أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين أبو السباع - عين السمكة.. وسيناريو الأرجزة السياسوية!















المزيد.....

عين السمكة.. وسيناريو الأرجزة السياسوية!


حسين أبو السباع

الحوار المتمدن-العدد: 2131 - 2007 / 12 / 16 - 10:40
المحور: الادب والفن
    


كل الفنون مطبوعة بالتجديد من خلال عناصرها الثلاثة (المبدع والمتلقي وبينهما العمل)، لإثارة حراك ما ليتحول الساكن إلى متحرك، وهذا ما نرجوه ونتمناه، أو حتى العكس، وهذا ما لا نرجوه ولا نتصوره، وقد تتبادل الفنون أدوارها، فتأخذ السياسة - باعتبارها فناً - مكان فن (الأراجوز)

مثلاً، أو العكس، مثلما تتبادل ثنائيات (الأنا الأدنى) و(الآخر الأعلى) ليصير (الأنا الأعلى) في مقابل (الآخر الأدنى) وفق منحنيات اعتدالية تبدأ من القاع ثم القمة، ثم تعود مرة أخرى إلى القاع، وهكذا، وفق سيرورة تاريخية!

المحصلة الرئيسة في لعبة تبادل الأدوار هي القدرة على التعبير المؤدي لتغيير ما سواء على المستوى الفني (ضمير الشعب) أو السياسي (ممارسة القادة)، لكن هناك من يفقد عين التعبير مثل عين السمكة تماماً، وهناك من يملك نقيضها فتولد لديه قدرة هائلة عند الشعور بالخطر لتغيير الأوضاع كافة.

(الأراجوز) و(خيال الظل) و(المولد) وغيرها فنون شعبية أو موروث شعبي أصيل، هذه الفنون أخذت صفة الشعبية أو (الفلكلورية) لأنها موروث شعب لا يُعرف مَنْ صانعه (كتابة أو موسيقى) ويتناقل شفوياً غير مكتوب.

العنصر الرئيس المشترك في هذه الفنون الثلاثة هو (الفرجة) تحديداً، إذ لا بد من وجود جمهور يتابع (يتفرج) أو يشاهد هذه الأعمال التي تقدم للناس حصيلة خبرات سابقة توارثوها جيلاً عن جيل حتى أصبحت جزءاً من ثقافتهم وصاروا هم جزءاً من تكوينها.

وترتبط هذه الفنون بالضرورة بأحداث سياسية أو تاريخية تعلق عليها بسخرية وتقدم المكنون أو المسكوت عنه شعبياً في شكل شعبوي لتوجيه مسار حركة الشعب صعوداً وهبوطاً لخدمة مصالح السياسة التي هي في الأساس ممارسة من دون أخلاق، أو كما قال ميكافللي: لا أخلاق في السياسة.

ولأن التجديد شمل كل الفنون حتى السياسة باعتبارها فناً، فإن السيناريوات السياسوية تتم حياكتها خلف ستار مرتفع لا يستطيع الجمهور أن يشاهد ما خلفه أبداً إلا عند سماع همهمات غير مفهومة وعليه أن يكون هو باقي الأحرف الناقصة مثل لعبة الكلمات المتقاطعة، أو (السودوكو)، أو هي مسرحية مكونة من عدة مشاهد تمثل في منظورنا ما نسميه (سيناريو الأرجزة السياسوية)!

هذا السيناريو يتكرر دوماً لامتصاص فورة حماس الشعوب وإعطائها أملاً في تصحيح مسار معوج أو لتعديل منطق القوة إلى منطق الحق، ولكن هذا السيناريو المتكرر على غير تجديد أصابنا بالإحباط واليأس من أي بارقة أمل في المدى القريب، لأن السياسة برمتها -كما قلنا- (فن) كفن (الأراجوز) شعبوي أكثر من كونه نخبوياً إذ يعتمد في الأساس على ممثلين ومسرح وجمهور، والنص الذي قد يكون ارتجالياً من وجهة نظر شعبية، لكنه من وجهة نظر أخرى سياسوية فهو مدروس جيداً ليصب في نهاية المطاف عند صاحب المصلحة، وعلى المعترض أن ينتظر مؤتمراً جديداً أو يتعلق بأمل جديد أو يكتفي ب(الفرجة) أو أن تظل عينه شاخصة تماماً كعين السمكة من دون تعبير!

مشاهد عشرة تصورتُها مكونة هذا السيناريو المكرور، تلخص ما تتم حياكته خلف الكواليس السياسوية قبل إعلان البيان الختامي.. (أي بيان ختامي).

مشهد (1)

نهار خارجي... اصطفاف عدد كبير من الجنود والضباط لتأمين مكان الاجتماع المهم الذي من المفترض أن يحضره عدد كبير من الشخصيات المعروفة باعتبارهم من المسؤولين الكبار جداً، كل في دولته.

زهور بمختلف الألوان ملأت مداخل القاعة الكبرى، أجهزة سلكية ولا سلكية تملأ المكان لزيادة التأكد من التأمين.

شخوص أمنيون يضعون أجهزة على آذانهم وتبدو على قسماتهم الجدية والاستعداد.

إشارات ضوئية، حركة تبدو إلى حد كبير منضبطة، فالكل متأهب لوصول ركب المسؤول الكبير أمين عام المؤتمر، وبعد وصوله يعود الجمع للتأهب مرة أخرى لاستقبال باقي المحاضرين في المؤتمر، هم من المفترض أيضاً أن يتحلقوا حول طاولة كبيرة جداً، أمام كل مقعد اسم صاحبه ودليل يسير أمامه حتى وصوله إلى مقعده.

