أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين - في الذكرى 86 لوعد بلفور المشؤوم لمحة موجزة عن جذور المأساة الفلسطينية وجذور الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي















المزيد.....


في الذكرى 86 لوعد بلفور المشؤوم لمحة موجزة عن جذور المأساة الفلسطينية وجذور الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي


الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

الحوار المتمدن-العدد: 650 - 2003 / 11 / 12 - 01:37
المحور: القضية الفلسطينية
    


أغرب ما في هذا العالم، أن الشعب الفلسطيني هو الشعب الوحيد من بين شعوب العالم قاطبة، الذي لم يتحقق مصيره بعد، فما زال هذا الشعب، ومنذ ما يزيد عن نصف قرن يعاني من استلاب ومصادرة هويته وحقوقه الوطنية، على يد احتلال استيطاني ـ إجلائي وحيد لا نظير له في العالم المعاصر.
إن جذر القضية الوطنية الفلسطينية يعود نتيجة للغزوة الاستيطانية الاستعمارية الصهيونية للأراضي الفلسطينية، وما ترتب عليها من إجلاء وترحيل وتهجير ثلثي أبناء الشعب الفلسطيني، وطرد الجزء الأكبر منهم خارج وطنهم إلى البلدان العربية المحيطة بفلسطين، الأردن، لبنان، سوريا، مصر، العراق، وقيام دولة إسرائيل وإعلانها في 15 أيار 1948 على 78% من أراضي فلسطين التاريخية، دولة تعلن عن نفسها عملياً وبالممارسة، أنها خطوة على طريق تجسيد المشروع الصهيوني وإسرائيل الكبرى، وطناً يهودياً مغلقاً لكل يهود العالم، وقيام هذه الدولة في 4 حزيران عام 1967 بحرب استباقية، واحتلالها ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، وأجزاء أخرى من المنطقة العربية، سيناء المصرية، والجولان السورية.
إن عملية الاقتلاع والتبديد القومي التي تعرض لها الشعب الفلسطيني، وما رافقها من اغتصاب وتهويد لوطنه، هي الشكل المميز من أشكال الاضطهاد والاستلاب الذي يعانيه هذا الشعب، والذي يشكل جوهر أزمته وقضيته الوطنية، الأساس السياسي للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، الذي صدرت بموجبه جملة من القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن، والجمعية العامة للأمم المتحدة وعديد المشاريع من الحلول والتسويات التي بقيت جميعها حبراً على ورق، لا بل تفاقم هذا الصراع إلى مزيد من التعقيد، وازداد حدة وعنفاً، جراء طبيعة المشروع الصهيوني، ومنطق استخدام القوة فيه وسياسة الإنكار. والتنكر للحقوق الوطنية الفلسطينية، والنزوع الاستيطاني ومصادرة الأرض وإدارة الظهر لقرارات الشرعية لدولية والمجتمع الدولي والرأي العام العالمي، وجراء ما لاقته الحركة الصهيونية، ودولة إسرائيل من دعم وإسناد وحماية من القوى الاستعمارية، وفي المقدمة منها بريطانيا العظمى سابقاً، وفي الراهن الولايات المتحدة الأمريكية، التي تحولت هذه في ظل العولمة المتوحشة، وانتهاء الحرب الباردة إلى قوة عظمى وحيدة. وبعد كارثة 11 أيلول/ سبتمبر 2001 إلى قوة عدوانية غاشمة بإعلانها الحرب الكونية على ما يسمى بالإرهاب، على ما تضمره من أهداف ودوافع ذات طبيعة سياسية واقتصادية واستراتيجية تحقق لها مزيداً من الهيمنة والسيطرة.
يحتل السياق التاريخي لمسار القضية الوطنية الفلسطينية أهمية، طالما بقي الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي وما زال، دونما حل وتشوبه الكثير من الملابسات والتكتيكات والمناورات السياسية، وخلط الأوراق على يد الحركة الصهيونية منذ إعلان نشأتها في مؤتمرها الصهيوني الأول الذي انعقد في مدينة بال السويسرية عام 1897، ولاحقاً على يد دولة إسرائيل التي هي التعبير السياسي للمشروع الصهيوني وحكوماتها المتعاقبة منذ عام 1948 التي تصر على ما يبدو أن تبقى الاحتلال الوحيد الباقي في هذا العالم الذي تخطى في الستينات والسبعينات من القرن المنصرم الظاهرة الاستعمارية والطبائع الاستيطانية.
الشرق الأوسط، وفلسطين في القلب منه، بما يمثله تاريخياً من مكانه دينية وروحية وثقافية للديانات الثلاث المسيحية والإسلامية واليهودية، وبما يحتله من موقع استراتيجي (ملتقى القارات الثلاث)، وبما يحويه من غنى وتنوع في الموارد الطبيعية الأساسية والهامة (النفط والغاز وغيرهما)، وبما تشكله المنطقة من قوة شرائية واستهلاكية وسوق مفتوحة. لهذه المزايا والسمات مجتمعة كان الشرق الأوسط تاريخياً محط أنظار واهتمام القوى الرأسمالية والاستعمارية، ومسرحاً لشتى الحروب والصراعات والأطماع، تلاقت فيه مصالح الحركة الصهيونية وإدعاءاتها الميثولوجية ـ والإيديولوجية مع مصالح الاستعمار، وخصوصاً بريطانيا العظمى في ذلك الحين التي احتلت في الحرب العالمية الأولى من ضمن ما احتلته فلسطين، تولد عن هذا التلاقي في المصالح بين الحركة الصهيونية وبريطانيا إعلان وعد بلفوز "المنسوب إلى وزير خارجية بريطانيا" في الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر 1917، القاضي بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، مجسداً هذا الوعد مقولة عطاء من لا يحق له، لمن لا يستحق، متجاوزاً هذا الإعلان وهذا الوعد حقيقة مادية ملموسة وحية ـ حقيقة وجود الشعب الفلسطيني ووطنه فلسطين ـ نقيض الإدعاء الصهيوني القائل فلسطين أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض "المقصود اليهود" وما شكله هذا الوعد من بداية لرحلة الظلم التاريخي الذي وقع بحق الشعب الفلسطيني، ومسلسل العدوان والاحتلال والزحف الاستيطاني اليهودي، والزعم الصهيوني بقانون عودة اليهود إلى فلسطين أرض الآباء والأجداد، والذي يستند هذا الزعم ويقوم بخلفيته على الميثولوجيا التوراتية، والتوراة التي تدعي حقاً لليهود في فلسطين بقوة الوعد الإلهي، ووعد رب اليهود الذي وعدهم فيه قبل ما يزيد عن الثلاثة آلاف سنة.
هب الشعب الفلسطيني بكل قواه، وبكل الوسائل المتاحة له في ظل احتلال بريطاني وغزوه استيطانية يهودية، رافضاً مقاوماً وعد بلفور، وقام بتحركات جماهيرية واسعة، وبثورات وانتفاضات عدة، من أبرزها هبة القدس، وثورة يافا عام 1920، وثورة عام 1929، والثورة الفلسطينية الكبرى 36 ـ 1939 والإعلان الشامل للإضراب والعصيان المدني الذي دام ستة شهور، لكن قوة الاحتلال البريطاني، وقوة الزحف الاستيطاني الصهيوني، وميزان القوى العالمي، وضعف المحيط العربي، حالت جميعها دون تمكن الشعب الفلسطيني من وقف ومنع العمل بوعد بلفور أو إبطال مفاعيله، الأمر الذي مكن بالمقابل الحركة الصهيونية من بناء عشرات المستوطنات والمعسكرات، وارتكاب عشرات المجازر بحق الشعب الفلسطيني، وتحت انظار الاحتلال البريطاني من بينها مجزرة كفر قاسم، دير ياسين، الملاحة، بلد الشيخ، الدوايمة، عيلبون، الصفصاف، قبية … الخ. من هذه المجازر التي راح ضحيتها آلاف الأبرياء الفلسطينيين، والتي أشاعت الفوضى والرعب المقصودان والمخطط لهما، وبالتالي التهجير القسري وطرد لـ 750 ألف فلسطيني (أصبحوا الآن ما يزيد عن الأربعة مليون لاجئ، يتوزعون في مناطق مختلفة في فلسطين، وفي المحيط وفي دول الطوق العربي لفلسطين) وهدم ما يزيد على 435 قرية وبلده فلسطينية في محاولة لمحو آثار الجريمة وشناعة الغزوة الاستيطانية الصهيونية.
