أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين - أماني أبو رحمة - حل الدولة الواحدة- فرجينيا تيللي















المزيد.....



حل الدولة الواحدة- فرجينيا تيللي


أماني أبو رحمة

الحوار المتمدن-العدد: 2090 - 2007 / 11 / 5 - 10:38
المحور: ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين
    


ترجمة : د. أماني أبو رحمة
هيئة تحرير أجراس العودة

يوجد أنواع متعددة من الأقليات , فكرة أن الدولة المصرية للمصريين , وان الدولة اليهودية لليهود تتناثر ببساطة في وجه الحقيقة , ما نحتاجه هو إعادة التفكير في الحاضر من خلال التعايش والحدود المفتوحة.
ادوارد سعيد
منذ سنوات عديدة افترض, اغلب المتعاطفين مع الطموحات الوطنية للفلسطينيين أو المتحسسين لاستمرارية الصراع أو ربما للخطورة السياسية التي تحملها الطموحات الوطنية الفلسطينية , إن الحل الدائم للصراع العربي الإسرائيلي يكمن في إقامة دولة فلسطينية في المناطق الضيقة التي لم تمتد إليها سياسة الضم الإسرائيلية , من ما تبقى من أراضي الانتداب البريطاني.
هذا الطرح القديم والثابت للحركة الوطنية الفلسطينية اعتمده مؤخرا الرئيس بيل كلينتون وخلفه جورج بوش.
تكونت السلطة الفلسطينية ذاتها من عملية أوسلو كمشروع كيان ( ما قبل الدولة) . يهدف إلى تشكيل حكومة فلسطينية وبرلمان فلسطيني مستقل كمقدمة للسيادة على دولة منزوعة السلاح مغلقة وغير مستقلة .
حديثاً, تحالف مسئولين فلسطينيين و إسرائيليين في محاولة لبث الروح في حل الدولتين عن طريق اتفاقيات تفصيلية فيما يسمى وثيقة جنيف . كل هذه الجهود أشارت ضمناً أو بوضوح إلى ضرورة إزالة المستوطنات اليهودية وإلا فان الحديث عن دولة فلسطينية متصلة الأراضي سيكون بلا معنى. وفي لحظة من العقد الماضي, أصبح الجانب الأخلاقي الذي ارتكزت علية عملية التسوية مجرد سراب
لقد اقنع الناس وان بصورة فردية كما يقول توني جودت في New York Review of books إن فرص إقامة دولة فلسطينية مستقلة قد انتهت وبلا عودة بسبب الاستيطان في الضفة الغربية وقطاع غزة ولذا فان حل الصراع عن طريق إقامة دولتين فكرة واحتمالات قد قضى عليها الزمن .
موتها الغامض والذي يحرصون على إخفائه عمداً عن طريق الدعاية الإعلامية المتكررة لخطة خارطة الطريق عديمة الجدوى. تدلل دائرة العنف المستمرة في شكل الاغتيالات الإسرائيلية والعمليات التفجيرية الفلسطينية والأوضاع المزرية للمقاومة الفلسطينية وهدم البيوت وأعداد القتلى على أن الصراع لازال سيد الموقف كما كان سابقاً .
ويوما بعد يوم يقوم عمال البناء الإسرائيليون بقضم مساحات من أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة , يرصفون الطرق ويقيمون ألاف الوحدات السكنية الجديدة في تجمعات جيدة التخطيط ويدعي الاستيطان إنها مجرد كرفانات على قمم التلال لحماية المتدينين ولكن ما نلمسه حقيقة هو تقطيع مكثف ينخر بقوة في أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة ويؤوي ما يقارب 200,000 مستوطن إضافة إلى 180,000 مستوطن في القدس الشرقية التي لا يتوقع احد أنها ستُطوع أبدا .
عشرات الآلاف من الشقق والمنازل تخدمها مدارس, أسواق , مسارح , مراكز فنية , مرتبطة بشبكة طرق رئيسية وإمدادات مياه وكهرباء وجدران وأسوار ونظام حماية الأمر الذي جعل الشبكات الاستيطانية غير قابلة للإزالة أو النقل بسبب ضخامة بنيتها التحتية أو بسبب نفسية قاطنيها .
قبل عقد من الزمان , كان بالإمكان لجهد دولي منظم أن يوقف نموها ألان الأمور ذهبت بعيدا , لا شي يقف في وجه توسعها .
إن الضفة الغربية وقطاع غزة محاطا بمستوطنات مأهولة باليهود الإسرائيليين , لا يمكن أن يشكل أرضا وطنية قابلة للحياة ويتبع ذلك انه مالم يحدث تغيرا جذريا في سياسة الاستيطان فان إقامة دولة فلسطينية أمرا غير قابل للتطبيق .
يعتقد جودت بحق أن حل الدولة الواحدة هو الخيار الوحيد أيا كان شكل الدولة (ثنائية القومية أو نقية عرقيا) .
يطرح جودت وعن قناعة تامة أن على إسرائيل أن تواجه ماضيها العتيق المبني على الوطنية العرقية وان تواجه رؤية بديلة للدولة ما بعد الصهيونية . غير أن ذلك من الصعوبة بمكان والبديل , االتراسفير , للفلسطينيين غير معقول ولا يمكن تخيل مدى خطورته.
ليس مدهشا أن حديث جوديت قد أشعل النار خصوصا في أواسط أولئك اللذين يرون في إسرائيل ثنائية القومية خيانة لعهد الوطن القومي لليهود .
ولكن وكما بين جوديت فان هذه الاعتراضات تمزقت تحت ضربات ( الوقائع على الأرض) وبكل الأحوال فان تشابكات وتعقيدات حل الدولة الواحدة يذهب إلى ابعد من كارثة وجود إسرائيل.
إن مستقبل المستوطنات في حل الدولتين يبدو بلا حل على الإطلاق .
نظريا فان هذه المستوطنات بقاطنيها ال 200,000 يمكن استيعابها في الدولة الفلسطينية على أن يحصل قاطنيها على المواطنة الفلسطينية أو الإقامة الدائمة على أراضي الدولة الفلسطينية المستقبلية ولكن بالنظر إلى مدى الفساد الرسمي الفلسطيني , وعاطفة المستوطنين والروابط السياسية والاقتصادية مع إسرائيل فان المواطنة ليست حلا جذريا. إما الإقامة الدائمة فإنها فقط ستعقد الوضع الحالي: أراض فلسطينية غير متصلة ومحاطة بغير مواطنيها !!!!
وكبدائل فانه من الممكن تفكيك المنازل والبنى التحتية واستيعاب اليهود المستوطنين في إسرائيل إلا أن العملية مكلفة ماديا وسياسيا أو تسليم المباني والبنى التحتية للفلسطينيين ربما لاستخدامها لاستيعاب العائدين بينما ينقل اليهود إلى داخل إسرائيل . مرة أخرى أمر مكلف لإسرائيل ماديا وسياسيا
حاولت وثيقة جنيف أن تكون تكثر مرونة في هذا الجانب حيث عملت حول هذين الخيارين : أخلاء بعض المستوطنات وترك أخرى إلا أن أيا من الأطراف المسئولة (إسرائيل , الولايات المتحدة الأمريكية, الاتحاد الأوروبي أو بعض دوله ) كانت ترغب بذلك ولا يتوقع من الحكومة الإسرائيلية الحالية أن تأخذ بأي من هذه المشاريع . المشكلة ليست فقط في شارون الذي أكمل بعنف سيادة إسرائيل على فلسطين الانتدابية والتي كان إكمال شبكة المستوطنات أهم ركائز خطته ولا في أقليات المستوطنين في الضفة الغربية الذين هم من المتعصبين والمدججين بالسلاح واغلبهم من الولايات المتحدة حتى وان كان تأثيرهم السياسي محبطاً, هؤلاء سيقاومون الإخلاء بالقوة حتى لو تم نقلهم تحت شرعية الدولة الإسرائيلية نفسها.
هؤلاء الصهاينة الذين يفهمون السيادة اليهودية على الأرض كحق وواجب في آن معا , مستندين في ذلك إلى سلطة الكتاب المقدس أولا وثانيا إلى واجبهم في توفير الحماية لليهود من تهديد المعادين للسامية عن طريق الحفاظ على الأرض كل الأرض كوطن مقدس لليهود وكنوع من الانتهازية السياسة والإيمان الخلص بهذه المبادئ فان المستوطنين سيلوحون بكليهما ( الحق والواجب) عند أي محاولة لإخلائهم أو نقلهم.
ذلك سيمزق التوافق غير السهل بين العلمانيين والمتدينين في إسرائيل مهددا النسيج السياسي الداخلي ومحطما الحلم الصهيوني بعالم يهودي خالص.
إضافة إلى أن المستوطنين مشتتين .ولمدة عقدين من الزمان وربما أكثر فان مساهمة الحكومات المتعاقبة في مشاريع الاستيطان تجاوزت ما هو ضروري لترويض التطرف .
إن الالتزام الرسمي ببقاء المستوطنات ثابت في كل مؤسسات الحكومة وسياساتها ولا يمكن لأي سياسي منتخب تجاوزه .
عمل شارون ومنذ العام 1984 كوزير للتجارة والصناع ثم وزير للإسكان والبنى التحتية , في مكان يضمن من خلاله تدفق القروض لتبادل المنازل ولصناعة إسرائيلية في المستوطنات
لقد وسع المساهمة الحكومية في تقديم الخدمات والتسهيلات للاستيطان في المناطق . انشأ البنوك والكهرباء وإمدادات المياه وسهل استثمارات القطاع الخاص في الإسكان والبنى التحتية وشجع التعاون الاستراتيجي مع الوكالة اليهودية والمنظمة الصهيونية العالمية في تطوير المستوطنات خصوصا تلك التي تمتد عبر الخط الأخضر.
لقد تورطت كل وزارة حكومية ووكالة في تصميم وبناء Rehan block على سبيل المثال والذي تجاوز الخط الأخضر على طول الحدود الشمالية الشرقية للضفة الغربية.
إن أي محاولة لإعادة توزيع المهام لهذه الوزارات والوكالات لقطع الخدمات أو الإمدادات وإلغاء الحوافز للاستيطان في المناطق يعني تغيير في تركيبتها الأساسية في هيكليتها وسياستها وموظفيها وعملائها وهو جهد فوق طاقة أي سياسي إسرائيلي او أي ائتلاف سياسي ولجعل الأمور أسوأ , أسوء بكثير, فان سياسة إسرائيل الاستيطانية أكثر تعصبا من أي وقت مضى وهي تلتحف بغطاء داعم من الولايات المتحدة الأمريكية من المستبعد أن ينكشف . .
لم تمارس الولايات المتحدة الأمريكية دور صانع السلام الذي وصفت به من المجتمع الدولي القلق, لقد أنهى الدعم الأمريكي الأعمى لأسوا الممارسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين وأخيرا التكرار الساذج لما يدعيه شارون من انه يجب على الفلسطينيين إنهاء العنف أولا أي أمل بتدخل مفيد من جانب الولايات المتحدة الامريكية.
والاستهداف الأخير لهدف أمريكي في قطاع غزة أكد انه وحتى الفلسطينيين المستعدين دائما لتصديق الوعود السياسية باتوا يدركون أن دور واشنطون كوسيط عادل قد تقلص أخيرا.
إن إصرار المجتمع الدولي على اهمية دور الولايات المتحدة كوكيل سلام في المنطقة نابع من الحفاظ على المصالح المشتركة في ظل غياب الدور الأوروبي أو ربما في مصلحة أوروبا عدم اتخاذ خطوات, بينما تردد وبخداع واضح احتمالات حدوث تغير سياسي .
لا يمكن تقليص المشكلة في إطار الرؤية الضيقة ( معاداة السامية) أو المال اليهودي وحتى الإستراتيجية العسكرية الامريكية طويلة الأمد والتي تعتبر إسرائيل حجر الزاوية في تحالفاتها ذلك أن سياسة أمريكية أكثر توازنا من المحتمل أن تحسن ملف الإستراتيجية العسكرية الامريكية .
خلافا لكل ذلك, فان القوة المزمنة المعيقة لآي سياسة أمريكية بناءة هو الكونجرس. حيث الدعم لإسرائيل هو الاتجاه الأعمق نتيجة لضغوط اللوبي الإسرائيلي ومساهمته في الحملات الانتخابية مع المصالح الاقتصادية الأمريكية الخاصة في إسرائيل إضافة إلى اليمين المسيحي المنظم بدعمه الغريب والثابت الألفي لإسرائيل يهودية كعلامة لنهاية العالم وعودة المسيح ..
إن مواقف أعضاء وعضوات الكونغرس يضع المزيد من القيود على السياسة الامريكية الخارجية . هؤلاء اللذين يرددون كأبواق مزاعم اليمين الإسرائيلي ولعدة عقود نجح اللوبي الإسرائيلي في محاصرة الكونغرس بالرواية المحصنة بان اليهود إنما يريدون بناء وطن قومي لهم في رقعة صغيرة على المتوسط ويتعرضون لعدوانية غير مبررة من المسلمين والعرب البرابرة .
ومع أعضاء من كلا الحزبين مشبعين بهذه الفرضيات ومثقلين بالأعباء المالية والانتخابية فان الرئاسة الامريكية مقيدة وبدرجة كبيرة في اتخاذ أي محاولة لإرغام الحكومة الإسرائيلية على تغيير سياسي مكلف ومختلف.
ومثلا فان الدعوة إلى سحب أو تجميد الاستيطان من قبل أي رئيس أمريكي حتى ولو أيده بعض الإسرائيليين سيكون انتحارا سياسيا.
إذا فالولايات المتحدة الأمريكية ليست محايدة وإنما مُحيّدة , و سياستها الإسرائيلية ملتزمة بدعم رفاهية إسرائيل. والحكومة الإسرائيلية تغذي هذا التوجه ولذا فإنها لا تمتلك تأثيرا مستقلا فيما يتعلق بالاستيطان . إن بروز قيادة فلسطينية ملهمة قد يشكل قوة أخلاقية لمواجه السياسة الأمريكية والإسرائيلية إلا أن هذه القيادة لم تتشكل بعد
لقد همشت عملية أوسلو البدائل الفلسطينية حتى تسمح لعرفات وبطانته الفاسدة بالاحتفاظ بالسلطة في الوقت الذي تفتقر فيه لأي التزام بالديمقراطية.
عرفات نفسه كان متشبثا بالسلطة حتى في السنوات الحرجة التي تدهورت فيها صحته ومع ذلك كان لاعبا ماهر ومسيطرا على الأوضاع .
كان بمثابة الجد الهرم الذي لا يسمح لأحد بالاقتراب من أنقاض عرينه ولكنه كان عاجزا عن احتواء التشظي الحاصل في الحركة الوطنية الفلسطينية من مقره المهدم في رام الله,
بعزل عرفات , عملياً على الأقل, تمكنت حكومة شارون من جعله بلا سلطة للتحكم في المسلحين الفلسطينيين ومجموعاتهم المنقسمة وعملياتهم التفجيرية بطريقته القديمة: الدفع والتحايل. ولكنهم تركوه مسئولا ليلوموه عن تصرفات هؤلاء
مأسورا أو طليقا لم يكن عرفات رجل دولة. كان يفتقد إلى الرؤية لبناء امة في مثل هذه الظروف. ولو انه اختار أن يختفي من المشهد بهدوء كما تمنى معظم الفلسطينيين فان غيابة سيترك فراغا سياسيا وهذا ما كان يخشاه الجميع بحق .
لم يكن احد من دائرته الخاصة قادراً على تحقيق الشعور العالي الذي فقد في السنوات الأخيرة لصالح الهجمات المتطرفة , لا قائد بديل . مروان البرغوثي على سبيل المثال لديه كاريزما شعبية قد تساعده في تحقيق الوحدة الوطنية إلا انه أسيرا لدى إسرائيل.
لا احد سيتقدم خطوة ليتحمل المسئولية في هذه المرحلة المتقدمة من الانهيار السياسي هؤلاء اللذين كان من المتوقع أن يغامروا بمثل هذه الخطوة ( محمود عباس واحمد قريع) انسحبوا بسرعة.
ما جنته إسرائيل من غياب عرفات كان قليلا .
كانت فكرة التخلص منه تلح على شارون في جزء كان شارون مشمئزا منه وفي جزء آخر كان يعتقد (وهو الاعتقاد السائد لدى اليمين الإسرائيلي) إن العرب لا يعرفون إلا سياسة الزعيم الأوحد, زعامة شخصية تفرض نفسها على جموع متخلفة تتجه بطبيعتها وثقافتها إلى تقديس السلطة. وعلى هذا الأساس اعتقد شارون أن تغيير الزعامة سيغير سلوك الجماهير وسيضع حدا للرد العنيف على الاحتلال الإسرائيلي.
لا يستطيع اليمين الإسرائيلي أن يصل إلى عمق فكرة أن زعيما عربيا أسيرا لجماهيره وشعبه (وليس العكس )لان ذلك على الأقل يفترض أن الشعوب قد طورت رؤية سياسية واستياءً شعبيا من الاحتلال أنضجته خبرتهم المباشرة مع الاحتلال الذي طردهم من أرضهم وممتلكاتهم لصالح مشروع دولته . أمر يصعب على اليمين الإسرائيلي التعامل معه.
وبعيدا عن إمكانية حدوث تغيير في المواقف الجماهيرية ووضع حد للعمليات داخل إسرائيل , فان غياب عرفات سرع في تفتيت الحالة السياسية الفلسطينية الذي من المرجح أن يزيد من العمليات داخل إسرائيل.
حالة الرعب هذه تناسب شارون وتعطيه الفرصة لان يكثف عملياته العسكرية وان يحتفظ بالمستوطنات كأماكن مقدسة غير منتهكة لمدنيين أبرياء مهددين من البرابرة.
لقد تقسمت الحركة الوطنية الفلسطينية وسقطت في الفوضى.
وعلى الرغم من معرفتهم بفساد عرفات وزمرته وفشله في وضع حد لعدوانية إسرائيل , فان جماعات متطرفة جديدة تتشكل كل أسبوع تلوح باديولوجيات عنف وتقوم بتصرفات صبيانية ضد أهداف أمريكية وإسرائيلية .
حتى فتح , فإنها تعاني من انقسامات حادة , ذلك أن رؤساء الوزراء المتعاقبين وجدوا أنفسهم يواجهون سلطة عرفات التي تهدف إلى تغييرهم أو شلهم.
الصفوة من فتح انضمت إلى أولئك المثقفين الديمقراطيين في العقود الماضية( إبراهيم ابر لغد وادوارد سعيد) ولكنهم كانوا يفتقدون إلى التأثير في مربع السلطة وعلى كل فان الأصوات المسئولة ماتت الآن وتركوا مثقفين من أمثالهم ألا أنهم ليسوا في السلطة أيضا وقد ضعفوا( بالرغم من جهودهم المميزة) بسبب صعود الميليشيات الإسلامية وحالة الانقسام السياسي البطئ.
اقترب شارون من تحقيق حلمه بالسيطرة على فلسطين الانتدابية مع بانتوستانات مغلقة ومزرية غير قابلة للحياة وبحكم ذاتي هزيل , سيتمزق داخلها المجتمع الفلسطيني ببطء.
لكن ذلك أيضاً سيجعله يتحمل وضعاً غير مرغوب فيه . أراضي فيها أكثر من 2 مليون فلسطيني مسلم ومسيحي على درجة عالية من الوعي السياسي بدون دولة حقيقية يفتتون دولة إسرائيل كما فتتت إسرائيل دولتهم القومية
المشكلة إذا قديمة قدم الصراع نفسه.
ماذا سيفعل بالناس إذا كنت تريد الأرض فقط .
الترانسفير القسري من الضفة الغربية عبر الحدود الأردنية سيطلق عنفا غير محدود النطاق في المنطقة وشارون أذكى من أن يقدم على هذه الخطوة مهما بلغ ضغط اليمين عليه .
إذا فسيبقى الفلسطينيون في الأراضي المحدودة مع سلطة حكم ذاتي مقررة لفرض ترتيبات معينة
دولة حقيقية للفلسطينيين لن تكون ضمن هذه الترتيبات أبدا وكما صرح شارون نفسه( اقتصادهم سيبقى متعثرا ومجتمعاتهم ستتيبس تدريجيا إلى آثار قوميات غير ذات علاقة).
لاحظ جودت هذا الحل: قد يناسب الأوضاع في أواخر القرن التاسع عشر أو أوائل القرن العشرين حيث كانت الحركة الصهيونية ذاتها من إفرازات اديولوجيات الاثنية الوطنية، إلا أنها تخالف مبادئ الديمقراطية التي ترتكز عليها إسرائيل الحديثة.
سيادة إسرائيل على الضفة الغربية التي تحولت بونتستانات مغلقة ستشكل معيقات لوجستيه وأخلاقية تمس تماسك إسرائيل وتؤدي من ناحية أخرى إلى استمرار عدم الاستقرار في المنطقة الأمر الذي سيثير الميليشيات المسلحة في العالم العربي والإسلامي الملتزمة دينيا وقوميا بالقضية الفلسطينية.
الحل الوحيد أمام المجتمع الدولي الآن هو أن ينظر إلى حل الدولتين بانفتاح كامل وان يحل العقبات الكثيرة التي تواجه هذا الحل.
المشكلات بالنسبة لإسرائيل متعددة: التناسل عن يهودية الدولة اليهودية لا يتطلب فقط تغيير قوانينها بل يتعارض مع الصهيونية واليمين المسيحي المتسبب في وجود إسرائيل لغاية، هذا ليس جديدا انه صدى لانقسامات الفكر الصهيوني منذ بواكيره الأولى.
لقد طرح حل الدولة الواحدة منذ عقد أو أكثر في وقت كانت المناقشات العاطفية حول الصبغة اليهودية لدولة إسرائيل تتركز حول سؤال ماذا بعد الصهيونية؟ وإذا كان بإمكان إسرائيل أو من الواجب عليها أن تتغير بالطبع ليس المقصود تغيير المؤسسات العامة التي تمثل بقوة الطابع اليهودي القومي الدائم ولكن على مستوى أساسي أن يتمتع اليهود بحرية قومية وأمنية على أساس متساوي مع كافة المواطنين، لن نبالغ إذا تحدثنا عن مدى الخوف والأسى والحزن والعنف الذي ساد هذه المناقشات حول مستقبل إسرائيل أو عن الشعور بالخوف من المستقبل المجهول والمرارة والإقصاء الذي فجره الحديث عن دولة علمانية لكل مواطنيها.
يقول جودت إذا ما قبل الفلسطينيون والإسرائيليون بكل خلفياتهم القومية والدينية الاشتراك في دولة واحدة تضمن تساويهم فإن على الرؤية الما بعد صهيونية أن تستوعب الفلسطيني بعيدا عن الصورة القومية.
الصيغة الرسمية لدولة ثنائية قومية عرفت اليهود والفلسطينيين كثنائية تنافسية وأعطت حجما هائلا لرهاب الديمغرافيه الفلسطينية ووضعت موضع التساؤل السيطرة اليهودية على القومية الفلسطينية عذرا لتجنب السيطرة الفلسطينية على القومية اليهودية.
التحدي أمام الدولة الواحدة هو إيجاد طريق سياسي للتحول من التنافسية القومية إلى الدولة الديمقراطية العلمانية التي ستحافظ على دور إسرائيل كدولة لليهود ولكنها ستفكك الامتيازات العنصرية الممنوحة لهم والتي تحول المواطنين غير اليهود الى مواطنين من الدرجة الثانية.
اولويات المشكلة للفلسطينين ستكون مختلفة هل طموحهم في الحقيقة هو دولة علمانية مرتكزه على سيادة كامله على الارض _ النموذج الذي طرح بواسطه وطنيين ومثقفين مثل ادوارد سعيد _ ام هل يفضلون دوله قومية او قومية دينية مرتكزة على العروبة او/و الاسلام بلا مقومات من أي نوع كما هو حاصل في غزة الآن.
نقاش من هذا النوع ليس غريبا كما وانه يائس إلى حد كبير, إضافة إلى أن الناس قد يصدقون قيادتهم التي ربما ترحب بالفكرة شريطه أن الحقوق المتساوية في المواطنة في الدولة الواحدة المستقبلية تمنح لهذه القيادات امتيازات خاصة .
غير أن عدم توفر ضمانات للقيادات بذلك قد يكون عقبة أساسية أمام قبولهم للفكرة.
القيادة الفلسطينية قد تقاوم هذا العرض لأنه في الدولة الواحدة فإن كل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية سوف تذوب في مؤسسات الدولة الواحدة وأحزابها السياسية.
المقربين من عرفات أو منافسيهم سيخسرون الكثير من مصادر سلطتهم الاقتصادية والسياسية نتيجة لهذا التغيير.
فتح مثلا تستمد قوتها الاقتصادية من الأعمال التجارية الفلسطينية وتفضح مواقفها السياسية عشقها لمصالحها وللثروة، لقد طمح المسئولون في فتح إلى دولة مستقلة يحصلون فيها على مراكز متميزة قريبه من السلطة المركزية وهؤلاء تضخمت ثرواتهم من عوائد التجارة مع إسرائيل التي جلبها لهم السلام المصطنع وحلموا بان يحصلوا على دولة فلسطينية منفصلة مهما كانت ضعيفة ومعتمده على الآخرين.
الاستيعاب أيضا مشكلة ستواجهها إسرائيل فقد يتطلب الأمر تقريب أناس أو إبعاد آخرين من السلطة في الحكومة المستقبلية والميليشيا الإسلامية المسلحة التي رأت في الصهيونية واليهود عدوها الدائم قد تحتاج إلى معاملة خاصة.
المشهد يبدو باردا غير سيطرة الإسلاميين المسلحة حديثة وهي في الواقع هشة أكثر مما يبدو.
التأثير الأكبر لدولة واحدة يبدو في انه قد يخفف التوتر الإقليمي والمحلي بإنهاء الاحتلال العسكري، توحيد الأرض ومشاركة الفلسطينيين في السيادة على أرضهم التاريخية سيمنحهم تمثيلا أوسع وحقوقا في الملكية وعدالة وحرية في الصحافة في ظل نظام ديمقراطي كان قصرا على اليهود حتى الآن ولكنه كان مثالا عبر كثر من الفلسطينيين عن إعجابهم به ورغبتهم في تقليده.
لن يحل ذلك كل النزاعات الضجيج حول الحرم الشريف وجبل الهيكل سيستمر ولكن تحت مظلة الديمقراطية.
هذا الحل سيساعد إسرائيل على كسب احترام المجموعة الدولية ويبعد القضية الفلسطينية شبح المحرك للعنف الإسلامي والعربي أو صورة التطرف في كل أنحاء العالم.
وباعتبار أن حل الدولتين يعد فقط بمزيد من المتاعب وفشله سيكون بحق المحرك لما سبق ذكره من عنف وتطرف وإرهاب، فإن حل الدولة الواحدة هو الحل الوحيد الذي يتوجب على المجتمع الدولي من ألان أن يحتفل به ويوليه الاهتمام.
إسرائيل تواجه هذا التناقض داخل حدودها حتى بالنسبة للعرب الموجودين فيها فإن نظام القوانين الذي يحمي الدولة اليهودية متفق على أن يكون غير عادل وعلى المدى الطويل فانه لن يوفر الاستقرار، ويتبع ذلك انه في دولة ديمقراطيه علمانية فإن مفهوم الدولة اليهودية (وبوضوح مدى القومية اليهودية)يجب أن يتغير جذريا.
الحقوق الوطنية والامتيازات يجب أن تضمن لكل المواطنين هذه الامتيازات المقصورة الآن على اليهود عن طريق ربطها بالخدمة العسكرية أو بطريقة غير مباشرة بقانون العودة.
مثل قروض الإسكان وقروض التعليم والوظيفة العامة وغيرها.
يجب أن يتغير ذلك وان يعاد توزيع الموارد.
93% من الأراضي في إسرائيل مملوكة لليهود فقط أو لاستخدامات اليهود ذلك أيضا يجب أن يتغير.
الإسكان يجب ينتزع من كونه حكرا على اليهود وطبيعة (لليهود فقط) التي تصبغ المستوطنات يجب أن تنتهي والى الأبد.
الدور القديم للوكالة اليهودية التي تدير الموارد والامتيازات لليهود في إسرائيل يجب أن يعاد تقييمه، الانتخابات والتمثيل في الكنيسيت يجب ان يتغير حتى يسمح لمنافسات تشريعية على قاعدة المساواة العرقية.
تغيير القانون الاساسي او وضع دستور مدني علماني يطمئن اليهود على حياتهم وحقوقهم ويمنحهم الهالة القدسية العتيقة التي ربما يرغبون في الاحتفاظ بها ولكن بالتساوي مع الاخرين بحيث يمنح الدستور حقوقا متساويه للمسلمين والمسيحيين وحتى للادينيين، هذا التغيير قد يتطلب سنوات من النقاش والنضال في ظل الغياب المطلق لاراده سياسية محلية ودولية.
لجان ثقة وربما عفو عام يمكن أن يساهم في تجاوز الكراهية والعنف ولكن وكما بعد أي صراع طويل فان العملية ستستغرق أجيالا.

فرجينيا تيللي: أكاديمية وناشطة سياسية , تعمل حاليا في مركز الدراسات السياسية في جوهانسبيرغ . مؤلف كتاب الدولة الواحدة فسحة سلام للصراع الفلسطيني الإسرائيلي المغلق

حل الدولة الواحدة

فرجينيا تيللي
ترجمة : د. أماني أبو رحمة
هيئة تحرير أجراس العودة

يوجد أنواع متعددة من الأقليات , فكرة أن الدولة المصرية للمصريين , وان الدولة اليهودية لليهود تتناثر ببساطة في وجه الحقيقة , ما نحتاجه هو إعادة التفكير في الحاضر من خلال التعايش والحدود المفتوحة.
ادوارد سعيد

منذ سنوات عديدة افترض, اغلب المتعاطفين مع الطموحات الوطنية للفلسطينيين أو المتحسسين لاستمرارية الصراع أو ربما للخطورة السياسية التي تحملها الطموحات الوطنية الفلسطينية , إن الحل الدائم للصراع العربي الإسرائيلي يكمن في إقامة دولة فلسطينية في المناطق الضيقة التي لم تمتد إليها سياسة الضم الإسرائيلية , من ما تبقى من أراضي الانتداب البريطاني.
هذا الطرح القديم والثابت للحركة الوطنية الفلسطينية اعتمده مؤخرا الرئيس بيل كلينتون وخلفه جورج بوش.
تكونت السلطة الفلسطينية ذاتها من عملية أوسلو كمشروع كيان ( ما قبل الدولة) . يهدف إلى تشكيل حكومة فلسطينية وبرلمان فلسطيني مستقل كمقدمة للسيادة على دولة منزوعة السلاح مغلقة وغير مستقلة .
حديثاً, تحالف مسئولين فلسطينيين و إسرائيليين في محاولة لبث الروح في حل الدولتين عن طريق اتفاقيات تفصيلية فيما يسمى وثيقة جنيف . كل هذه الجهود أشارت ضمناً أو بوضوح إلى ضرورة إزالة المستوطنات اليهودية وإلا فان الحديث عن دولة فلسطينية متصلة الأراضي سيكون بلا معنى. وفي لحظة من العقد الماضي, أصبح الجانب الأخلاقي الذي ارتكزت علية عملية التسوية مجرد سراب
لقد اقنع الناس وان بصورة فردية كما يقول توني جودت في New York Review of books إن فرص إقامة دولة فلسطينية مستقلة قد انتهت وبلا عودة بسبب الاستيطان في الضفة الغربية وقطاع غزة ولذا فان حل الصراع عن طريق إقامة دولتين فكرة واحتمالات قد قضى عليها الزمن .
موتها الغامض والذي يحرصون على إخفائه عمداً عن طريق الدعاية الإعلامية المتكررة لخطة خارطة الطريق عديمة الجدوى. تدلل دائرة العنف المستمرة في شكل الاغتيالات الإسرائيلية والعمليات التفجيرية الفلسطينية والأوضاع المزرية للمقاومة الفلسطينية وهدم البيوت وأعداد القتلى على أن الصراع لازال سيد الموقف كما كان سابقاً .
ويوما بعد يوم يقوم عمال البناء الإسرائيليون بقضم مساحات من أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة , يرصفون الطرق ويقيمون ألاف الوحدات السكنية الجديدة في تجمعات جيدة التخطيط ويدعي الاستيطان إنها مجرد كرفانات على قمم التلال لحماية المتدينين ولكن ما نلمسه حقيقة هو تقطيع مكثف ينخر بقوة في أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة ويؤوي ما يقارب 200,000 مستوطن إضافة إلى 180,000 مستوطن في القدس الشرقية التي لا يتوقع احد أنها ستُطوع أبدا .
عشرات الآلاف من الشقق والمنازل تخدمها مدارس, أسواق , مسارح , مراكز فنية , مرتبطة بشبكة طرق رئيسية وإمدادات مياه وكهرباء وجدران وأسوار ونظام حماية الأمر الذي جعل الشبكات الاستيطانية غير قابلة للإزالة أو النقل بسبب ضخامة بنيتها التحتية أو بسبب نفسية قاطنيها .
قبل عقد من الزمان , كان بالإمكان لجهد دولي منظم أن يوقف نموها ألان الأمور ذهبت بعيدا , لا شي يقف في وجه توسعها .
إن الضفة الغربية وقطاع غزة محاطا بمستوطنات مأهولة باليهود الإسرائيليين , لا يمكن أن يشكل أرضا وطنية قابلة للحياة ويتبع ذلك انه مالم يحدث تغيرا جذريا في سياسة الاستيطان فان إقامة دولة فلسطينية أمرا غير قابل للتطبيق .
يعتقد جودت بحق أن حل الدولة الواحدة هو الخيار الوحيد أيا كان شكل الدولة (ثنائية القومية أو نقية عرقيا) .
يطرح جودت وعن قناعة تامة أن على إسرائيل أن تواجه ماضيها العتيق المبني على الوطنية العرقية وان تواجه رؤية بديلة للدولة ما بعد الصهيونية . غير أن ذلك من الصعوبة بمكان والبديل , االتراسفير , للفلسطينيين غير معقول ولا يمكن تخيل مدى خطورته.
ليس مدهشا أن حديث جوديت قد أشعل النار خصوصا في أواسط أولئك اللذين يرون في إسرائيل ثنائية القومية خيانة لعهد الوطن القومي لليهود .
ولكن وكما بين جوديت فان هذه الاعتراضات تمزقت تحت ضربات ( الوقائع على الأرض) وبكل الأحوال فان تشابكات وتعقيدات حل الدولة الواحدة يذهب إلى ابعد من كارثة وجود إسرائيل.
إن مستقبل المستوطنات في حل الدولتين يبدو بلا حل على الإطلاق .
نظريا فان هذه المستوطنات بقاطنيها ال 200,000 يمكن استيعابها في الدولة الفلسطينية على أن يحصل قاطنيها على المواطنة الفلسطينية أو الإقامة الدائمة على أراضي الدولة الفلسطينية المستقبلية ولكن بالنظر إلى مدى الفساد الرسمي الفلسطيني , وعاطفة المستوطنين والروابط السياسية والاقتصادية مع إسرائيل فان المواطنة ليست حلا جذريا. إما الإقامة الدائمة فإنها فقط ستعقد الوضع الحالي: أراض فلسطينية غير متصلة ومحاطة بغير مواطنيها !!!!
وكبدائل فانه من الممكن تفكيك المنازل والبنى التحتية واستيعاب اليهود المستوطنين في إسرائيل إلا أن العملية مكلفة ماديا وسياسيا أو تسليم المباني والبنى التحتية للفلسطينيين ربما لاستخدامها لاستيعاب العائدين بينما ينقل اليهود إلى داخل إسرائيل . مرة أخرى أمر مكلف لإسرائيل ماديا وسياسيا
حاولت وثيقة جنيف أن تكون تكثر مرونة في هذا الجانب حيث عملت حول هذين الخيارين : أخلاء بعض المستوطنات وترك أخرى إلا أن أيا من الأطراف المسئولة (إسرائيل , الولايات المتحدة الأمريكية, الاتحاد الأوروبي أو بعض دوله ) كانت ترغب بذلك ولا يتوقع من الحكومة الإسرائيلية الحالية أن تأخذ بأي من هذه المشاريع . المشكلة ليست فقط في شارون الذي أكمل بعنف سيادة إسرائيل على فلسطين الانتدابية والتي كان إكمال شبكة المستوطنات أهم ركائز خطته ولا في أقليات المستوطنين في الضفة الغربية الذين هم من المتعصبين والمدججين بالسلاح واغلبهم من الولايات المتحدة حتى وان كان تأثيرهم السياسي محبطاً, هؤلاء سيقاومون الإخلاء بالقوة حتى لو تم نقلهم تحت شرعية الدولة الإسرائيلية نفسها.
هؤلاء الصهاينة الذين يفهمون السيادة اليهودية على الأرض كحق وواجب في آن معا , مستندين في ذلك إلى سلطة الكتاب المقدس أولا وثانيا إلى واجبهم في توفير الحماية لليهود من تهديد المعادين للسامية عن طريق الحفاظ على الأرض كل الأرض كوطن مقدس لليهود وكنوع من الانتهازية السياسة والإيمان الخلص بهذه المبادئ فان المستوطنين سيلوحون بكليهما ( الحق والواجب) عند أي محاولة لإخلائهم أو نقلهم.
ذلك سيمزق التوافق غير السهل بين العلمانيين والمتدينين في إسرائيل مهددا النسيج السياسي الداخلي ومحطما الحلم الصهيوني بعالم يهودي خالص.
إضافة إلى أن المستوطنين مشتتين .ولمدة عقدين من الزمان وربما أكثر فان مساهمة الحكومات المتعاقبة في مشاريع الاستيطان تجاوزت ما هو ضروري لترويض التطرف .
إن الالتزام الرسمي ببقاء المستوطنات ثابت في كل مؤسسات الحكومة وسياساتها ولا يمكن لأي سياسي منتخب تجاوزه .
عمل شارون ومنذ العام 1984 كوزير للتجارة والصناع ثم وزير للإسكان والبنى التحتية , في مكان يضمن من خلاله تدفق القروض لتبادل المنازل ولصناعة إسرائيلية في المستوطنات
لقد وسع المساهمة الحكومية في تقديم الخدمات والتسهيلات للاستيطان في المناطق . انشأ البنوك والكهرباء وإمدادات المياه وسهل استثمارات القطاع الخاص في الإسكان والبنى التحتية وشجع التعاون الاستراتيجي مع الوكالة اليهودية والمنظمة الصهيونية العالمية في تطوير المستوطنات خصوصا تلك التي تمتد عبر الخط الأخضر.
لقد تورطت كل وزارة حكومية ووكالة في تصميم وبناء Rehan block على سبيل المثال والذي تجاوز الخط الأخضر على طول الحدود الشمالية الشرقية للضفة الغربية.
إن أي محاولة لإعادة توزيع المهام لهذه الوزارات والوكالات لقطع الخدمات أو الإمدادات وإلغاء الحوافز للاستيطان في المناطق يعني تغيير في تركيبتها الأساسية في هيكليتها وسياستها وموظفيها وعملائها وهو جهد فوق طاقة أي سياسي إسرائيلي او أي ائتلاف سياسي ولجعل الأمور أسوأ , أسوء بكثير, فان سياسة إسرائيل الاستيطانية أكثر تعصبا من أي وقت مضى وهي تلتحف بغطاء داعم من الولايات المتحدة الأمريكية من المستبعد أن ينكشف . .
لم تمارس الولايات المتحدة الأمريكية دور صانع السلام الذي وصفت به من المجتمع الدولي القلق, لقد أنهى الدعم الأمريكي الأعمى لأسوا الممارسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين وأخيرا التكرار الساذج لما يدعيه شارون من انه يجب على الفلسطينيين إنهاء العنف أولا أي أمل بتدخل مفيد من جانب الولايات المتحدة الامريكية.
والاستهداف الأخير لهدف أمريكي في قطاع غزة أكد انه وحتى الفلسطينيين المستعدين دائما لتصديق الوعود السياسية باتوا يدركون أن دور واشنطون كوسيط عادل قد تقلص أخيرا.
إن إصرار المجتمع الدولي على اهمية دور الولايات المتحدة كوكيل سلام في المنطقة نابع من الحفاظ على المصالح المشتركة في ظل غياب الدور الأوروبي أو ربما في مصلحة أوروبا عدم اتخاذ خطوات, بينما تردد وبخداع واضح احتمالات حدوث تغير سياسي .
لا يمكن تقليص المشكلة في إطار الرؤية الضيقة ( معاداة السامية) أو المال اليهودي وحتى الإستراتيجية العسكرية الامريكية طويلة الأمد والتي تعتبر إسرائيل حجر الزاوية في تحالفاتها ذلك أن سياسة أمريكية أكثر توازنا من المحتمل أن تحسن ملف الإستراتيجية العسكرية الامريكية .
خلافا لكل ذلك, فان القوة المزمنة المعيقة لآي سياسة أمريكية بناءة هو الكونجرس. حيث الدعم لإسرائيل هو الاتجاه الأعمق نتيجة لضغوط اللوبي الإسرائيلي ومساهمته في الحملات الانتخابية مع المصالح الاقتصادية الأمريكية الخاصة في إسرائيل إضافة إلى اليمين المسيحي المنظم بدعمه الغريب والثابت الألفي لإسرائيل يهودية كعلامة لنهاية العالم وعودة المسيح ..
إن مواقف أعضاء وعضوات الكونغرس يضع المزيد من القيود على السياسة الامريكية الخارجية . هؤلاء اللذين يرددون كأبواق مزاعم اليمين الإسرائيلي ولعدة عقود نجح اللوبي الإسرائيلي في محاصرة الكونغرس بالرواية المحصنة بان اليهود إنما يريدون بناء وطن قومي لهم في رقعة صغيرة على المتوسط ويتعرضون لعدوانية غير مبررة من المسلمين والعرب البرابرة .
ومع أعضاء من كلا الحزبين مشبعين بهذه الفرضيات ومثقلين بالأعباء المالية والانتخابية فان الرئاسة الامريكية مقيدة وبدرجة كبيرة في اتخاذ أي محاولة لإرغام الحكومة الإسرائيلية على تغيير سياسي مكلف ومختلف.
ومثلا فان الدعوة إلى سحب أو تجميد الاستيطان من قبل أي رئيس أمريكي حتى ولو أيده بعض الإسرائيليين سيكون انتحارا سياسيا.
إذا فالولايات المتحدة الأمريكية ليست محايدة وإنما مُحيّدة , و سياستها الإسرائيلية ملتزمة بدعم رفاهية إسرائيل. والحكومة الإسرائيلية تغذي هذا التوجه ولذا فإنها لا تمتلك تأثيرا مستقلا فيما يتعلق بالاستيطان . إن بروز قيادة فلسطينية ملهمة قد يشكل قوة أخلاقية لمواجه السياسة الأمريكية والإسرائيلية إلا أن هذه القيادة لم تتشكل بعد
لقد همشت عملية أوسلو البدائل الفلسطينية حتى تسمح لعرفات وبطانته الفاسدة بالاحتفاظ بالسلطة في الوقت الذي تفتقر فيه لأي التزام بالديمقراطية.
عرفات نفسه كان متشبثا بالسلطة حتى في السنوات الحرجة التي تدهورت فيها صحته ومع ذلك كان لاعبا ماهر ومسيطرا على الأوضاع .
كان بمثابة الجد الهرم الذي لا يسمح لأحد بالاقتراب من أنقاض عرينه ولكنه كان عاجزا عن احتواء التشظي الحاصل في الحركة الوطنية الفلسطينية من مقره المهدم في رام الله,
بعزل عرفات , عملياً على الأقل, تمكنت حكومة شارون من جعله بلا سلطة للتحكم في المسلحين الفلسطينيين ومجموعاتهم المنقسمة وعملياتهم التفجيرية بطريقته القديمة: الدفع والتحايل. ولكنهم تركوه مسئولا ليلوموه عن تصرفات هؤلاء
مأسورا أو طليقا لم يكن عرفات رجل دولة. كان يفتقد إلى الرؤية لبناء امة في مثل هذه الظروف. ولو انه اختار أن يختفي من المشهد بهدوء كما تمنى معظم الفلسطينيين فان غيابة سيترك فراغا سياسيا وهذا ما كان يخشاه الجميع بحق .
لم يكن احد من دائرته الخاصة قادراً على تحقيق الشعور العالي الذي فقد في السنوات الأخيرة لصالح الهجمات المتطرفة , لا قائد بديل . مروان البرغوثي على سبيل المثال لديه كاريزما شعبية قد تساعده في تحقيق الوحدة الوطنية إلا انه أسيرا لدى إسرائيل.
لا احد سيتقدم خطوة ليتحمل المسئولية في هذه المرحلة المتقدمة من الانهيار السياسي هؤلاء اللذين كان من المتوقع أن يغامروا بمثل هذه الخطوة ( محمود عباس واحمد قريع) انسحبوا بسرعة.
ما جنته إسرائيل من غياب عرفات كان قليلا .
كانت فكرة التخلص منه تلح على شارون في جزء كان شارون مشمئزا منه وفي جزء آخر كان يعتقد (وهو الاعتقاد السائد لدى اليمين الإسرائيلي) إن العرب لا يعرفون إلا سياسة الزعيم الأوحد, زعامة شخصية تفرض نفسها على جموع متخلفة تتجه بطبيعتها وثقافتها إلى تقديس السلطة. وعلى هذا الأساس اعتقد شارون أن تغيير الزعامة سيغير سلوك الجماهير وسيضع حدا للرد العنيف على الاحتلال الإسرائيلي.
لا يستطيع اليمين الإسرائيلي أن يصل إلى عمق فكرة أن زعيما عربيا أسيرا لجماهيره وشعبه (وليس العكس )لان ذلك على الأقل يفترض أن الشعوب قد طورت رؤية سياسية واستياءً شعبيا من الاحتلال أنضجته خبرتهم المباشرة مع الاحتلال الذي طردهم من أرضهم وممتلكاتهم لصالح مشروع دولته . أمر يصعب على اليمين الإسرائيلي التعامل معه.
وبعيدا عن إمكانية حدوث تغيير في المواقف الجماهيرية ووضع حد للعمليات داخل إسرائيل , فان غياب عرفات سرع في تفتيت الحالة السياسية الفلسطينية الذي من المرجح أن يزيد من العمليات داخل إسرائيل.
حالة الرعب هذه تناسب شارون وتعطيه الفرصة لان يكثف عملياته العسكرية وان يحتفظ بالمستوطنات كأماكن مقدسة غير منتهكة لمدنيين أبرياء مهددين من البرابرة.
لقد تقسمت الحركة الوطنية الفلسطينية وسقطت في الفوضى.
وعلى الرغم من معرفتهم بفساد عرفات وزمرته وفشله في وضع حد لعدوانية إسرائيل , فان جماعات متطرفة جديدة تتشكل كل أسبوع تلوح باديولوجيات عنف وتقوم بتصرفات صبيانية ضد أهداف أمريكية وإسرائيلية .
حتى فتح , فإنها تعاني من انقسامات حادة , ذلك أن رؤساء الوزراء المتعاقبين وجدوا أنفسهم يواجهون سلطة عرفات التي تهدف إلى تغييرهم أو شلهم.
الصفوة من فتح انضمت إلى أولئك المثقفين الديمقراطيين في العقود الماضية( إبراهيم ابر لغد وادوارد سعيد) ولكنهم كانوا يفتقدون إلى التأثير في مربع السلطة وعلى كل فان الأصوات المسئولة ماتت الآن وتركوا مثقفين من أمثالهم ألا أنهم ليسوا في السلطة أيضا وقد ضعفوا( بالرغم من جهودهم المميزة) بسبب صعود الميليشيات الإسلامية وحالة الانقسام السياسي البطئ.
اقترب شارون من تحقيق حلمه بالسيطرة على فلسطين الانتدابية مع بانتوستانات مغلقة ومزرية غير قابلة للحياة وبحكم ذاتي هزيل , سيتمزق داخلها المجتمع الفلسطيني ببطء.
لكن ذلك أيضاً سيجعله يتحمل وضعاً غير مرغوب فيه . أراضي فيها أكثر من 2 مليون فلسطيني مسلم ومسيحي على درجة عالية من الوعي السياسي بدون دولة حقيقية يفتتون دولة إسرائيل كما فتتت إسرائيل دولتهم القومية
المشكلة إذا قديمة قدم الصراع نفسه.
ماذا سيفعل بالناس إذا كنت تريد الأرض فقط .
الترانسفير القسري من الضفة الغربية عبر الحدود الأردنية سيطلق عنفا غير محدود النطاق في المنطقة وشارون أذكى من أن يقدم على هذه الخطوة مهما بلغ ضغط اليمين عليه .
إذا فسيبقى الفلسطينيون في الأراضي المحدودة مع سلطة حكم ذاتي مقررة لفرض ترتيبات معينة
دولة حقيقية للفلسطينيين لن تكون ضمن هذه الترتيبات أبدا وكما صرح شارون نفسه( اقتصادهم سيبقى متعثرا ومجتمعاتهم ستتيبس تدريجيا إلى آثار قوميات غير ذات علاقة).
لاحظ جودت هذا الحل: قد يناسب الأوضاع في أواخر القرن التاسع عشر أو أوائل القرن العشرين حيث كانت الحركة الصهيونية ذاتها من إفرازات اديولوجيات الاثنية الوطنية، إلا أنها تخالف مبادئ الديمقراطية التي ترتكز عليها إسرائيل الحديثة.
سيادة إسرائيل على الضفة الغربية التي تحولت بونتستانات مغلقة ستشكل معيقات لوجستيه وأخلاقية تمس تماسك إسرائيل وتؤدي من ناحية أخرى إلى استمرار عدم الاستقرار في المنطقة الأمر الذي سيثير الميليشيات المسلحة في العالم العربي والإسلامي الملتزمة دينيا وقوميا بالقضية الفلسطينية.
الحل الوحيد أمام المجتمع الدولي الآن هو أن ينظر إلى حل الدولتين بانفتاح كامل وان يحل العقبات الكثيرة التي تواجه هذا الحل.
المشكلات بالنسبة لإسرائيل متعددة: التناسل عن يهودية الدولة اليهودية لا يتطلب فقط تغيير قوانينها بل يتعارض مع الصهيونية واليمين المسيحي المتسبب في وجود إسرائيل لغاية، هذا ليس جديدا انه صدى لانقسامات الفكر الصهيوني منذ بواكيره الأولى.
لقد طرح حل الدولة الواحدة منذ عقد أو أكثر في وقت كانت المناقشات العاطفية حول الصبغة اليهودية لدولة إسرائيل تتركز حول سؤال ماذا بعد الصهيونية؟ وإذا كان بإمكان إسرائيل أو من الواجب عليها أن تتغير بالطبع ليس المقصود تغيير المؤسسات العامة التي تمثل بقوة الطابع اليهودي القومي الدائم ولكن على مستوى أساسي أن يتمتع اليهود بحرية قومية وأمنية على أساس متساوي مع كافة المواطنين، لن نبالغ إذا تحدثنا عن مدى الخوف والأسى والحزن والعنف الذي ساد هذه المناقشات حول مستقبل إسرائيل أو عن الشعور بالخوف من المستقبل المجهول والمرارة والإقصاء الذي فجره الحديث عن دولة علمانية لكل مواطنيها.
يقول جودت إذا ما قبل الفلسطينيون والإسرائيليون بكل خلفياتهم القومية والدينية الاشتراك في دولة واحدة تضمن تساويهم فإن على الرؤية الما بعد صهيونية أن تستوعب الفلسطيني بعيدا عن الصورة القومية.
الصيغة الرسمية لدولة ثنائية قومية عرفت اليهود والفلسطينيين كثنائية تنافسية وأعطت حجما هائلا لرهاب الديمغرافيه الفلسطينية ووضعت موضع التساؤل السيطرة اليهودية على القومية الفلسطينية عذرا لتجنب السيطرة الفلسطينية على القومية اليهودية.
التحدي أمام الدولة الواحدة هو إيجاد طريق سياسي للتحول من التنافسية القومية إلى الدولة الديمقراطية العلمانية التي ستحافظ على دور إسرائيل كدولة لليهود ولكنها ستفكك الامتيازات العنصرية الممنوحة لهم والتي تحول المواطنين غير اليهود الى مواطنين من الدرجة الثانية.
اولويات المشكلة للفلسطينين ستكون مختلفة هل طموحهم في الحقيقة هو دولة علمانية مرتكزه على سيادة كامله على الارض _ النموذج الذي طرح بواسطه وطنيين ومثقفين مثل ادوارد سعيد _ ام هل يفضلون دوله قومية او قومية دينية مرتكزة على العروبة او/و الاسلام بلا مقومات من أي نوع كما هو حاصل في غزة الآن.
نقاش من هذا النوع ليس غريبا كما وانه يائس إلى حد كبير, إضافة إلى أن الناس قد يصدقون قيادتهم التي ربما ترحب بالفكرة شريطه أن الحقوق المتساوية في المواطنة في الدولة الواحدة المستقبلية تمنح لهذه القيادات امتيازات خاصة .
غير أن عدم توفر ضمانات للقيادات بذلك قد يكون عقبة أساسية أمام قبولهم للفكرة.
القيادة الفلسطينية قد تقاوم هذا العرض لأنه في الدولة الواحدة فإن كل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية سوف تذوب في مؤسسات الدولة الواحدة وأحزابها السياسية.
المقربين من عرفات أو منافسيهم سيخسرون الكثير من مصادر سلطتهم الاقتصادية والسياسية نتيجة لهذا التغيير.
فتح مثلا تستمد قوتها الاقتصادية من الأعمال التجارية الفلسطينية وتفضح مواقفها السياسية عشقها لمصالحها وللثروة، لقد طمح المسئولون في فتح إلى دولة مستقلة يحصلون فيها على مراكز متميزة قريبه من السلطة المركزية وهؤلاء تضخمت ثرواتهم من عوائد التجارة مع إسرائيل التي جلبها لهم السلام المصطنع وحلموا بان يحصلوا على دولة فلسطينية منفصلة مهما كانت ضعيفة ومعتمده على الآخرين.
الاستيعاب أيضا مشكلة ستواجهها إسرائيل فقد يتطلب الأمر تقريب أناس أو إبعاد آخرين من السلطة في الحكومة المستقبلية والميليشيا الإسلامية المسلحة التي رأت في الصهيونية واليهود عدوها الدائم قد تحتاج إلى معاملة خاصة.
المشهد يبدو باردا غير سيطرة الإسلاميين المسلحة حديثة وهي في الواقع هشة أكثر مما يبدو.
التأثير الأكبر لدولة واحدة يبدو في انه قد يخفف التوتر الإقليمي والمحلي بإنهاء الاحتلال العسكري، توحيد الأرض ومشاركة الفلسطينيين في السيادة على أرضهم التاريخية سيمنحهم تمثيلا أوسع وحقوقا في الملكية وعدالة وحرية في الصحافة في ظل نظام ديمقراطي كان قصرا على اليهود حتى الآن ولكنه كان مثالا عبر كثر من الفلسطينيين عن إعجابهم به ورغبتهم في تقليده.
لن يحل ذلك كل النزاعات الضجيج حول الحرم الشريف وجبل الهيكل سيستمر ولكن تحت مظلة الديمقراطية.
هذا الحل سيساعد إسرائيل على كسب احترام المجموعة الدولية ويبعد القضية الفلسطينية شبح المحرك للعنف الإسلامي والعربي أو صورة التطرف في كل أنحاء العالم.
وباعتبار أن حل الدولتين يعد فقط بمزيد من المتاعب وفشله سيكون بحق المحرك لما سبق ذكره من عنف وتطرف وإرهاب، فإن حل الدولة الواحدة هو الحل الوحيد الذي يتوجب على المجتمع الدولي من ألان أن يحتفل به ويوليه الاهتمام.
إسرائيل تواجه هذا التناقض داخل حدودها حتى بالنسبة للعرب الموجودين فيها فإن نظام القوانين الذي يحمي الدولة اليهودية متفق على أن يكون غير عادل وعلى المدى الطويل فانه لن يوفر الاستقرار، ويتبع ذلك انه في دولة ديمقراطيه علمانية فإن مفهوم الدولة اليهودية (وبوضوح مدى القومية اليهودية)يجب أن يتغير جذريا.
الحقوق الوطنية والامتيازات يجب أن تضمن لكل المواطنين هذه الامتيازات المقصورة الآن على اليهود عن طريق ربطها بالخدمة العسكرية أو بطريقة غير مباشرة بقانون العودة.
مثل قروض الإسكان وقروض التعليم والوظيفة العامة وغيرها.
يجب أن يتغير ذلك وان يعاد توزيع الموارد.
93% من الأراضي في إسرائيل مملوكة لليهود فقط أو لاستخدامات اليهود ذلك أيضا يجب أن يتغير.
الإسكان يجب ينتزع من كونه حكرا على اليهود وطبيعة (لليهود فقط) التي تصبغ المستوطنات يجب أن تنتهي والى الأبد.
الدور القديم للوكالة اليهودية التي تدير الموارد والامتيازات لليهود في إسرائيل يجب أن يعاد تقييمه، الانتخابات والتمثيل في الكنيسيت يجب ان يتغير حتى يسمح لمنافسات تشريعية على قاعدة المساواة العرقية.
تغيير القانون الاساسي او وضع دستور مدني علماني يطمئن اليهود على حياتهم وحقوقهم ويمنحهم الهالة القدسية العتيقة التي ربما يرغبون في الاحتفاظ بها ولكن بالتساوي مع الاخرين بحيث يمنح الدستور حقوقا متساويه للمسلمين والمسيحيين وحتى للادينيين، هذا التغيير قد يتطلب سنوات من النقاش والنضال في ظل الغياب المطلق لاراده سياسية محلية ودولية.
لجان ثقة وربما عفو عام يمكن أن يساهم في تجاوز الكراهية والعنف ولكن وكما بعد أي صراع طويل فان العملية ستستغرق أجيالا.

فرجينيا تيللي: أكاديمية وناشطة سياسية , تعمل حاليا في مركز الدراسات السياسية في جوهانسبيرغ . مؤلف كتاب الدولة الواحدة فسحة سلام للصراع الفلسطيني الإسرائيلي المغلق



#أماني_أبو_رحمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- -دولتان أم دولة واحدة؟- - مناظرة بين إيلان بابه وأوري أفنيري / رجاء زعبي عمري
- رد عادل سمارة ومسعد عربيد على مداخلة سلامة كيلة حول الدولة ا ... / عادل سمارة ومسعد عربيد
- الدولة الديمقراطية العلمانية والحل الاشتراكي - مناقشة الصديق ... / سلامة كيلة
- مناقشة نقدية في حل -الدولة الديمقراطية العلمانية- / عادل سمارة ومسعد عربيد
- ماركس وحده لا يكفي لكنه ضروري - تعقيب على رد الصديقين عادل و ... / سلامة كيلة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين - أماني أبو رحمة - حل الدولة الواحدة- فرجينيا تيللي