أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سلام ابراهيم عطوف كبة - عراق التنمية البشرية المستدامة /القسم الرابع















المزيد.....



عراق التنمية البشرية المستدامة /القسم الرابع


سلام ابراهيم عطوف كبة

الحوار المتمدن-العدد: 2129 - 2007 / 12 / 14 - 10:48
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


 عراق التنمية البشرية المستدامة
 نفط عراق التنمية البشرية المستدامة
 اقتصاديات عراق التنمية البشرية المستدامة
 الخدمات العامة في عراق التنمية البشرية المستدامة
 الزراعة في عراق التنمية البشرية المستدامة
 فساد عراق التنمية البشرية المستدامة
 الثقافة والأعلام وحقوق الانسان في عراق التنمية البشرية المستدامة
 السياسة الاسكانية والمرورية في عراق التنمية البشرية المستدامة
 الصحة العامة والخدمات البيئية في عراق التنمية البشرية المستدامة
 العسكر والميليشياتية والارهاب في عراق التنمية البشرية المستدامة
 التربية والتعليم في عراق التنمية البشرية المستدامة
 المرأة والطفولة في عراق التنمية البشرية المستدامة
 الهجرة والتهجير في عراق التنمية البشرية المستدامة
 الفقر والبطالة في عراق التنمية البشرية المستدامة

الخدمات العامة في عراق التنمية البشرية المستدامة

ما تشاؤون فاصنعوا
جوعوهم لتشبعوا

شوف الدنيه اشسوت بيه
يتريك ما يتعشى

- سطح واحد وطقسان -

تشير معدلات دليل التنمية البشرية والفقر في البلاد الى أوضاع مأساوية لارتفاع مستويات الفقر والبطالة ومعدلات التضخم.تظهر نتائج مسح أحوال المعيشة في العراق وجود تباين واضح في مستوى الخدمات الرئيسية، والوضع الاقتصادي للأسرة،وتبين ان 31.2% من مجموع الأسر تحصل على مستوى متدنٍ من الاكتفاء، و44.8% على مستوى متوسط ، و24.1% تحصل على مستوى عال. واختيرت ستة ميادين لقياس مستوى الاكتفاء، هي التعليم والصحة والماء والكهرباء والصرف الصحي والسكن ومحيطه والوضع الاقتصادي للأسرة.كما أظهرت دراسة وضعها الجهاز المركزي للإحصاء،ان السبب الأكبر لضعف مستوى المعيشة يكمن في ضعف الأداء الحكومي في تقديم الخدمات العامة ووجود تفاوت ملحوظ في مستوى الاكتفاء من الحاجات الأساسية بين المحافظات والأقاليم،ما يتطلب أخذه في الاعتبار عند توزيع الموارد.الغلاء هو التهديد الآخر الذي يواجهه الكادحون،اسعار السلع والخدمات على حد سواء.ارتفاع اسعار المواد الغذائية والملابس،خاصة في المناسبات والاعياد،يستنزف دخل المواطن.ويبدو ان اقرار قانون الضرائب وهجرة التجار الكبار واحتكار التحكم بالاسواق ساهمت فعلا في ارتفاع الاسعار!.
 البطاقة التموينية
باتت البطاقة التموينية وثيقة رسمية مطلوبة في جميع المعاملات الرسمية التي يحتاجها المواطن في حياته اليومية اسوة بالجنسية،وصارت اهم من المستمسكات المطلوبة كشهادة الوفاة والميلاد والزواج والطلاق وعقود البيع والشراء.ومعروف ان البطاقة التموينية ليست استهلاكا عبثيا بل نتاج السياسة الكارثية للدكتاتورية البائدة،وشحة فرص العمل،ومجمل الازمات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد.وبحسب الاحصاءات الرسمية هناك 54% من السكان يعانون الفقر،وتنفق الحكومة نحو 45% من ايراداتها على دعم البطاقة التموينية،التي يستورد العراق لتأمينها اكثر من 8 ملايين طن من المواد الغذائية سنويا،تتجاوز قيمتها 3 مليار دولار.ادت آلية توزيع الحصص التموينية الدورية وفق برنامج النفط مقابل الغذاء الى انحسار كامل لمنافع الشعب العراقي بسبب تدخل جهات مختلفة غير حكومية وتحكمها بالبطاقة ومفرداتها،عدم توزيع النفط والغاز ضمن موادها في جميع المناطق رغم وجود قرار بذلك،زيادة ثمنها الى ثلاثة اضعاف،رداءة نوعية المواد الداخلة فيها،التفاوت في تجهيز مفرداتها ولا تستلم كاملة،عدم انتظام توزيع مواد البطاقة،المخالفات(التكرار)وتسلم الحصص التموينية من اكثر من منطقة،وجود اعداد كبيرة من المتوفين مسجلين لدى وكلاء المواد الغذائية ويتقاضون الحصة التموينية كل شهر.وحسب تقارير منظمات الاعانة الدولية فان ما يقارب من نصف المهجرين قسرا داخل العراق اليوم لا يحصلون على الحصة التموينية وان مدن الاكواخ في نمو متزايد.وجاء في تقرير منظمة اوكسفام ولجنة تنسيق المنظمات غير الحكومية في العراق المعنون"الارتقاء لمواجهة التحديات الانسانية في العراق"ان عدد العراقيين المعتمدين على المساعدات الغذائية الذين لا يحصلون على الحصص التموينية التي توزعها الدولة قد ارتفع من 4% عام 2004 الى 40% عام 2007.وتعلن وزارة التجارة العراقية بين الحين والاخرى الكشف عن مئات الهويات المزورة ضمن الاسماء المشمولة بمفردات البطاقة التموينية وكان اصحابها يستلمون المفردات بشكل مخالف للضوابط.
تتباين قيم مؤشر التضخم صعودا ونزولا في بلادنا ارتباطا مع تباين الارقام القياسية للمجاميع السلعية..وتشكل عادة المجموعة السلعية المؤلفة من (الوقود والاضاءة،والاقمشة والملابس والاحذية) نسبة 11.8% من مجموع الانفاق الاستهلاكي العائلي،وهي مجموعة تحسنت (انخفضت) ارقامها القياسية مؤقتا في شهري ايلول و تشرين الاول 2007،اما مجموعة (المواد الغذائية والدخان والمشروبات والاثاث والنقل والمواصلات والخدمات الطبية والادوية والايجار والكهرباء والسلع المتنوعة الاخرى)فتشكل ما مجموعه 88.2% من مجموع الانفاق الاستهلاكي العائلي.
ارتفاع اسعار المواد الغذائية والوقودية في بلادنا مستمر،ويبدو ان المواطن العراقي لا يتحمل المزيد.مفردات البطاقة التموينية قد تسد بعض حاجيات المواطن الغذائية والمعيشية وتخفف من اعباء مصاريفه،ولكن البقاء عليها محدودة بزمن فاجراءات وزارة التجارة العراقية بحذف وتنقيص بعض المواد يدفع المواطن لأقتناءها من السوق!.وقد أعربت أوساط اقتصادية واجتماعية عن قلقها من خطة كشفها مسؤولو الحكومة العراقية لتغيير تدريجي في نظام البطاقة التموينية المعمول بها منذ غزو العراق الكويت عام 1990،وبدء العقوبات الدولية،ما يؤدي إلى الغائها خلال ثلاث سنوات.وحذرت هذه الأوساط من ان إلغاء البطاقة قد يؤدي إلى انتشار الجوع بصورة واسعة،استنادا الى بيانات الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط والتعاون الإنمائي،التي أظهرت ان 96% من العراقيين يحصلون على حصص مقننة من الغذاء،وفي حال الغاءها فإن مشكلة الفقر ستتفاقم.الا ينبغي على المسؤولين الاقتصاديين والماليين حساب التأثيرات الاجتماعية والمعيشية على المواطنين،في حال ترشيق او ترشيد البطاقة التموينية قبل الدخول في حساب حجم الاموال المخصصة لها في الميزانية؟على الدولة اذا ارادت الغاء البطاقة التموينية ان تجد بديلا مناسبا لها يخفف عن كاهل المواطن.