شكلت الحركة الصهيونية وإسرائيل صنيعة الانحطاط الأخلاقي للإمبريالية الأداة الوظيفية بما يخدم  أهداف ومصالح حلفاءها الاستعماريين في المنطقة العربية، السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية. والحديث هنا يطول عن الخدمات التي قدمتها الحركة الصهيونية وإسرائيل لكل من بريطانيا ـ ولاحقاً الولايات المتحدة الأمريكية  كأداة ضاربة للاستعمار، وشنها الحروب على مصر 1956 وعلى كل من مصر وسوريا وما تبقى من فلسطين عام 1967، وعلى لبنان وسوريا عام 1982، والكثير الكثير من الاعتداءات بالطيران والعمليات الخاصة والتخريب الأمني والاقتصادي. كل ذلك بغرض إبقاء المنطقة العربية ضعيفة، مجزأة ومجردة من أي مقومات قوة دفاعية، ولتبقى أرضية خصبة للاستعمار والصهيونية، إضافة إلى الوظيفة التي أوكلت بها إسرائيل في المنطقة العربية، فقد اعتمدت الحركة الصهيونية بالممارسة على أعمدة ثلاثة:
الأول: تزييف التاريخ وحقائقه الثابتة على الأرض، وفي الواقع الملموس.
الثاني: التنكر التام لحقيقة وجود الشعب الفلسطيني ـ أرض بلا شعب، وبالتالي لحقوقه الثابتة.
الثالث: سرقة الأرض ومصادرتها، ونشر وتكثيف اخطبوط الاستيطان، وفرض وإملاء سياسة الأمر الواقع.
وإلى ذلك لجأت الحركة الصهيونية في منهاجها إلى كل الوسائل والأساليب والأعمال التي تخدم مشروعها، بما في ذلك تشكيل مجموعات ومنظمات إرهابية اشتهر منها منظمة شتيرن، والهاجانا، وأراغون، وليحى التي لم تكتف هذه بعمليات القتل والنهب والتدمير والتهجير للسكان الأصليين، وارتكاب المجازر بحقهم، بل تعدتها إلى ما هو أوسع إرهابياً، إلى اغتيال شخصيات أجنبية منهم على سبيل المثال لا الحصر "اللورد موين" وزير الدولة البريطاني في عام 1946، واغتيال المندوب السامي للأمم المتحدة الكونت يرنادوت في أيلول 1948، على يد الإرهابي اسحق شامير "رئيس وزراء سابق"، وتفجيرات من أبرزها تفجير فندق الملك داود على من فيه عام 1948 .
وإذا كانت الحركة الصهيونية ومشروعها الذي يرى في اليهود قومية لادينا، قد حقق نتائجاً ووقائع ثابتة وفي الأساس منها، قيام دولة إسرائيل على 78% من الأراضي الفلسطينية، واحتلال ما تبقى من الأرض (حدود عام 1967) وزرعها بالاستيطان  ـ 200 مستوطنة ـ وتهويد القدس العربية، وبناء جدران الفصل العنصري، فإن هذه الحركة قد أشاعت جملة من الأضاليل والروايات التي انطلت في البدء على الرأي العام "الغربي خصوصاً" بدءاً من تصوير الصهيونية وطرحها لنفسها كحركة تحرير وطنية تناضل من أجل عودة اليهود إلى أرض الميعاد، في بحر عربي متخلف ومعادي، مروراً بكون إسرائيل واليهود عموماً ضحية اعتداءات إرهابية، ولرأي عام غربي معادٍ للسامية (وآخر تجلياته الاستفتاء الأخير الذي أجراه الاتحاد الأوروبي الذي أظهر بنسبة 59% أن إسرائيل أكبر دولة تشكل تهديداً للسلام والسلم العالميين). ولأمم متحدة منحازة تلقائياً للفلسطينيين والعرب. وانتهاء بذريعة أمن إسرائيل المهدد والحرب الدفاعية الوجودية التي تدعي إسرائيل خوضها ضد شعب أعزل ومحاصر ومجرد من أي قوة، سوى إرادته السياسية وتصميمه على البقاء، وصموده أمام أشرس وأحط هجمة عنصرية ودموية بلا أي معيار سوى القتل والتدمير وسياسة الإخضاع.
