أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميرة المانع - احتضان غير مرئي















المزيد.....

احتضان غير مرئي


سميرة المانع

الحوار المتمدن-العدد: 2099 - 2007 / 11 / 14 - 09:45
المحور: الادب والفن
    


ليل اسطنبول، والطائرة تحوم فيه للهبوط ، ذكّر نهى ببيت للمعري،الضرير، في شعره :

ليلتي هذه عروس من الزنج عليها قلائد من جمان

توجهت أنظار الركاب نحوه للاطلالة عليه من نوافذ الطائرة ورؤوس بعضهم التصقت ببعض من كثرة التحديق والاعجاب. لم تشذ الاختان عن ذلك إلا أن لواعجهما كانت مختلفة، فالعمى من نصيبهما كحظ الشاعر. راحتا تنظران للانوار المتألقة تحتهما وهي تغمز وتلمظ وتغري في الكازينوات والملاهي ، في الشوارع والساحات والبيوت، بفيضانات النور وهي تحثهم على السهر حتى الصباح بينما هما لا تزالان في الدكنة، قلقتان خائفتان. تفكران كيف ستتولى هذه المدينة أمرهما عند الهبوط في مطارها بعد قليل، هما المرأتان شبه الضائعتين وهي الغارقة في نعيم وجحيم، المكتظة بسكانها المنوعين منذ حقب التأريخ العتيق و أحيانا العنيف. لا جديد عندهما سوى أنهما ركبتا الطائرة المتأخرة بلندن، مع بقية ركابها، وجهابذة المطار وشركة الطيران العتيدة، صمّ بكمّ. لم يشيرا لهما ماذا ستفعلان عند الهبوط على الارض. الاختان حائرتان مهمومتان. إنهما تعرفان بالمقرر لهما في بطاقة السفر الاصلية الموجودة عندهما في الحقيبة. المفروض أن يلتحقا ، رأسا ، بطائرة أخرى لنقلهما إلى ديار بكر. إلا أنهما شبه متأكدتين لن يعثرا عليها الآن، بسبب تأخرهما، وهي لن تنتظرهما طويلا، أقلعت قبل وصولهما، بموعدها، بالتأكيد.
طقوس ومعاملات السفر من لندن إلى اسطنبول أخذت منهما جهدا ووقتا طويلا، يتجاوز نهارا بكامله. كلتاهما تعبتان يائستان، لم يبق عليهما إلا أن تنادي الواحدة على الأخرى محذرة أياها باستغاثة مألوفة لديهما : " ضعنا، ضعنا" في هذا الليل الغامض المريب. الركاب الآخرون مشغولون بأنفسهم وحقائبهم يتهيئون للقاء أحبتهم الذين عرفوا بتأخر الطائرة وهم لهم غافرون، بينما هما تسيران معهم، كالإمّعة، يدفعان حقائبهما أمامهما للوصول إلى نقطة الخروج منتهيتين من معاملات أوراق المطار الرسمية لتبدأ معاملة العالم الخارجي.
فجأة اندفعت نهى مظهرة أصواتَ بهجةٍ واغتباط مسرعة إلى أحد الرجال الواقفين المفتشين بحرص في وجوه ركاب طائرتهم القادمين. من هيئته، يريد أن يتعرف ويستدل عليهما عن طريق الاسم الذي يحمله في لوحة صغيرة من الورق المقوّى مكتوبا عليها الاسمين باللغة الانكليزية بخط كبير واضح للعيان: ( نهى منير)
و ( لمياء الناطق) نسبة إلى حمل لمياء للقب زوجها كعادة الالقاب للنساء المتزوجات ببريطانيا. تبعتها تحذو حذوها فرحة باتجاه الرجل الواقف بعد أن لمحت اسمها، أيضا، مكتوبا على اللوحة المقوى مرفوعا للاعلى، مدركة الغاية من رفعه. عرّفت شخصها له، كما فعلت أختها، شاكرة الرجل وكأنه أنقذهما من الغرق المتوقع بقارب صغير. أخبرهما كأي رجل مسؤول أنه موظف مرسل من شركة خطوط الطيران ومكتب الحجز فيها ، يخبرهما، الآن، أن طائرتهما المحجوزة المتوجهة إلى ديار بكر قد غادرت في موعدها، للاسف ، وما عليهما إلا قضاء الليلة باسطنبول على أمل السفر غدا على متن نفس الطائرة الذاهبة إلى ديار بكر في الساعة التاسعة صباحا. لقد رتب مكتب الحجز معاملة السكن لهما، الليلة، في الفندق على حسابه، وهويعتذر لتأخر طائرتهما بلندن، والجميع يعلم بالتأجيل.

