أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين - أماني أبو رحمة - إسرائيل/فلسطين إفلاس حل الدولتين















المزيد.....



إسرائيل/فلسطين إفلاس حل الدولتين


أماني أبو رحمة

الحوار المتمدن-العدد: 2117 - 2007 / 12 / 2 - 11:37
المحور: ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين
    


الآفاق, للشعب الفلسطيني الذي يعيش في المنطقة التي تقع تحت السيطرة الإسرائيلية ,تبدو, يوما بعد يوم, و أكثر من أي وقت مضى, ميئوس منها. العملية التي يبدو من خلالها أن الفلسطينيين ينزلقون إلى أراض معزولة وفقيرة تعتمد كليا على السادة الإسرائيليين الكبار تكاد تكون أمرا حتميا. الإذلال يتتابع واحدا تلو الآخر ، وعلى الرغم من أن هناك على الأرجح كثير من التعاطف معهم في جميع أنحاء العالم أكثر من أي وقت مضى ، إلا أنهم يبدون عاجزين تماما. فقط الولايات المتحدة ,بوصفها القوة العالمية و الحزبيين السياسيين الرئيسيين فيها على حد سواء ، لا تتردد في دعمهما لإسرائيل. وفي ظل هذه الظروف ، قد يبدو صحيحاً الافتراض أن جميع أسس السياسة الفلسطينية خاطئ ، ويحتاج إلى تغيير من الأعلى إلى الأسفل. إجراء تغيير جذري راديكالي من نوع ما لا بد أن يحدث اذا كان الفلسطينيون يريدون الهرب من منطق التوجه بسرعة إلى دولة فقيرة حد اليأس أو من التطهير العرقي.
السياسة الفلسطينية الحالية موجهة نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة على أساس الحدود التي كانت موجودة قبل عام 1967 حرب الأيام الستة . هناك فرق :ما اذا كان ينبغي أن يكون هذا مقبولا كحل دائم أو مقبولا بصورة مؤقتة انتظارا لحل دائم في وقت ما في المستقبل. بيد أن الحجة هي أن هذا الطموح ، سواء في شكله المتطرف أو المعتدل ، ميئوس منه ولا يخدم إلا مصالح السلطة الإسرائيلية التي تهدف إلى فصل نفسها عن الفلسطينيين إلى أقصى حد ممكن بهدف الحفاظ على الطابع اليهودي للدولة. النضال الفلسطيني من اجل الحقوق الوطنية – المتمثل حالياً في دولة فلسطينية مستقلة - وينبغي "وسأثبت ذلك لاحقا" أن يتحول إلى النضال من اجل الحقوق المدنية الكاملة داخل النظام السياسي الذي أنشأته إسرائيل .
مثل هذه المبادرة ستكون دواءً يصعب ابتلاعه . وبصفة خاصة ، ينطوي على التخلي عن سلسلة من الانتصارات الظاهرة ، وأبرزها :
1. قرارات مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة (وخاصة القرارات 252 ، 267 ، 271 ، 446 ، 452 ، 465 ، 471 ، 592 ، 605 ، 607 ، 608 ، 636 ، 641 ، 672 ، 673 ، 681 ، 904 ، 1322) التي تعترف بأن وجود إسرائيل في الضفة الغربية وقطاع غزة هو احتلال ، والتي تدعو إسرائيل إلى التقيد بالالتزامات القانونية للدولة المحتلة ، وبالتالي ، من بين كثير من الالتزامات الأخرى ، تفكيك جميع المستوطنات التي أنشأتها بشكل غير قانوني في هذه المناطق .
2 - الاعتراف الدولي بحق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة ( خارطة الطريق ؛ حل الدولتين )
3. التحركات الإسرائيلية والتي حدثت بالفعل أو لا زالت في صورة اقتراحات للانسحاب من قطاع غزة ومن الضفة الغربية.
ومع ذلك ، ثبت أنها انتصارات قصيرة المدى . إنها لم تفعل شيئا لتحسين حياة الفلسطينيين. بل على العكس تماما. وعد الدولة المستقلة لم يُفض إلا إلى غيتو . السيادة المفترضة للسلطة الفلسطينية فقط توفر على السلطة الإسرائيلية تكاليف الالتزام برعاية و توفير احتياجات الناس الذين يعيشون في الغيتو. ولكن إسرائيل لا تزال تحتفظ بالسلطة الكاملة على حياتهم ، والتدخل حين تريد ، وغالبا بوحشية. وإذا ما ابتهج الفلسطينيون بجلاء المستوطنين الإسرائيليين عن غزة فانه ينبغي عليهم أن يتذكروا : انه لخلق غيتو وارسو اضطر النازيون إلى إزالة أعداد كبيرة من البولنديين المقيمين من المنطقة أولا . السياسة النازية اعتمدت تركيز اليهود حصرا في مناطق يهودية بالكامل بهدف السيطرة عليهم لتحولها في نهاية المطاف إلى مخيمات. السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين يبدو أنها تسير على غرار ذلك.
لماذا لا يمكن لإسرائيل أن تكون جادة في حل الدولتين ؟:
في الواقع أريد أن أقول أن إسرائيل لا يمكن أن تسمح أبدا بقيام دولة فلسطينية ذات سيادة حقيقية ، والسؤال هو: هل نظروا يوما إلى الأمر بجدية حتى في ذروه عملية أوسلو.
تأثرت وأنا اقرأ مقال قبل بضعة أعوام ، كتبه إسرائيلي مستوطن في الضفة الغربية في جريدة يومية داخلية في الضفة الغربية. وألخصه ألان من الذاكرة لأني لا املك المرجع .
كان يرفض تقديم أي تنازلات للفلسطينيين ,وعلى وجه الخصوص,كان ضد التخلي عن إي جزء من الضفة الغربية. قال أن السبب في ذلك هو أن الخطأ الذي ارتكب بحق الفلسطينيين كان كبيرا بحيث انه لا يمكن أبدا أن يغتفر . لم يكن يشير إلى الخطأ الذي قامت به إسرائيل باحتلال ما يسمى ب الأراضي المحتلة عام 1967، "الضفة الغربية وقطاع غزة". كان يشير إلى قيام دولة إسرائيل في 1947 / 1948 ،و الذي يدعوه الفلسطينيين ب النكبة ، الكارثة. وقال انه يدافع عن وجود إسرائيل على أساس انه بعد ما تعرض له اليهود في أوروبا يجب أن تكون لهم دولة خاصة بهم بحيث يمكنهم الدفاع عن أنفسهم. عندما يجد الناس أنفسهم في مواجهة إبادة وشيكة فإنهم يلقون بجميع الاعتبارات العادية والأخلاقية من النافذة.
ولكن بطبيعة الحال ، يواصل المستوطن ، يمكن قول الشيء نفسه عن الفلسطينيين. إنهم شعب مفعم بالحيوية. لا يمكن أبدا أن يقبلوا تدمير طريقة حياتهم القديمة ، وسرقة ممتلكاتهم وطردهم من أراضيهم ، وهو ما يعنيه الاعتراف بدولة إسرائيل . في حالة من الضعف قد يُوقع القادة جميع أنواع الاتفاقيات ولكن الشعب ككل لا يمكن أن يشعر بأنها مُلزمة له. القوى السياسية الأخرى ، أجيال أخرى ، من شأنها إنكارها. وكقوة اجتماعية منظمة ، فإن الفلسطينيين من شأنهم أن يشكلوا تهديدا دائما لإسرائيل ولذلك لا يمكن السماح لهم بإقامة دولة مستقلة ، وبالتأكيد ليس في مكان من الأرض يعتبر قلب إسرائيل ، كما هي الضفة الغربية.
الشاهد في هذه الرواية هو أنها لم تقدم الوصفات الأخلاقية المعتادة بالحديث عن شرور الإرهاب . ولم تُقدم العرب عموما والفلسطينيين خصوصا باعتبار أن معارضة الحرية و الديمقراطية أصلا من طبيعتهم أو أنهم معادين لليهود بشكل غير عقلاني . وهو يعترف أن لديهم أفضل ما يمكن من أسباب كراهية الإسرائيليين واليهود ، حتى انه اعترف ، أن ليس لدى اليهود ما يمكن فعله تجاه هذه الكراهية . الامتياز أو الحق الممنوح لا يمكن أن يُرضي الأصيل ، الإحساس العميق بالظلم والذي لا يمكن إزالته منطقياً إلا بتفكيك دولة إسرائيل ، وتحويل اليهود إلى حالة من الضعف مماثلة لما كانوا يحاولون الهرب منها في أوروبا وروسيا

هذه الحجة تتتابع منذ العام 1923 على ذات الخط ,إذ بدأها , فلاديمير جابوتنسكي ، مؤسس Revisionist الصهيونية ، الذي اعتبر ,في مقاله البالغ التأثير "الجدار الحديدي" ،: انه ليس هناك جدوى من محاولة السعي إلى اتفاق مسبق مع العرب لتيسير التوصل إلى الوجود اليهودي في وسطهم :
طالما هناك شرارة من الأمل في أنهم يستطيعون التخلص منا ، فإنهم لن يفرطوا في هذه الآمال ، ,ولا بأي نوع من الكلمات المعسولة أو اللقم السائغة ، لأنهم ليسوا حفنة من الرعاع بل امة ، بالية إلى حد ما ربما ، ولكنها لا تزال على قيد الحياة . الشعب الحي لا يُقدم على مثل هذه التنازلات الهائلة في القضايا المصيرية إلا عندما لا يتبقى له أي أمل في. فقط عندما لا يكون هناك إي خرق واضح في الجدار الحديدي ، تفقد الجماعات المتطرفة سيطرتها ، ويتحول التأثير إلى المجموعات المعتدلة. التي ستأتي إلينا مع مقترحات لتنازلات متبادلة. وعندئذ سيقوم المعتدلين بتقديم اقتراحات توفيقية بشأن المسائل العملية مثل الضمانة ضد الطرد ، أو المساواة والاستقلال الوطني.
ومع بعض الملاحظات التي كثيرا ما نقلت عن منافس جابوتنسكي الكبير ، اليساري الصهيوني ، دافيد بن غوريون ، الذي كان احد مهندسي سياسة طرد السكان العرب من الأراضي حتى تتحول إلى دولة يهودية :
إنني لا أفهم سبب تفاؤلك. لماذا ينبغي للعرب صنع السلام؟ لو كنت زعيما عربيا لن اتفق أبداً مع إسرائيل. انه أمر طبيعي : لقد استولينا على بلادهم. هذا أكيد ، لأنه وعد الله لنا ، ولكن ماذا يعني ذلك بالنسبة لهم ؟ إلهنا ليس إلههم . جئنا من إسرائيل ، وهذا حقيقي ، ولكن ذلك حدث قبل ألفي سنة ، ما معنى ذلك بالنسبة لهم ؟ كان هناك دائماً معاداة للسامية ، النازية ، هتلر ، اوشفيتز ، ولكن هل كان كل ذلك خطؤهم ؟ إنهم لا يرون إلا شيئا واحدا : جئنا إلى هنا وسرقنا بلادهم. لماذا ينبغي عليهم أن يقبلوا؟ ربما ينسون خلال جيل أو جيلين من الزمن ، ولكن في الوقت الحالي لا توجد فرصة. ولذا فالأمر بسيط يجب أن نبقى أقوياء ولدينا جيش قوي . هذه كل سياستنا . وإلا فان العرب سوف يقضون علينا ... أنا سأتم السبعين عاما قريبا... اذا كنت ستسألني ما اذا كنت سوف أموت وأدفن في دولة يهودية ، أقول لك نعم ؛ في عشر سنوات ، في خمس عشرة سنة ، اعتقد ستظل هناك دولة يهودية. ولكن اسألني ما اذا كان ابني عاموس ، الذين سيتم عامه الخمسين هذا العام ، لديه فرصة للموت والدفن في الدولة اليهودية ، أجيبك : فقط بنسبة
50% .
ربما يبدو من المفارقة إن الاعتراف بالخطأ يوفر أقوى حجة من اجل ترسيخه وإدامته.
بيني موريس والتطهير العرقي:
يمكننا أن نرى الكثير من ذات الحجة التي استعملها المؤرخ بيني موريس والذي أصبح شيئاً من قبيل "البطل" بين المعارضين للسياسة الإسرائيلية بسبب آرائه الصريحة ، في كتابه ، ولادة مشكلة اللاجئين الفلسطينيين ، حيث يذكر أن إسرائيل قد تأسست على سياسة التطهير العرقي ويفصل جرائم الحرب التي تم إخفاؤها بعناية في السجلات الرسمية لنشؤ الدولة. وفي مقابلة معه في كانون الثاني / يناير 2004 ، فاجأ موريس أنصاره باعترافه انه في الواقع يؤيد عملية التطهير العرقي التي كان قد وصفها ، وقال إنه يعترف بأنها شرط ضروري لوجود الدولة :
" هذا هو الوضع. هذا ما واجهته الصهيونية. دولة يهودية لن تظهر إلى الوجود بدون اقتلاع 700000 فلسطيني. لذا كان من الضروري اقتلاعهم من جذورهم . لم يكن هناك خيار سوى طرد السكان. وكان من الضروري تطهير المنطقة الخلفية ، وتطهير مناطق الحدود وتطهير الطرق الرئيسية. وكان من الضروري تطهير القرى التي كانوا يطلقون منها النار على قوافلنا ومستوطناتنا” .

حل الدولتين يرتكز على أساس الزعم بأن وجود دولة يهودية في المنطقة أمر مشروع . حركة المقاومة الإسلامية ، حماس ، تقع تحت ضغوط دولية كبيرة لتتبع منظمة التحرير الفلسطينية للاعتراف ب حق إسرائيل في الوجود . ولكن إذا قبلنا حجة موريس فان طرد 700000 فلسطينياً على الأقل يعد شرطا ضروريا لظهور تلك الدولة الشرعية. وعلى اقل تقدير قد يكون إقرارا بأن هذه الشرعية تحمل في ثناياها مشكلات .
وفيما يتعلق بالنظرية السياسية أنا نفسي من أتباع توماس هوبز لا جون لوك. أعترف بأن الدول عادة هي التي أسست في ظروف الحرب ، الغزو ، والطغيان ، وليس نتيجة العقد الاجتماعي بالتراضي بين أفراد أحرار. يجوز للدولة أن تتحول إلى شيء آخر ولكنها تقوم بداية على العنف. أنا أدرك أيضا أن قسوة الإسرائيليين ليست استثناءيه ، وأنها حتى ضيقة النطاق بالمقارنة ,على سبيل المثال,بتدمير البريطانيين للمدن الألمانية خلال الحرب ، أو المجازر الفرنسية في مدغشقر والجزائر بعد الحرب مباشرة ؛ أو ، وفي الآونة الأخيرة ، سياسة فرض العقوبات على العراق وما تبعها من تدمير للدولة العراقية وقذف المجتمع كله إلى حالة من الفوضى البدائية . أمثلة يمكن أن يكون تزيد إلى ما لا نهاية. ورغم أن هذا الكلام كان في نيسان / ابريل إلا انه طبع في تموز / يوليه 2006 في سياق الهجوم الإسرائيلي على لبنان ، و كان من المثير للاهتمام أن نلاحظ أن بعض الناطقين باسم السياسة الإسرائيلية قد برروا سياسة تدمير البنى التحتية المدنية بلفت النظر إلى سياسة حلف شمال الأطلسي في تدمير البنى التحتية المدنية في الحرب على يوغوسلافيا العام 1999. نحن لسنا على الإطلاق في معرض الحديث عن القسوة بصفتها مميزة لليهود دون غيرهم .
لجنة بيل والتطهير العرقي :
في الواقع ، فان سياسة النقل القسري للسكان من المنطقة اقترحها ,في الأصل, البريطانيون ، في تقرير للجنة بيل ، ونشرت في 1937 كرد فعل على الثورة العربية في 1936 ، السياسة نفسها كانت مستوحاة إلى حد بعيد من وصول أعداد كبيرة من المهاجرين اليهود إلى المنطقة. لجنة بيل اقترحت حل الدولتين الذي من شأنه أن يمنح اليهود منطقة أصغر كثيرا من ما مُنح لهم في قرار الأمم المتحدة عام 1947 ، ولكن السكان العرب في هذه المنطقة سيتم ترحيلهم ، وبقدر المستطاع طوعا ، مع التعويض ، ولكن في نهاية المطاف ، اذا ما رفضوا ، فبالقوة. الكاتب الصهيوني توم سيغف في كتابه : فلسطين واحدة كاملة,وضح لنا كيف استقبل بن غوريون هذا الاقتراح . يقول سيغف:
بعد القراءة الثانية ، أدرك نتائج الاقتراح ، ولم يستطع أن يخفي حماسته وقال "هذا سيكون شيئا لم نملكه من قبل أبدا ، حتى عندما كنا تحت سلطتنا الخاصة بنا ، لا في فترة المعبد الأول ولا في فترة المعبد الثاني" و كتبه في مذكراته لاحقاً ، وشدد على عبارتين حاسمتين "الترحيل القسري ". وان الاقتراح "نتيجة ضخمة "... للمرة الأولى دولة " يهودية حقيقية" على وشك أن تصبح حقيقة واقعة. وشدد على عبارة "يهودية حقيقية " كذلك. سيكون لليهود "إمكانيات لم يحلموا بها ، و لم يجرؤ احد على تخيلها حتى في أكثر خيالاتنا الجامحة جرأة ". ووصف تقرير اللجنة بأنه "إعلان استقلالنا " وتنبأ بأن وعد بلفور سوف سيكون باهتاً بالمقارنة .
الحسابات الإسرائيلية لأحداث 1947-1948 تذهب إلى أن طرد السكان العرب كان من الضروري ، لأن العرب رفضوا قبول قرار الأمم المتحدة بإنشاء دولة يهودية ونظموا أعمالا عسكرية لمعارضتها. يمكننا الجدل حول من هو الذي كان يهاجم والذي كان يدافع في تلك الفترة ولكن ذلك لا يؤثر على النقطة الرئيسية التي أريد أن أوضحها هنا ، وهي أن بيني موريس له لحق في النظر إلى التطهير العرقي للسكان العرب باعتباره شرطا لازما لإنشاء الدولة اليهودية. الاعتراف بشرعيه الدولة العبرية يعني الاعتراف بشرعية التطهير العرقي الذي هو شرط مسبق و ضروري. يمكننا أن نفهم لماذا اليهود يعتقدون أن الأمر يستحق ولكن يمكننا أيضا أن نفهم لماذا من المستحيل أن يقبل الفلسطينيون بالأمر .
وهو ذات السبب الذي يدعو الإسرائيليين للاعتقاد انه طالما أن الفلسطينيين لديهم إمكانية لتنظيم معارضة ضد وجود تلك الدولة ، فإنهم حتماً سيفعلون . ولهذا أيضا لا يمكن لإسرائيل أن تسمح بظهور دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة ، والواقع انه هو نفسه سبب الاعتقاد بان وجود أي قوة عربية أو إسلامية مستقلة في المنطقة يشكل خطرا على إسرائيل.

قلب الأرض في الكتاب المقدس:
ثمة سبب آخر يفسر لماذا لا يمكن لإسرائيل أن تتخلى عن سيطرتها على الضفة الغربية.
الناس الذين يتورطون في الحرب أو في أي مشروع عظيم يتطلب درجة من الوحشية يميلون الاعتقاد بحقهم . الحق اليهودي في امتلاك الأرض ليس واضحا وفقا للمبادئ التي تم وضعها في القانون العلماني الحديث.
ولكنه يرتكز على مصدريين أساسيين:
1-استحالة استمرار العيش في أوروبا ، ليس فقط بسبب المحرقة ولكن أيضا بسبب المذابح التي جرت في بولندا وأوكرانيا.
2 – الكتاب المقدس:
هذه النقطة قد لا تروق لأولئك الذين هم بشكل أو بأخر ضد الكتاب المقدس أو الذين يفسرونه بصورة مختلفة ولكن في الواقع أن هذا الكتاب قد استولى على خيال ربما نصف سكان العالم اللذين باتوا يؤكدون أن وجود علاقة بين اليهود و أرض إسرائيل هو حقيقة ذات أهمية بالغة . وبتبسيط الأمر : وجود دولة يهودية في إسرائيل يبدو أكثر طبيعية لمعظمنا من وجود دولة يهودية في كورنوال ، مثلا، أو ، في مدغشقر, كما جال بخاطر اودلف هتلر يوما ما .
ولكن جوهر الوجود اليهودي التاريخي في المنطقة يقع في الضفة الغربية ، التي تضم الخليل ونابلس (شكيم في الكتاب المقدس ) ، القدس ، بيت لحم. وإذا كنا نقول انه من المستحيل من الناحية النفسية أن يقبل الفلسطينيون سرقة أراضيهم فانه من المستحيل على قدم المساواة و من الناحية النفسية أيضاً أو لنقل على الأقل من الصعب للغاية بالنسبة لليهود ، بعد أن امتلكوا هذه المناطق ، أن يتخلوا عنها مرة أخرى. مما يساعد على تفسير لماذا ، حتى عندما بدا أن عملية أوسلو تسير على ما يرام ، فإن حكومة حزب العمل التي وافقت من حيث المبدأ على التخلي عن الضفة الغربية واصلت تطوير المستوطنات هناك ، لتخلق الحقائق على الأرض ؛ وأنه يساعد على تفسير لماذا شيمون بيريز ، المفترض أنه واحد من مهندسي أوسلو الرئيسيين ، كان قادراً على العمل جنبا إلى جنب مع أرييل شارون ، خصمه اللدود ، من اجل تأسيس حركة سياسية جديدة ، كاديما.
كاديما ومشكلة التوازن الديموغرافي :
كاديما حزب يستند إلى منطقين يبدوان متناقضين:
1. الحاجة إلى السيطرة على المنطقة كلها من نهر الأردن إلى البحر:
2 . الحاجة إلى إبقاء الفلسطينيين خارج النظام السياسي: السماح للفلسطينيين بدخول النظام السياسي سيكون بمثابة تغيرا في التوازن الديموغرافي ، وتمييعا للطابع اليهودي للدولة. الأرقام التي نشرتها السلطة الفلسطينية والمقبولة على نطاق واسع تقول بأن هناك 4،6 مليون فلسطيني في المنطقة مقابل 5،1 ملايين يهودي. ومن المتوقع انه و بحلول عام 2020 سيكون هناك 8،2 مليون فلسطيني في مقابل 6،4 ملايين يهودي. هذه الأرقام قد تكون غير موثوقة جدا ولكن حقيقة أنها تبدو ذات مصداقية ، يدلل على هشاشة الموقف الإسرائيلي. وتقترح ضرورة إجراء فصلا جديدا من التطهير العرقي ، وإجراء تخفيض أخر في عدد من الفلسطينيين ، اذا ما أريد للدولة اليهودية أن تبقى .
هناك طريقتان لتحقيق ذلك:
1-من خلال سياسة جعل الحياة في المناطق الفلسطينية لا تحتمل لدرجة تدفع الناس سوف للهجرة . وهذا يتطابق مع السياسة التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية في الوقت الحاضر.
2 – يمكن فعل ذلك بدم حار في ظروف الحرب السافرة كما كان في 1948. هذا الخيار الثاني احتمال توقعه بيني موريس:
اذا كنت تسألني ما اذا كنت أدعم ترحيل وطرد العرب من الضفة الغربية وغزة وربما حتى من الجليل والمثلث ، أقول ليس في هذه اللحظة. وأنا لست على استعداد لأكون شريكا في ذلك الفعل. وفى ظل الظروف الراهنة الأمر ليس أخلاقيا ولا واقعيا. العالم لن يسمح بذلك ، والعالم العربي لن يسمح بذلك ، ذلك سيدمر المجتمع اليهودي من الداخل. ولكن أنا مستعد أن أقول لكم انه في ظروف أخرى ، رهيبة ، عرضة لان تتحقق في غضون خمس أو عشر سنوات ، استطيع أن أرى عمليات الطرد. اذا وجدنا أنفسنا مع أسلحه نووية من حولنا ، أو اذا كان ثمة هجوم عربي شامل علينا فيما العرب يطعنوننا من الخلف لدعم الهجوم العربي على الجبهة ، فان أعمال الطرد ستكون معقولة تماما . بل إنها قد تكون ضرورية.
الرد الفلسطيني:
أنا الآن بصدد انتقاد الرد الفلسطيني على كل ذلك ولكن دعوني أولا أؤكد على أن الحالة التي وجد الفلسطينيون أنفسهم فيها كانت في غاية الصعوبة و أي سياسة ، حتى تلك التي أدعو إليها ، كانت محفوفة بالمخاطر.
ولكنها ربما نجحت في أمر أساسي كان عليها أن تفعله وهو ببساطة أن تبقى المقاومة حية رغم انه يمكن القول أن الإسرائيليين لم يقدموا لهم سياسة _لاستسلام وإذعان_ قابلة للحياة (تعويض كبير لتمكينهم من بناء حياتهم في أماكن أخرى على سبيل المثال).
هناك جانبان للسياسة الفلسطينية التي أود انتقادها:
1. بتعاطيها مع اتفاق أوسلو ، أسهمت السياسة الفلسطينية في الغيتو المفروض على شعبها - وبعزله عن مجمل النظام السياسي الإسرائيلي. وبالاعتراف بإسرائيل ، كما فعلوا في 1988 وبصورة أكثر رسمية في 1993 ، فإنهم قد تخلوا عن حقوقهم الأخلاقية في العيش والازدهار في جميع أنحاء الأرض المتنازع عليها. هذه التنازلات قدمتها منظمة التحرير الفلسطينية بعد أن طُردت من بيروت في 1982 ووصلت إلى حالة من العجز المطلق في تونس. لقد سمحوا لمنظمة التحرير الفلسطينية العودة إلى النشاط السياسي ولكن و على الرغم من أننا يمكن أن نفهم يأسهم لدى مغادرة تونس ، إلا أننا نتساءل هل قدم ذلك كثيرا من الخير للفلسطينيين الذين يعيشون في إسرائيل / فلسطين.
وصلت منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها أساسا أجنبية مستوردة و شكلت نفسها بوصفها الطبقة الحاكمة وإلى حد كبير برعاية العدو الإسرائيلي. لقد سيطروا من خلال المحسوبيات ، التي أصبحت حافزا للتعاون مع الإسرائيليين ، وأوكلت إليهم مهمة مراقبة منطقة المصالح الأمنية الإسرائيلية. كل ذلك كان وصفه للفساد ، للتوتر المجتمعي , ولانتصار حماس, باعتبارها الممثل الشرعي للمصلحة الفلسطينية المحلية.
2 اللجوء إلى أسلوب معين في الحرب :التفجيرات الانتحارية خصوصا عندما تكون موجهة ضد أهداف مدنيه. وأقول الحرب بدلا من الإرهاب لأنني اعتبر الحرب و الإرهاب مترادفتين . الضالع في الحرب ضالع في الإرهاب. هل نقبل أو نرفض قضيتهم أو أسلوب من أساليب الإرهاب التي يستخدمونها فذلك أمر آخر. يمكن تعريف الإرهاب بأنه الحرب التي نرفضها لسبب أو لآخر (ربما لأنها موجهة ضدنا).
الحرب التي أجرتها حماس ، والجهاد الإسلامي وكتائب الأقصى ساهمت بقدر- و ربما أكثر من سياسة التعاطي مع أوسلو- في الغيتو -. معظم الناس اللذين سيقرؤون هذا الكتيب على الأرجح لن يوافقوا على السياسة الإسرائيلية المتمثلة في إغلاق الضفة الغربية على الفلسطينيين خلف الجدار العازل ، ولكن واحدا من الجوانب المحبطة بعمق هو أن هذه السياسة قد لاقت دعما من الإسرائيليين. إن أيا من الأحزاب الرئيسية في الانتخابات الأخيرة لم يعارضها . لماذا؟ ليس لأنها أدت إلى تخفيض الأراضي المتاحة لتشكل الدولة الفلسطينية ولكن لأنها تعمل على تحسين الوضع الأمني داخل إسرائيل.
في مرحلة من المراحل بدا التفجير الانتحاري كأنه تكتيك لا يمكن أن يُهزم. وكان هناك بعض الارتياح حتى في صفوف الفلسطينيين المعتدلين إن نسبة الوفاة بين الفلسطينيين والإسرائيليين تغيرت من 10:1 إلى ما يقارب 3:1. التأثير على الاقتصاد الإسرائيلي ، وخاصة السياحة ، كان مدمرا. ولكن الجدار قد هزمه . و بعد اغتيال الشيخ احمد ياسين هددت حماس بانتقام دموي . ولكنهم بدلا من ذلك أعلنوا هدنة من جانب واحد ووجهوا اهتمامهم إلى السياسة.
لم تعد الأمهات الإسرائيليات يقلقن في كل مرة يرغب أبنائهن في الذهاب إلى" ستاربكس" المحلي .إنهن سعيدات وممتنات للغاية . ومن المؤكد أن الجدار يلحق بالسكان الفلسطينيين معانة لا تقارن بالنسبة إلى المعاناة التي ألحقتها حركة حماس بالسكان اليهود ولكن هذا لا يعتبر في إسرائيل مسألة عدالة ولكنها ببساطة حالة من الدفاع عن النفس.
في 1984 - احتج 400,000اسرائيلياً على المجازر في مخيمات صبرا وشاتيلا. ولكن الرأي العام الإسرائيلي الآن متوحد في دعم الجدار. وهذه هي النتيجة الرئيسية لسياسة التفجيرات الانتحارية .
نحو حركة للمطالبة بالحقوق المدنية:
الفلسطينيون لم يكونوا من القوة كما كانوا خلال فترة الانتفاضة الأولى عندما كانت السلاح الظاهر "يافعون يرمون الحجارة". لقد كان التعاطف مع القضية الفلسطينية ، سواء على الصعيد الدولي أو حتى في إسرائيل نفسها ، غير مسبوق . ولكن المطالب التي طرحتها الانتفاضة لم تكن واضحة. كانت تبدو كأنها حركة حقوق مدنيه ولكن لأنها لم تكن كذلك ، من حيث المبدأ ، المطالبة بحقوق المواطنين داخل النظام السياسي الإسرائيلي ، وكان من الصعب معرفة ما يمكن تقديمه من تنازلات. المطلب الرئيسي كان في واقع الأمر أن على إسرائيل أن تتفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية وهذا ما فعلته إسرائيل في نهاية المطاف ، وأقول ، لقد كانت تلك نتيجة كارثيه. إذ أن ذلك ما أدى إلى اتفاق أوسلو.
ولكن رغم أنني أقول أن أوسلو خدمت المصلحة الإسرائيلية ، فان عودة منظمة التحرير الفلسطينية لا زالت راديكالية جدا ومحفوفة بالمخاطر الإستراتيجية. وهي تشير إلى أي مدى اهتزت المؤسسة الإسرائيلية .
الانتفاضة الأولى كانت فرصة ضائعة. قوتها العظيمة كانت كونها بدت كما لو أنها حركة للمطالبة بالحقوق المدنية. وهو ما أدعو إليه : إطلاق حقيقي لحركة حقيقية للمطالبة بالحقوق المدنية.
وبدلا من المطالبة بالانسحاب الإسرائيلي والفصل , فأن هذه الحركة يمكن أن تقبل حقيقة السيادة الإسرائيلية على كامل الأراضي من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط. ومن شأنها أن نعترف بأن الحكومة الإسرائيلية هي الحكومة الوحيدة والفاعلة والمكنة في المنطقة ، وتطالب هذه الحكومة أن تتحمل المسئولية عن رفاه جميع السكان الذين يعيشون في المنطقة التي تسيطر عليها.
مثل هذا الموقف لا ينطوي على اعتراف رسمي بدولة إسرائيل - مثل هذا الاعتراف يمكن أن يكون مشروطا بتنفيذ كامل الحقوق المدنية والديمقراطية. حتى أنها لن تنطوي بالضرورة على التخلي عن خيار إقامة دولة فلسطينية منفصلة. الحجة سيكون أنه ما دام الإسرائيليون يرفضون السماح بقيام حكومة فلسطينية ديمقراطية وفاعلة ، فإن عليه أن يأخذوا على عاتقهم مسؤوليات هذه الحكومة.
هذه الحركة بهذه المطالب سيتعين عليها نبذ العنف ولكنها لن تكون ملزمة على الإطلاق بتحمل مسؤولية مراقبة المنطقة في الجهة المعارضة و لأولئك الذين سوف يستمرون مع الحرب. علاقاتها بالجماعات المسلحة ستشبه علاقة حركة الحقوق المدنية الايرلندية الشمالية أو SPLD مع الحكومة الايرلندية.
حركة الحقوق المدنية الايرلندية ضمت العديد من القوميين اللذين يعارضون من حيث المبدأ وجود دولة ايرلندا الشمالية. وكانوا قادرين تماما على تقديم مطالب من هذه الدولة دون أن يعترفوا بشرعيتها.
الضم الآن!
شخصياً أكاد أذهب إلى حد القول أن الضم الفعلي لكامل الأراضي سيكون في مصلحة الفلسطينيين ، شريطة بالطبع أن لا يكون مصحوبا بالتطهير العرقي. الصهاينة أنفسهم ,والى حد كبير جدا ,على وعي بأخطار مشروع الضم هذا . لقد درج الموقف التقليدي الصهيوني إلى الرغبة في توسيع الأراضي التي تقع تحت سيطرتهم ، إلى أقصى حد ممكن ، شاملا ليس فقط الضفة الغربية وقطاع غزة ولكن أيضا العبور إلى الأردن أو إلى الوراء حيث سيناء. التطور الرئيسي في السياسة الصهيونية على مدى السنوات الخمس الماضية كان اعتراف شارون أن ذلك التوسع من شأنه أن يحدث زيادة هائلة في القوة الديموغرافية للسكان غير اليهود في الدولة اليهودية .
ومن الصعب تصور أن هذا الأمر لم يخطر ببال شارون بل ويمكن للمرء أن يفترض انه تخيل شكلا من أشكال التطهير العرقي ، ويبدو من الصعب علينا مقاومه التفكير بان السياسة الحالية في الإغلاق على السكان الفلسطينيين كقطعان الماشية في البانتوستانات المنفصلة تمثل شكلا من أشكال التطهير العرقي بوسائل أخرى.
ذلك هو ما يعنيه حل الدولتين .
شعار دولة واحدة سيكون : دولة ديمقراطيه واحدة من النهر إلى البحر مع الحقوق المتساوية لجميع مواطنيها. وعلى حد تعبير معلق صحيفة نيويورك تيمز ، توماس فريدمان : حسنا ، ما سيحدث عندما لا يوجد إي حل: هو أن إسرائيل ستستمر في السيطرة على الضفة الغربية ، وقطاع غزة ، والقدس الشرقية. وبحلول سنة 2010 ، سيكون هناك عرب يعيشون في تلك المناطق أكثر من اليهود وعندما يحدث ذلك ، فان الفلسطينيين لن يطالبوا بقيام دولتين ؛ سيسعدهم حين إذن المطالبة بصوت واحد لكل شخص . وإذا كنت تظن انه من الصعب بالنسبة للإسرائيليين ، أو اليهود الأمريكيين للدفاع عن إسرائيل داخل حرم الكليات الآن ، فانتظر اليوم الذي سنتجادل فيه حول قضية " صوت واحد لكل شخص" .
كلمة من ادوارد سعيد:
أود أن انهي حديثي ببعض الملاحظات من الراحل ادوارد سعيد ، المعروف جيدا باعتباره مؤرخ أدبي ، و مؤلف الدراسة المؤثرة والمثيرة للجدل ، الاستشراق,. كان سعيد عضوا مستقلا في المجلس الوطني الفلسطيني ، البرلمان ، و الذي أنشئ في العام 1964. وطوال حياته ، كان ناقدا شرسا للتيار الرئيسي المؤثر في السياسات الفلسطينية وخاصة لقيادة ياسر عرفات. حتى التسعينات اتهم الفلسطينيين بايلاء قليل من الاهتمام إلى واقع وجود عدد هائل من الإسرائيليين ، وبرغبتهم في إزاحتهم من الوجود . وفى ذلك الوقت دعا إلى حل الدولتين وعلى وجه الخصوص إلى الاعتراف بإسرائيل. وبدا من الممكن لل المجتمع الدولي أن يسميه معتدلاً . ولكن في التسعينات قال انه يعارض اتفاق أوسلو ، بحجه انه قد باع قضية اللاجئين الفلسطينيين بلا ثمن وفشل في معالجة قضية المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وقطاع غزة ، ومن ثم فشل في تهيئة الظروف اللازمة لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. تحول ادوارد سعيد بعد ذلك إلى دعم حل الدولة الواحدة كما عرضتها هنا. عندها بدا في نظر العالم " متطرفاً"
هذا الاقتباس من مقال كتبه في 2001 ,بعد زيارة قام بها إلى جنوب إفريقيا. وهو يوضح فيه سبب أن النضال الفلسطيني لم يستحوذ على خيال العالم على غرار ما فعله المؤتمر الوطني الإفريقي ، وقال انه يفكر في عبارة صفعته في كلمة نيلسون مانديلا الذي قال: حركة مناهضه الفصل العنصري كانت وسيلة بالنسبة لنا جميعا لتأكيد إنسانيتنا المشتركة".
جميعا ، وقال انه يقصد ، البيض الموالون للفصل العنصري ,.

اقتبس من مقاله :
بعد عودة حركة التحرير الفلسطينية الأصيلة إلى الظهور أواخر الستينات ، فان الشعوب التي عانت من نير الاستعمار سابقا في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية تبنت النضال الفلسطيني ، ولكن و بصفة رئيسية ، كان التوازن الاستراتيجي في مصلحة إسرائيل بما لا يقارن ؛ كانت تتلقى دعما غير المشروط من الولايات المتحدة ($ 5 بليون دولار من المساعدات السنوية) ، الغرب ، ووسائل الإعلام ، والثقافة الليبرالية ، ومعظم الحكومات كانت مع الجانب الإسرائيلي. ولأسباب معروفة جيدا لا مجال لذكرها هنا ، فان البيئة الرسمية العربية كانت إما معاديه علنا أو فاترة في معظم دعمها اللفظي و المالي.
ومع ذلك ، ولأن ، التحول الأهداف الاستراتيجيه لمنظمة التحرير الفلسطينية كان يخيم عليه دائما الأعمال الإرهابية العبثية ، ولم تكن قط موجهة بوضوح أو ببلاغة ، ولأن سياق الخطاب الثقافي الراجح في الغرب كان إما غير معروف أو يساء فهمه من جانب واضعي السياسات الفلسطينية والمثقفين ، لم نكن قادرين أبدا على المطالبة الأخلاقية العالية القيمة على نحو فعّال. الإعلام الإسرائيلي يمكنه دائما أن يلجأ إلى (أو يستغل ) الهولوكوست إضافة إلى سياسة الإرهاب الفلسطيني الغير مدروسة والسيئة التوقيت ، وبالتالي تحييد أو حجب رسالتنا ، كما نريدها .
نحن أبدا لم نركز كشعب على النضال الثقافي في الغرب (والذي أدرك حزب المؤتمر الوطني الإفريقي في وقت مبكر انه المفتاح لتقويض نظام الفصل العنصري) ونحن ببساطة لا نبرز في إنسانية ، وعلى نحو متسق النهب والتمييز الهائل الموجة ضدنا من قبل إسرائيل. معظم مشاهدي التلفزيون اليوم لا فكرة لديهم عن عنصرية إسرائيل وسياسات الأرض ، أو السلب ، أو التعذيب ، أو الحرمان المنهجي للفلسطينيين لمجرد أنهم ليسو يهوداً. و باعتباره من مواطني جنوب أفريقيا السود كتب مراسل واحدة من الصحف المحلية هنا بينما كان في زيارة إلى غزة : الفصل العنصري ، لم يكن أبدا بوحشية ولا -إنسانية الصهيونية : التطهير العرقي ، و الاهانات اليومية ، والعقوبات الجماعية على نطاق واسع ، وتخصيص الأراضي ، الخ. ، الخ.

ولكن ، حتى هذه الحقائق ، والمعروف أنها كانت أفضل سلاح في المعركة على القيم بين الصهيونية والفلسطينيين ، لم تكن كافية. ما لم نركز عليه بما فيه الكفاية هو حقيقة مواجهة الاقصائية الصهيونية ، وسيتعين علينا أن نوفر حلا لهذا الصراع بطريقة ، كما في العبارة الثانية لمانديلا ، من شأنها تأكيد إنسانيتنا المشتركة ، كيهود وعرب . معظمنا لا يزال لا يستطيع أن يقبل فكرة أن اليهود الإسرائيليين موجودون هنا ليبقوا ، وأنهم لن يذهبوا ، تماما كالفلسطينيين اللذين لن يغادروا . هذا المفهوم من الصعب جدا أن يقبل به الفلسطينيون ، لأنها ما زالوا في مرحلة فقدان أراضيهم ، ويتعرضون للاضطهاد بشكل يومي.
ولكن ، مع مشروعنا غير المسئول وغير الواقعي والمتمثل : بأنهم سيجبرون على المغادرة (مثل الصليبيين), والذي لم يركز ,بما فيه الكفاية, على إنهاء الاحتلال العسكري بوصفه واجبا أخلاقيا أو على توفير شكل من الأمن وتقرير المصير لليهود لا تلغي ما لنا من حقوق . هذا ، وليس الأمل المحال للرئيس الأميركي المتقلب من شأنه أن يعطينا دولة ، التي يجب أن تكون على أساس حملات جماعية في كل مكان. شعبين في أرض واحدة. أو ، المساواة للجميع. أو ، شخص واحد ، صوت واحد. أو ، التأكيد على الإنسانية المشتركة في دولة ثنائية القومية .

**************
محاضرة ألقيت أمام مجموعة بريكون للمناقشات السياسية واللاهوتية في الرابع من ابريل 2006
بيتر بروك
ترجمة : أماني أبو رحمة
هيئة تحرير أجراس العودة

Brooke, Peter "Israel-Palestine: Bankruptcy of the two-state solution" Talk to the Brecon Political and Theological Discussion Group, 4 April 2006, http://web.ukonline.co.uk/pbrooke/bptdg/programmes/0601-/onestate/talk





#أماني_أبو_رحمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بن وايت : حقيقة الدولة الواحدة
- دولتان : حل غير ممكن غير مرغوب
- لماذا لا تملك إسرائيل -حق الوجود- كدولة يهودية
- كل شيئ ممكن ايغال برونر
- مراجعة في كتاب :الاطاحة بالصهيونية
- فلسطين كاملة يوتوبيا أم حل ممكن ؟ غادة كرمي _ متزوجة من رجل ...
- حل الدولة الواحدة- فرجينيا تيللي


المزيد.....




- رئيسة جامعة كولومبيا توجه -رسالة- إلى الطلاب المعتصمين
- أردوغان يشعل جدلا بتدوينة عن بغداد وما وصفها به خلال زيارته ...
- البرازيل تعلن مقتل أو فقدان 4 من مواطنيها المرتزقة في أوكران ...
- مباشر: 200 يوم على حرب بلا هوادة بين إسرائيل وحماس في غزة
- مجلس الشيوخ الأمريكي يقر بأغلبية ساحقة مشروع قانون مساعدات ل ...
- محكمة بريطانية تنظر في طعن يتعلق بتصدير الأسلحة لإسرائيل
- بعد 200 يوم.. تساؤلات حول قدرة إسرائيل على إخراج حماس من غزة ...
- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب


المزيد.....

- -دولتان أم دولة واحدة؟- - مناظرة بين إيلان بابه وأوري أفنيري / رجاء زعبي عمري
- رد عادل سمارة ومسعد عربيد على مداخلة سلامة كيلة حول الدولة ا ... / عادل سمارة ومسعد عربيد
- الدولة الديمقراطية العلمانية والحل الاشتراكي - مناقشة الصديق ... / سلامة كيلة
- مناقشة نقدية في حل -الدولة الديمقراطية العلمانية- / عادل سمارة ومسعد عربيد
- ماركس وحده لا يكفي لكنه ضروري - تعقيب على رد الصديقين عادل و ... / سلامة كيلة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين - أماني أبو رحمة - إسرائيل/فلسطين إفلاس حل الدولتين