|
ونطح الصخرة
شهاب رستم
الحوار المتمدن-العدد: 2047 - 2007 / 9 / 23 - 09:48
المحور:
الادب والفن
لم يكونوا سوى سبعه ، يستعدون لزفاف رفيقهم . العريس قلق ، يسير بخطى ثقيله داخل البيت ، يضرب بقدمه الارض فيتصاعد غبارا متناثرا ، يضرب علبه سكاير فارغه ، يدمدم بصوت مسموع يسأل : ألم يحضر الرفيق سلام يرد عليه احدهم ، لا دكتور سلام لم يحضر لحد الان . قرص الشمس الاحمر الملتهب يتجه نحو الافق البعيد . العريس .. لماذا لم يأت سلام . ربما حصل له مكروه ، ام انه نسي الموعد ؟ يشعل سيجاره بغداد ، اللعنه على سيكاير بغداد .. لا تستطيع ان تتركها برهة فتـنطفيء ... صدق من قال ابو لطفي بساع يطفي . نادى احدهم .. دكتور سلام وصل ، انظروا كيف يسحب خطاه من التعب . كان يسير بخفه بالرغم من تعبه ، و تعب السنين . الشيب غزا مفارقه ، ونشر شباكه على وجهه . علق بندقيته الكلاشنكوف على كتفه الايمن ، مازح رجل مسن ، اعطى قطه حلوى لطفل صغير. العريس تأخرت ؟ نعم ، تأخرت كنت راكب سيالره رينو 11 * . الليل رمى شباك الظلام ، جلسا الرفيقان سويه ، تحت نور المصباح الخافت . راحوا يتحدثون عن ذكرياتهم المدرسه ، سنوات النضال السري ، السجن ، رفاق صعدوا المشانق شامخين ** . ليله حالكة الظلام ، الريح هائج ، تلفظ حمما لاهبه فيحس المرء بالعطـش ، مهما شربت لن ترتوي .اشعل سلام سيكاره سومر ، العريس هو الآخر اشعل سيكاره سومر اخرجها من علبه رفيقه ، سحب نفسا عميقا ، امتلأت رئـتيه بالدخان ، اخرج الدخان من فمه على شكل حلقات ، اتكأ على الوساده ، ثم قاال لرفيقه : غدا سياتي اهلي بالعروس من المدينه ، سنكون نحن بانتظارهم في قريه *** اما انت ستبقى هنا لتشرف على الامور . هز سلام رأسه موافقا ، ودخان السيكاره يتطاير من حوله . تحدثا في امور كثيره ، فكروا بكل شيء ، سوى انهم في حرب مستمره . ناما ليلتهم بشكل متقطع ، الشمس اشرقت في ذلك الصباح الصيفي .
استيقظ سلام مبكرا ، وزع الاعمال بين الموجودين في البيت ، الكل يتحرك مثل النمل ، يشتغلون ولا يتحدثون مع بعضهم البعض . سلام جالس على صندوق خشبي ، يتطلع هنا وهناك ، تثائب ، تنهد ، ثم تنفس الصعداء . صوت من بعيد .... لا عاش من يغيضك !! القى بنظره على التل الواقع غرب القريه وعلى الكوخ الصغير القابع فوق التل ليقي الحارس من شمس آب اللهاب . الساعه تشير الى التاسعه والدقيقه الخامسه والثلاثون ، الجو حار جدا ، دخل احدهم وهو مرتبك ، يلهث ، و يصلرخ هجوم ، هجوم ، جيش ، جحوش . استعدل سلام جلسته وسأل من هجم ؟! الدبابات تتجه نحو القريه ، تتبعها سيارات ايفا العسكريه ، مدرعات ، سيارة جيب تحمل مدفع 106 ملم غرب القريه خلف التل ، جنود مسلحين ينتشرون حول القريه . حمل سلام بندقيته ، خرج بصحبه العريس من البيت ، التقيا بـ (( علي)) وهو يسأل ... ماذا نفعل سلام .. نقاتل !!!!! علي : مادمتم انتم الكودار السياسيه تقاتلون فنحن اهل لها . على الجانب الايسر من القريه ستة مقاتلين مع علي ، وفي الجانب الايمن ثمانيه مقاتلين . بدأت البنادق تلعلع ، تزغرد للعرس ، مدافع الـ 106 ملم يلفظ جمرا ، الجدران تنهار واحدا تلو الاخرى ، طائرات سمتيه تحلق فوق القريه . الخنادق تحتضن الاسود ، الشمس ترسل باشعتها فوق قحف الروءوس . وامراللواء بارق عبدالله حاج حنطه يصدر الاوامر بالهجوم على القريه ، البنادق ترد عليهم لتصيب اهدافها بدقه . الجنود يديرون ظهورهم هاربين بجلودهم ، الهجمات تتكرر ، يتسلقط الجنود كاوراق الخريف . سياره الجيب التي تحمل المدفع 106 ملم بعيده عن مدى الكلاشنكوف ، ولكن البرنو يصرخ صرخه مدويه لتعيد امجادها فتزغرد للعرس ، فتفقد سياره الجيب سائقها ، وتزغرد البرنو ثانية وثالثه فيهرع جميع من كانوا على متن السياره . الطائرات السمتيه ما زالت تحلق ، تسقط اكواما من الصواريخ والقنابل لتحرق البيوت ، اربعه قرويون بلا حول ولا قوه وضعت السلاسل بايديهم والرصاص في صدورهم ليسقطوا شامخين. طبول العرس ما زالت تقرع ، والمقاتل العنيد دلشاد اقفل باب الغرفه من الداخل ، يسدد بندقيته التي لا تخطأ . وسلام يعلم الطغاة درسا في القتال ببندقيته الثاقبه النظر . العريس يصرخ ، يجب على الكوادر ان لا يخطأوا التسديد . بارق جالس في خيمته ، يراقب عن كثب الاحداث ، ينظر من خلال ناظوره العسكري ، يشاهد جنوده يتساقطون ، الدخان يتصاعد من القريه . يركل الكرسي ، يضرب بقبضته على الطاوله ، ثم يمسك طاقيته ويضرب بها الارض . يضرب الطاقيه برجله ،غاضبا وهو يقول لقد فشلنا . آه... لو كانوا هوءلاء تحت امرتي لجعلتهم يقتلون كل الايرانيين . يالهم من قناصين ، من علمهم الرمايه ، اين تعلموا الرمايه ؟ لماذا لا يخطأون ؟ يوخز احد المقربين منه صاحبه وهو يقول لقد نطح راسه باالصخرة *، ولم يتفظ من من سبقوه !!!.
*اقصد بها السير على الاقدام *كان بارق عبدالله حاج حنطه امر اللواء في كلار يقود المعركه * سلام والعريس من رفاق الصقور الحمر * التقيت باحد الجنود الهاربين وكان يوم المعركه من الجنود لمقربين لبارق ضمن حمايته الشخصيه فسرد لي الجانب الاخر من المعركه ، اما المقاتلين البيشمه ركه كنت معهم شخصيا . * المعركه وقعت يوم 24/8/1984 في قريه سيد خليل الواقعه على بعد عده كليومترات من قضاء كلار وفي ارض مسطحه . نطح راسه بالصخرة يعني ان المقاتلين البيشمه ركه معروف عنهم اشداء ، فلم يتعظ من الذين قبله في معاركهم الخاسره امام البشمه ركه .
#شهاب_رستم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصيدتان للشاعرة النرويجية انجر ياغورب
-
رئيس الوزراء في حارتنا
-
الشخير
-
قصيدتان للشاعرة النرويجية إنجر هاغَروب
-
اشاعة الديمقراطيه
المزيد.....
-
مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان
...
-
الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل
...
-
فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل
...
-
-سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال
...
-
مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م
...
-
NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
-
لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
-
فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر
...
-
هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا
...
-
فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي
...
المزيد.....
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
المزيد.....
|