من المؤسف تقليص تخصيصات البطاقة التموينية في مشاريع الميزانية الفيدرالية للاعوام 2007و2008 وبنسب تصل الى 13% بحساب الدينار،هكذا وبدلا من تحسين مفردات البطاقة التموينية يجري شطبها!لقد انعكس التراجع الكبير في نوعية الحياة للعائلة العراقية من خلال عدم استقرار وعدم ضمان تجهيز الكهرباء لأكثر من 3.2 مليون أسرة ،وتردي نوعية الماء لأكثر من 76% من إجمالي العوائل العراقية،اضافة الى الانخفاض الخطير في كميات المياه الذي وصل الى نسبة من(60 ــ 90)% من مجموع سكان المدن،والتراجع في خدمات الصرف الصحي لأكثر من مليون ونصف المليون من السكان،وتدني مستوى السكن لأكثر من 45% من الأسر العراقية.تتواصل معاناة الاسر العراقية من خلال استنزاف مدخولاتها واضطرارها الاعتماد على المولدات الصغيرة او التوليد الاهلي مما ادى الى زيادة نفقاتها،حيث ارتفاع اسعار الوقود الذي يباع كمعدل بسعر 1000 دينار/لتر،كما ارتفعت اسعار الامبيرات المباعة من قبل اصحاب المولدات الاهلية لتصل الى( 12000- 20000)دينار،وصار جليا الارتفاع المستمر الدوري لاجور النقل واسعار المواد الغذائية والسلع الاخرى.تنفق اغلب العوائل العراقية نصف راتبها الشهري على الوقود،وتسكن الدور السكنية بالايجار،وتقتني بصعوبة قناني غاز الطبخ والتي يصل سعرها في السوق السوداء(15000- 20000)دينار/قنينة.عموما ارتفعت نسب امتلاك الاسر للاجهزة المنزلية والسيارات في بلادنا.
تتعرض شاحنات نقل المواد الغذائية والوقودية والانشائية للسرقة من المسلحين والارهابيين والعصابات داخل المناطق الساخنة والتي تفرض الاتاوات المرورية،بينما يستهدف الارهاب الاسواق العامة باصرار وتكرار،وتعرضت الاسواق العامة في بغداد والمدن العراقية للعمليات الارهابية بهدف خلق الكساد في البضائع وقتل المئات من الناس،فتعرض سوق الشورجة(المركز التجاري العراقي الاول)وحده من تموز 2006 الى تموز 2007 الى 12 عملية ارهابية ذهب ضحيتها المئات من المواطنين معظمهم من الحمالين وباعة الارصفة والمتسوقين،واحرقت اطنان من السلع ودمرت المحال التجارية.
اصحاب الافران والمخابز ليسوا استثناء من التلاعب باسعار المواد الغذائية،الشفيطة احفاد اللهيطة،وتلاعبهم يطال سعر الصمون ووزنه ونوعية الطحين بحجج منها زيادة اسعار النفط واجور العمال وبعيدا عن رقابة وزارتي التجارة والصحة!.
انتعشت تجارة الملابس المستعملة مع تراجع قدرات العراقيين الشرائية،وتشهد الاسواق العراقية ارتفاعا كبيرا في اسعار الملابس المستوردة الامر الذي دفع بعدد كبير من العراقيين الى اللجوء الى اسواق بيع الملابس المستعملة القادمة من دول اوروبية عبر تركيا.يذكر انه خلال فترة الحصار الاقتصادي الذي فرض على العراق في التسعينيات شهدت عملية بيع الملابس المستعملة رواجا لافتا ايضا لعدم قدرة العراقيين على شراء الملابس الجديدة.وبعد عام 2003 وفي ظل التغييرات التي شهدتها البلاد اتاح ارتفاع القدرة الشرائية للعراقيين العودة مرة ثانية الى المحال التجارية المتخصصة بالملابس المستوردة،لكن موجات ارتفاع الاسعار المتتالية حدت من هذه الظاهرة اليوم.وتشكو العائلات العراقية من عدم وجود ملابس مستعملة للاطفال.
انعكست ازمة انقطاعات التيار الكهربائي وشحة قطع الغيار على اسالة الماء الصالح للشرب وديمومة ضخه الى المواطنين الامر الذي تسبب في تعطل وضعف صيانة معدات ضخ المياه الصالحة للشرب وازدياد تخسفات وتصدعات انابيب نقل الماء الصافي،وانخفاض حصة المواطن من الماء الصافي الى نسب متدنية،ولجوء الناس الى مضخات المياه الصغيرة وما يرافقها من اضطراب في التوزيع وازدياد في احتمالات التلوث،وانخفاض الكفاءة التشغيلية لمشاريع اسالة الماء الى اقل من 5% وتدني نوعية مياه الشرب وانخفاض تركيز مادة الكلور من 5 الى (1) ملغم/لتر،ولا يستخدم اليوم 70% من العراقيين المياه النقية الصالحة للشرب.بلغت نسبة امتلاك خدمات الاسالة والصرف الصحي من سكان المدن اعوام( 82 – 1985) قيمة 30% فكيف هي الآن بعد الكوارث القادسية والحصار الاقتصادي والاحتلال.ويشكل تلوث مياه الشرب كارثة حقيقية،حيث أثبتت الدراسات والتحاليل المختبرية تلوثه بكتريولوجيا في كافة المدن العراقية بينما يسبب نقصان عنصر اليود التضخم في الغدد الدرقية،وهذا نتاج طبيعي لأختلال التوازن بين العناصر الطبيعية في البيئة بفعل تعرية التربة وبعض انواع الصخور وبواسطة المياه الجارية والامطار،مثل الخارصين والكلور والسلييليوم.واشارت احصائية طبية في مدينة الديوانية مؤخرا الى اصابة 70% من المواطنين فيها بالتسمم بمياه الاسالة بسبب قلة مادة الكلور،بينما تزايدت العمليات الارهابية التي تستخدم مادة الكلور الكيميائية السامة منذ كانون الثاني 2007.لقد سجلت البصرة اعلى المعدلات في حصول الفرد على الماء غير الصالح للشرب.
 الطاقة الكهربائية
ازداد توليد الطاقة الكهربائية من 3500 ميجاواط إلى 5400 ميجاواط في فترة السنوات الاربعة المنصرمة الا ان الانقطاعات في التيار الكهربائي باتت ظاهرة تكرست بعد حرب الخليج الثانية وآثار الدمار الكبير الذي اصاب محطات الكهرباء في العراق والحصار الاقتصادي وفقدان السوق الوطنية للموارد الأولية وقطع الغيار الضرورية للصيانة والخدمات واعمال الحماية(PROTECTION)،واستمرت هذه الظاهرة على حالها بعد مرور نصف عقد على سقوط الدكتاتورية.وتعتصر رحى النفط والكهرباء مواطني بلادنا باستثناء المسؤولين الكبار ومن يحيط بهم فهولاء من طينة سماوية صانهم الله وحفظهم من مخالب ازمات متواضعة كهذه وجعلهم فوق الازمات!.وحسب مكتب محاسبة الحكومة الاميركي فان العراق لازال بعيدا عن تحقيق الاهداف في قطاعي النفط والكهرباء،وان هذين القطاعين بحاجة الى ما يقرب من 50 مليار دولار لتغطية الطلب في البلاد،27 مليار دولار منها للطاقة الكهربائية.لم تحقق الطاقة الكهربائية عام 2005 سوى 4% من اجمالي الناتج المحلي ، وهي اقل نسبة يحققها هذا القطاع والسبب في انخفاض انتاج القطاعات الاخرى!.في هذه الاجواء بات ترفا متابعة تطور معاملات الطاقة الكهربائية(Factors)في منظومة الكهرباء الوطنية،وهي المؤشرات التنموية الحقة في منظومة الطاقة الكهربائية في بلادنا،الا انها لقيت المتابعة الللازمة ابان العهد الدكتاتوري بسبب الاوضاع الامنية الداخلية شبه المستقرة.وبقي حمل الذروة في العاصمة العراقية 1980– 1990 يعادل ربع حمل الذروة الأجمالي بينما كان عامل الحمل في ارتفاع مستمر و أستقر ما بين 63% و 67% وراوح عامل السعة في موقعه دون 40% و هذا معدل جيد نسبيا(يتحسن هذا المعامل مع انخفاضه).
هبطت الكفاءة الاستثمارية أي نسبة(الرأسمال/العمل) بشكل حاد مع القادسية الثانية وحتى يومنا هذا بسبب العقوبات الاقتصادية والاحتلال الاميركي وتقادم البنى التحتية وانعدام الصيانة،علما إن الأستثمارات في قطاع الكهرباء من النوع الطويل الأجل ولا تظهر النتائج الا بعد أعوام!وبقيت معدلات التشغيل او العامل التشغيلي والكفاءة التشغيلية(Exploitation Factors)في محطات الكهرباء واطئة ولم تتجاوز معدلات ال 25% من السعات المؤسسة.كما تباطأ تنفيذ الأهداف الاستثمارية المحددة لقطاع الكهرباء في هذه الحقبة لتبلغ نسبة الصرف الى المخصص مستوياتها الدنيا بينما تباين تمركز المشاريع المنفذة لتتراجع بغداد بعد الاحتلال الاميركي وترتقي المدن ذات النفس الطائفي.وهبطت كفاءة استثمار شبكات نقل الطاقة اي الضغط الفائق 400 كيلوفولت والعالي (132)كيلوفولت و(33)كيلوفولت وشبكات التوزيع الى ادنى مستوياتها،ولم يطرأ اي تقدم في التطور التقني للمحطات الفرعية منذ الشروع باستخدام قواطع سادس فلوريد الكبريت SF6 العصرية(C.B.)في المحطات الثانوية(sub-stations)اواخر ثمانينات القرن العشرين.
كان انخفاض نسب تنفيذ مشاريع الكهرباء في ما كان مخصص لها فعلا جزء من ظاهرة تدني نسب التنفيذ في مجمل القطاعات الأقتصادية وبالاخص القطاع الصناعي.لقد انخفض الإنتاج الصناعي بسبب ارتفاع نسبة توقف المنشأت الصناعية الى حدود غير معقولة ليدل على العجز عن تشغيل الخطوط الإنتاجية والفشل في منافسة أسعار المنتجات المستوردة وارهاق مداخيل أصحاب تلك المشاريع بالضرائب المختلفة مقابل الغاء الرسوم الكمركية عن المستوردات الأجنبية.يتزامن ذلك مع سياسة الخصخصة الموجهة للقطاع العام والنتائج السلبية المباشرة على مستلزمات وشروط العمل وعرقلة وتخريب الدورة الإنتاجية- الدورة الاقتصادية السلمية.لا تتناسب انخفاض نسب تنفيذ مشاريع الكهرباء مع زخم العائدات النفطية والرعاية الحكومية والخطط الاستثمارية.
رسخ القطاع الأجنبي من تطوره وقوى من قاعدته التكنيكية بسبب تشوه تطور القطاع العام ومعاناته من الفساد وعجز الموارد المالية والخطط الاستثمارية الخاطئة،ودخلت على الخط المكاتب الهندسية والشركات الاميركية المدعومة من الشركات الامنية الخاصة والقوات المتعددة الجنسية.حسب وزارة الكهرباء والمكاتب الهندسية الاميركية"مكتب اعادة اعمار العراق(IRMO)،مكتب المشاريع والعقود ((PCO،الوحدة الهندسية التابعة للجيش الأمريكي ((USACE،المكتب الأمريكي للانماء الدولي (USAID)"فان السعة الاجمالية التصميمية لمحطات التوليد الجديدة المخطط لبناءها في بلادنا حتى عام 2015 تبلغ 18881 ميكاواط ليجري بلوغ السعة التصميمية المطلوبة 23600 ميكاواط ولتلبية الطلب المتوقع في حينه 19500 ميكاواط..وتتوزع هذه السعة على 4815 ميكاواط غازية و12560 ميكاواط حرارية و730 كهرومائية..وفق وزارة الكهرباء ان العراق يحتاج الى 8250 ميكاواط/اليوم لان الحاجة الى الكهرباء ازدادت بشكل ملحوظ منذ 2003 حيث كان العراق حينها فقيرا وتحت الحصار.وبحسب دائرة معلومات الطاقة في الحكومة الامريكية فان 78% من محطات الكهرباء العراقية تدار اليوم بواسطة الوقود الحراري،بينما 22% تدار بواسطة الطاقة الكهرومائية.وتقوم الحكومة حاليا بشراء الكهرباء من الدول المجاورة مثل تركيا(خط واحد)وايران(5 خطوط،خط عبر عبادان وكرمنشاه كل على حدة و3 خطوط عبر كردستان)وسوريا(خط واحد)لكن اي خلاف سياسي مع تلك البلدان سينعكس سلبا على توزيع الكهرباء.الاخطر في الموضوع ان المصادر الاميركية تؤكد رغبة وزير الكهرباء كريم وحيد بخصخصة المنظومةالكهربائية،لكن الحكومة الامريكية تلفت الانتباه الى ان وزارة الكهرباء لا يمكنها تحقيق اهدافها دون ان يكون لها حماية قوية وتجهيز منتظم من النفط لتشغيل المحطات وكذلك وجود ادارة جيدة لان الفساد وسوء الادارة يعيقان بشكل قوي اعادة تأهيل الشبكات الكهربائية.ولازال كريم وحيد يتحجج بالاعذار القديمة – الجديدة لتبرير انقطاعات الكهرباء في العراق كان آخرها ان الأموال المخصصة لوزارته من الموازنة العامة للدولة لعام 2008 غير كافية لاستكمال مشاريع السنة الماضية ولتنفيذ المشاريع الجديدة للسنة القادمة!يابلاش!
الخطة المركزية للاعوام 2006- 2015 التي اصدرتها وزارة الكهرباء العراقية في حزيران 2006 مثلا،والتي اشار لها اكثر من مرة التقرير الاميركي نصف السنوي للمفتش العام المنتدب لمشاريع العراق في تموز هي استمرار لذهنية التخطيط ذاتها التي سيطرت على ادارات تجهيز الكهرباء في العراق منذ انقلاب شباط الاسود 1963.وتصون هذه الخطة المتوسطة المدى الفوضى البناءة في قطاع الكهرباء للزمن القريب القادم لأنها تفتقر الى ابسط المقومات التخطيطية(الاحصائية،التقديرية،التحليلية،التفسيرية،التوضيحية)وتتميز جداولها ومؤشراتها البيانية بالضبابية والنقص و التشويه والابهام والجهل،انها اقرب الى تقرير مدرسي من خطة استراتيجية تنموية.وتعيد الفوضى البناءة في قطاع الكهرباء خطط النظام السابق في العشوائية والانتقائية والتهريجية بالمشاريع التنموية فوق الكبرى هذه المرة،وبالتنمية الأنفجارية والاعمار الانفجاري والتخطيط الانفجاري وفق الميزانيات الاستثمارية الانفجارية الامر الذي لا يضر قطاع الكهرباء الوطني وحده بل المصالح الوطنية العليا للبلاد ليتعمق الشرخ بين السياسات المعلنة للدولة وبين الخراب الفعلي والتشوه وفوضى السوق.ضربت السياسات الاستثمارية الانفجارية عرض الحائط بمنهج البرمجة والتخطيط المستقبلي والتنمية البشرية المستدامة وتقديم دراسات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية للمشاريع وتخلت عن التخطيط الاقليمي في توزيع المشاريع الاقتصادية،وخلقت الفجوة الكبرى بين القدرة على التنفيذ وبين المشاريع المتعاقد على تنفيذها مما ادى ويؤدي الى رفع تكاليف تلك المشاريع اضعاف ما كان مقررا لها،اضافة الى سياسة البذخ المفرط في اقامة تلك المشاريع.مشاريع التمويل الذاتي والمركزي وفق تقارير الادارات العامة في مديريات وزارة الكهرباء للاعوام 2006و2007 معدومة!(انظر:تقارير مديريات مشاريع محطات التوليد ومشاريع نقل الطاقة وفق هيكلية الامر الوزاري المرقم 130 في 11/10/2003).لقد شجعت وتشجع هذه الأجواء القائمين على ادارات الكهرباء ومجمل القطاعات الاقتصادية اليوم وفي مقدمتهم الثنائي الوزاري(وحيد والشهرستاني)في السير قدما نحو تلبية التوجهات العامة لتقديم الدولة العراقية على طبق ثمين الى أعداء المسيرة التحررية الوطنية للشعب واستنهال المعرفة من متاهات التجريب العفلقي استكمالا لنهج الثمانينات.توزعت متاهات التجريب العفلقي بين وزارات الصناعة والمعادن والتصنيع العسكري وهيئة التصنيع العسكري وهيئة الكهرباء التابعتين لمجلس الوزراء عبر الشركات العامة كالشركة العامة للمشاريع الكهربائية والشركة العامة لتصنيع وحدات انتاج الطاقة الكهربائية وكذلك عبر المكاتب الاستشارية الهندسية ودوائر التخطيط والدراسات والدوائر الفنية والقانونية..الخ من الخزعبلات(انظر: تقرير هيئة الكهرباء رقم:P/R/3004/2/002/N لعام 2002 مثلا).