ماذا تفعل الاختان الآن بعد هذا التطمين ؟ الرقص وحده لا يكفي . انتشرت السعادة على محياهما وهما يسمعانه يطمئنهما أن هناك حافلة قادمة للمطار بعد ساعة ونصف ستأخذكما إلى الفندق المحجوز. سلمهما بطاقة عنوان الفندق مع اسمه مودعا. أقليل ما أريح من ثقل من على صدريهما ؟ جبل حمرين الاصمّ، شمال العراق، واقفا يصفق أنساً وطربا. بعد ذلك تريدان الذهاب إلى غرفة المرافق الصحية واحدة بعد الاخرى. مَن تجلس أولا لحراسة الحقائب،الآن ؟ وافقت نهى أن تجلس قربها. وهرعت لمياء مفتشة عن الغرفة. أين هي؟ أين تكون في القاعة؟ عثرت عليها بعد هنيهة بسهم معلق فوقها صغيرمضئ. وجدت المكان محتشدا بالمنتظرات دورهن للدخول لتواليت النساء. .. صبرا ..صبرا اقنعت نفسها ، لم يبق إلا القليل. أثناء انتظارها لفتت نظرها ثلاث نساء أعمارهن بين الثلاثين والخمسين. نظرت اليهن بتمعن خصوصا أنها تلمح على خد إحداهن ما يسمونه بالعراق ( أخت أو حبّة بغداد) وهي بثرة فريدة يبقى أثرها بالوجه، بعد أن تشفى، عند سكان بغداد بالذات. إنهن عراقيات بالتأكيد. أقتربت منهن متسائلة :
- نعم، نحن عراقيات ، كما حزرتِ، سنسافر إلى الصين .
- ماذا؟ إلى الصين؟!
- صحيح ، لقد اختارتنا شركة نسيج وادي الرافدين للذهاب إلى هناك من أجل التدريب.
أوشكت لمياء من عِظَم السرورلهنّ، على التهليل والتكبير. صارت تسألهن عن أحوالهن وأحلامهن بعد سقوط النظام. هل السفر للخارج مفتوح للجميع؟ ما مدى حرية المرأة ؟ كيف يفرح العراقي عندما يبتهج صدقا ، حقا، من الاعماق؟ عرفت النسوة أن لمياء تسكن لندن وفضولها كبير. أخبرنها بتفصيل عن أمنية الشعب بعد التغيير، كي يعيش بأمان، بعيدا عن الصراعات والحروب، مشتكيات من أن الأخيرة حصدت الكثير منهم وخصوصا بين الشباب. أنبرت الوسطى متأسفة كونها لم تتزوج حتى الآن، بسبب ذلك، وقد بلغت من العمر ما تخشى أن لا يساعد على طلب الزواج. بالاضافة أن الرجال بالعراق حالياً مشغولون بالسياسة وترتيب أمورهم. اشتكيتا من بعض التحرش والمضايقة للنساء السافرات في الطريق. قسم يقول أن العودة للدين صارت هي الملاذ الأخير. ابتسمت إحداهن : " لكن أي دين؟! دين التعصب والانغلاق".
قالت الكبرى أن زوجها يرفض في الماضي أن يراها محجبة، لكن بسبب الهجمة الأخيرة عليهن آقترح عليها أن تفكر في ارتداء الحجاب، لكنها ترفض رفضا باتا أن تعامل كجداتهن المسكينات في زمن( العصملي )، ملفلفات خائفات من الرجال، وهؤلاء ينظرون لهن كعورة، يقضين حياتهن، كلها، بالوعيد والتهديد. ذاك الزمان فات وانقضى. هيهات النكوص بعد أن تحررت المرأة الحديثة. استمرت النسوة يعددن مشاكل بعض المناطق المضطربة ، ذاكرات نزعات غريبة على المجتمع العراقي، حيثُ الأمان مفقود والاميركان غلاظ يردون على المسئ بقسوة مفرطة، فضلا عن أنهم حلوا الجيش والشرطة فكيف بالامكان مسك المخالفين المجرمين. بلد بلا شرطة معناه بلد فوضى بدون قانون . . أضافت الكبرى معقبة:
