والصخب والعبث بممتلكات الغير وإلحاق الضرر بالملك العام ,لتحليل الظاهرة نستحضر مفاهيمياً عدداً من المفاهيم محيلين إياها سوسيو-سيميائياً إلى سياقها الأصلي الذي نبعث منه وإليه ترتد جنيالوجياً حتى يتم فهم الظاهرة جيداً, وهذه المفاهيم: كرة القدم أو حرب المواقع, النصر , الهزيمة, التوازن واللاتوازن الانفعالي, النموذج أو البطل الحركي,الملعب والمسرح السياسي, هكذا إذن تبدوا كرة القدم ومن ثمة مبارياتها من أعقد الظواهر السوسيو ثقافية التي تحيل مرجعياً على عدد من الظواهر والقضايا الشائكة فهي بقدر ما تظهر تخفي كما الأسطورة الإغريقية, لذلك أصبحت بالفعل أسطورة العالم وأسطورة القرن, ذلك أن ما تخفيه هو ما يجعلها تحيا بقوة في الوجدان وتوجه الانفعال, بل وتخلق زمنيتها وايقاعاتها الخاصة التي تغير من ثمة زمنية وإيقاع المجتمع في بعديه الاجتماعي والسياسي, والثقافي, فمواعيد كرة القدم تغير ارتباطات ومواعيد بل وإيقاع اليومي عند المواطن , وتغيير هذا الإيقاع لا يأتي من فراغ بل من خلال إحلال خطاطة ثقافية تواصلية جديدة محل الخطاطة الأصل, هذه الخطاطة الجدية تمتح مقوماتها وميكانيزماتها من الحقل الحربي, فسيميائياً تحيلينا المفاهيم المؤسسة للبعة كرة القدم على الحقل الحربي: الدفاع, الهجوم, الإستراتيجية , التقنية, ...معناه أن المتفرج ومن خلال استبطان هذه الاستعارة السوسيو ثقافية وتمثلها قيمياً وذلك بعدة مدة من التطبع والتأقلم من هذه الثقافة الجديدة, التي تبتدئ بالمتفرج الهاوي لتنتهي في أعمق صورها مع المتفرج والمشجع الاحترافي الذي يتمظهر عليه سلوك الاحترافية في متابعة أخبار فريقه بالتفاصيل وحياة لاعبيه وأسرارهم وكذا اقتناء قميص الفريق وتفضيل لون الفريق وشعاره الذي يسعى إلى إظهاره من خلال ملابسه , بل وحتى حديثه اليومي لا يخلو من تشبيهات واستعارات ومصطلحات لها علاقة بعالم كرة القدم, وبفريقه والدولة التي ينتمي إليها, هاته الدولة التي تشكل بالمناسبة الجنة المفقودة, إلدوغادو, وبقراءة سوسيولوجية مقتضبة وسريعة على الجغرافية السوسيو رياضية للمتفرج المغربي تحتل ريال مدريد وبارسالونة الدرجة الأولى وطنياً لتحتل فرق انجلترا المرتبة الثانية,والفرنسية في الصف الثالث, وقد تأتي الفرق الخرى بفضل انتقال أحد اللاعبين من الفرق الإسبانية إلى الفرق الأوربية الأخرى كهولندا وبلجيكا....
بشكل عام هذه الثقافة الحربية الرمزية الجديدة لا تقبل بالهزيمة, بل بالنصر, لأن الهزيمة تعني لوم الذات وتأنيبها على اختيارها لبطل حركي ضعيف, إن الفاعل الاجتماعي أي كان هذا الفاعل لا يقبل بالانفعال فقط والتفاعل الأحادي الذي يجعل منه المتأثر السالب والمنفعل فقط بل يسعى دوماً إلى أن يكون الفاعل النشيط المؤثر ,لذلك فغياب فعله على الركح الاجتماعي بمعنى تعطيل وظيفته في المجتمع يجعل منه يبني تخيليياً بطلاً حركياً هو في الأصل ذاته وجسده المقموع والمهمش والمبعد وظيفياً, هذا البطل يصبغه على فريق كرة القدم باعتبارها في العمق استراتيجية حربية تحمل له المتعة, وتهيمه بكونه يقود ويشارك في مبارزة حربية وبالتالي فهي تعالجه نفسياً وتعدل مدخلات غضبه وتوثره القادم أصلاً من الحقل الاجتماعي والسياسي, لذلك فهي تلعب دور الناظم المركزي في المجتمعات الحالية لتعديل وامتصاص الغضب الشعبي , قلنا إن ما تخفيه هذه اللعبة هو بالضبط ما تقوم به وظيفياً كنسق سياسي اجتماعي قبل أن تكون لعبة, وهو ما جعلها بالفعل أسطورة, عوضت الإيديولوجيا الخطابية السياسية, من خلال الإيهام والتوهم والانفتاح على المستقبل , عبر وسيط الإيوتوبيا, فالمتفرج المنهزم فريقه, لا يقبل بالهزيمة بل يسعى دوماً فبر المل للنصر والثقة في اختياراته بإيجاد التبريرات وخلق التفسيرات وبالتالي بناء التوقعات, وهكذا تربط كرة القدم زمنياً بين الماضي والحاضر والمستقبل وتخرج المشجع من رتابة الزمن الاجتماعي, لكن السؤال هو كيف يأتي العنف والفوضى؟
إن العمق الإستعاري المؤسس لهذه اللعبة أكثر من سواها مستعار من الحقل الحربي كما ورد تفصيله فيما سبق, والمتفرج الذي يشجع فريقه في العمق هو يشجع بطلاً حركياً متخيلاً, بطلاً يقوده من الهزيمة إلى النصر, خاصة وان قانون اللعبة يصعب تزويره وتغييره, واللعب به عكس قانون اللعبة الاجتماعية والسياسية في المجتمع, فالخريطة المواقع مكشوفة وليس هناك كواليس, فالملعب مكشوف واللاعبين يعرفهم من قبل ويعرف تفاصيل حياتهم وإمكاناتهم...كما ان الثقة التي يمكن أن يمنحها لذاته كفاعل اجتماعي يتم تصريفها وتفويتها لبطله الحركي المتخيل ما دام هو معطلاً وظيفياً كفاعل اجتماعي, وما دام النسق الاجتماعي لا يلبي متطلبات نسق الشخصية, فطبيعي جداً أن تجد هذه الشخصية نسقاً تصريفياً لكل المكبوت الاجتماعي والسياسي, إذن كما قلت كل انحراف عن المتوقع لدى المتفرج يرجعه بالضرورة وبشكل لا شعوري إلى خيباته ومعاناته المتكررة مع النسق الاجتماعي واحباطات السياسي وعدم ملائمة النسق الثقافي لمتطلباته كذات فاعلة في الأصل معطلة في الواقع الاجتماعي, حيث يصبع الملعب ركحاً للسياسة وكأنني بالمتفرج يحيله برلماناً أو حكومة, أو مؤسسة اجتماعية... المهم أن الملعب بما يحيل عليه في الحقل الحربي, يصبح في آن ملعباً اجتماعياً تتصارع فيه القيم والاتجاهات والميولات والطباع, ولما كان الرفض والتطبيع من منطلق التوازن واللاتوازن الوظيفيين هما من يشغل عملياً الوسيط العملي الوظيفي بين الفرد والمجتمع, في النسق الاجتماعي, بمعنى بين المتفرج المشجع/المشارك رمزياً ومجازياً وبين الملعب ومن ثمة بالمقابل مع الفريق الخصم ومشجعي الفريق الخصم, فإن كل انحراف لأداء الفريق الخاص عن المتوقع يجعل التوازن النفسي الانفعالي ينتقل تلقائياً إلى لا توازن انفعالي, وإلى رفض يعبر عليه المشجعون/ المحبطون بالصراخ والشتم والسب حيث تتم استعارة قاموس الثقافة الشعبية المهمشة , بما تحيل عليه من قذف وتجريح وتنكيل... وينتقل هذا المستوى من الرفض الذي ما يزال إلى حدود الآن إلى رفض مادي يبتغي من قذف الملعب ورجم اللاعبين بمختلف الأشياء المتوفرة: قارورات, حجر, أوراق,......وعندما يصل الملعب إلى هذا الحد فإن الخارج الملعب يصبح مسرحاً لعدد من الممارسات الانحرافية التي تمدد الصراع الداخلي بالملعب من صراع رمزي على النصر والهزيمة إلى صراع مادي اجتماعي بين الأفراد والجماعات / العصابات حيث يجد هذا الفاعل المعطل وظيفياً من طرف الدولة والمجتمع فرصة لانتفاضة الجسد, المقموع المهمش المحكور اجتماعياً, وأبرز أوجه التعطيل الاجتماعي لأداء هذا الفاعل المفترض, هو كونه يقطع مسافات طويلة للوصول إلى الملعب, كونه معطل عن العمل ويقطن أحياء هامشية, ويضطر لاقتناء تذكرة الدخول, كونه فاعلاً اجتماعياً ومشجعاً رياضياً يضطر إلى التملص من أداء واجب حافلة النقل وبشكل جماعي حتى لا يستطيع مراقب التذاكر فعل شيء, إن الاضطراب الذي ينتقل من الملعب إلى خارج الملعب للن يمكن أن يستمر ويؤثر إن كان الفعل فردياً, بل إنه فعل اجتماعي جماعي يتخذ منه كل فاعل اجتماعي معطل عن الأداء والفعل من الاحتماء بالجماعة والذود بها شكلاً من أشكال التفريج عن الجسد الاجتماعي المقموع, ووسيلة لتأكيد الحضور وقول " إننا هنا حاضرون " وبشكل عام إن الفوضى واللانظام القادم من داخل الملعب والخارج لتوه إلى الشارع العام, هو صراع اجتماعي ثقافي سياسي بين المجتمع وذات, بين مختلف الأفراد المهمشون والنسق الاجتماعي المرفوض, لا يتخذ من كرة القدم سوى وسيلة وأداة لكشف الاحتجاج وتعرية الواقع اللامقول الاجتماعي والسياسي, إن الفاعل الاجتماعي المعطل وظيفياً عن الفعل والأداء يجد في كرة القدم بكل مت تحيل عليه استعارياً ومجازياً حقلاً رمزياً لتدبير الصراع والرفض الاجتماعي. وبشكل عام وكما تتساءل كيف الخروج ولو مرحلياً وجزئياً من هذه الظاهرة؟ أولا يجب الاهتمام بالمواطن المغربي المهمش والمحكور, يجب على كل مواطن أن يتشبع بصره وجسده بالملاعب الرياضية في الأحياء السكنية, وفي المدارس .... ثانياً لا يقبل من شباب مغربي في زهرة العمر حرم التعليم والعمل لا يجد ثمن تذكرة الحافلة لحضور مقابلة عادة تكون في احد أهم ملعبي البلاد الدار البيضاء أو الرباط أن يكون تشجيعه عادياً ومنسجماً ومسالماً...كما يجب على الإعلام المغربي أن يقوم بدوره من خلال توعية المواطن بخطورة الظاهرة وخاصة الإعلام المرئي, كما يجب التفكير في كيفية تغيير هذا البطل الحركي المتخيل عند الشباب المغربي من كرة القدم إلى حقل التنمية وحب البلد والموت من أجله, ولن يتم ذلك إلا من خلال مجتمع عدالة اجتماعية وحقوق المواطن التام المواطنة, كما يجب الاهتمام بالبنية التحتية الرياضية والثقافية والاقتصادية وخلق سبل تصريف الغضب والرفض الاجتماعي بشكل ثقافي وابداعي وجمالي, أو بأشكال سياسية ناضجة, إن الجهد والحب والانتماء والتوحد ...كل هاته الأشياء والقضايا التي تضيع في ملاعب كرة القدم أو خارجها في صراعات وهمية وتضييع للطاقة, كفيل بجعله وقود وطاقة لتحول اجتماعي وتنمية حقيقة, أنظروا حولكم إن الطاقة التي تبحثون عنها تهدر في ملاعب كرة القدم.

حاوره عيسى الكامحي




#عياد_أبلال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظاهرة التسول بالمغرب بين الديني والسياسي والاجتماعي
- الإرهاب في الوطن العربي مقاربة سوسيولوجية: أحداث 16 ماي بالد ...
- زواج المتطرفين الأصولين بين زواج المتعة والزواج العرفي، نحو ...
- الزواج المبكر طلب سوسيو ثقافي جنساني وشكل من أشكال إضفاء طاب ...
- الإعلام، التنمية والجريمة في المغرب
- صورة المرأة العربية وتفكيك الفحولة المتخيلة في الخطاب السردي ...
- المجال والتحولات الاجتماعية
- السحر والشعوذة, التمثلات الاجتماعية, التطبيقات والتجليات في ...
- المرجعيات الثقافية والاجتماعية للزواج المختلط بالوطن العربي ...


المزيد.....




- البحرية الأمريكية تعلن قيمة تكاليف إحباط هجمات الحوثيين على ...
- الفلبين تُغلق الباب أمام المزيد من القواعد العسكرية الأمريك ...
- لأنهم لم يساعدوه كما ساعدوا إسرائيل.. زيلينسكي غاضب من حلفائ ...
- بالصور: كيف أدت الفيضانات في عُمان إلى مقتل 18 شخصا والتسبب ...
- بلينكن: التصعيد مع إيران ليس في مصلحة الولايات المتحدة أو إس ...
- استطلاع للرأي: 74% من الإسرائيليين يعارضون الهجوم على إيران ...
- -بعهد الأخ محمد بن سلمان المحترم-..الصدر يشيد بسياسات السعود ...
- هل يفجر التهديد الإسرائيلي بالرد على الهجوم الإيراني حربا شا ...
- انطلاق القمة العالمية لطاقة المستقبل
- الشرق الأوسط بعد الهجوم الإيراني: قواعد اشتباك جديدة


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عياد أبلال - كرة القدم بالملاعب بين التشجيع و الشغب كتعبير عن خلل وظيفي في أداء النسق الاجتماعي