|
رهانات السلطة والحل الامريكي
جادالله صفا
الحوار المتمدن-العدد: 2095 - 2007 / 11 / 10 - 10:57
المحور:
القضية الفلسطينية
لم نمسع نحن كفلسطينيين يوما من الايام بموقف امريكي واحد مناصر او مؤيد للقضية الفلسطينية او داعما للحقوق الفلسطينية، فالموقف الامريكي كان دائما وابدا منحازا الى جانب الكيان الصهيوني في كل المناسبات والمحافل الدولية وعلى راسها الامم المتحدة، حيث استخدم المندوب الامريكي المئات من حق النقض الفيتو لكافة المشاريع المقدمة لمجلس الامن التي كانت تطالب بادانة اسرائيل نتيجة اعمالها ونشاطاتها وجرائمها في فلسطين المحتلة، لم يكن الموقف الامريكي اتجاه اسرائيل موقفا منعزلا وانما ضمن مجموعة الدول الراسمالية الغربية التي اعلنت مرارا وتكرارا التزامها اتجاه اسرائيل وتوفير كل مقومات الدعم المادي والعسكري والسياسي والمعنوي.
بالطبع الادارة الامريكية تنظر الى مصالحها بالمنطقة وتتعامل مع دولها على اساس هذه المصالح، وعلى هذا الاساس تعزز من تواجدها العسكري المباشر من خلال بناء المزيد من القواعد على الاراضي العربية، وكما تمارس الضغط على الحكومات العربية وصولا الى مشروعها الداعي الى شرق اوسط جديد، وكما هو واضح المأزق الكبير الذي وقعت به الادارة الامريكية وقواتها في افغانستان والعراق، وتهديداتها المتواصلة ضد ايران، فبالتأكيد لا بد من هذه الادارة الا ان تفكر بايجاد حلف عربي بالمنطقة وتعمل على بنائه من اجل مساندة مواقفها العدائية ضد ايران، وهذا لا يمكن تحقيقه الا من خلال جر بعض الاطراف العربية الى مشروعها.
نعم لقد تمكنت الادارة الامريكية والكيان الصهيوني من اخراج مصر من دائرة الصراع مع الكيان الصهيوني، عندما تمكنت من عقد اتفاقية كامب ديفيد بين اسرائيل مصر اعادت فيها سيناء الى مصر منقوصة السيادة، واذا بحثنا عن الاسباب التي ادت الى توقيع مصر للاتفاقية لوجدنا ان السبب الاساسي والرئيسي هو البدء باخراج القضية الفسطينية وسلخها عن محيطها العربي، وكان اخراج مصر من حالة الصراع قد ترك اثارا سلبية على القضية الفلسطينية، فتحولت مصر من دولة مواجهة الى دولة وسيطة ومحايدة كما نلمس اليوم، علما ان الموقف العربي كان موحدا ويؤكد على الحل الشامل والعادل ورفض الحلول الثنائية والانفرادية ولو شكليا، وكانت منظمة التحرير الفلسطينية قد رفضت كامب ديفيد وادانت الاتفاقيات ووصلت الحالة الى القطيعة مع النظام المصري ، وتبلور موقف عربي واحد موحد ضد مصر كامب ديفيد وعوقبت مصر على خطوتها عربيا، وكان لا بد من تفتيت الموقف العربي بوجهة النظر الامريكية الاسرائيلية ومحاسبة العرب على مواقفهم المعادية الى اسرائيل، فصعدت اسرائيل من اعتداءاتها على الشعب الفلسطيني والثورة الفلسطينية حتى تمكنت من اخراج الثورة وقيادتها وقواتها من لبنان، مما ادى الى طرح مبادرات ومنها عربية في مؤتمر فاس وهذا شكل بداية التراجع العربي اتجاه القضية الفلسطينية، وتواصلت الضغوطات والابتزازات الامريكية حليفة الكيان الصهيوني ضد القيادة الفلسطينية لانتزاع تنازلات سياسية، فما كان من القيادة الفلسطينية الا التجاوب مع المطالب الامريكية الى ان وصلت حد الموافقة المنقوصة على المشاركة في مؤتمر مدريد واتفاقية اوسلو الثنائية الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل.
المشاركة الفلسطينية المنقوصة بمؤتمر مدريد كانت بالاساس تراجعا وتنازلا فلسطينيا عن وحدانية التمثيل، ولكن المشاركة الاسرائيلية بنفس المؤتمر لم تاتي نتيجة الضغوط الامريكية ولكن ضمن الشروط الاسرائيلية، وكان التدخل الاسرائيلي حتى في اختيار اسماء الممثلين الفلسطينيين المشاركين في الوفد الاردني، ووصل التدخل السافر الاسرائيلي لان يشترط ان تطلق حنان عشراوي زوجها المقدسي حتى تكون ضمن الوفد، كذلك رفض شامير الدخول الى قاعة الافتتاحية الا بعد ان يخلع صائب عريقات الحطة الفلسطينية عن كتفيه، فكان الوفد الفلسطيني ضمن الوفد الاردني من ابناء الضفة وغزة، وخلى من فلسطيني الشتات وتمثيل القدس. اوسلو كانت هي المنعطف التنازلي والتراجعي الكبير بمسيرة القضية الفلسطينية، ان تتراجع الدول العربية بواجباتها والتزاماتها اتجاه القضية الفلسطينية كما فعلت مصر السادات لقلنا عنها مصيبة، اما ان تاخذ القيادة الفلسطينية موقفا كهذا فهي مصيبة اكبرواعظم، فالموقف الامريكي هو الراعي الاساسي لاتفاقيات اوسلو، التي وافقت القيادة الفلسطينية على سلطة فلسطينية محدودة في غزة اريحا اولا، التي هي بالاساس حكم ذاتي ذات سيادة محدودة، بدون مفاهيم ومصطلحات وطنية، كان اوسلو اتفاق ثنائي بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل، مما حدا بالنظام الاردني لان يخطو بهذا الاتجاه عندما وقع اتفاقية عربة ايضا، فتحولت الى دوله لها علاقات دبلوماسية مع الكيان الصهيوني لتلعب فيما بعد دورا وسيطا في الصراع.
