|
رائحة الحزن العتيق
ازهار علي حسين
الحوار المتمدن-العدد: 2095 - 2007 / 11 / 10 - 07:25
المحور:
الادب والفن
شتاء يتكتم اسراره ، مغمس برائحة المطر والطين ، ومزاريب توشوش للارض الموات مخلفة اخاديدها وحفرها للصيف المعضود بسواعد تشق التراب في محاولة لتحرير اللقمه ، من ذل استعباد يهددها . قطرات المطر تدغدغ زجاج النافذة المكسور ثم تنساب بهمس عازفة سمفونية الشتاء تدفئ ارتجاف ضحكاتنا تهددها الليالي بوحشة ، اصابع الليل تنساب في الاركان والزوايا ، بلا استئذان بينما تنساب اشعة الفانوس الشاحبة على وجوهنا العتيقه ، البالية الملامح .. وجه امي بالذات ، يثير في سؤالا قد يبدو للوهلة الاولى غريبا او ابلها ، حين كنت انظرها تعارك زمنها ، تحسم امر الحياة معها ، لها ولصالحها ، بقوة لعل ملامحها ، قوتها وتحديها ، كانت جميعا لامرأة اكديه ، او سومرية ، ورثتها والدتي عنها ، كما ورثت بؤسها ، ولعل ملامحي انا نفسي بكل نحسي كانت مثل ملامح امي ، ارثا بائسا عن سومري ، او اكدي ، متعثر ، ارتاد كل حانات الفقر كما ارتدها .. لازالت ذاكرتي تحيي في وجود تلك الوجوه القرمزيه ، بشعورها الشقر المصففه ، وعطورهم العبقه بحده ممزوجة بقهر يترصدنا ، وهم يسندون تماثيل اخرجوها ، الى حائط المدينة القديمه ، يدارونها بخرق قماشٍ وفرشٍ غريبه ، ينفضون عنها التراب ووجودها فيه ، بينما نحن نتمادى متحلقين حولهم ، بعفويتنا ، وازعاجاتنا .... لازال مرفق احدهم منطبع الاثر في جبهتي ، بينما انا احاول بعبث طفولتي مهتما ، ان اعرف ماهية هذه التي يدارونها ، وسر اهتمامهم بها….
احجار تعاين ترابها ، ولعلنا من اقترفنا جناية وجودنا بقربها ، ندرك لعنة الاقتراب ولا ندرك تماهينا وجوداً انسانياً قربها المغزل الاسمر يتراقص متفردا بمغازلة اعوامه الخمسة عشر ، صاعدا ونازلا ، ملتفاً راقصاً ، يدثر الصوف عوده النحيل ، بيد امي مره ، وبيد اختي مره ، ارملة بتسعة عشر ربيعا ، خلفتها يد الدهر ويتيمين ، يلوذان برعبها كلما اجتاح مستبيحاً لون البرق زوايا الدار ، واطمئنان برائتها ، الرعد يحمل بشرى السماء ، او غضبها ، الريح تعارك باب شبه الدار المواجه للقبله ، معلنة تأجج حقدها ، لعلها تتواطئ وحضارة تتنامى على اشلاءنا ، لاكتساحه ، لعلها كرهت رؤيتها ، تلك الدار لخمسين عاما تواجه حقدها ، مترفعة عن رد قد يكون ، انتقاما لا متكافئ القوى .. ................. لا تخافا .. انها الريح فقط .. ــ انها تناديكما لتريا جمال المطر.يفزع الطفلان بضربة ، تبتسم الارملة الشابة في وجهيهما يتعلقان بثوبها المنقش بنتف الصوف ، بينما تقوم لتغلق النافذة المصدومه بلعنة المطر ، احتضنتهما ، عادت ترقص المغزل ، تترنم بلحن قديم تابعته اذناي بلذة ، كأني لم استمع من قبل لشدو روعته ، انتبهت اخيرا على سكون المطر وهجعة الطفلين ، وانحسار اللحن ، بينما داعبت الريح سعفات نخلتنا الوحيده وسط الدار.........................................................................................
#ازهار_علي_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حاشية احلام الدمى
-
الريشه
-
انا...على رقعة الشطرنج
-
مواسم الحصاد
-
هواجس الرحيل
-
لزمن اطول00
-
زوايا مهرجان الصمت
المزيد.....
-
مصر.. القبض على فنان شهير بالشيخ زايد بتهمة دهس سيدتين
-
صلاح الدين 25 .. متابعة مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 25 م
...
-
غزة تحت النار.. الشعراء الشهداء إذ ينثرون إبداعاتهم
-
المخرجان المصريان ندى رياض وأيمن الأمير: -الجوائز مهمة لكن ا
...
-
معرض الرباط للنشر والكتاب يسدل الستار على دورته ال29
-
-نظرات متقاطعة-حول كتابات الراحل إدمون عمران المالح بمعرض ال
...
-
المغرب.. باحثون يتخوفون من تأثير الذكاء الصناعي على الأدب وا
...
-
هل يغير الفيديو التوليدي باستخدام الذكاء الاصطناعي صناعة الأ
...
-
ترقب لعرض فيلم عن سيرة دونالد ترامب في مهرجان كان السينمائي
...
-
فرنسا.. جائزة القراء الشباب الأدبية للكاتب البوسني فيليبور ت
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|