السلطات العراقية تبيح لنفسها وفق مبدأ فوضى الكهرباء البناءة تبرير الانقطاعات في التيار الكهربائي وسلوك منهج الذرائعية والنفعية الاقتصادية،كما تقوم بذات الوقت في تشجيع الولاءات اللاوطنية،وهي نفس القوى التي تتجاوز على الكهرباء وتسرقه وتستخدمه للأبتزاز السياسي وتنتهج الاستغلال السياسي للدين وتدعم اشباح الدوائر،فهذه السلطات غير بعيدة عن غليان التجييش الطائفي في العراق.
من الضروري اعتماد استراتيجية جديدة لقطاع الكهرباء تهدف الى تحسين مستوى اداء هذا القطاع عبر ادخال طاقات جديدة في الإنتاج والاهتمام بتطوير مصادر انتاجها المتنوعة،وتحسين اساليب التخطيط المستقبلي لتطور هذا القطاع بما يمكنه من تلبية حاجات البلاد،وتشجيع المشاريع والبحوث الهادفة الى تطوير مصادر الطاقة البديلة الى جانب النفط،كالمياه وأشعة الشمس والرياح وغيرها.فالطاقة الكهربائية عنصر أساسي لأية تنمية اقتصادية واجتماعية في بلادنا،ويعتمد مستوى تطور الحياة المعيشية على كمية ونوعية وكلفة الطاقة المستخدمة.ان السعي الحثيث من اجل توفير الطاقة الكهربائية عبر رصد الأموال المناسبة في الميزانية مع ابرام العقود مع الدول الصديقة بغية بناء محطات عملاقة لتوليد الطاقة الكهربائية مقابل كميات من النفط الخام،هو اجراء ينسجم مع المعالجة المطلوبة لظاهرة التضخم التي تستلزم الدراسة المعمقة لكافة أوجه الاعتلال في الاقتصاد العراقي والعوامل المؤثرة فيه داخليا وخارجيا الا انه ليس الاجراء الوحيد.ولابد من اتخاذ سلسلة من الاستراتيجيات والخطط القصيرة والمتوسطة والبعيدة المدى،واستكمال اعادة تاهيل وتحديث محطات التوليد والتوزيع وخطوط نقل الطاقة الكهربائية مع الاجراءات التقنية والبشرية لحمايتها،والتركيز على المحطات المتنقلة،والتفكير بتوفير محطات صغيرة لمعالجة حالة الاختناقات الراهنة.يبقى التساؤل قائما من يقاضي وزارة الكهرباء ويطالبها بتعويضات مماثلة عما لحق ببلادنا من ضرر متواصل ليس في حرمانها عبر السنوات المتواصلة من استحقاقاتها المتوافقة مع متطلبات عصر التكنولوجيا من تبريد وانارة وما حولهما ولكن فيما لحق الاقتصاد الوطني العراقي برمته من شلل متكامل شمل كل الحلقات الانتاجية في الزراعة والصناعة والخدمات على السواء؟.
يتحدد جوهر صناعة الطاقة الكهربائية بمضمون كامل التصنيع الوطني وعمليتي الاصلاح الاقتصادي والتنمية،وليس بمجرد النمو الكمي لمنشآت الطاقة وللمتغيرات الاقتصادية لأنه يشمل الابعاد الاجتمااقتصادية والسياسية والحضارية الامر الذي يحتم ضرورة التخطيط الشامل لهذه الصناعة الارتكازية،والتخطيط الشامل للاقتصاد الوطني،وافضلية اتباع مبدأ المركزية الديمقراطية في ثناياه مع التأكيد على اعتماد لامركزية التنفيذ!.ومن الضروري تفعيل دور قطاع الطاقة الكهربائية في عملية الأنتاج الأجتماعي للحد من استخدام مصادر الطاقة التقليدية كالنفط والغاز الطبيعي في مختلف مجالات الأقتصاد الوطني في البلاد وتقليص حجم القوى العاملة اللازمة لذلك،وجعل الدخل القومي محسوبا بالأسعار الثابتة لأعوام قياسية خلت يتزايد مع ارتفاع رصيد الطاقة الكهربائية في الأنتاج الأجتماعي.
تقول سجلات دائرة كهرباء بغداد ان اكثر من مليون ومائة الف منزل مسجلة لديها،لا تتمكن اليوم من الحصول على الطاقة الكهربائية،الا وفق برنامج قطع غير مضمون لا يوفر لها سوى عددا من الساعات والامبيرات التي لا تكفي لتبريد يضع لترات من الماء ولشخص واحد فقط.وتقول دراسة اجراها برنامج التنمية التابع للامم المتحدة UNDP ان 80% من منازل بغداد تتقاسم مولدا أو تملك مولدا خاصا بها بنسبة 32% وفي الريف بنسبة 9%،وهو ما يؤشر واقعا مرا ومؤلما،ورغم مرور سنوات من العمل وصرف المليارات من الدولارات لاصلاح المنظومة الكهربائية المعطلة،بقي تجهيز الكهرباء في بغداد متقطعا واقل من المستوى الذي كان عليه قبل الحرب.وكانت بغداد تحصل على معدل 6 ساعات من الكهرباء في الاسبوع الاول من تشرين الاول 2007 يوميا،وهو ما يشكل نصف الساعات التي تحصل عليها بقية مناطق العراق بحسب وزارة الخارجية الامريكية.واضطر اهالي بغداد للاعتماد على مولداتهم الخاصة لانارة بيوتهم وتشغيل الاجهزة الاساسية مثل الثلاجات.وكانت بغداد تحصل على ما بين 16- 24 ساعة من الكهرباء يوميا في آذار 2003،حيث كان الرئيس السابق صدام حسين يولي العاصمة حصة الاسد من الكهرباء.ادى الطلب على الكهرباء والعنف والفساد وسوء الادارة الى عرقلة سنوات من الجهود لتحسين الطاقة الكهربائية وخاصة في العاصمة مما اضعف ثقة العراقيين بحكومتهم.اضطرت المشاريع الصناعية على توليد كهرباءها بسبب عدم انتظام وضعف كفاءة التوليد العام،وامتازت مشاريع الكهرباء هذه بتواضع رساميلها الاستثمارية.
تنامي الغش الصناعي في انتاج السلع الكهربائية كالمفاتيح والمآخذ،وتزايد عدد المعامل غير المجازة التي لا تخضع لأية رقابة عليها وتنتج سلعا لا تتوفر فيها المواصفات الفنية وهي وحدات إنتاجية منزلية الطابع تجميعية المضمون،وتعتبر حالة الركود التي يشهدها الاقتصاد العراقي وتفشي البطالة والتسيب عوامل ضاغطة باتجاه الغش الصناعي.وانتعشت تجارة السلع والمعدات الكهربائية مع الاستيراد التجاري المشوه او سياسة الباب المفتوح للاستيراد وازداد الطلب على السلع الكهربائية وصيانة وتصليح المعدات الكهربائية مع توسع التوليد الاهلي والمنزلي،ولتتوسع ربحية ورش الصيانة والتصليح ولتهدر ثروات شعبنا في ايراد السلع البخسة والرخيصة من المناشئ الحديثة التي تعوزها الدراية والخبرة الصناعية بهدف تحقيق الارباح الطائلة برؤوس الاموال المتواضعة وبكلف النقل اليسيرة.يتوزع الانتعاش النسبي في عمل المقاولات الأهلية لتنفيذ مشاريع الكهرباء الصغيرة اليوم بين وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الأهلية وغير الحكومية والقطاع الخاص،وذلك مصحوب عادة بالسعي الذي لا يكل لاغراء الكوادر الفنية في أجهزة الدولة لترك أعمالها والانخراط في صفوف النشاط المقاولاتي عبر الرواتب العالية والامتيازات وسبل الفخفخة الا ان فوضى السوق المحلية تبقي المشاريع حكرا على حفنة من المقاولين الكبار الذين يتحكمون بأسعار السوق وينشطون طائفيا.ويتوافق الغش والاختلاس والتواطؤات وأساليب الخداع مع المقاولات الأهلية لتخسر الدولة عبرها أموالا لا حصر لها.