- أن ما جرى من حرمان للشعب العراقي طيلة 35 سنة خلتْ ظهرت نتائجه الآن بوضوح. سواء من إحكام إغلاق الابواب والنوافذ عليه، منعه من استعمال حتى طابعة يدوية في البيوت، إلا ربما للمقربين، ناهيك عن الفاكس والانترنيت والهاتف النقال والصحف والكتب الاجنبية ، والويل لمن تكون عنده فضائيات تلفزيونية بالستلايت، يرى العالم من خلالها، فهذا مصيره الحبس أو الغرامة في حالة الرأفة به. ولا ننسى قوانين منع السفر بكل اعتباط. كل هذا التعتيم والتعويق للنمو الطبيعي للافراد، أخّر المجتمع وأكثر جهله حول ما يجري بالعالم من تطور. أفقد معظم جيل الشباب النشؤء التدريجي العقلاني. لم يعودوا قادرين على تحمل رؤية فتيات يسرْنَ سافرات، متحررات، في الطريق، أو يشاهدهن على الفضائيات يتحدثن بشكل طبيعي سعيد ، يبدي امتعاضه وانزعاجه حين يذهب المرء إلى دار سينما للتسلية كما تفعل معظم شعوب الارض، وكان العراقيون، دائما، تواقين للفنون والآداب والافلام من ضمنها، متمتعين بها منذ أوائل القرن العشرين. يتطورن باستمرار بشكل جيد معقول ، قبل الحصار والرقابة والمنع الذي مورس عليهم ثم جاء التحريم والتجريم بعد ذلك. لقد أعادهم النظام السابق للطاعة العمياء، فيما سماه بالحملة الإيمانية الزائفة، ولم يكتف بالتدمير الروحي، بل أعادهم إلى عصور الظلمة، صاروا عجائز بالتفكير يفكرون فقط بالحياة الأخرى عند الموت. هم بحاجة إلى وقت لهضم تطورات العصر الحديث من ناحية العلم، استيعاب ما بلغته المرأة الحديثة من تقدم بجهودها ونضالها، كما تعرفون.
بعد أن أنهت كلامها ، ابتسمت، معتذرة، قائلة :" لقد أطلتُ عليكن الحديث ، سامحوني، هذا ما يشعل النار في قلبي، وقد نطقت به " ، أضافت الصغرى تؤيدها بالتحليل :
- لايجرؤ الآن، أيٌ كان ، في البلدان المتطورة، أن يفكر في العودة بالمرأة إلى القرون الوسطى. وأنت تجربتك بالحياة أفضل منا ، فلا تثريب عليك لو وضحت بعض الامور.
بعد أن أصغت لمياء إليهن، بودّ، ذكرتهِنَ أن الشعب في النظام السابق كان مسيّسا، يحتاج إلى فترة نقاهة كي ينسى الماضي ومعه الآثام والجروح. سألتهن بصداقة : " هل كنتن منضمّات إلى حزب البعث؟ " اجبنْ مواريات ضحكة بافواههن خجلى: " وهل يُمكن أن لا نكون ؟!" . شعرت بعد هذا اللقاء أنها أمام عائلة يشكو أفرادها من سوء تصرفات بعضهم بعضا. إبتدأن يتمنين أن يتعظ الجميع ويأخذوا العبرة من تطور غيرهم من الشعوب، بالطريقة المؤدية إلى الاصلاح، فيكفوا عن إيذاء البريء، مكتفين بمعاقبة المسئ أمام المحاكم ووفقاً للقانون، آملين أنهم بصدد القيام بتعديلات على هذا الأخير وصياغته ليرضي الشعب بكل اطيافه بالشكل الممكن.
متى تصل لمياء إلى أختها. لديها أخبارمنعشة مثيرة لنهى الجالسة في صالة مطار اسطنبول تحرس الحقائب. لاحظت حين وصلت إليها، أنها تمسك بيدها صحيفة إنكليزية منهمكة في قراءتها بجدّ. يبدو أنها أنزلتها معها من الطائرة قبل قليل:

" اسرعي، اسرعي، قبل أن يسافرن إلى الصين، وجدتهن قرب المغاسل. عراقيات ثلاث، خارجات توا من العراق، إنظري إليهن كيف يتحدثن. روعة".

نهى ، من دون كلام أو تعليق، شرعت بطي صحيفتها، مسرعة بحرص للذهاب لرؤيتهن. عندما وصلت المكان كن قد غادرنه، فتحسرتْ لخلوهن من المكان. شغلت نفسها، بعدئذ، بغسيل وجهها وتمشيط شعرها المشعث من وعثاء السفر. أنهت ما عليها للظهور بمظهر لا بأس به، حسب ما تتصور، عائدة للصالة. جلست الاختان مستأنفتين الانتظار للحافلة ، هذه المرة، التي ستقلهما إلى الفندق، كما وُعِدتا به.

++++++++++


لا يحتاج الفندق العامر الضخم إلى أكثر من دليل. جدرانه العالية وشبابيكه المضاءة تشي بالكثير. دخلتا وقادهما أحد الندلاء إلى غرفتهما في الطابق الثالث عشر، دافعا عربة حقائبهما أمامه كخبير بالطرق. عند الوصول إلى رقم غرفتهما. فتح الباب لهما ببطاقة ورق صغيرة بدل استعمال المفتاح الحديدي المعهود. هذا دليل آخر واضح على وصول الفندق إلى أقصى درجات التطور في خدما ت الفنادق باستعمال التكنولوجيا الحديثة. بعد أن غادرهما، أخذتا البطاقة من الباب وصارتا تجربانها بينما هما غارقتان في الضحك. معترفتين بجهلهما في التغييرات الحديثة في عالم الفنادق اليوم. " غدا نستيقظ ، يا نهى، مبكرا ، مع العصافير" قالت لمياء لاختها مذكّرة وناصحة. لكن الثانية أبتْ أن تنام الآن، محتجة. تريد تغيير نمط سلوكهما منذ الليلة : " أوه، تعالي نخرج بعد الاستحمام للتجوال في الفندق" ردت لمياء موافقة مداعبة : " سمعا وطاعة يا مولاتي". خرجتا بعد قليل، وكأن قحط نجد وجفافها، قبل اكتشاف النفط في القرن العشرين، لا زال عالقا بهما. هنا، وهناك، قاعات جلوس فخمة مبعثرة كالنرد. مطاعم مقاعدها من الجلد الفاخر، مقاهي مزركشة باعلام تركية وبلدان مختلفة صديقة لها وشركات أجنبية، حدائق، مسابح يلصف ماؤها تحت الاضواء. هل يستطيع المرء أن يستوعب هذا كله في ليلة واحدة. إنها لا تكفي للالمام بهذا الترف المجاني. اتجهتا إلى مقهى جانبي صغير. طلبتا فطائر محمصة وساخنة مع بعض الاجبان . لنشرب قهوة تركية، أيضا، هنا في موطنها حسب تسميتها، هل الطعم واحد ترى؟ّ! كلتاهما تريدان تجريب القديم والجديد. أثناء العودة لغرفتهما، أطلتا على مقهى فسيح مكشوف على سطح في الطابق الثالث عشر تحت القمر والنجوم. وكأنّ ذلك لا يكفي فوضعت على جميع مناضده شموع تذوب ببطء كسول. زبائنه كما يبدو، من نوع آخر، أزواج في شهر العسل، عشاق، أشخاص ميسورون محبون للدلال والمتعة والترف. البذخ على قدم وساق، يكفي أن يشم المرء بانحائه العطور ويسمع صوت موسيقى حالمة لليالي السمر. دخلتا فيه بتصميم، يريدان أن يكتشفا كيف يعيش البعض. وجدتاه يطل من الجانب الآخر على خليج البسفور الخلاب، أضواء سفنه العائمة تتراءى من بعيد تمخر. انسحبتا بعد أن اشبعتا فضولهما، آملتين في الوصول السريع إلى غرفتهما بهدوء. يكفي الوقت الذي كان مملوءا باحلام اليقظة وها قد حانت أحلام المنام.