لم نلمس ونشاهد منذ اتفاق اوسلو الا المزيد من التدهور العربي سواء الرسمي او الشعبي الذي تعودنا عليه المؤيد والمناصر للقضية الفلسطينية، لم يكن هناك تحرك رسمي عربي جاد باتجاه مناصرة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني على المستوى الدولي، فاستبدلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية المصطلحات النضالية والوطنية بمصطلحات ارهابية وامنية وسلطة محدودة، واستبلت المؤسسات والهيئات الدولية بمواقف ومبادرات امريكية وغربية ذات مضامين واضحة واهداف مكشوفة تنال من الثوابت والحقوق الفلسطينية، فبدل الاعتماد على قرارات الامم المتحدة ذات العلاقة بالحقوق والثوابت الفلسطينية واعتمادها كمرجعية، بدات القيادة الفلسطينية تبحث عن لقاءات ثنائية مع القادة الاسرائيليين برعاية امريكية، وتوقع الاتفاقيات التي تمس بالثوابت الفلسطينية، وكان من اخطر هذه الاتفاقيات اتفاقية جنيف الموقعة بين ياسر عبد ربة ويوسي بيلين.
المراهنة على تغيير بالموقف الاسرائيلي باتجاه الحل العادل والشامل، او المراهنة على موقف امريكي ضاغط على اسرائيل، اعتقد انه كالمراهن على تغطية الشمس بغربال، فمؤتمر الخريف الذي تراهن عليه السلطة والتي تعتقد بان تمارس الادارة الامريكية ضغطا على اسرائيل باتجاه الاقرار بدولة فلسطينية ذات حدود وسيادة اعتقد انها سلطة واهمة، فاين هي اوراق القوة التي تتشدق بها السلطة الفلسطينية والوفد المفاوض؟ تغيير بالموقف الامريكي حفاظا على مصالحها المهددة بالشرق الاوسط؟ السلطة هي الاكثر ادراكا ودراية بالموقف الامريكي الذي يمارس ضغطا عليهم وليس على اسرائيل، الضغوطات الامريكية تمارس عليهم وعلى العديد من القادة العرب مرفقة بالتهديد والترغيب، فلا اشارات امريكية ضاغطة او مطالب امريكية حتى اللحظة تمارس على اسرائيل او قيادتها، وانما هناك التزامات امريكية ومستمرة اتجاه اسرائيل تنقل عبر وسائل الاعلام لتصريحات مسؤولين كبار في الادارة الامريكية تؤكد على ذلك، فالمطلوب من مؤتمر انابوليس فقط هو تنازل فلسطيني عن حق العودة الذي هو بالاساس القضية الفلسطينية، كمقدمة للحل احادي الجانب الذي ستكتمل فصوله عندما تنتهي اسرائيل من بناء الجدار.
اختم مقالي هذا مؤكد بان موقف المفاوض الفلسطيني هو اضعف موقف في كل مراحل الصراع مع هذا الكيان، وكم اكون سعيدا وكذلك شعبنا الفلسطيني اذا اتخذت القيادة الفلسطينية وووفدها قرار عدم المشاركة بؤتمر انابوليس، وكفى قولا ليس لدينا ما نخسره، فنحن لدينا الكثير لنخسره ، التنازل عن المطالبة بالحق اليس خسارة؟
جادالله صفا 10/11/2007
#جادالله_صفا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الى اين ستاخذنا فتح والسلطة الفلسطينية
-
وعد بلفور والحقوق الفلسطينية
-
اليسار الفلسطيني بين حماس وفتح
-
الى اين ستصل العلاقات بين الجالية الفلسطينية واليهودية في ال
...
المزيد.....
-
Xiaomi تروّج لساعتها الجديدة
-
خبير مصري يفجر مفاجأة عن حصة مصر المحجوزة في سد النهضة بعد ت
...
-
رئيس مجلس النواب الليبي يرحب بتجديد مهمة البعثة الأممية ويشد
...
-
مصر.. حقيقة إلغاء شرط الحج لمن سبق له أداء الفريضة
-
عبد الملك الحوثي يعلق على -خطة الجنرالات- الإسرائيلية في غزة
...
-
وزير الخارجية الأوكراني يكشف ما طلبه الغرب من زيلينسكي قبل ب
...
-
مخاطر تقلبات الضغط الجوي
-
-حزب الله- اللبناني ينشر ملخصا ميدانيا وتفصيلا دقيقا للوضع ف
...
-
محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بته
...
-
-شبهات فساد وتهرب ضريبي وعسكرة-.. النفط العراقي تحت هيمنة ا
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|