يكفي القول هنا أن إسرائيل هي التي تحتل الأرض وتصادر حقوق وهوية الشعب الفلسطيني، أن إسرائيل وحدها هي من يمتلك في منطقة الشرق الأوسط أسلحة الدمار الشامل (الكيماوية والبيولوجية والنووية) وأرقى التكنولوجيا وآلة الحرب الحديثة. أن إسرائيل هي من عطل كل إمكانية لحلول متوازنة كان الشعب الفلسطيني قد قبلها تلك التي تقوم وتستند أساساً على قرارات الشرعية الدولية الصادرة بشأن الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي. أن إسرائيل نقيض ما تدعيه من ظلم واضطهاد، فهي الجلاد بعينه، وبارعة بممارسة الابتزاز السياسي والمالي لأوروبا وغيرها على خلفية الهولوكست، وتهمة المعاداة للسامية عندها جاهزة تُلقيها في وجه كل من يمارس الانتقاد والإدانة لسياسات وممارسات الاحتلال وإرهاب الدولة الإسرائيلية، إضافة إلى ذلك فإن إسرائيل تجد الدعم والإسناد المادي والمعنوي والحماية من أعظم إمبراطورية في التاريخ المعاصر. الإدارات الأمريكية المتعاقبة التي أبقت إسرائيل فوق الضغوط، وفي إعفاء دائم من الاستحقاقات والالتزامات الدولية القانونية والسياسية والأخلاقية، عبر لجوئها حتى الآن (أي الإدارة الأمريكية) إلى 78 فيتو، ضد قرارات مقدمة إلى مجلس الأمن تمس السياسية الإسرائيلية، حتى تلك التي كان أساسها قتل عدد من موظفي الأمم المتحدة، وتلك ضد الاغتيالات ومصادرة الأراضي والاستيطان وتهويد القدس، وبناء جدار الفصل العنصري الذي قطع أوصال المناطق الفلسطينية المحتلة، وحول المدن والبلدات والمخيمات فيها إلى كانتونات ومعازل هي أقرب إلى السجون لثلاثة ملايين من السكان الفلسطينيين.
لقد عطلت إسرائيل باستمرار بدعم من الإدارات الأمريكية المتعاقبة تنفيذ قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية، تلك التي تضع حداً للصراع العربي/ الفلسطيني ـ الإسرائيلي، حل وسط متوازن يستجيب لمصالح الأطراف كافة كما يراها المجتمع الدولي بغض النظر عن مدى عدالتها أو إنصافها للحقوق الوطنية الفلسطينية، ومن أبرز هذه القرارات:
1 ـ قرار التقسيم الصادر سنة 1947 رقم 181 الذي نص على قيام دولتين يهودية وفلسطينية ضمن حدود آمنة ومعترف بها، هذا القرار لم يرَ النور، حيث عطلت إسرائيل إلى الآن تطبيق هذا القرار الذي يعطي إسرائيل 54% من أراضي فلسطين التاريخية.
2 ـ القرار الدولي رقم 194 الذي نص على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم، هذا القرار الذي رهن قيام إسرائيل والاعتراف بها عضواً في الأمم المتحدة شرطاً لقبولها هذا القرار، التي رأت فيه إسرائيل تهديداً لوجودها ويهوديتها.
3 ـ القرار 242 الذي صدر بعد حرب وعدوان إسرائيل في 4 حزيران عام 1967 واحتلالها ما تبقى من الأراضي الفلسطينية وأجزاء أخرى من المناطق العربية المصرية والسورية، والذي يدعو إسرائيل إلى الانسحاب من هذه الأراضي، وعدم جواز الاستيلاء على هذه الأراضي بالقوة.
4 ـ قرارات 465، 478، 252، والعديد غيرها التي تؤكد عروبة القدس، وتحريم الاستيطان وعدم قانونيته، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وآخرها قرار 1397 الذي يؤكد على قيام الدولة الفلسطينية شرط لأي تسوية للصراع.
ما زاد الأمور تعقيداً قيام الإدارات الأمريكية المتعاقبة بطرح مشاريع وحلول بديلة لقرارات الشرعية الدولية، مشروع روجرز، وساوندر وبروكينغز ومشروع ريغان … الخ، والتي التقت جميعها عملياً مع الطروحات والإملاءات والشروط الإسرائيلية لأي تسوية والتي تتلخص:
1 ـ رفض عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم بأي شكل كان، ومهما كانت الشروط.
2 ـ رفض قيام دولة فلسطينية مستقلة على كامل الأراضي التي احتلتها إسرائيل في 4 حزيران عام 1967، ورفض الانسحاب إلى هذه الحدود.
3 ـ رفض قرارات الشرعية الدولية، وأن أي تسوية ممكنة هي محصلة المفاوضات المباشرة بين الطرفين مع شرط اعتماد الحلول المرحلية الجزئية الطويلة الأمد.
