أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فواز حسن الخالتي - اغتيال














المزيد.....

اغتيال


فواز حسن الخالتي

الحوار المتمدن-العدد: 2114 - 2007 / 11 / 29 - 10:13
المحور: الادب والفن
    


عاد إلى المنزل مسرعا وعلامات الغبطة والسرور مرسومة على قسمات وجهه المرهق والفرح يكاد يخفي أوجاع السنين القاسية في ظل بحثه اللا مجدي عن عمل يتسلح به للقضاء على وباع الفقر الذي شاطره أيامه منذ نعومة أظافره وبات اليوم يتلاعب بإخوانه المشردين في شوارع البلد القانط في برميل بارود يطلق شرا, وبطونهم تأبى الصمود أمام انتظار أية قطعة طعام تنقلها أفواههم الجافة.
عاد ابن السبعة عشر خريفا,ذاك الشقي المرح في طفولته والمثقل بالأوجاع في بواكير شبابه الضائع تحت قسوة الزمن ومابين النهضة والركود في مجتمعه اللامستقر.وعندما دخل المنزل استقبلته أمه بغضب وانفعال وعلامات الخوف تسرح بين تجاعيد وجهها المتعب ظنا انه عاد خائبا كالعادة, ولكنه فاجأها وادخل البهجة أعماقها عندما اخبرها عن حصوله على عمل يعود ليبني من خلاله الأسرة المشتتة, ومع ذلك بدأت نبضات قلبها تتسارع والقلق يسبح في فضاء حسها خوفا من أن يأخذ معه طعاما للعمل وجلّ ما لديهم لا يكفي للأيام القليلة القادمة .
استيقظ أبيه وخمر الأمس لازال يتلاعب بتوازنه وبدا يصب اللعنات على زوجته وأولاده كالمعتاد,فامتعض الابن وندد بتصرفات والده اللا إنسانية والذي لم يفكر يوما في محاربة الجوع الذي بات سجناً مؤبداً لأولاده الحالمين بالمدارس وهم على أكوام القمامة راضخين لمشيئة الفقر مدركين تماما انه القاتل الأقوى لأحلام الإنسان والمبعثر الأكبر لأيامه ومن لا يتحلى بالشجاعة ولا يستطيع تنظيم أيامه فان وجوده كالعدم.
وبعد لحظات من خروج أبيه من المنزل سمع صيحات تتعالى في الزقاق فركض مسرعا إذ بابيه يتشاجر مع صاحب الدكان القريب من منزلهم ,لما وصل استقبله صاحب الدكان شاكيا من تراكم ديون والده ,فاعترى صوته رنة الحزن والأسى والدموع تغمر عينيه الممتلئة بالشكوى من أبيه الخامد والذي قضى عمره بالاتكال على الغير دون التفكير يوما بمصارعة الذل الذي يعتريه بعدما بات الضمير مدفونا في تابوت الملذات القاطن في مقبرة غرائزه الموحشة متناسيا العاطفة الإنسانية تجاه زوجته الحية الميتة ,ووعد صاحب الدكان بتسديد دينه المستحق ومحذرا إياه من أن يعطي أباه قطرة خمر واحدة, أنهى حديثه واتجه نحو منزل صديقه ليودعه, وحين التقاؤه به سأله الصديق عن ماهية عمله ؟ فلم يجب بل اكتفى بطلب الاعتناء بوالدته وإخوته في غيابه.
ومع حلول موعد المغيب جلس على سطح المنزل وراح يتأمل في الأفق البعيد يقلب صفحات الماضي السوداء وهو يودعها ساخرا منها راسما مستقبل ابيض في دائرة إدراكه ناشرا ابتسامات جذابة في الهواء الطلق لأنه في الغد القريب سينجي من المال ما يجعله قادرا على تمزيق تلك الصفحات الموجعة قاتلا المأساة العائلية.
وفي الساعة السادسة من الصباح التالي ودع والدته وذهب إلى العمل , لم تمض سوى ساعات تسع حتى أرعبت طيور القرية أصوات الرصاصات المتطايرة في الجو. فخرج الناس والفضول يكاد يقفز من نظراتهم إذ بمجموعة من أفراد الشرطة يحملون على أكتافهم تابوتا متجهين نحو منزل الشاب...؟!






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودة سبارتاكوس


المزيد.....




- مقتل المشرفة الموسيقية السابقة في برنامج -American Idol- وزو ...
- أيقونات من رماد الحرب.. فنان أوكراني يحوّل صناديق الذخيرة إل ...
- إطلاق جائزة فلسطين العالمية للشعر في ختام مهرجان ميديين الدو ...
- رئيس الممثلية الألمانية لدى السلطة في مقابلة مع -القدس- قبل ...
- جدل في أوروبا بعد دعوة -فنان بوتين- إلى مهرجان موسيقي في الج ...
- -المدينة ذات الأسوار الغامضة- رحلة موراكامي إلى الحدود الضبا ...
- مسرحية ترامب المذهلة
- مسرحية كوميدية عن العراق تعرض على مسارح شيكاغو
- بغداد تمنح 30 مليون دينار لـ 6 أفلام صنعها الشباب
- كيف عمّق فيلم -الحراس الخالدون 2- أزمة أبطاله بدلا من إنقاذه ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فواز حسن الخالتي - اغتيال