أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - صبحي حديدي - شحارير الرياء














المزيد.....

شحارير الرياء


صبحي حديدي

الحوار المتمدن-العدد: 2091 - 2007 / 11 / 6 - 11:55
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


يبدو أننا، نحن السوريين، لن نعدم فنّانات شقيقات وفنّانين أشقاء من لبنان الشقيق، يمتهنون (بكلّ ما ينطوي عليه هذا الفعل من معانٍ!) امتداح طغاة سورية، بل وادعاء تمثيل ضمير الشعب السوري في التغنّي بالأب حافظ الأسد، وبابنه الراحل باسل الأسد، ثمّ بابنه ووريثه بشار الأسد، وصولاً إلى حفيده حافظ بشار حافظ الأسد! ولقد قُيّض لنا أن نصغي إلى وائل كفوري يشدو هكذا: "يا سورية رشّي طيوب/ على بوابك دار ودار/ نحنا وشعبك صرنا قلوب/ تا توسع إبنك بشار"، ليس دون تحطيم الأرقام القياسية من حيث ابتذال اللغة وانحطاط المعنى وتفاهة المديح. ثمّ جاء الدور على نجوى كرم، لتصدح: "بدنا نحافظ/ بدنا نجاهد/ بالروح البعثية/ ونسلّم بشار القائد/ رايتنا السورية"، ليس دون انفلات من كلّ عقال في النفاق والزلفى والمسخرة (قبل أشهر كان رامي الأمين قد كتب، في ملحق "النهار" الثقافي، مادّة ممتازة عن "الأغنية البعثية اللبنانية"، حسب تعبيره الموفق تماماً).
ثمّ جاءت "شحرورة الوادي" ما غيرها، صباح، لكي تشارك في افتتاح مهرجان دمشق السينمائي بموّال من كعب الدست، والحقّ يُقال، يمتدح "شموخ" الأسد الذي "لا يهتزّ عرشه"، على ما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية. بالطبع، ليست خافية مصلحة الشحرورة في هذه الوصلة الردحية (إذْ، بمعزل عن تكريمها في المهرجان، أعلنت صباح أنّ الأسد قد تكفلها وابنتها هويدا مدى العمر)، غير أنّ المرء لا يقاوم الرغبة في التخابث قليلاً حول اختيارها مفردة "العرش" تحديداً، في وصف حكم الأسد: كانت تقصد الإطراء، لا ريب، ولكنّ الفطرة الشحرورية ساقتها إلى المساواة بين هذا النظام ـ الجمهوري، رسمياً في الأقلّ ـ بأنظمة العروش. ومَن كان سيرى مفاجأة كبرى لو أنّها استكملت إطراء العرش بإطراء صاحب السموّ، أو صاحب الجلالة؟
ولكي لا نظلم المغنّيات والمغنّين من هذا العيار، بعد أن نضع جانباً طوابير الساسة والصحافيين والمحللين، نتذكّر واقعة مشهودة للشاعر اللبناني طلال حيدر، جرت قبل أكثر من عشر سنوات في البقاع اللبناني. آنذاك، أزاحت بلدة شتورا الستار عن نصب تذكاري لتخليد باسل الأسد، حضره (لاحظوا كيف أنّ التغيّر والثبات هما في سنّة الحياة، سواء بسواء!) السادة نبيه بري رئيس المجلس النيابي، ورفيق الحريري رئيس الوزراء، ومحمد سلمان وزير الإعلام السوري. وفي ذلك الاحتفال ألقى حيدر قصيدة عصماء، امتزج فيها الرثاء الملحمي بالهجاء الميلودرامي، واختلط أنين المدح بطنين القدح، وتبارت مكابدات الأشواق مع إعلانات النفاق.
ولقد بدأ برثاء الراحل، ثمّ مرّ على مدينة القدس المحتلة ليجد «النبي زعلان»، مما دفع الشاعر إلى شتم الفلسطينيين لأنهم «باعوا أذان العصر/ تا يشتروا بستان»؛ وكان لا مفرّ من أن يمرّ على العراق فيجد «بو لهب، ومرتو معو/ محمّل عا ضهرا حطب/ بردان، عم يوقد عرب»؛ وبالطبع، لا بدّ من الشام وإنْ طال السفر: «لاقيت الأسد سهران/ جايي عا ضهر البراق/ يخلّص الآذان/ وجايب معو هالشمس/ تتمشى على الجولان»...
والحال أنّ المرء قد لا يجادل حيدر في حقّ رثاء من يشاء، وأصلاً لا تجوز على الميت سوى الرحمة، ويجوز عليه المديح الذي بلا ضفاف. ولا جدال، سوى ذلك الفنّي الجمالي المحض، حول الرموز التي يلجأ إليها حين يمدح أو يشتم؛ ولا تثريب على مخيلته في أن ترى أبا لهب وامرأته حمالة الحطب أينما يشاء، رغم أن التشبيه فقير وباهت لا يليق بمخيلة اعتادت على التحليق وارتياد المجاز العالي. ولكن من حقّ المرء ذاته أن يجادل في مقدار اختلال ميزان الرياء عند الذين يتناولون الموت بمعانيه التراجيدية والكونية العابرة لحدود الكائن (وهذا ما حاول حيدر أن يفعله حين استخدم رموز المسيح والنبيّ والبراق وجعفر الطيار وحيدر الكرّار، لرسم صفات البشر).
وختاماً، لكي لا تبدو الساحة مقتصرة على الشقيقات والأشقاء من لبنان، هنا تذكير بفقرات من حديث صحفي أدلى به مؤخراً عزمي بشارة، النائب الفلسطيني السابق في الكنيست الإسرائيلي، إلى صحيفة "الوطن" السورية الخاصة، غير البعيدة عن أجهزة السلطة: "أعتقد أن الرئيس بشار الأسد هو أحد الأشخاص الموهوبين جداً الموجودين اليوم في العالم العربي، من ناحية المستوى الثقافي ومن ناحية صفاء التفكير أيضاً (...) عندما نتحدث عن الرئيس بشار الأسد، فإننا نتحدث عن رجل وصل السلطة في دولة تمرّ بوضع صعب، تهديدات الحرب، الوضع في لبنان، انهيار الإتحاد السوفييتي، الذي أدى إلى فقدان مصدر للتسلح. لم يأت بشار الأسد على ظهر انقلاب، بل من داخل السلطة، الحديث هنا لا يدور عن مثقف قيادي بل عن رجل دولة، سياسي، من المفترض أن يدير الدولة. ماذا يجب أن أتوقع من ذلك؟ أقول إن لدى الرئيس بشار الأسد أفكاراً جديدة حول كيفية التجديد، ولديه حساسية مفرطة لألم الناس ومعاناة البشر، إنني أرى أملاً كبيراً في ذلك".
في كلّ حال، قد يتباين شحارير الرياء هؤلاء، في موهبة النفاق أو شطارة الكذب أو براعة الامتهان أو خفّة إراقة ماء الوجه... لكنهم، بلا استثناء، يظلون على قدم المساواة ذاتها في اعتبار واحد: إهانة الشعب السوري، قبل إهانة الحقيقة!




#صبحي_حديدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اقتصاد السوق والديمقراطية الغربية: زواج أضداد أم سفاح قربى؟
- الغريبان
- صفقة ساركوزي الجديدة: ألعاب ذرّ الرماد في العيون
- النظام السوري بين غارة وأخرى: العجائب الخمس
- إحتراف الحسبة
- الهند في ميلادها الستين: كعب آخيل عمالقة القرن
- الشعر و-الطرب الوطني-
- تكعيب البصرة
- السير رشدي والمستر لوكاريه
- باكستان العسكر: هل ينقلب الفقه الأصولي إلى حاضنة اجتماعية؟
- على أهدابه عشب الجليل...
- ولاية الأسد الثانية: السنة ال 37 في عمر -الحركة التصحيحية-
- كعكة كافكا
- ولادات الأمّة الأمريكية: ليس رحم التاريخ، بل برميل النفط الع ...
- القوقعة والذاكرة
- كسر الجليد السوري الإسرائيلي: ما يطرأ سريعاً يتطاير أسرع
- أدونيس والوهابية: عود على بدء
- -حماس- وعبّاس: ديمقراطية رجيمة أسقطت ورقة التوت
- درز خازندار الرهيف
- إسرائيل في ذكرى 5 حزيران: حصّة الكابوس، بين رقصة حرب وأخرى


المزيد.....




- منها مدينة عربية.. قائمة بأكثر المدن كلفة بأسعار السلع والخد ...
- وقف إطلاق النار في السويداء.. العشائر تنسحب وتُحذّر وباراك ي ...
- من -الأم اليائسة- إلى الجواسيس الإسرائيليين.. حضانة طفلتين ت ...
- عمان بين مشهدين
- انتخابات مجلس الشيوخ في اليابان تهدد سلطة رئيس الوزراء وسط ا ...
- انتخابات يابانية اليوم تنذر برحيل رئيس الوزراء
- السلطات في شرق ليبيا ترحل 700 مهاجر سوداني
- مسؤول أميركي: انتقاد إسرائيل قد يحرم الأجانب من الدراسة بالو ...
- أسكتلندا تحث لندن على التعاون لإنقاذ أطفال غزة
- متظاهرون في برلين يطالبون الحكومة الألمانية بوقف توريد الأسل ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - صبحي حديدي - شحارير الرياء