4 ـ جملة من الشروط الأمنية تشترطها، تمس الحقوق وعناصر السيادة الفلسطينية، من نوع لا بد من سيطرة إسرائيلية على الحدود المحاذية للدول العربية، وبناء محطات إنذار مبكر، كما وحرية حركة لقواتها براً وجواً، وأن أي دولة فلسطينية تتقرّر يجب أن تكون مجردة من السلاح وعناصر القوة العسكرية، بمعنى آخر السيادية. 
5 ـ القدس الموحدة، العاصمة الأبدية لإسرائيل.
جرب الفلسطينيون المفاوضات المباشرة والاتفاقات الجزئية المرحلية طويلة الأمد، برعاية أمريكية وخارج الأمم المتحدة وقراراتها، نخص بالذكر هنا، اتفاق أوسلو الظالم وغير المنصف الذي جرى التوقيع عليه في 13 أيلول عام 1993 بين إسرائيل والقيادة المتنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية، هذا الاتفاق الذي جاء كثمرة فاسدة للانتفاضة الفلسطينية الأولى المغدورة الممتدة بين أعوام 1987 ـ 1993، والذي رأت فيه الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة فرصة ثمينة من أجل تحسين صورتها البشعة أمام الرأي العام العالمي، والخلاص من العزلة السياسية التي تعانيها في إطار العلاقات الدولية، ومدخلاً للتطبيع مع الدول العربية، وسبباً يمكن الارتكاز عليه في إثارة التناقضات الفلسطينية ـ الفلسطينية. والأهم من ذلك كله رأت فيه إسرائيل مناخاً مواتياً لفرض المزيد من الوقائع الاستيطانية ومصادرة الأراضي، وفرض سياسة الأمر الواقع.
مع وصول اتفاق أوسلو إلى الطريق المسدود، واتضاح أمر المناورات والتكتيكات الإسرائيلية، ومضمون وأبعاد الرعاية الأمريكية المنحازة بالكامل للطرف الإسرائيلي، انطلقت مرة أخرى في العام 2000 شرارة الانتفاضة الفلسطينية الثانية، التي جاءت كرد فعل شعبي وجماهيري وسياسي على سنوات أوسلو السبعة، وعلى منهج الحلول الجزئية والمرحلية، وعلى كل الحلول التي تنادي بها الإدارة الأمريكية تلك خارج الأمم المتحدة، وقرارات الشرعية الدولية.
مع تزامن مجيء شارون على رأس الحكم في الدولة العبرية، ومجيء إدارة جورج بوش في الولايات المتحدة الأمريكية، ومصادفة وقوع أحداث 11 أيلول عام 2001، وإعلان الإدارة الأمريكية في ضوئها الحرب على الإرهاب. في موازات ذلك تبنت هذه الإدارة "المحافظون الجدد" واليمين السياسي والديني فيها بالكامل، سياسة حكومة شارون اليمينية الأكثر دموية وتطرفاً في الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، حتى أن جورج بوش أخذ بالكامل عالم المفردات والمفاهيم والتصورات الليكودية، التي تنكر على الشعب الفلسطيني حقه المشروع بالمقاومة، الذي تجيزه كل القوانين والشرائع الدولية والدينية كحق من حقوق الإنسان الثابتة، ووسم مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال الإسرائيلي، وإرهاب الدول الصهيوني بالعمل الإرهابي، الأمر الذي فسح في المجال لحكومة شارون بإغلاق كل الأبواب أمام أي آفاق سياسية والقيام بعملية تعبوية تحريضية هيج خلالها الشارع الإسرائيلي وشحنه بالتطرف والتشدد، تمكن خلالها شارون من غرس وتعميم مفاهيم عنصرية في المجتمع الإسرائيلي من نوع أن الحركة الوطنية الفلسطينية هي حركة إرهابية، وأن أي إقرار بالحق الفلسطيني على أنه رضوخ وانتصار للإرهاب، وبالتالي لا حديث مع الفلسطينيين تحت النار، وأن أمن إسرائيل اليهودية التي تخوض حرباً دفاعية وجودية هو الأساس، داعياً بالوقت ذاته جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى النصر على الإرهاب الفلسطيني، وأن يفعل هذا الجيش ما يشاء في سبيل هذا النصر على الفلسطينيين، وإجازة وتشريع كل أساليب وأدوات وأعمال القتل والاستباحة والدمار، ما ولد بالطبع عن هذه السياسة الإسرائيلية دورات من العنف والعنف المضاد واستخدام كل صنوف الأسلحة بما فيها الطيران الحربي والعامودي، ترتب عليها سقوط الآلاف من الخسائر البشرية في صفوف الفلسطينيين، وتهديم شبه كلي للبنية التحتية وعودة الاحتلال إلى مناطق السلطة الفلسطينية، ضارباً عرض الحائط كل الاتفاقات وإفرازات أوسلو (على محدوديتها).
ويبقى أن نقول إن الإرادة السياسية، والنضج السياسي للشعب الفلسطيني، ومقاومته وصموده وتضحياته المشهود لها في مواجهة الصهيونية و"إسرائيل" بدأت تصدع التماسك الظاهري للأفكار والمشاريع الصهيونية ودعاتها الذين باتوا غير قادرين في الدفاع عنها أمام رأي عام أوروبي وغربي بدأ يتنامى ويتسع بأطيافه وتلاوينه (من مناهضو العولمة المتوحشة ومنظمات حقوق إنسان، ومناهضو حروب الإمبريالية وكل الأحرار وقوى التقدم والعدالة والسلام في العالم).
الخلاصة المطلوبة هي بضرورة التسليم بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، شرط الأمن والاستقرار في المنطقة،ولأية تسوية سياسية قابلة للحياة للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي. إن تسوية دائمة للصراع يُحققها فقط حل شامل ومتوازن يقوم على أساس الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي الفلسطينية المحتلة حتى حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967، وقيام دولة فلسطينية غير منقوصة السيادة وعاصمتها القدس العربية المحتلة، وحل مشكلة الشعب الفلسطيني اللاجئ حسب القرار الدولي 194، بدون هذا سيبقى الصراع مفتوحاً، وستبقى المنطقة تدور في مسلسل العنف الذي يتوالد حلقات وفصولاً أكثر عنفاً ومأساوية .
إن زوال الطابع العنصري الاستعماري التوسعي عن دولة إسرائيل هو شرط لازم لخلق واقع جديد يبعث الأمل لشعوب المنطقة، ويخلص الإسرائيليين من عنصريتهم التي هي أحد تجليات الفكر الصهيوني، بعد أن أصبحوا من ضحاياها بتحولهم إلى جلادين للشعوب، ويعيد لهم إنسانيتهم المفقودة التي ألقوا بها خلف ظهورهم منذ أن قرروا تحويل الدين اليهودي إلى قومية، واحتلال فلسطين وتشريد أهلها الشرعيين.

العلاقات الخارجية
للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
6/11/2003



#الجبهة_الديمقراطية_لتحرير_فلسطين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النصر للانتفاضة في عامها الرابع
- استقالة حكومة عباس وتكليف قريع لا ولن تشكل حلاً بين محاور ال ...
- السادة الهيئات الدولية والإقليمية ومنظمات حقوق الإنسان
- حكومة شارون لا تنفذ التزامات الهدنة
- تصريح صحافي حول لقاء وفد الديمقراطية مع الوفد المصري
- لا يمكن استمرار الهدنة من جانب واحد
- مباحثات رسمية لوفد - الديمقراطية- في القاهرة
- حكومة شارون -تكسر الهدنة- وتعود لسياسة الاغتيال وإعادة الاحت ...
- الديمقراطية توافق على وقف العمليات العسكرية مقابل وقف العدوا ...
- المجد لنضالات انتفاضة شعبنا الباسلة وهي تعبر يومها الألف
- حواتمه: برنامج سياسي موحد للانتفاضة أصبح ممكناً بين فصائل ال ...
- طريق -خارطة الطريق- تتعبد بالدم الفلسطيني
- تفكيك بؤر استيطانية غير مأهولة استهتار بحقوق شعبنا وبالقرارا ...
- قوات الاحتلال تواصل سياسة الإعتقالات والاغتيالات
- نتائج شرم الشيخ والعقبة: تبني المفهوم الاسرائيلي لخارطة الطر ...
- أسرى الحرية يعلنون إضراباً مفتوحاً عن الطعام
- شارون يطلب الاعتراف بإسرائيل -دولة يهودية- لإسقاط حق عودة ال ...
- إطلاق سراح القائد الوطني الكبير تيسير خالد
- موافقة حكومة شارون على خارطة الطريق مناورة سياسية خطيرة
- شارون يربط خريطة الطريق بأربعة عشر شرطاً


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين - في الذكرى 86 لوعد بلفور المشؤوم لمحة موجزة عن جذور المأساة الفلسطينية وجذور الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي