مطعم حبايبنا - قاعدة أمريكية

طارق الحارس

الحوار المتمدن-العدد: 660 - 2003 / 11 / 22 - 06:38
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

فلافل حارة ، شاورما لحم ودجاج ، سلطة مكونة من الخيار والطماطة والخس ، طرشي مكون من ثوم العجم واللهانة والشلغم ، صمون حار بأحجام  مختلفة ، عمبة بنوعين عادية وأخرى مخلوطة بالخيار والطماطة ، مشروبات غازية بيبسي وسفن آب ، كراسي لايتجاوز عددها العشرين ، شاب أصلع يحاول التشبه باللاعب الدولي الزورائي المعروف فلاح حسن ، لكنه كان يشجع فريق القوة الجوية وهمه الوحيد أن يفوز فريقه ببطولة الدوري العراقي ... هذا هو مطعم حبايبنا الذي تحمل ذاكرتي العديد من ( اللفات ) المعتبرة التي أكلتها هناك على أساس أن الشاب الأصلع صاحب المطعم  يعرفني باعتباري أعمل في المجال الرياضي .
 هذا المطعم كما عرفته كان مزدحما دائما بالزبائن معظمهم من الطلبة وعمال الخردة والرياضيين المعروفين وغير المعروفين . كان مزدحما في أوقات اليوم كلها بالرغم من وجود مطعمين بقربه وبمواصفات أفضل من مواصفاته ، لاسيما في مجال الديكور والكراسي .
يقع هذا المطعم في حي الطالبية القريب من حي البنوك وحي جميلة ومدينة الثورة وهذا يعني أن زبائنه معظمهم من أبناء الطبقتين الفقيرة والمتوسطة . لا يوجد بالقرب من هذا المطعم أي مركز شرطة  أو دائرة رسمية تخص الحكومة السابقة أو الحكومة الحالية ولا تتواجد بالقرب منه قوات التحالف .
اذن المكان الذي نتحدث عنه مجرد مطعم يبيع الفلافل والشاورما وصاحبه شاب أصلع يشجع فريق القوة الجوية مع أنه يتشبه باللاعب الدولي الزورائي السابق فلاح حسن وزبائنه من الطبقتين الفقيرة والمتوسطة  وعلى هذا الأساس لا يمكن للمرء أن يفكر أنه من المحتمل أن يتم استهداف مثل هذا المكان الذي تشتم رائحة فلافله الطازجة والحارة على بعد عشرات الأمتار ، نقول لا يمكن أن يتم استهدافه من طرف ما يطلق عليهم  " المقاومة الوطنية " التي تقاتل الأمريكان الذين يحتلون العراق ، لكن الذي حصل أن هذه " المقاومة الوطنية " قد استهدفت هذا المطعم ووضعت قنبلة بداخله ولولا عناية الباري عز وجل لراح العشرات من المواطنين العراقيين من رواد هذا المطعم ضحية هذه القنبلة ، إذ  تم اكتشافها داخل المطعم المذكور وابطال مفعولها من طرف السلطات المختصة .
 لسنا هنا بصدد الحديث عن التفجيرات التي تعرضت لها ولازالت تتعرض لها مراكز الشرطة العراقية في بغداد والمحافظات الأخرى فالمتواجدون في هذه المراكز عملاء للمحتلين كما تقول بعض الفضائيات العربية وبعض الأقلام المأجورة وبعض الواهمين من الذين يدعون أنهم كتاب ومثقفون عراقيون ومناضلون ، ولسنا هنا بصدد الحديث عن التفجيرات التي استهدفت مقر الأمم المتحدة ومنظمة الصليب الأحمر فموظفو هذه المنظمات هم جواسيس لقوات الاحتلال كما يدعي هؤلاء العروبيون والقوميون الذين يتباكون الآن فقط على أبناء الشعب العراقي وعلى العراق الذي تحتله أمريكا ولم نسمع لهم صوتا قبل التاسع من نيسان حين كان صدام وجلاوزته يعيثون في العراق وثرواته فسادا ، ولم نسمع لهم صوتا بعد التاسع من نيسان عن رأيهم بالمقابر الجماعية التي ندد بها العالم كله الا هؤلاء ( الشرفاء ) ، بل سمعنا صوتهم عن قبر واحد هو قبر ميشيل عفلق ، أيضا لسنا بصدد الحديث هنا عن العملية الجبانه التي حصلت في النجف الأشرف الأشرف وراح ضحيتها آية الله محمد باقر الحكيم ومعه أكثر من ثمانين عراقيا ، ولسنا بصدد الحديث هنا عن اغتيال الدكتورة عقيلة الهاشمي عضو مجلس الحكم الانتقالي ، ولسنا بصدد الحديث هنا عن محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها الدكتور أحمد الجلبي ،  ولسنا بصدد الحديث هنا عن اغتيال فارس الأعسم نائب وكيل أمين بغداد فهؤلاء جميعا عملاء ومتعاونون مع الأمريكان في نظرالجهات والأشخاص الذين يتحدثون اليوم فقط عن حبهم للعراق وشعبه وفي نظرهم أن هؤلاء العملاء  يستحقون الموت لأنهم ساهموا في دخول القوات المحتلة الى العراق .
نحن اليوم بصدد الحديث عن مطعم صغير يبيع الفلافل والشاورما وصاحبه شاب أصلع يحاول أن يتشبه باللاعب الدولي الزورائي السابق فلاح حسن ، لكن يبقى همه الوحيد أن يفوز فريقه الذي يعشقه القوة الجوية ببطولة الدوري العراقي ، ورواد هذا المطعم الصغير هم من أبناء حي الطالبية وحي جميلة وحي البنوك ومدينة الثورة وليس بينهم أعضاء في مجلس الحكم وليس بينهم موظفون من الهيئات الدولية وليس بينهم ضباط وجنود من قوات الاحتلال .
وهنا نسأل وسؤالنا موجه الى الجهات والأشخاص التي تردح وتصفق وتشجع الزمرة الجبانة من ذيول الحاكم الهارب ومن فلول القاعدة التي ترفع راية الاسلام والاسلام بريء منها والتي تطلق عليهم اسم " المقاومة الوطنية "  نوجه سؤالنا لهم فقط لأننا نعرف الجواب وسؤالنا هو :
بماذا تفسرون وضع قنبلة في مطعم جميع رواده من العراقيين البسطاء ؟
استحلفكم بربكم الذي هو غير ربنا واستحلفكم بدينكم ان كان لكم دين لا تقولوا أن هذا المكان هو قاعدة أمريكية فريحة فلافه لازالت في أنفي .

#طارق_الحارس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات