أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - وائل نوارة - الدولة الموازية (2) : إعادة الاعتبار لدولة القانون















المزيد.....



الدولة الموازية (2) : إعادة الاعتبار لدولة القانون


وائل نوارة

الحوار المتمدن-العدد: 2121 - 2007 / 12 / 6 - 11:40
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


إعادة بناء دولة القانون
مقدمة
في مقال سابق (الدولة الموازية)، رأينا أن المجتمعات والدول التي عانت من حكومات سلطوية ونظم شمولية فرضت فيها القوانين من أعلى إلى أسفل بصورة جامدة، لم تنجح في وضع نظم تلائم الواقع أو العرف، فنشأت فيها هوة اتسعت تدريجياً بين القانون والواقع، وتمخضت ضرورات الحياة عن مولد نظم ودويلات موازية لتستكمل القصور في وظائف الدولة وتتعامل مع تشوهات النظم وفساد القوانين. ونتيجة لهذا الانفصام بين الواقع والقانون، تآكل احترام القانون والتعامل به، وكادت دولة القانون أن تنهار، لتترك مكانها غابة غامضة من النظم الموازية غير الملزمة تتسبب في اشتباكات وصراعات مستمرة بين أفراد المجتمع ومؤسساته، بما يمثله هذا من ازدواجية وإهدار للطاقات وعدم يقين وجو مسموم بالصراعات. وهذا المقال يرصد مظاهر وأسباب انهيار دولة القانون، ويقترح ضرورة قيام عقد اجتماعي جديد، تروج له قيادات لها من الرؤية والمصداقية التي تمكنها من الحصول على توافق مجتمعي عام يكتشف معه الشعب الملامح الدستورية والتشريعية والإدارية التي تصلح كأساس لبناء دولة جديدة عصرية، دولة القانون.

نحن نكتشف القانون ولا نصنعه
بداية، القانون هو مجموعة المبادئ والقواعد التي تحكم شئون المجتمع وسلوكياته وتنظم العلاقات والتفاعلات بين أفراده ومؤسساته. والقانون في حد ذاته ليس هدفاً، ولكنه أداة لتنظيم العلاقات وحفظ الحقوق بين أفراد المجتمع ومؤسساته، وبيان الصواب والخطأ من وجهة نظر المجتمع، وردع من تسول لهم أنفسهم الخروج عن النظام العام للمجتمع، وإدارة المنازعات بين الأفراد والمؤسسات بصورة سلمية منظمة، وتحقيق شعور عام بالعدالة في المجتمع. ولكي يعمل القانون بصورة صحيحة، لابد من وجود منظومة متكاملة من المبادئ والقواعد والمؤسسات، بداية بالدستور الذي يعد المرجعية الأولى للمجتمع، والمجالس التشريعية، والمنظومة القضائية نفسها بمختلف أجزائها الأساسية والمعاونة، والكيانات التنفيذية، ونظم تسجيل الممتلكات وتوثيق المستندات وغيرها. وبالتالي فإن إعادة بناء دولة القانون لابد أن يعالج الخلل الموجود في تلك المنظومات التي تتفاعل مع بعضها البعض بصورة مستمرة ومعقدة.
وعادة ما يشتق القانون من:
1- الأعراف المستقرة للمجتمع
2- أو من خلال اتفاق أفراد المجتمع أو من يمثلونهم
3- أو من خلال سلطة الحكم التي تمسك بشئون الدولة أو المقاطعة.
وتتأثر القوانين عادة بالإرث الثقافي والحضاري والديني للمجتمع بنسب تتفاوت من مجتمع لآخر.

وبقدر ما تتفق القوانين مع الأعراف المستقرة للمجتمع أو اتفاق أفراده (1 و 2)، بقدر ما يلتزم بها الشعب ويطبقها، وذلك لأن تلك الأعراف ولدت من رحم التجربة الشعبية، وتطورت تدريجياً عبر آلاف المعاملات اليومية على أرض الواقع، فنجحت في تجربة الزمن على مدى قرون وعقود طويلة. وفي نفس الوقت، فهناك قانون طبيعي يتفق مع ضمير الإنسان الذي شكلته التفاعلات الاجتماعية على مر التاريخ، وتجلى في تعريف الخير والشر الذي اتفقت معظم المجتمعات والأديان والأدبيات على خطوطه العامة بصورة كبيرة، كما أن قيم المساواة والحرية والتسامح وغيرها من مبادئ حقوق الإنسان التي ترسخت في مختلف الدساتير الوطنية والمواثيق العالمية خلال القرنين الأخيرين، قد وضعت معايير جديدة لابد أن تلتزم بها الدساتير والقوانين المحلية بصرف النظر عن الخصوصية الثقافية لأي مجتمع.

وبالتالي فإن مهمة المشرع هي اكتشاف القانون الذي يناسب المكان والزمان مسترشداً في ذلك بأعراف المجتمع وظروفه والمتغيرات التي تطرأ عليه، بحيث يأتي القانون ليوثق الضمير الطبيعي الجمعي للمجتمع. إن الهدف الأسمى من وجود قانون يخضع له الجميع، هو أن يشيع الإحساس بالعدالة بين أفراد المجتمع، ويصبح القانون هو المرجعية الأولى والأخيرة التي تحدد ما يجب فعله وما يجب الامتناع عنه. وببساطة قد يجدها البعض مخلة: القانون هو الذي يوثق مفهوم المجتمع للخطوط التي تفصل بين الخير والشر.

أما إذا شرعت السلطة القوانين بعيداً عن الأعراف أو الاتفاق المجتمعي (أي ابتعدت عن الخيارين 1 و 2 وفضلت البديل الثالث)، أو جاءت القوانين لتحابي نخبة أو طبقة على حساب أخرى، أو لتحقق أهدافاً سياسية ضيقة للحاكم أو نظام الحكم، فإن هذا يأتي في النهاية على حساب العدالة والمساواة، ويتسبب في فساد القوانين وانفصامها عن الأعراف والممارسات التي اطمأن الناس لها عبر قرون طويلة، فيصبح القانون هو مجرد حبر على ورق، لا يمكن تطبيقه، ويبحث الشعب عن قوانين أخرى أكثر ملاءمة وعدلاً يطبقها في حياته ومعاملاته اليومية. ومن الطبيعي أن البعض سوف يتشبث بتطبيق القانون بحرفيته - رغم فساده – إذا رأى في هذا مصلحة إضافية له، مما يخلق حالة من الفوضى في التقاضي وضياع الحقوق وطمس الحدود بين الحق والباطل، واختلاط المجرمين بالشرفاء. وليس من الضروري أن ينشأ فساد القوانين نتيجة لمحاباة الطبقة الحاكمة أو المالكة، بل قد يأتي ليحابي الطبقات الفقيرة بصورة تنكر مثلاً الحق في الملكية، أو تحابي المستأجر على حساب المالك، أو العامل على حساب صاحب العمل، فيتسبب هذا في النهاية في خلل يصيب المجتمع ككل ويعاني منه الجميع.
قوانين تمنع كل شيء
وعادة ما تستخدم الحكومات السلطوية القانون في إخضاع الشعب لسلطانها بحيث تحكم قبضتها على كل شيء ليصبح كل نشاط اقتصادي أو ثقافي أو اجتماعي أو سياسي تحت رحمة ترخيص الحكومة، ويصبح الأصل هو أن كل شيء ممنوع، فالاستيراد ممنوع، والتصدير يحتاج لتصريح، والسفر يحتاج لإذن، وإصدار صحيفة يحتاج لموافقة من رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية شخصياً، واجتماع أكثر من خمسة أشخاص هو جريمة، وهلم جرا. وتمشياً مع الميل الطبيعي للنظم الشمولية نحو فرض سيطرة الدولة على كل مظاهر الحياة Authoritarian Approach تأتي القوانين لتكرس هيمنة الدولة ونظام الحكم على كل الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فالقانون يجرم كل نشاط فردي أو جماعي خارج الإطار الحكومي، ويقصر معظم الأنشطة على أجهزة الدولة نفسها، ويعطى الحكام سلطات لا نهائية في المنع والمنح والاستثناء دون أن يقابل ذلك حساب أو مسئولية.
لوائح تضمن الثغرات والاستثناءات
وبعد القوانين المانعة، تأتي اللوائح التنفيذية التي تضع عشرات الخطوات والإجراءات البيروقراطية التي تجعل الالتزام بالقانون أمراً شبه مستحيل ويحتاج لعشرات التوقيعات ويستغرق شهوراً أو سنوات طويلة. وفي نفس الوقت، تأتي هذه اللوائح لتغزل بعناية الثغرات والاستثناءات التي تسمح بالالتفاف حول القانون واللوائح، وتمنح كبار وصغار الموظفين الفرصة "لتسهيل" الإجراءات وتسيير الحال الواقف، وتفتح لهم في نفس الوقت فرصة لمجاملة الأقارب والأصهار، أو للحصول على إكراميات وعمولات ورشاوى يستكملون من خلالها دخولهم الهزيلة، وبهذا يصبح كل شيء ممنوع مسموحاً به ما دمت قادراً على دفع الثمن، فينشأ الانفصام بين الممنوع والممكن. وفي نفس الوقت، تمنح الدولة سلطات واسعة للضبط القضائي لصغار الموظفين في وزارات مثل الصحة والتموين والثقافة وغيرهم، وتسلحهم بترسانة القوانين المانعة، فيستغل هؤلاء الموظفون المطحونون الفرصة بابتزاز أصحاب المحال والشركات والمصالح والحصول على إتاوات منتظمة مقابل إغماض أعينهم عن اضطرار الجميع لكسر قوانين لا يمكن تطبيقها من الأصل.

ثقافة تستيف الأوراق وحمى الأختام Stampomania
من أخطر أعراض انهيار دولة القانون هو أن تتحول منظومة القانون إلى عملية شكلية مظهرية هدفها هو استيفاء مجموعة أوراق بصورة تتواءم مع اللوائح الجامدة على حساب اغتيال روح القانون وغياب العدالة وضياع الحقيقة. فإذا جاءت الأوراق مستوفاة ومختومة بأن الشمس تشرق من الغرب، فالشمس تشرق من الغرب قانوناً، ولن يكلف أحد الموظفين نفسه بأن يمسك ببوصلة ويراقب عملية الشروق نظراً لأن الشمس تشرق قبل مواعيد العمل الرسمية كما أن مثل هذه الإجراءات لا تهم، لأن ما يهم هو تستيف الأوراق بالأختام والدمغات والعرضحالات الممهورة بالنسر الشهير. والمثل المعروف الذي يردد هو "كذب مستف أفضل من صدق منعكش". فالموظف في سبيل استيفاء الأوراق يتغاضى عن الموضوع والحقيقة الساطعة أمامه، فنشأت مهن عديدة وظيفتها تستيف الأوراق في كافة القضايا والمجالات من أجل اصطناع حقوق زائفة واستيفاء الشكل القانوني، فطغى الشكل على الموضوع بطريقة فجة. وهناك آلاف الأمثلة كل يوم لحقوق تضيع على أصحابها الأصليين الذين لم ينجحوا في تستيف أوراقهم واستغلال الثغرات الواسعة الموجودة في النظام ككل.
العقاب العكسي
وفي أحيان كثيرة تبلغ المأساة قمتها بأن القانون يعاقب الضحية ويكافئ الجاني، طالما استطاع هذا الجاني اصطناع الأوراق والمواقف واكتساب المراكز القانونية، فالمزور يطرد صاحب الحق، والسارق يتمسك بما سرقه ويقدم الاستشكالات للاحتفاظ بغنيمته، والقراصنة والمهربون ينعمون بالعوائد والأرباح الوفيرة التي تمكنهم من اصطناع المزيد من الأوراق المزورة، واجتذاب الصداقات المؤثرة مع كبار المسئولين الذين يقومون بحمايتهم ومشاركتهم ريع الفساد، وفي النهاية يتكفل بطء العدالة والعيوب الإجرائية بالإجهاز على الضحية وضياع حقوقها بصورة كاملة.

دراسة حالة: التراخيص المزورة لبرامج الكومبيوتر المقلدة
في عام 1997، بدأت شركات البرمجيات في ملاحقة القراصنة الذين كانوا يقومون بترويج البرامج المنسوخة والمقلدة. وخلال أشهر قليلة، تفتق ذهن القراصنة عن حيلة جديدة، وهي الحصول على تراخيص رسمية من الجهة الإدارية المختصة. وبالاستعانة ببعض المحامين المتمرسين في مثل هذه الألاعيب ومن خلال شبكة من الموظفين المنحرفين، قاموا باصطناع فواتير وعقود تربطهم بالناشرين واستطاعوا في النهاية أن يحصلوا على تراخيص رسمية من الجهة الإدارية تفيد بأن ما يروجونه من أقراص منسوخة ومقلدة هي برامج أصلية، بل وقام بعضهم بمقاضاة الناشرين الأصليين! وفي معظم بلدان العالم يعمل القراصنة "تحت الأرض" إلا أن حصول القراصنة على الحماية القانونية أضفى الشرعية على أعمالهم الإجرامية وتوسعوا في إقامة المحال والمعارض والتوزيع لسلاسل المحال الكبرى بفواتير معتمدة والإعلان عن أنشطتهم والترويج لها بحرية كاملة. ومن أطرف التعليقات عند سؤال المدير الإقليمي لأحد سلاسل السوبر ماركت العالمية لماذا يتعامل مع القراصنة ويقوم ببيع البرامج المنسوخة في فروعه رغم علمه بأنها مقلدة، أجاب بأن القراصنة أصبحوا مثل "حرامي برخصة" وأنه ما داموا يتمتعون بمثل هذه الشرعية فسوف يتعامل معهم للحفاظ على وضعه التنافسي. واستمرت هذه المشكلة لسنوات عديدة دون حل، وشكلت الجهة الإدارية اللجنة تلو اللجنة لفحص شكاوى الناشرين إلا أن القراصنة نجحوا في اختراق كل تلك اللجان وإحباط كافة جهود حماية الملكية الفكرية بما أدى لخسائر كبيرة تكبدها الناشرون وآثار سلبية خطيرة ضربت صناعة البرمجيات في مصر.

خصخصة العدالة – ظهور البلطجة
وعدم قدرة النظام ككل على حماية الحقوق أو تحقيق العدالة أدى إلى خصخصة المنظومة القانونية أو خصخصة العدالة وظهور البلطجة بصورة واسعة كمنظومة "موازية" للحفاظ على الحقوق واستعادتها. ورأينا في السنوات الأخيرة العديد من الحوادث التي حظيت بتغطية إعلامية قوامها قيام مجموعات مسلحة باستعادة أراض أو عقارات مسلوبة أو الاستيلاء على شركات أو أصول ونهبها وعلى المتضرر اللجوء للقضاء. وهناك شركات كثيرة غرضها الأساسي هو تحصيل الشيكات والكمبيالات واستعادة القروض بالتهديد والبلطجة بعيداً عن المنظومة القانونية التي تعجز عن استعادة الحقوق أو الحفاظ على الممتلكات.

الانتقائية في تطبيق القانون
من ضمن الأسباب التي تجعل ثقافة خرق القانون تنتشر هو شعور البعض بالانتقائية في تطبيق القانون، فسرقة 100 جنيهاً يعاقب مقترفها بعدة سنوات في السجن، أما قصص فساد كبار المسئولين والمليارات التي ينجحون في تهريبها إلى الخارج، فعادة ما تنتهي بحفظ التحقيقات والتصالح مع الدولة. وكثيراً ما تجد أحد المسئولين تتم محاكمته بصورة انتقائية نتيجة لخروجه عن دائرة رضا الحكام الذين تغافلوا عن جرائمه وربما اقتسموا معه ريعها لعقود طويلة. كما تستهدف السلطة معارضيها السياسيين بقضايا عبثية سواء ملفقة، أو بإخراج ملفات كانت منسية، أو تضخيم مخالفات عادة ما يتم التغاضي عنها لتفاهتها وشيوع الوقوع فيها من قبل الجميع، وتنشط السلطة في تصوير هذه المخالفات وكأنها جرائم كبرى لتلطيخ سمعة الناشطين واتخاذ أمثلة قليلة ككباش فداء لتكون عبرة للجميع. وهنا يصبح المهم ليس الالتزام بالقانون، ولكن تجنب العقاب، بكسر القانون بعيداً عن أعين السلطات، أو باتخاذ الاحتياطات التي تضمن الإفلات بدون عقاب. وخرج المثل الشهير "اطعن الدولة في ظهرها كما يحلو لك، ولكن المهم ألا تجعلها ترى الخنجر"!
العدالة البطيئة
مع كثرة القوانين والممنوعات والأمور التافهة التي يجرمها القانون، تنشأ حالة من الفوضى في التقاضي، فتجد مثلاً عشرات أو مئات الآلاف من الأشخاص كل منهم متهم بعدم سداد عدة شيكات كل منها يمثل قضية بذاته، ومئات الآلاف يتمسكون بحقهم في شقق استأجرها أجدادهم بجنيهات أو قروش قليلة لم تعد تناسب العصر، والملاك الحقيقيون يرفعون دعاوى الطرد، ومئات الآلاف من قضايا التهرب من ضرائب مبالغ فيها، ومشترون يتحايلون على الرسوم الباهظة للتسجيل العيني يقيمون دعاوى الصحة والنفاذ، وغيرها من قضايا عبثية لا يجب أن تصل للمحاكم من الأصل. وفي النهاية، يؤدي ازدحام النظام القضائي بملايين القضايا العبثية إلى أن القضايا الحقيقية والحقوق الضائعة لا يمكن استردادها عن طرق التقاضي، وتتباطأ خطوات العدالة ويتوقف الزمن لسنوات وعقود طويلة، يموت معها أصحاب الحق حسرة على عدالة لم تأت إلا بعد فوات الأوان. ومع تهالك البنية الإدارية والمعلوماتية للنظام القضائي والأجهزة المساعدة له من محضرين وأمناء سر وغيرهم، تضيع القضايا والحقوق، وتختفي الدعاوى وتضيع المخاطبات والإنذارات والإعلانات الرسمية، بما يخلق المزيد من الكوارث والمشاكل التي تتسبب في معاناة الأبرياء وإفلات المجرمين نتيجة لهذه الفوضى.

الحكومة تخرق القانون
كيف ننتظر من الأفراد أن يلتزموا بالقانون إذا كانت حكومة الدولة نفسها تمارس خرق القانون بصورة منتظمة ومستمرة وتحتال على تنفيذه؟ وعلى سبيل المثال فإن تزوير الاستفتاءات والانتخابات واصطناع أغلبية مزيفة عن طريق القيد الجماعي لمئات الآلاف من الموظفين، والامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية، واستخدام الاستشكالات العبثية والبلطجة الرسمية وشبه الرسمية، كل هذه السلوكيات تجعل من القانون أضحوكة فاقدة للاحترام، لأن الحكومة التي أقسمت على احترام القانون والمنوط بها تنفيذه تخرقه في كل مناسبة وبدون مناسبة وتستخدم الثغرات والاستثناءات والعيوب الإجرائية والاستشكالات للتحايل على القانون، وتنكل بمعارضيها عن طريق التلفيق والعدالة الانتقائية، وتهدر حقوق المواطنين عن طريق تستيف الأوراق والكذب المنظم وإهدار الأحكام القضائية. كما تسهم الحكومة في ازدحام المنظومة القضائية بمئات الآلاف من القضايا والمنازعات العبثية، دون أن تفكر يوماً في إعادة الحقوق إلى أصحابها، أو التنازل عن القضايا العبثية أو الجزافية أو التعسفية أو التافهة، فيؤدي هذا لعجز النظام القضائي عن التصدي للقضايا الحقيقية.

العصيان المدني غير المعلن وثقافة تجاهل القانون
كل ما سبق يؤدي في النهاية لانتشار ثقافة تجاهل بل واحتقار القانون بدلأً من ثقافة احترام القانون. وكثيراً ما يتساءل بعضنا، لماذا نلتزم بالقانون – قانون المرور مثلاً – عندما نكون في أوروبا أو الولايات المتحدة مثلاً ولكننا نسارع بتجاهله فور عودتنا للوطن؟ السبب الرئيسي هو شعور الشخص بثقافة تطغى على البيئة المحيطة به قوامها احترام القانون. الجميع يحترم القانون، الحكومة والمواطنون على اختلاف مستوياتهم كلهم يحترم القانون. أما في حالتنا، فحالة العصيان المدني وعدم احترام الدولة نتيجة لفشلها الطويل في توفير الحياة الكريمة للمواطنين، مصحوباً بفساد القوانين وتخلفها وتعنتها، وفقدان النظام للشرعية، كل هذا يؤدي لحالة العصيان المدني التي نراها. وتجد في هذه الدول أن هناك حالة من المباهاة بالتحايل على القانون وخرقه، بعكس الدول المتقدمة حيث يكون هذا مدعاة للخزي والنبذ من المجتمع. وبالتالي هناك علاقة واضحة بين تقدم الدول ومدى تغلغل ثقافة احترام القانون. واحترام القانون في الدول المتقدمة ينبع من عقيدة مدنية قوامها أن الجميع سوف ينعم بحياة أفضل وأكثر أماناً ورخاءً إذا التزمت الغالبية بالقانون. أي أن الالتزام بالقانون لا يأتي فقط نتيجة للخوف من العقاب، ولكنها ثقافة البقاء التي تجعل أفراد المجتمع يتمسكون بالقانون أملاً في أن النظام سوف ينجح في تحقيق المصلحة في نهاية الأمر The System will eventually work out for everyone’s benefit.
الدولة الموازية والقانون الموازي
أما في النظم الشمولية، يئن الشعب تحت وطأة كل هذه المشاكل التي تجعل العيش في الدولة الرسمية أمراً لا يمكن احتماله فيخرج معظم أفراده إلى الدولة الموازية، يحصلون على حقوقهم بالتزوير – أوالتستيف – أو البلطجة، يبنون منازلهم في العشوائيات ويعملون ويعيشون خارج المنظومة الرسمية. ومع لجوء الشعب ليعيش في الدولة الموازية، يصبح عليه أن يلتزم بقوانينها العرفية، فبنديرة التاكسي لابد أن تصمت أمام الاتفاق العرفي على قيمة الأجرة، ويصبح من العبث – بل من المستحيل أحياناً- أن يلتزم المواطنون بقوانين الدولة الرسمية التي تتعارض في معظمها مع قوانين الدولة الموازية.


الآثار النفسية للخروج عن القانون
مع اضطرار الشعب لكسر القانون والتحايل عليه في التعاملات اليومية أو من أجل الحصول على الخدمات الحياتية، يئن ضمير المواطن في البداية تحت وطأة لوم الذات على كسر القانون. ومع الوقت يضطر الناس لاصطناع حالة من السلام الداخلي وتنشأ قيم جديدة تبرر السلوكيات المختلة، وقد تضيع القيم الحقيقية وسط هذه الفوضى وهذا الخلط بين الحدود وطمس الخطوط الفاصلة بين المشروع والمجرم بل بين الخير والشر. هذه الفوضى التي تتسبب في اختلاط الأمور وتمييع الحدود، ينتج عنها خلط بين الأبرياء والمجرمين وبين الشرفاء والفاسدين. إن أخطر ما يواجه المجتمع الذي يضطر أفراده للعمل خارج الإطار الرسمي هو اهتزاز وطمس الحدود بين ما هو شرعي وبين ما هو غير شرعي، فيتآكل النظام العام للمجتمع تدريجياً وينكمش احترام المواطنين للقانون والشرعية، ويتجه المجتمع للفوضى والانهيار التدريجي. إن الآثار النفسية والاجتماعية والثقافية لهذه الفوضى ثقيلة وتحتاج لسنوات وعقود طويلة للتخلص منها وإعادة بناء المنظومة الأخلاقية والسلوكية على أسس سليمة.

الديمقراطية ودولة القانون
أما في النظم الديمقراطية، فيكتشف الشعب – من خلال ممثليه ومؤسساته - القوانين التي تصلح للزمان والمكان، وبالتالي يأتي القانون كحل تشريعي يوثق ما اتفق المجتمع على تطبيقه من نظم وأعراف. الفرق في الحالتين أن القانون عندما يفرض من أعلى وبصورة فوقية، فلا يمكن في الغالب تطبيقه لأنه يغفل اعتبارات المواءمة. وما يزيد الطين بلة أن النظم الشمولية لا تقبل تداول السلطة، وبالتالي تجتهد في التحكم في نتائج أي نوع من الانتخابات أو الاستفتاءات بحيث تصبح ديكوراً شكلياً لا يؤدي لأي نتيجة. ومع تفريغ العملية الانتخابية من مضمونها، يفقد المشرعون الشرعية التي تؤهلهم للتشريع وصياغة القوانين أو إقرارها، وبالتالي يتعامل الشعب مع هذه القوانين كأنها غير موجودة، أولاً لافتقاد المشرعين – والنظام ككل - الشرعية، وثانياً وهو الأهم، لأن تلك القوانين لا تصلح للتطبيق نظراً لأنها لم تأت من رحم التجربة الشعبية، وهنا ينشأ الانفصام القومي بين النظام والشعب، بين القانون والعرف، بين الممنوع والممكن، ويتولد عن هذه التناقضات الحادة فوضى منظمة متعمدة تشبه حالة من العصيان المدني غير المعلن، يعبر بها الشعب من خلال اللاوعي الجماعي عن رفضه لنظام لم يختره، ويعلن بصورة عملية عن عدم التزامه بقوانين لم يُسأل عند صياغتها ولم يشترك في إقرارها. وهنا تظهر العلاقة بين الديمقراطية وقيام دولة القانون. فبدون الديمقراطية، يصبح قيام واستمرار دولة القانون أمراً يتعين على السلطة أن تفرضه بالقوة والقمع، نتيجة لغياب الاتفاق العام وعدم وجود عقد اجتماعي، وفي النهاية رأينا من التجارب المختلفة أن مثل هذه النظم القمعية هي نظم مؤقتة غير قادرة على البقاء على المدى الطويل لأنها تحتوي داخلياً على عوامل متفجرة للفناء الذاتي السريع.


العقد الاجتماعي الجديد
استشراء ثقافة خرق القانون تتسبب في انهيار النظام العام للمجتمع بما ينعكس على ضعف كل أوجه النشاط العام والخاص. وعلى سبيل المثال، يتأثر الاستثمار سلباً نظراً لضياع الحقوق وضعف قدرة الدولة على تطبيق القانون أو تنفيذ الأحكام، والميل العام الذي ينشأ لدى الشعب لعدم احترام النظام، علاوة على الطاقات المهدرة في ازدواجية النظم، كل هذا يؤدي لانخفاض تنافسية الاقتصاد وضعف معدل النمو، بما يتسبب في استشراء الفقر وبالتالي معدل الجريمة وهكذا. وكسر هذه الدائرة المفرغة يتطلب وجود قيادة تتمتع بالرؤية والمصداقية، تقود المجتمع نحو الاتفاق على عقد اجتماعي جديد. وهذا يتطلب أيضاً تشخيص المشاكل الحالية وتحليل مسبباتها بشجاعة والاتفاق على طريق إعادة البناء. أما الإصرار على الإنكار وتصوير النظام لحكمه بأنه مسيرة مستمرة من الإصلاحات والإنجازات والتمسك بنفس الوجوه الفاسدة والعقول المتحجرة ومن يأكلون على كل الموائد ويبررون كل التوجهات المتناقضة بدءاً من التغني بحتمية الحل الاشتراكي وصولاً لتبني سياسات الخصخصة والتحرر الاقتصادي، فكل هذه الأمور تجعل الشعب يفقد ثقته في القيادة ويشعر أن أي دعاوى إصلاحية إنما هي استمرار لنفس السياسات المظهرية.

والمدخل الطبيعي لوضع هذا العقد الاجتماعي هو إقامة حوار وطني حقيقي بمشاركة ممثلين منتخبين لكل طوائف المجتمع ومجموعات المصالح المختلفة، حوار بين رجال الأعمال والنقابات العمالية، بين العلماء والأدباء وأصحاب الرأي والإعلاميين ورجال الدين، بين المجتمع المدني والأحزاب ومختلف الهيئات والمؤسسات، بين الآباء والأبناء، حوار بين الأجيال، حوار وطني يتمخض عن توافق وطني يرسم ملامح طريق المستقبل. إن هذا الاتفاق أو التوافق لابد أن تتم صياغته في النهاية في دستور جديد يصبح هو المرجعية الأولى لجميع أفراد ومؤسسات الدولة، لأنه يرسخ المبادئ التي يحتضنها الشعب في ضميره الجماعي، ويحفر تلك المبادئ بصورة لا تحتمل اللبس على جدران محراب العدالة.

الاتفاق على روح القانون
إن هذا الدستور لابد أن يرسخ حقوق الإنسان، والبديهيات التي ضاعت أو تناساها الناس بسبب انشغالهم باصطناع الأوراق وتستيف المستندات والأختام بدلاً من أن يبحثوا عن الحقيقة ويحققوا العدالة. لابد أن يضع الدستور روح القانون بالسماح لا بالمنع، بأن تأتي القوانين لتنظم لا لتقمع وتتسلط، تأتي لتيسر على أفراد الشعب سعيهم للرزق والمبادرة الفردية والجماعية، لا لتعوق مثل تلك المبادرات بدعاوى خرقاء عفا عليها الزمن. يجب أن يصبح الأصل أن كل شيء مسموح وكل مواطن صادق وشريف ومصدق إلى أن يثبت عكس ذلك. يجب ألا ننشغل بتحري التفاصيل والإجراءات ظناً أن كثرة هذه التفاصيل واللوائح تمنع التجاوز، لأن التجربة أثبتت أن المبالغة في الإجراءات والتفاصيل إنما تفتح أبواباً واسعة للتحايل على القانون والفساد المنظم الذي تعيش فيه الدويلات الموازية التي تحدثنا عنها. لابد أن يأتي القانون ليشجع المبادرة، ويشجع النجاح، ويأخذ بيد من يتعثرون بحسن نية، يقيلهم من عثرتهم، لا أن ينصب المشانق للجميع فيعيش الشعب كله تحت نصل مقصلة انتقائية قد تهوي على أي شخص في أي لحظة. لابد من إعطاء السلطة والمرونة الكافية للعفو والتجاوز عن الأخطاء البسيطة غير المقصودة مع تحسين الأوضاع المادية والأدبية للعاملين في المنظومة القضائية على كل المستويات.

تنقية القوانين
ربما تكون عملية تنقية القوانين هي أصعب جزء في عملية إعادة بناء دولة القانون. على مدى عقود طويلة واتجاهات سياسية مختلفة، ولدت ونمت وترعرعت غابة ضخمة من التشريعات المتشابكة والمتنافرة والمتعارضة. وهذا التنافر الذي نشأ نتيجة لتباين المرجعيات عبر الحقب المختلفة، لا يشوه القوانين واللوائح فحسب، ولكنه أيضاً يمتد ليشوه الضمير الجماعي للمجتمع، الذي يتجلى مثلاً في تناول أجهزة الإعلام للعديد من القضايا، وكذلك موقف الرأي العام منها. إن عملية إصدار قوانين جديدة لابد أن تحظى بحوار مجتمعي وخاصة بين مجموعات المصالح من نقابات ومنتجين ومستهلكين وجمعيات وتجمعات سوف تتأثر بتلك القوانين والتشريعات قبل أن تعرض على المجالس التشريعية. لابد أن يعلم الناخبون موقف ممثليهم في المجالس التشريعية من كل قانون يمس مصالحهم وحياتهم. أما أن تأتي الحكومة لتدفع بقوانين معدة سلفاً ليتم تمريرها في عجالة أو "سلقها" في جلسات منتصف الليل بالموافقة الشهيرة – مهما حسنت النوايا أو تعددت الخبرات – فهو استمرار لمسلسل التشريع من أعلى إلى أسفل بكل شروره. إن نجاح المنظومة القضائية مرهون أيضاً بتخفيف الحمل الثقيل من القضايا العبثية، ونقترح أن تبادر أجهزة الدولة بإسقاط معظم القضايا الجدلية التي تتنازع فيها مع بعضها البعض ومع المواطنين والشركات والمؤسسات، وتشجيع التحكيم في القضايا المدنية لتقليص حجم المعروض من القضايا. ومثل هيئات التحكيم، فهناك العديد من مؤسسات البنية التحتية التي يجب أن تنشأ وتقوم بدورها كمؤسسات الجدارة الائتمانية والتأمين ضد مخاطر الائتمان، وكذلك أدوات فعالة للائتمان التجاري والمصرفي بما يقلل من حجم قضايا الشيكات التي نشأت نتيجة لعدم وجود أدوات ائتمان فعالة.

وفي النهاية، فإن وجود قوانين بسيطة تسمح بالكثير وتمنع القليل، مع الحزم في التطبيق، هو أفضل من وجود ترسانة من القوانين لا يمكن تطبيقها. إن العدالة قد تكون عمياء، ولكن على الذين يقومون ببناء المحراب الجديد للعدالة أن ينظروا جيداً في دروس تجربة مريرة أصبحت معها العدالة أيضاً مشلولة وكتعاء وبلهاء وصماء وخرقاء وعاجزة عن أن تسمع المواطن البسيط – فضلاً عن أن تصل إليه.



#وائل_نوارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بردية: رسالة من الأم
- ضد الدولة الإله 2: إعلان حرب على الهوية المصرية
- الإصلاح من وجهة نظر عبد الناصر
- ضد الدولة الإله


المزيد.....




- اعتقال 3 أشخاص بعد اكتشاف مخبأ أسلحة في مرآب سيارات في شمال ...
- إصابات.. الاحتلال يشن حملة اعتقالات واسعة في الضفة والقدس
- شهداء وجرحى باستهدف خيام النازحين برفح ولجان توزيع المساعدات ...
- غزة: كابوس المجاعة لن يطرد إلا بالمساعدات
- الأمم المتحدة: مكافحة الإرهاب تتطلب القضاء على الفقر أولا
- غزة تحولت اليوم إلى معرض لجرائم الحرب الحديثة في العالم
- لماذا ترفض إسرائيل عودة النازحين إلى شمال القطاع؟
- تعذيب وترهيب وتمييز..الأمم المتحدة تكيل سلسلة من الاتهامات ل ...
- كابوس المجاعة في غزة -يناشد- وصول المساعدات جوا وبرا وبحرا
- فيديو خاص حول الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - وائل نوارة - الدولة الموازية (2) : إعادة الاعتبار لدولة القانون