الجميع يصل، أبواب السيارات تفتح بسرعة وينزل كل مسؤول بهندام رائع وابتسامة عريضة موزعة للجميع وتبدو جادة إلى حد كبير متوجهاً نحو قاعة الاجتماعات الكبرى، وبعد اكتمال العدد... تغلق أبواب القاعة...!

مشهد (2)

يجلس المسؤولون على كراسيهم وأمامهم الأعلام المعلنة عن كل دولة يمثلها صاحب الكرسي، وإلى جواره يجلس شخصان يمسكان بأوراق تبدو مهمة، صوت حركة الأوراق وتقليبها يملأ القاعة، تسمع همهمات، وعبارات ترحيبية متبادلة بين كل متجاورين، ولا يزال المرافقون يحركون الأوراق يميناً وشمالاً لإظهار أنهم يدرسون ما فيها.

مشهد (3)

يتم التربيط بين كل متجاورين متحابين (سياسوياً) بأن يدعم كل منهما الآخر حين يهم أحدهما بالكلام، وعقب الانتهاء يصفق له الآخر بقوة تعبيراً عن اقتناعه بما قال، مظهراً رضاه التام - كأنه يسمعه لأول مرة-.

مشهد (4)

صمت يسود القاعة.. الأمين العام يضع يديه اليمنى على الجرس النحاسي الموضوع إلى جواره بعناية وبعدد محدد بسنتيمرات ليتمكن من الوصول إليه بسهولة ليحركه يميناً ويساراً معلناً إشارة بدء الجلسة المنعقدة في الأساس للوصول إلى حل سلمي لجميع المشكلات لكل الأطراف - كل حسب وجهة نظره طبعاً.

مشهد (5)

الجلسة سرية.

مشهد (6)

يتم تسريب بعض ما تم داخل القاعة من انهيار جدران الثقة وإعلان ذلك بين جميع المجتمعين، تلاسن بين الأعضاء، بعضهم قذف البعض الآخر بتعاونه مع العدو، وأنه لا يملك الحل ولا الربط في أي قضية، يتهمه الآخر بالعمالة، تعود للظهور من جديد نظرية المؤامرة وتخوين كل طرف للآخر.

لا يزال كل من في القاعة يدرك أن الجلسة سرية، فيتمادى كل طرف في اتهام الطرف الآخر بأنهم هم سبب الأزمة.

مشهد (7)

تدور همهمات في الخارج، تمر الساعة - مدة الجلسة الأولى- وئيدة على الحراس والجنود الذين يقومون في الخارج على تأمين القاعة، ولا يستطيع أحد منهم إعلان رأيه فيما يتم في الداخل.

صحافيون يحملون حقائب عمل تحتوي على جهاز تسجيل وكاميرا وكمبيوتر محمول، ويرتدي كل واحد منهم ملابس تدل على هويته العملية مكتوب على (الكارنيه) المعلَّق على القميص الذي يرتديه (صحافي)، يقتلهم الملل، يتندرون، بعضهم يفتح كمبيوتره المحمول ليشغل بعض الألعاب المسلية لتمرير الوقت، بالطبع من دون صوت مسموع، وآخرون يتحدثون عبر برامج المحادثات (الماسنجر) مع بعضهم البعض كي لا يصدروا أصواتاً مسموعة، ويتندرون على كل ما يدور في القاعة، ويسبُّون رؤساءهم في مختلف الوسائل الإعلامية الذين أوكلوا لهم هذه المهمة المتعبة رغم المكافآت المالية الكبيرة التي تنتظرهم.

مشهد (8)

يحرك الأمين العام يده يميناً قليلاً ليدق الجرس النحاسي الموضوع إلى جواره طالباً الهدوء وضبط النفس من الجميع، ويقول لهم مازحاً: لا تنسوا أن نتائج هذه الجلسة محسومة قبل أن تعقد!

يصفق الجميع للأمين العام، يعلن هو بدوره انتهاء الجلسة، ليقوم المجتمعون خارجين من القاعة والابتسامة العريضة المصطنعة مرسومة على الوجوه معلنة نجاحاً ووصولاً إلى نتائج رهيبة! ترضي جميع الأطراف.

مشهد (9)

جدول أعمال المؤتمر المنعقد هذه المرة رغم الاحتفال الإعلامي الكبير به إلا أن بنوده لم تعجب أحداً - رغم الموافقة بالإجماع - والنتيجة..!

مشهد (10)

يبقى الوضع على ما هو عليه، حتى إشعار آخر! واجتماع جديد بسيناريو جديد ربما يكون ملائماً أكثر!

ملحوظة: كان هناك كثيرون داخل القاعة لم يعلقوا على ما يحدث، واكتفوا بالفرجة!

كما أن كل من في القاعة لعب دوره بجدارة وكانت أرجزته السياسوية تستحق كما قلنا (الفرجة) وظلت عينه شاخصة - تماماً - كعين السمكة من دون تعبير من المفروض أن يؤدي إلى تغيير ما!

ملحوظة أخرى:

هكذا هي المؤتمرات الدولية، وبينها المؤتمرات التي عقدت على مدى خمسين عاماً بزعم البحث عن حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية، وبالتالي لإحلال السلام في المنطقة.

[email protected]

روائي وصحافي مصري مقيم في الرياض

http://www.al-jazirah.com/250378/ar4d.htm



#حسين_أبو_السباع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يحدث في السعودية) رواية سعودية بصوت مصري
- الفلسفة والسياسة... ومتغيرات الترابط والانفصال!
- حرب الأفكار... بين هجرة الأدمغة واستيراد الإرهاب!
- المهزلة تدخل عامها الخامس... والكأس فارغة!
- التحرش الجنسي واعتبار المرأة (إنسان) من الدرجة الثانية!


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين أبو السباع - عين السمكة.. وسيناريو الأرجزة السياسوية!