تفشت ظاهرة التجاوز على شبكات وخطوط توزيع الكهرباء في الأحياء والمناطق السكنية والشوارع التجارية عبر تبادل ربط المغذيات للاستفادة من ساعات القطع المبرمج وفوضى التوصيلات وتشابك الأسلاك المتدلية من الأعمدة والمتروكة على الأرض وخاصة في الأحياء الشعبية.وبقيت مفارز العمل التابعة لهيئات الكهرباء ضعيفة وتعاني من قصور كبير في النشاط الميداني.كما شاعت ظاهرة سرقة خطوط النقل واسقاط الأبراج لسرقة النحاس والألومنيوم والتجارة بهما خارج الحدود!الى جانب أعمال التخريب المستمرة التي تطال أنابيب النفط والغاز المجهزة لمحطات التوليد وكل مرتكزات الشبكة الوطنية،وعدم العدالة في توزيع الكهرباء بسبب ضعف آهلية العاملين واستجابتهم تحت التهديدات لتجهيز مناطق دون غيرها!.الازمة بالواقع هي اكبر من ايجاد حلول لمشكلة التجاوزات على الشبكة الكهربائية والسيطرة على هدر المال العام لأنها ازمة بنيوية تقترفها الحكومات المركزية المتعاقبة في بغداد وحتى مجالس المحافظات والمجالس البلدية في مراكز المدن والقصبات،ازمة اجتمااقتصادية تخدم مصالح الشرائح الطفيلية في المجتمع وبيروقراطية الدولة والولاءات الرجعية بهدف تصفية القطاع الحكومي وجعله خانعا ذليلا!اي الانتقام من منجزات ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة واجراءات تعزيز هيبة وتأثير القطاع العام.
ولازالت العصابات البعثية والطائفية بؤرا لتجمع حثالات وزارة الكهرباء بتواطؤ فاضح من الإدارة الأميركية التي أوكلت لبعض رموز النظام السابق مسوؤلية إدارة قطاع الكهرباء"شغل الوزير كريم وحيد وهو عضو قيادة فرقة في الحزب العفلقي منصب مديرا عاما للشركة العامة لإنتاج الطاقة الكهربائية ومديرا عاما لشركة الرافدين للحاسبات ومديرا عاما للدائرة الفنية في هيئة الكهرباء في عهد صدام حسين،اما رعد الحارس النائب الاول للوزير فهو من اقطاب مافيا الفساد وفرق الموت في الوزارة عدا كونه عضوا متقدما في حزب البعث المنحل،ويتوزع الباقون(سلام رزق الله،عماد العاني،ليث الشيخلي،مؤيد معيوف،ممتاز رضا،صبيح خماس،عبد الرحمن قاسم،ثامر نعمان مولود،علاء دشر زامل،طارق محمد رجب الصائغ،علي سبع خميس..الخ)بين هذا وذاك!القاسم المشترك هو عضوية الشركات العديدة الحقيقية والوهمية خارج العراق وبالذات في الأردن والتي استطاعت أن تجمع الأموال الطائلة لحسابها الشخصي من خلال الحصول على قومسيونات ومضاربات بين الشركات المنفذة للمشاريع في العراق وايضا من بيع المواد والآليات العائدة للدولة بأثمان بخسة لمقاولين وتجار من أقاربهم وأقارب الدكتاتور صدام".
ابداع مسؤولي قطاع الكهرباء في عراق اليوم(خبراء"Experts"وزارة الكهرباء الميمونة- خبراء اكراميات بطل الحواسم ورموز توقيع صكوك الغفران"البراءات"،خبراء التسبيح بحمده تحت راية الله اكبر)كان في العديد من المشاريع الوهمية التي تصرف أموالها دون تنفيذ أو تلك التي تنفذ بأقل الكلف وبالمواد السيئة.على الرغم من ادعاء صرف الحكومة العراقية ومعها سلطات قوات الاحتلال لمليارات عديدة على الكهرباء والنفط والماء والصحة الا أن تلك القطاعات أصبحت أسوء حالا مما كانت عليه في زمن الطاغية صدام حسين وزمن الحصار الذي فرض على العراق.ان الفساد الاكبر حصل في وزارات الكهرباء والدفاع والنفط وتم دفع ملايين الدولارات من ميزانية الدولة لكنها ذهبت الى جيوب المقاولين والارهابيين.لا توجد قوانين صارمة لمحاسبة المقصرين،ولم يطبق حكم جيد للقضاء على الفساد في الوزارات المذكورة.
مأساة الكهرباء هي من أعظم المآسي التي ألمت بالعراقيين الى جانب الملف الأمني،وتردى حالها منذ سقوط التاسع من نيسان.وظل المسؤولون يتفرجون على الوضع المأساوي للشعب العراقي في الوقت الذي بقوا هم ينعمون بالأمتيازات المادية المغرية ومواكب الحراسات الجرارة والسفر الدائم الى خارج القطر مع السعي الحثيث لملء الجيوب بالأموال الحرام المسروقة من أفواه الجياع والمحتاجين!واذا كانت الكتل السياسية الفائزة تدعي بأنها وجدت لانصاف المواطن الفقير والمعوز واشاعة أجواء من الديمقراطية الشفافة فلماذا ازمات الوقود والكهرباء والاتصالات المستفحلة و السكوت عن فساد كهرباء القطاعين العام والاهلي والسرقات المفضوحة وعهر العمولات الذي يرقى الى حد الارهاب بل يتفوق عليه؟!.
تقوم مجالس بعض المحافظات بفصل اجهزة السيطرة المركزية للمحطات الكهربائية الواقعة على اراضيها عن الشبكة الوطنية بحجة اعطاء ما تنتجه الى محطات انتاج المياه والمستشفيات وباقي خطوط الطوارئ في محافظاتها متجاوزة الحصص المقررة وغير ملتزمة بأوامر مركز السيطرة الوطني الامر الذي ادى الى حدوث حالات الاطفاء التام للشبكة والى خسائر مادية وأضرار فنية كبيرة شملت الجميع.وبعض هذه المجالس اتخذت قرارات بفصل محافظاتها بالكامل عن الشبكة الوطنية للكهرباء،الاخطر في الموضوع انه ليس لوزارة الكهرباء اية سلطة لردع مجالس المحافظات والبلديات رغم علم مجلس الوزراء بالانتهاكات المستمرة.
من اهم مظاهر ازمة الطاقة الكهربائية في بلادنا الضياعات في الطاقة الكهربائية والسيطرة على الطاقة المنتجة وايصالها الى المستهلك وتهرؤ وتذرر شبكات التوزيع والتجاوزات الخطيرة عليها وسرقة الطاقة الكهربائية بالطرق والوسائل غير المشروعة،اضافة الى اعمال التخريب وعدم وصول مادة الكازاويل الى محطات الكهرباء،وسيطرة الميليشيات على مراكز التوزيع الوطني،وتحول القطع المبرمج الى محاصصة كهربائية.وطبعت الكفاءة المتدنية إنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء بسبب أخطاء التسليك وسوء مد الشبكات وضعف الصيانة فكانت خسائر الطاقة مرتفعة بلغت مدياتها الخطيرة بينما كانت الماكنات الكهربائية لا تعمل أكثر من 30% من سعاتها الإجمالية.
تتسبب الهجمات على ابراج نقل الطاقة ومحطات التوزيع بفقدان حوالي 2500 ميغاواط يوميا اضافة الى تسببها في شحة الوقود والماء،وذلك بحسب التقرير الصادر في ايلول 2007 عن دائرة معلومات الطاقة في الحكومة الامريكية.ويسهم التوتر الامني وتقادم خطوط نقل وتوزيع الطاقة الكهربائية،وزيادة تحميلها،وسوء اختيار توترات التوزيع في ارتفاع نسب الفاقد الفني للكهرباء(الطاقة المستهلكة غير مدفوعة الثمن)في بلادنا الى كارثية 80% من الطاقة المنتجة في الشبكة العامة مقارنة ب(10%)على المستوى الدولي،وترتفع نسب الهدر في الطاقة ايضا(الطاقة المستهلكة على نحو غير عقلاني لكنها مدفوعة الثمن)الى معدلات مماثلة،بينما يساعد اسلوب الربط الكهربائي المتبع للشبكات على تأجيل الاستثمارات المطلوبة لمواكبة الزيادة في الاحمال الكهربائية،وتصل نسبة الضياعات احيانا الى 13% في عموم الشبكة.يذكر ان جميع محطات التوليد الكهربائية ترتبط بشبكة موحدة يجري التحكم بها عبر مركز السيطرة الوطنية في بغداد الذي يقسم الشبكة الى 3 مناطق (الشمالية،الوسطى،الجنوبية)لضمان التشغيل الاقتصادي الكفوء...
الهدر الكبير بالاموال هو عنوان الحلول المتبعة حتى الآن لسد النقص الحاصل بالطاقة من خلال المولدات الاهلية الخردة التي يجري استيرادها دون قيود ودون ضوابط ومعظمها من النوع الردئ جدا و90% منها غير مطابق للمواصفات العالمية من حيث الاداء والكفاءة.من اخطر مظاهر ازمة الطاقة الكهربائية في بلادنا ان يتحول التوليد التجاري والاهلي الى البديل الدائم عن الشبكة الوطنية.ويتميز التوليد الاهلي في بلادنا بانعدام التسعيرة الحكومية الثابتة للأمبير الواحد،فوضى ساعات التشغيل اليومية،التلاعب باحتساب كميات الوقود التي تستهلكها المولدات،التلاعب بالحصص الشهرية التي يفترض ان تقوم محطات الوقود بتزويد اصحاب المولدات بها حسب النسب التي تحددها الجهات الفنية،فوضى استحصال أجازات نصب المولدات وشيوع الاجازات المزورة وفوضى التوقيع على عقود تتضمن الشروط الخاصة بالتشغيل والأسعار،الغرامات المتواضعة على المخالفين لشروط الاجازات وعدم معاقبة من يكرر المخالفات،فساد لجان المجالس البلدية المشرفة على أعمال المولدات ومراقبة الخدمات التي تقدمها للمواطن ولمنع الاستغلال والخرق للشروط المتفق عليها،رشوة مراكز الشرطة لتجاوز التعليمات الصادرة من المجالس البلدية في محاسبة المخالفين،عدم التزام أصحاب المولدات بالتعويض عن الساعات التي يحصل فيها المواطن على الكهرباء الوطنية حيث يلاحظ في بعض المناطق ان ساعات القطع للكهرباء الوطنية تكون في الساعات التي لا تشتغل فيها المولدات الأهلية مما يؤكد ان هناك تنسيق بين المسؤولين في الكهرباء وأصحاب المولدات لأغراض الابتزاز اليومي للمواطنين!!.في ظل أجواء الخصخصة وأزمة انقطاعات التيار الكهربائي يمد التوليد الأهلي والتجاري اخطبوطه ويتوسع رغم كلفته ورسومه العالية ورغم رداءة نوعية غالبيته حيث لا يخضع للصيانة والرقابة ويستهلك بسرعة بسبب الحمل العالي ليشيخ مبكرا تحت ضغط العمل المتواصل،وهو قليل المناورة والإتاحة (Availability) وضعيف الموثوقية (Reliability) وذو رسملة واطئة لا تتيح له نصب الوحدات الكبيرة والانتاج واسع النطاق.ولا توجد احصائيات عن هذا التوليد تشمل عدد المولدات واجمالي الانتاج الخ.استعانت هيئات الكهرباء نفسها بعدد من هذه المولدات لبيع التيار الكهربائي بأسعار مرتفعة دون حسيب ولا رقيب لتزيد طين الأزمة بلة وتتعمد الاساءة الى القطاع العام مع تعمد السلطات الحاكمة قطع الكهرباء اجراءا عقابيا طائفيا قسريا ضد الشعب.
ميزانية العائلة العراقية مثقلة بأعباء والتزامات كثيرة ومتشعبة وعملية حسابها كل على حدة تثير الدهشة وتبعث على الاسى وربما تضيف اعدادا اخرى الى تلك الاعداد المشار اليها في احصائيات التخطيط ومسوحات المنظمات الدولية التي تبحث في مستويات الفقر والحرمان للفرد والمجتمع على حد سواء.توفير الطاقة الكهربائية عبء يرهق ميزانية العائلة،المبالغ الكبيرة ترهق ميزانيات العوائل ولا يمكن للعوائل المحدودة الدخل تأمين مستويات الطاقة المطلوبة مهما كلف الامر.تجاوز صرفيات العائلة العراقية لتوفير الكهرباء اكثر من 300 الف دينار شهريا موزعة على اشتراك في مولد المنطقة بـ 5 أمبيرات لتشغيل يومي قدره من 8- 9 ساعات وبسعر(15)الف دينار للامبير الواحد وتشغيل مولد البيت لمدة 4- 6 ساعات يوميا وبكلفة 7.500 دينار هو تجاوز الخطوط الحمراء لامكانيات العوائل الاقتصادية مع استمرار العجز الكهربائي اليومي مدة 9 ساعات لا يغطى منه سوى ساعة او ساعتين على الاكثر من الوطنية التي ربما يأتي حسابها المادي فيما بعد.العوائل الفقيرة غير قادرة اطلاقا على تأمين الحد الادنى من الطاقة المطلوبة وتعطل الكهرباء يعني تعطل الحياة بكل تفاصيلها،وتزداد هذه الاعباء بعودة الطلبة الى الدراسة وحاجتهم الى الانارة والتدفئة في ظل فقدان او ارتفاع اسعار الوقود!.تعطلت الزراعة التي تعتمد على المضخات الكهربائية بشكل كامل وارتفعت تكاليف التشغيل اي اسعار الوقود والمستلزمات الاخرى وتراجعت الزراعة منذ سنتين،بينما شهدت الورش والمحال الارتفاع الملحوظ في اسعارها بسبب تدني مداخيل الحرفيين اليومية وعزوف الناس عن التصليح.
العلاقة بين النفط والغاز والطاقة الكهربائية علاقة تناسب طردي،ولا يتمكن العراق من تصدير نفطه مع نقص التغذية الكهربائية في حقوله وتتوقف محطاته الحرارية عن العمل مع أعمال التخريب التي تطال أنابيب النفط والغاز المجهزة لها.يجب معالجة الأزمات الوقودية الناجمة عن الاعمال التخريبية التي تتعرض لها الأنابيب الرئيسية لإيصال النفط الخام الى مصافي التكرير في بغداد وصلاح الدين والبصرة واهمال النظام السابق لهذه المصافي بتأني ونفاذ صبر،وتجنب خلق الأزمات المتكررة في المحروقات أو السياسة المقصودة خصوصا أن البنية التحتية النفطية لم تتعرض للدمار مما يؤدي الى خلاصة مفادها الأزمات المتعمدة والمفتعلة والتي كان صدام حسين يحسن استخدامها لأن ذلك يثير نقمة الشعب في اجواء الشفافية والمعلوماتية الراهنة.ادت الزيادة في اسعار المشتقات النفطية الى زيادة في اجور النقل واسعار المحاصيل الزراعية واسعار المواد الغذائية حيث فاقمت من تكاليفها،مما اسهم في زيادة حدة التضخم بشكل كبير.وارتفعت،الى جانب السلع والخدمات الاخرى،اسعار الطاقة الكهربائية التي يجهزها اصحاب المولدات الاهلية وكمعدل لاستهلاك العوائل من هذه الطاقة عن 50 الف دينار شهريا وهذا يشكل اكثر من 30% من دخول العوائل وخاصة العوائل ذات الدخل الواطئ وهي الشريحة الاوسع في المجتمع بمن فيها صغار موظفي الدولة ومتوسطيهم.ادى نقص الكاز الى تعطيل نصب اكثر من 220 مولدة في بغداد!.ويعتمد التوليدان الاهلي والتجاري كليا على الوقود الحراري لأنتاج الكهرباء.لا تستطيع بلادنا أن تعمل بدون تأمين مصادر وقودية للتدفئة والتهوية والتبريد والإضاءة والنقل والصناعة،وبدون تأمين المنتجات الوقودية للنقل،وفى توليد الكهرباء.وتلعب السعات الحرارية والغازية المؤسسة مركز الثقل الرئيسي في اجمالي انتاج الكهرباء اليوم،وقد تطور حجمها في الربع الاخير من القرن العشرين رغم بناء المحطات الكهرومائية.
ان الهدف المطلوب لمعالجة النقص الشديد في انتاج الطاقة الكهربائية وضعف اداء منظومات التوزيع والنقل هو إضافة قدرات توليدية جديدة بحدود 11441 ميغاواط مع تأهيل وتوسيع شبكات النقل والتوزيع.وتقدر وزارة التخطيط الاستثمارات المطلوبة لتأهيل قطاع الكهرباء للسنوات 2007- 2010 بحوالي 16.5 مليار دولار كما وتقدر الاستثمارات لاعادة قطاع الكهرباء وتحسينه بحدود 23.3 مليار دولار لغاية 2015 وذلك بهدف الوصول إلى قدرات توليدية لا تقل عن 21000 ميغاواط.وحسب مسؤولي قطاع الكهرباء العراقي فان (128)وحدة توليد للطاقة الكهربائية لم يتم صيانتها منذ سقوط الدكتاتورية البائدة،لا بشكل علمي ولا غير علمي،الامر الذي يحتم استبدالها كون عمرها بلغ(36)سنة اي شيخوختها،كما لم يتم بناء أي وحدات توليدية جديدة منذ عام 1988.ويؤكد هؤلاء المسؤولين الذين على مايبدو امنوا من المساءلة والحساب والعقاب وان حدث فان شماعة الارهاب والوضع الامني المتردي والامكانيات المتواضعة هي الاغنية التي يرددونها على سؤال السائل ويصمتون بها الاعلام الشقي الذي يسير خارج القطيع،يؤكدون ان الحكومة العراقية تأمل في اضافة المئات من وحدات الميكاواط لانتاج الطاقة الكهربائية عبر شراءها عدد من مولدات الكهرباء وتوزيعها على مناطق العجز في العاصمة العراقية لتضاف الى ذخيرة التوليد الاهلي!.
وفق التقرير الذي اعده معهد مهندسي الكهرباء والالكتونيات IEEE فان العراق يبدد ويحرق اكثر من 28 مليون متر مكعب من الغاز/يوم تكفي لانتاج اكثر من 4000 ميكاواط من الطاقة الكهربائية على اقل تقدير.ويمكن ان تعمل التوربينات الغازية Gombustion Turbines (40 من مجموع 57 توربين)التي تم نصبها او جرى اعادة تأهيلها(Refurbished)خلال مراحل اعادة الاعمار بصورة نموذجية و مثالية اذا تم تشغيلها على الغاز الطبيعي،الا ان قليلا منها يعمل على الغاز حاليا،والباقي تشتغل على وقود الديزل Gasoil او المشتقات الثقيلة من النفط الخام والمتبقية كنواتج من عمليات التصفية كالمازوت Fueloil.ان احد اهم الاسباب التي تحول دون تقدم صناعة الطاقة الكهربائية في بلادنا هي الموائمة الفقيرة بين تقنيات التوليد وانواع الوقود المتوفرة في العراق حسب تأكيد ال IEEE.وتتعرض الشاحنات التي تؤمن الديزل من تركية عبر بوابة ابراهيم الخليل وبكلفة عالية جدا الى الاعمال التخريبية الارهابية باستمرار،ومشاكل تأمين الوقود الثقيل ليست اقل اهمية.تقل كفاءة الوحدات الانتاجية المصممة للعمل على الغاز الطبيعي متى ما استخدمت للعمل على انواع الوقود الاخرى ولتتطلب 2 الى 3 مرات من اعمال الصيانة مقارنة مع الوحدات الانتاجية النموذجية العاملة اصلا على الغاز الطبيعي.
كان تشغيل الوحدات الانتاجية على المازوت جهل وتخلف وتخريب مع سبق الاصرار بسبب كلفة شراء المواد الكابحة(Inhibitors)التي تخلص التوربينات من تأثيرات العناصر المؤذية كالفناديوم(Vinadium)المضر بريش التوربينات.ولم تلتزم وزارة النفط العراقية بمد انابيب الغاز من حقول نفط الجنوب الى محطة القدس مثلا رغم التخصيصات المقررة(250 مليون دولار)،ولم يجر تنفيذ مشروع شرق بغداد للنفط والغاز(كلفة 33 مليون دولار)بسبب اهمال الوزارة المذكورة.ان التراجع في انتاج المصافي من البنزين وزيت الديزل مستمر وانخفض الى 36% و28% دون مستواه قبل الحرب على التوالي نتيجة قدم المعدات والسرقة وقصور الصيانة ونقص قطع الغيار والقوة العاملة والكهرباء معا.
بلغ استهلاك الطاقة الكهربائية في العراق عام 1999 (50000)برميل مكافئ نفط/يوم بعد ان كان(28400)برميل مكافئ نفط/يوم عام 1990،ويأتي العراق في المرتبة الثانية بعد مصر في العالم العربي من حيث كمية استهلاكه للكهرباء،بينما بلغ معدل النمو السنوي لتوليد الكهرباء اعوام 80 – 1997 (5.4)% وهو دون مستوى المعدلات الاقليمية والعربية والعالمية.
تتجسد أزمة الطاقة والخدمات الاساسية كالكهرباء في معاناة المواطنين من سوء توزيع المحروقات وبالاخص البنزين،والانقطاعات المستمرة في التيار الكهربائي.هذا يرتبط بأزمة الطاقة والكهرباء كمفهوم علمي واجتما- اقتصادي.وهذه الأزمة في عراق اليوم جزء من أزمة عامة اجتما-اقتصادية بنيوية تعصف بعموم البلاد بفعل نهج الصدامية الارعن والسياسات الاقتصادية الخاطئة التي ارتكبتها الحكومات العراقية في فترة ما بعد التاسع من نيسان،وشيوع الفساد والارهاب،ومحاولات تصفية القطاع الحكومي بمختلف الذرائع،وبرامج الانفتاح الاقتصادي والخصخصة (Privatization)ونبذ التخطيط المركزي،وفتح الابواب مشرعة على مصراعيها للتجارة الحرة والمضاربات وجشع المرابين،واستيلاء الولاءات دون الوطنية على مؤسسات الدولة.ومثلما علقت دكتاتورية البعث المعضلات على شماعة الحصار الدولي والعقوبات الاقتصادية وافتقار السوق لقطع الغيار اللازمة،تعلق الحكومة العراقية اليوم المشاكل على اعمال التخريب والارهاب وتدني الوعي الاقتصادي لدى ابناء الشعب.
 الخدمات الاساسية العامة الاخرى
تقام مجالس العزاء في بغداد والمحافظات،والفقيد هو التيار الكهربائي والماء الصالح للشرب والاتصالات السلكية او التلفونات الارضية!.لقد تضررت الاتصالات والهاتف لا مع القادسيات الكارثية فحسب بل طيلة العهد الجديد بعد سقوط الدكتاتورية وباتت الحاضرة الغائبة!واسهمت رداءة الصيانة والارتباط بالمافيات القذرة وتفشي البيروقراطية والفساد وتعاطي الرشاوي كلها في تأخر الاتصالات بين الدوائر الرسمية ذات العلاقة والاهالي.وتتجاوز البدالات الارضية على صلاحية وزارتها فتحملها مسؤولية الانقطاعات بحجة عدم تزويدها بالكاز تارة،وانقطاع الكيبل الضوئي تارة أخرى،وعشرات الحجج القبيحة!.كما يجر القطع المتعمد للاتصالات التلفونية على المستهلكين لأغراض الابتزاز.وفساد الحكومة العراقية ليس بمعزل عن تردي الاتصالات الارضية لحساب دعم شركات الهواتف النقالة– الموبايل واستلام القومسيونات،وبات جليا سرقة الرصيد في خدمة الهواتف النقالة في استعلامات دوائر الدولة والشركات والمصارف عبر خدمة تحويل الرصيد.وينعكس تردي الاتصالات على حالة البرق والبريد،الفاكس والانترنيت الارضي.مع كل هذه المعطيات فقد ارتفع عدد المشتركين في الخطوط الأرضية من 198000 مشترك الى 794000،كما ارتفع عدد المشتركين في خطوط الهاتف النقال الى 2.8 مليون شخص وارتفع أيضا عدد المشتركين في شبكة الإنترنيت الى أكثر من الضعف،وامتدت أجهزة إستلام البث الفضائي التلفزيوني(الدش)الى غالبية السكان،وتفشت النزعة الاستهلاكية وسادت الثقافة الاستهلاكية.
مع الحروب الكارثية والعقوبات الاقتصادية والاحتلال تعطلت وتقادمت وحدات معالجة المياه الصناعية الكاملة والجزئية،وارتفعت تراكيز الاملاح الكلسية الذائبة المصرفة من المصانع والتي تقدر كمياتها(320)الف متر مكعب/سنة.كما تعطلت وتقادمت شبكات المجاري والصرف الصحي حيث تحوي مياه المجاري المصرفة،والبالغ حجمها(759)مليون متر مكعب/سنة،على نسب عالية من الفوسفات والامونيا والكلوريد والمواد العضوية والاحياء الدقيقة،مياه قذرة راجعة من الاستخدامات المدنية والمستشفيات ودور السكن والمرافق العامة والمطاعم.وسبب توقف وتقادم محطات ضخ مياه المجاري وتصريف المياه القذرة الى الانهر دون معالجات بايولوجية تردي صحة المواطنين وازدياد نسبة الاعراض المرضية.كما ادى تردي الوحدات البلدية في جمع ومعالجة النفايات اليومية بسبب الاداء الاداري الهش والتقصير المتعمد طلبا للارتزاق والاكراميات الى تراكم النفايات في الازقة والاحياء السكنية وانتشار الحشرات والقوارض والامراض.
ادى الجفاف وتقلص فترات هطول الامطار الى تضاؤل كمية المياه الجارية في الانهر وجفاف الآبار والعيون،وتحول كثير من المجاري المائية الى مواضع للنفايات ومراتع للحشرات والقوارض ومصدرا للروائح الكريهة!،اي تحولت الى مجاري تعاني من الطفيليات والذباب والبعوض ومرتع لأوساخ الناس ومخلفات المطاعم القريبة!وتعاني انهر العراق من الحمل العضوي الملوث والمواد الصلبة ومياه الصرف الصناعي التي تصب فيها.والعكس ايضا،عند اول زخة مطر تفيض طرق وازقة الاحياء السكنية في انحاء المدن العراقية وتتحول الى مستنقعات مع سبق الاصرار!وتعرضت شبكات الصرف الصحي لأصابات بالغة في حروب النظام الكارثية وتسربت المياه الثقيلة والفضلات الصناعية الى المسطحات المائية وارتفعت مناسيب الملوحة في التربة والكدارة في المياه.تقدر كمية مخلفات المياه الصناعية ب(320)الف متر مكعب/سنة،ومخلفات مياه المجاري المنزلية ب(759) مليون متر مكعب/سنة،مياه المبازل الزراعية بحوالي(2.3) مليون متر مكعب/سنة، وترمى جميعا في دجلة والفرات وروافدهما والمسطحات المائية الاخرى.تلوثت مياه الانهار واصبحت تسمم ابناء الوطن لما سقط فيها من اسلحة سامة وجثث لمئات الجنود العراقيين اثناء حروب النظام الكارثية.وتحوي المواد الكيمياوية العضوية وغير العضوية التي تشكل الفضلات على عناصر سامة مثل الباريوم والزركونيوم وسامة جدا مثل الرصاص والفضة والنحاس والنيكل والكوبالت والذهب والزئبق.
يساهم انخفاض الطاقة التشغيلية لمحطات تصفية مياه الشرب وتوقف محطات تصريف المياه الثقيلة وشبكة تصريف مياه الأمطار بسبب عطل المضخات والحفريات القائمة بدون تخطيط وعدم توفر قطع الغيار الاحتياطية في الدمار الحياتي والبيئي البطيء في العراق.نعم،احياء في قلب بغداد تسبح في بحيرات من المياه الآسنة.ويسبب تسرب مياه الصرف الصحي الى انابيب مياه الشرب الاصابة بامراض التايفوئيد والتهاب الكبد الفايروسي والاسهال خاصة عند الاطفال.مدى توفير مياه شرب امنة وصرف صحي ملائم من المؤشرات المستخدمة في مجال الامن الصحي..
ان تحقيق تقدم على طريق تحسين الخدمات العامة،يرتبط بشكل كبير،بالتصدي الجدي غير الانتقائي وغير المسيس لمظاهر الفساد الاداري والمالي الذي اصبح عقبة كأداء يلقي بثقله على الحياة العامة في بلادنا.لقد تراجعت مؤشرات المحاسبة،الإستقرار السياسي،فعالية الحكومة،الجودة النظامية،سيادة القانون والسيطرة على الفساد في العراق خلال الفترة 1996-2007 لتصل الى المعدلات الدنيا في السلم العالمي،وتكشف الاحصائيات عن ترد خطير وتراجع أخطر في فعالية أداء الحكومات المتعاقبة رغم انهيار الدكتاتورية البعثية في 9/4/2003.
الخدمات العامة،ومنها الكهرباء نعمة للشعوب الآمنة المسالمة المتطلعة لغد افضل،لا نعمة فحسب بل ثمرة تكنولوجية للقرن العشرين وجب تسخيرها في خدمة السلام ودرء الكوارث لا في نشر الثقافة الطائفية وثقافة اللطميات.هذا هو حال البطاقة التموينية والمياه الصالحة للشرب والتلفونات الارضية وشبكات تصريف المياه والاتصالات والخدمات الاساسية الاخرى.الخدمات المعيشية العامة بجوهرها السلمي التقدمي ابتلت منذ ولادتها في بلادنا بأنظمة الاستبداد الاجتمااقتصادي واعتلاء الدكتاتورية الصدامية عرش البلاد وتحكم البيروقراطيات والشلل الطفيلية والتجارية والدينية بها ليجر استخدامها للابتزاز والضغط على الشعب وامتصاص قوته لا بالقطع المبرمج مثلما تقطع الحصص التموينية عن العوائل التي رفضت أن يلتحق أطفالها بمعسكرات أشبال صدام وترفض اليوم الانصياع للولاءات الرجعية والقرقوشية الطائفية فحسب بل وتستخدمها للضغط السايكولوجي على المواطنين لتجذير العبث واللامعقولية وتمزيق النسيج المنطقي للأحداث لتضيع في غموض الصدفة واللاوعي.

يتبع








#سلام_ابراهيم_عطوف_كبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عراق التنمية البشرية المستدامة /القسم الثالث
- عراق التنمية البشرية المستدامة /القسم الثاني
- عراق التنمية البشرية المستدامة /القسم الاول
- المؤسسة المدنية الهندسية في العراق
- المجد لاكتوبر 1917 ومنجزات الطبقة العاملة في اراضي الاتحاد ا ...
- الزراعة العراقية والتنمية المستدامة
- اقتصاديات العراق والتنمية المستدامة
- المشهد الثقافي والتعليمي والتنمية المستدامة في العراق
- خدمات العراق والتنمية المستدامة
- العسكر والميليشياتية والارهاب والتنمية البشرية في العراق
- نفط العراق والتنمية المستدامة
- العراق والتنمية المستدامة
- التنمية المستدامة في العراق الحديث
- اللعب بقيم الثقافة هو لعب على شفير السيف
- اعوام ثلاث كاملة لغياب الفقيد ابراهيم كبة
- اسالة دماء اولاد الخايبة والتلذذ بلمس احلى الكلام
- ذكرى صدور قانون الإصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958
- الاوهام الاقليمية ومحاولات تدجين العقل الكردي
- الاعداد الطائفي للقوات المسلحة العراقية مهمة وطنية ام جريمة ...
- ادانة ممارسات وزارة الثقافة العراقية


المزيد.....




- القضاء الروسي يجمد حسابات أكبر بنك أمريكي في روسيا
- بوتين يستشهد بمؤشر يؤكد صلابة الاقتصاد الروسي
- رفع الحد الأدنى لأجور القطاع الخاص في مصر
- البنك المركزي الروسي يبقي على سعر الفائدة الرئيسي عند مستواه ...
- تعديل آلية تصاريح العمل بالكويت هل يخفض أجور العمالة؟
- قيود أميركية جديدة على صادرات الأسلحة النارية
- بورصة -وول ستريت- الأمريكية تتلون بالأحمر بعد بيانات اقتصادي ...
- شويغو: عرض النصر سيقام العام الجاري بمشاركة الحائزين على الم ...
- “الاصفر عامل كام عراقي“ سعر مثقال الذهب اليوم في العراق عيار ...
- ارتفاع أسعار النفط مع تجدد المخاوف في ظل توترات الشرق الأوسط ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سلام ابراهيم عطوف كبة - عراق التنمية البشرية المستدامة /القسم الرابع