أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غريب عسقلاني - الجياد تقفز عن الحواجز















المزيد.....

الجياد تقفز عن الحواجز


غريب عسقلاني

الحوار المتمدن-العدد: 2073 - 2007 / 10 / 19 - 10:03
المحور: الادب والفن
    


قراءة في ثنائية فوزيه مهران الروائية
أما قبل
تأخذك فوزية مهران إلى دواخلها, بدون مواربة أو تخفي, أو خشية من رؤية نقيصة أو كشف عورة, فهي مطمئنة على مساحاتها البيضاء بالرغم من جروحها وآلامها, شأن أي فنان لا يأخذ الحياة على عواهنها, وهو المؤرق بعذاب وعذوبة الاكتشاف .
فقد تميزت هذه الكاتبة الرائدة ومنذ ما يزيد عن نصف قرن بقصصها القصيرة. التي تعتمد على الاندياحات الشفيفة, وقدرة الكشف عن كوامن النفس في انتصاراتها وانهياراتها, فهي تعيش تجاربها بعمق بهدف الوصول إلى ذروة الحقيقة,.ذلك ما يظهر جليا في روايتيها القصيرتين جياد البحر(1987) وحاجز أمواج (1988) اللتين يمكن اعتبارهما جزأين لرواية واحدة, تقوم على تفاعل الهم الذاتي مع الهم العام بحيث يصعب الفصل بينهما ,كما هو الحال في صعوبة الفصل بين الفن والحياة عندما يحمل المنجز الابداعي قدرة الكشف أو النبوءة .
جياد البحر مفردة من قاموس البحار
والزمن ما قبل حزيران 1967, والأشخاص فريق مسرحي في رحلة على ظهر سفينة إمداد "تزود الفنارات المعزولة في البحر الأحمر, والقائمة على الجزر المرجانية, بالطعام والماء والأخبار والرسائل" والفريق يضم مثقفين ومناضلين سياسيين تعرضوا للسجن والاعتقال. مثل الدكتور زهران ومهندس الديكور الذي رافق زهران في الزنازين وخرج من السجن صامتا يرسم فقط والممثلة أمل .بالإضافة إلى الممثلة الشابة الواعدة منى, والممثل المحترف عادل عبد الحميد الذي يشكل نشازا عن هارموني المجموعة ,ويقوم على إخراج المسرحية الفلسطيني بلال المؤرق بوطنه,ويرافق الفرقة ضيفا الأستاذ الابراهيمي الجزائري, مسئول المسرح في وطنه, وهو مناضل ومقاتل ملتزم, وصديق للكاتب المعروف مولود فرعون .
نور, الراوية ومؤلفة المسرحية وتلميذة الدكتور زهران, تطمح أن تجد في البحر متنفسا للخروج من ضغط الحياة في العاصمة وفرصة للمراجعة والتأمل والخشوع, يأتيها من بعيد صوت أبيها بتلاوته العذبة "وإذا فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وانتم تنظرون البقرة 50" وتستعيد حديث الدكتور عن رجال الفنارات بين رجل عاشق أو رجل هارب من زواج وانتماء
وفي عرض البحر تلتقي برجل خيّل إليها أنها التقت به من قبل, "ربما في بحور كونراد أو في رقص إيزرادورا أوفي أزقة نجيب محفوظ أو ربما في كبرياء ناظم حكمت" يغزوها الشعور بالانتماء إليه وأن أباهما واحد, فهو يركب البحر, وهي ولدت وأمضت طفولتها بجانب البحر تنظر إلى مداه.
تسأله عن رغاوي بيضاء تطفو على سطح الماء, فيخبرها أن هذه الرغاوي تظهر في مواعيد معينة, وتسمى جياد الماء.وفي ومضة مثل خطف البرق يصرّح وبثقة من أمتلك الحقيقة "أحسست بكِ قريبة, تنتمين إلى عالمي بلا شك"
صوته يعبرها رجفة لذيذة ,وهي المعبأة بالتجارب, لكنّه البحر بساطا للتأمل والصفاء والاقتراب من الذات والاقتراب من الله بعيدا عن عالم المدينة المغلف بالأقنعة, ولأنه البحر فلا حجاب بين الحق والحقيقة ,وها هو الربان يطلق مكنون نفسه دون عناء "أتعامل معكِ مثل نجمة الميناء ,في اتجاهكِ دوما "
أي عصف يصيب الهدف مباشرة, يجعل الدكتور زهران بإبوته يحدس الأمر, فتعترف بين يديه, تتخفف من لهاثها " للبحر فعل السحر .كأني عدت في العشرين "
في مقالها الأسبوعي, وبعد فترة من التيه والتخبط وفشل في السيطرة على تجارب فاشلة, عادت تكتب عن صيغة المستقبل في كلام الله , تتحدث عن الأمل الممتد, والوعد القائم بالحق والعدل, وها هو صوت الربان ينبههم إلى مشهد مثير "الليل.والبحارة يهبطون إلى الزوارق يجدفون في قلب اليم ,باتجاه الفنارات"..منظر أسطوري يخلب اللب, لعبور الرجال إلى المستحيل وكأن في ذلك نبوءة ستتحقق فيما بعد .
بين السماء والماء يأخذ التأمل مداه, تتجلى العلاقة بين المجودات خلال التدريبات والمناقشات الحميمة والعميقة, يعزز الإحساس بالأمان لأنهم في ظل قياد ربان يعطي بصمت, ويتكلم عند اللزوم, يختزن معرفة كبيرة وحدس لا يخطئ, وقد أصبح حاضرا فيهم, لاسيما نور التي اكتشفت تكاملا وتطابقا مع سجاياها فحملته في جوانيتها مناجاة أشبه بالصلاة " تشعر أحيانا في ظلمة غرفتكَ, أنكَ لم يجدف إنسان إلى مياهكَ الداخلية العميقة. ويصل إلى تلك المناطق الوعرة. ويعرف مخبأ اللؤلؤ والمرجان. يغمره النور الكامن للعزف معكَ "
على ظهر السفينة تتفجر الطاقات بعيدا عن تشابكات الأرض. فالممثلة أمل تجسد نظرية ستانسلافسكي "إنسان جيد,هو ممثل جيد " فأمل تجد حياتها في المسرح, تطلق أفكارها, تعلن عن رفض كل أسباب الإحباط والتدمير والمطاردة, وتتعلق بالفلسطيني بلال الذي يحمل وطنه معه, ويتخذ المسرح منبره الذي يبدأ منه رحلة الوصول إلى الوطن, وقد وجد في المرأة أمل وطن الإخلاص للفن والحياة .
وعلى الجانب الآخر يخوض الإبراهيمي حوارا معمقا مع الدكتور زهران حول مفهوم الثواب والعقاب تناصر نور أستاذها الذي يؤمن بوجود العقاب والثواب في الدنيا والآخرة, معززا رأيه بالآيات فهو يرى أن "الأمم كما الأفراد تحل عليها اللعنة, إذا عتمت وبعدت عن أمر ربها وخرجت عن شريعة الحق والعدل .يكتب عليها الله المذلة والمسكنة " وكأنه يستشرف مستقبل الأمة العربية" ,فالحرية والعدل كل لا يتجزأ, وهذا ما تعالجه نور في المسرحية التي تقوم على حادثة حقيقية نشرتها إحدى الصحف, عن بحار يسكن في قرية ويغيب طويلا , فيتعرض بيته للسطو اثنتى عشرة مرة فيكتب البحار تحذيرا عن وجود قنبلة تنفجر إذا دوهم البيت, لكن اللصوص لا يكترثون وتنفجر القنبلة وتقتل أحدهم وتصيب الآخر بالعمى, فيرفع الأعمى على البحار قضية مطالبا بالتعويض.
تقوم أمل بدور المحامية يؤرقها سؤال الحياة " من ينشد العدل لا يدافع عن اللصوص ,ولا يقف ضد أمن المجتمع " وهى بذلك تطرح السؤال القائم بين الأنظمة الحاكمة والجماهير, ما يجعل البحث عن علاقات بديلة الشغل الشاغل لطلاب الحرية.
كيف يكون الأمر والبحر مفتوح على كل الفضاءات .يشعل في النفوس والعقول القدرة على النفاذ إلى عميق المعاني والحقائق.
وها هو الربان يقدم مشاعر نور وعلى طريقته الخاصة :
- في فنار الأخوين أفضل شاي في العالم
إنه يقرر حقيقة لا خلاف عليها :
- أنتِ تحبين الشاي مثلي .
" أشياء كثيرة تجمع بيننا..أكاد أصدق أنه رآني من قبل "
وفي فنار الأخوين تلتقي بمأمور الفنار, الذي يخاصم زميليه, وينشغل بالكتابة إلى زوجته, مؤجلا الأشياء الهامة لآخر الرسالة, يبثها أشواقه وعذابه بعيدا عنها, وعندما يرجع إلى البيت سرعان ما ينشب الخلاف بينهما , وتطرده صارخة "أنتَ لا تصلح لشيء" فيعود للفنار يذرف الدموع على ابنه الذي هرب من البيت ولم يعد.
رجل الفنار الصامت يعترف أمام نور :
- عرفتُ أن صمتي هو ذنبي..خطيئتي..
نور تنفذ إليه مثل سهم :
- أنتَ تحب الكتابة .
- هي الوسيلة التي أشعر معها أنني ما زلت أعيش وأعامل نفسي كبشر..
ونور على يقين أن في الإنسان قوى مبدعة, إذا ما دربها على السمو تصل به عنان السماء, وأن كل ما اخترعه من معدات هو انعكاس لما لديه من قدرات, .فها هو البحر في روح المأمور الشفافة وإخلاص البحار اليتيم طارق, وحكاية الإعرابي الذي يظهر فجأة حاملا سمكة استاكوزا هدية للربان ثم يختفي في جزيرة منسية مع بناته يرفع الراية إذا بلغت إحداهن سن الزواج..تسأل نور عن الحقيقة في الرواية, يجيبها الربان:
- نسمعها كنوع من الأساطير
ولأن جزيرة الأعرابي ليست كالأسطورة غير مرسومة على الخرائط, يأخذ الربان نور إليها فلا يجدان عريشة ولا رايات ولا بشر كل ما وجداه ضريح لابن بناس, وبقايا نذور,ومقبرة ,والخلخل وهو نوع من القواقع يتكاثر بالتلاصق, يصبح جسدا واحدا من أصداف ذات مصراعين, تتنفس معا تنفتح المصاريع وتظهر الكائنات الرخوة كأنها الهواء..
أي حياة في تلك البقعة المنسية في صحراء الماء, أي خلخل يحفظ كيانه, بالتوحد الجمعي, فيما البشر على الأرض يخوضون الفرقة والصراع والقتل ,لا فرق بين القاتل والضحية, ولا بين السجان والسجين فالكل فاقد لحريته تائه عن منطق العدل.
لكنها الرحلة تمضي, والربان يعلن عن أجمل شواطئ الدنيا في جزيرة برنيس وها هو الدكتور زهران َتعمره شهوات الحياة .وعندما يعود وبينما إحدى قدميه على الأرض والأخرى في القارب تهزمه اللحظة الفارقة ..فجأة يموت..
غاب في موعده !؟ بعد أن تناسخ في تلاميذه ,ليكملوا المشوار..ينعق بوم الحزن لحن الفراق, تحمل الطائرة جثمان شهيد ولا معركة, يصرخ بلال :
- نعود في حزيران مهزومين !!؟
تشرب الفرقة كأس الموت..تمتثل لقرار ربان السفينة, وتعود لمواصلة العمل في المسرحية..ولأن الربان ابن البحر ينفذ الأمر فالحال على الأرض طوارئ والقادم حرب فاصلة. إشارة تقصم ظهر الوقت فجأة..على السفينة العودة إلى خليج السويس.
كان ذلك في بداية حزيران من العام السابع والستين..لم تعرض المسرحية على جمهور المشاهدين في القاهرة الغني, ولا عرضت في الهواء الطلق في المناطق البعيدة.
هي الحرب والإنسان فارسها والضحية
حاجز أمواج
ليل النكسة طويل وثقيل..الربان محظور عليه البحر, والرهبان غادروا الفنارات, وجياد البحر طفو لزج والشواطئ هدير ونذير بالفراق..الربان يبحث عن حاجز يمتص فورة الأمواج العاتية, يغرق في بحر الكتب..يلوذ بقريته سنديس وأمه خالدة نبع الحنان وعصارة المواريث,لا تتوانى عن خلع جلبابها الجديد الوحيد لستر لحم امرأة فقيرة تسعى على رزق عيالها.."كان الأولى أن تعطيها ثوبا قديما " ترد بعفوية جارحة :
- يا سلام هو في وقت للتفكير! محتاجه تلبسه وتروح على شغلها..أنا ضيوفي حبايبي يحضرون من أجلي..يريدوني أنا مش الجلابيه .
خالدة حاجز الأمواج الحقيقي والحافز على البناء وعبور الانسان إلى مرحلة جدبدة .من خالدة تتجلى لنور بديهية غائبة "البناء العام هو في المحصلة بناء خاص لكل فرد يعيش على هذه الأرض "
ولأن البناء ضرورة ملحة, فلا بد من شحذ كافة القدرات والأدوات للمساهمة الفعالة, ولا بد أن يأخذ الفن موقعه ودوره فتعود أمل التي أخذوها من حضن عريسها بلال إلى المعتقل, ويعود بلال الذي التحق مقاتلا في الثورة الفلسطينية مع أخيه معين الشاعر خريج معهد السينما, ويعود كل أعضاء الفرقة لتكتب نور قصة الفيلم, عن شاب مصدوم بالواقع يعتصم بصمته ويعتزل أهل القرية فيما زوجته تحاول الخروج به من الحالة..الربان يقدم فيلا قريب له لتصوير الفيلم, وينجح بلال في إقناع الممثلة القديرة ماما سكينة بالمشاركة وأداء دورها الحقيقي في الفيلم "سكينة فقدت وحيدها الذي اغتيل بعد الهزيمة ولم يدخل الحرب, فأخذها الحزن عليه إلى الصمت وفقدت القدرة على النطق, وأقامت مدرسة لتعليم أطفال القرية "
الروح تعود, وها هو رجل الماء يقضي النهار يرش الماء بصمت جليل يقتل غبار الأرض أمام المارة والسيارات, ويثير إعجاب الجميع كما يثير استخفاف عادل عبد اللطيف الذي ينظر للواقع بتعال أجوف, على العكس من أمل التي تلعب الدور في المسرحية أمامه حتى أعمق خلية فيها, ما يثير السؤال عند نور, "كيف تروض أمل عواطفها نحو رجل ترفضه فكريا وتعارض سلوكه ومواقفه " لكنه الالتزام ضرورة والممثل القدير يخرج من التقمص بعد أداء الدور.
في القرية يتعمق التواصل, وتأخذ الأم خالدة موقعها كقاعدة أساس, فهي التي باعت يوما مصاغها "وهو كثير" ووقفت مع زوجها ولم يتبق لها غير صندوق من خشب الورد فارغ إلا من الحكايات والذكريات "لا خسارة ..المهم أن لا تحدث الخسارة في النفس مهما حصل " وهى بذلك تقدم مفاتيح شخصية الربان, وتفسر تفاني أخته فريدة التي فقدت زوجها والتزمت بـأولادها..فريدة تصنع شايا مميزا أطلقت عليه نور شاي الأصدقاء وعندما سألتها عن سره أجابت بعفوية عاشقة:
- عندما سألت زوجي عن عدد ملاعق السكر في الشاي أريده مضبوط..سكر مضبوط..
ورحل عنها الزوج وقد أودعها عشق أصيل تلخصه الأم نور "في ناس بتحب تعطي, وفريده من النوع ده ..تموت واقفه, تسقط من طولها .."
أي طاقة يحملها هذا النوع من الأمهات ,ومن يستطيع إخضاع شعبا فيه الأمهات يفكرن على هذا النحو ..
الحياة تسير, تتعارض فيها الأهداف والوسائل ,وتتباين الطموحات والرغبات, فها هو عادل عبد اللطيف يستغل نجوميته وعلاقاته, يستدرج فريقا تلفزيونيا لتصوير برنامجا حول الفيلم, بهدف الاعلان عن دوره فيه, ما يثير قرف أمل ولا مبالاة بلال وسخرية معين, فيؤلب عليه الممثلة الشابة منى الموهومة بحبه لها, ويوقعها في حيرة التساؤل حول انجذابها إليه مع نقائضه وانفصاله عن الفريق, وعدم التزامه بالمواعيد, وموقفه الهازئ من إدخال عمل رجل الماء ضمن مشاهد الفيلم, وكذا اعتراضه على دور ماما سكينه, واعتماده مفاجآت غير مقدرة, مثل دعوة الأستاذ عزمي خميس الذي تقاعس عن نصرة أمل وحمايتها من الاعتقال خوفا على منصبه الوظيفي, وهو الذي ما زال يحبها ولا يوفق في التعبير عن ذلك فيبثها شوقا مستفزا:
- يبدو أن تجربة السجن زادتكِ بهاءً.
تصده أمل المقاتلة واضعة النقاط على الحروف :
- من أجل هذا توسعتم في المعتقلات ليشع البهاء على مستوى القاعدة ..
في الريف تعكس الطبيعة نفسها فتكتشف منى تناقض شخصية عزمي "المصيبة في الأستاذ عزمي أنه يقول عن نفسه ضحية وهو محارب متوحش "..وتغير الأم خالده رأيها في السينما بعد أن رأت الجهد المبذول في الفيلم لتوصيل فكرة نبيلة, ونرى كيف يقتنص معين ماما سكينه وهى مندمجة في همها فيأخذ الكاميرا موثقا دورها وهي تحمل ثياب طفل مؤكدة أن ابنها لم يمت..
لكنه القدر المترصد يأتي على غير ميعاد حاملا خبر استشهاد الأخ الاصغر للربان, وتتحول الدار إلى بيت عزاء وتصبح الرواية حقيقة تضع الجميع في بؤرة الاختبار..
يتوقف العمل..كيف يكون الحال في بيت يتبارك الناس بماء بئره يعتقدون أن سرا يسكنه..لا عجب فالناس في سندبيس يتداخل لديهم البشري مع المقدس تكريسا لمعنى "الدين المعاملة" فالقرية تحتضن المئذنة وقبة الكنيسة في تآخي سرمديّ وتقيم ضريحا لنجار صالح كان يعطي ولا يأخذ..
الناس في خشوع, أمام لوعة الأم التي أخذتها رجفة الصدمة, ورأت عرسا في السماء.." السماء إزينت لك يا حبيبي.. كده مره واحده.. وبعد الناس ما تكبر وتنضج وتبقى في عز عزها تتخطف كده..طيب تتمتع بحياتها الأول..تنتصر وتفرح بعملها وتعطي أكثر.. "
وحتى يعطي الشهيد أكثر, تتبنى أمل إقامة مدرسة تحمل اسمه وتنذر نفسها لتنفيذ الفكرة, وهذا معين يمتص حزن عايده بنت فريده, فيحدثها عن صديقه عيسى الذي كان يجالسه بجوار الأماكن المقدسة, يعلم الواحد منهما صديقه تعاليم دينه, وكيف قضى عيسى تحت أنقاض بيته الذي نسفه اليهود, وكيف أخذه القسيس في عباءته وطلب منه أن يغمض عينيه وأن يفتحهما, فيخبره القس أن روح عيسى صعدت إلى السماء ولكنه باق معه ولذلك خلق الله الذاكرة..
وحتى يظل الشهيد في الذاكرة يقرر معين البقاء مع عايدة يعملان في مدرسة الشهيد..وليسمعا رجل الماء ينطق بعد طول صمت :
- أمر الله نفذ..وله الأمر..
وعندما يسأله معين عن العمل يجيب:
- الشغل الحقيقي عمره ما ينتهي.
ولأن الفكرة الأصيلة لا تموت, فإنها مع الصبر تبقى حاجز أمواج يحمي الشواطئ من شرور الأمواج العاتية لذا تنطق ماما سكينه بعد طول غياب:
- كيف حال جدتكِ يا عايده..
أما بعد
فهل أرهصت الكاتبة فوزيه مهران أن الجياد تقفز عن الحواجز في المواعيد الحاسمة كما حدث في ملحمة العبور..؟
* صدرت رواية جياد البحر عن مؤسسة روز اليوسف-سلسلة الكتاب الذهبي عام 1977 وصدرت رواية حاجز أمواج عن مؤسسة روز اليوسف عام 1988, ويظهر الكثير من تفاصيل عالم البحر في قصص الكاتبة في مجموعة فنار الأخوين ومجموعة أغنية للبحر.






#غريب_عسقلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العودة إلى الحنين
- قراءة في رواية الصبي والبحر للكاتب توفيق أبو شومر


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غريب عسقلاني - الجياد تقفز عن الحواجز