في الصباح ، اعطت لمياء لأختها بسكويتا مغلفا بالسيلفون :" خذي ، لنأكله في الطريق" . لكن الحاجة لم تعد ضرورية. فقد وفرت الطائرة التي أقلّتهما متوجهة إلى ديار بكر فطورا شهيا معظمه من مربيات فواكه المنطقة. مشمش. تين . هناك بيض مسلوق أيضا ، من دجاجاتها. أكلته لمياء مبالغة بالتلمظ والاستحسان، معلقة على الطعم :" إنه لذيذ، بيض حجمه كبير. الدجاجات التركيات ما قصرن والله، المسكينات ". ضاحكة أثناء الثناء في التعليق على الجودة.
هبطتا من الطائرة وأخذتا سيارة لنقلهما إلى حشد المسافرين الراغبين في دخول العراق ، من الجانب التركي. كان عددهم كبيرا، متجمهرين راغبين للوصول إليه، بعد سقوط النظام، من هذه النقطة . وصلتا إلى نهاية الطابور، بشق نفس، لختم الجوازات. مع ذلك كانتا في منتهى النشوة والارتياح، على رغم التعب الجسدي. أمامهما، قريبا، سينبسط العراق، البلد الذي فارقتاه على الرغم منهما، لعشرات السنين. أحستا بمعاناته ومكابداته طيلة هذه الاعوام أثناء ما كان يكبو وينطرح. دخلتاه مشيا على الاقدام وكأنهما تسيران على حرير، من خلال باب ( ابراهيم الخليل ) ، الحد الفاصل بين العراق وتركيا. لم يفت لمياء التعليق على وطنها كونه عاطفيا عاشقا لذكريات الماضي حتى بتسمية الامكنة فيه. وطئتا أرضه دون خوف أو رجف مطمأنتين راضيتين، مستعدتين ، بتصورهما، للوصول إلى مدينة البصرة في الجنوب، سيرا على الاقدام. كانتا في أعلى المعنويات الروحية، تديران رأسيهما فيما حولهما من وديان وجبال وسهول، تتساءلان باسلوب استنكاري : " معقولة، وصلنا " . ماذا تريدان بعدُ؟! سيارات وعمال وسواق يروشون. حملتا حقائبهما متوجهتين إلى مكتب الجوازات من الجهة العراقية لاثبات دخولهما اليه، بعد ارشادهما . خرجتا منه تتنسمان رائحة الارض الخضراء والمغبرة ، النباتات الميتة والحية فيه. بمجرد أن تلفظت إحداهما باسم مدينة (دهوك ) حتى تقدم أحد السواق لفتح باب سيارته، كي تتفضلا. تبين أن السائق كردي لا يفقه اللغة العربية ، مثلما كانتا تجهلان لغته الكردية. لم تعبآ بذلك ووثقتا به. هناك تواصل بينهما حميم خفي. إحساس مودة دفين. ربما يُعزى للمواطنة، كما يقول السياسيون. عاشتا، بعدها، في حلم آخر بعد سير السيارة لبلوغ المدينة المقصودة، ابتدأ بضياع وآنتهى باحتضان غير مرئي.*

* الفصل السادس عشر من رواية ( مَن لا يعرف ماذا يريد) المعدة للطبع.



#سميرة_المانع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطريق إلى دهوك
- هزّة ارضية
- إفرحْ يا قلبي
- درب الصدّ ما ردّ
- والنتيجة ؟!
- ربحتْ الجائزة
- وزّة في الخليج *
- القارات المنسية
- واخزياه


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميرة المانع - احتضان غير مرئي