أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عصام الياسري - اذا ما توقفت الحضارة تاثر الغناء















المزيد.....

اذا ما توقفت الحضارة تاثر الغناء


عصام الياسري

الحوار المتمدن-العدد: 2041 - 2007 / 9 / 17 - 07:39
المحور: الصحافة والاعلام
    


أخذت هذا العنوان من مقدمة المؤرخ والفيلسوف العربي عبد الرحمن بن محمد بن خلدون، وليس من اليهودي الهولندي برتغالي الأصل سبينوزا. لكن ماذا يعني ابن خلدون بهذا الوصف الجمالي والفلسفي الدقيق؟. يعني به المسافة بين التعليم والتلقين، التطور والإبداع، ومدى العلاقة الجدلية والفكرية بينهما بالمطلق. وإذا كان بن خلدون يدرك تماماً بأنه عندما يصطدم العلم بظلام العقول، تحيد الثقافة والفنون، لكنه لا يشك لحظة بأن علم المنطق الذي يقود إلى الحقيقة، هو أساس الحركة نحو التغيير والرقي في عوالم المجتمعات والشعوب.. وأخذت من هذا المدخل وسيلة للتعبير عن وجهة نظر ملتزمة في مسعى لكشف ما هو مستور، لأنني مؤمن بأن التغيير الفكري والسياسي لا يمكن أن يتحقق إلا بقول الحقيقة وتحمل مسئوليتها.

كنت قد نشرت في عدد 8 من نشرة الدليل الإعلانية الصادرة في برلين، موضوعاً للرد على ما جاء من رأي في عدد سابق "حول الجاليات العربية" يحمل الكثير من الإثارة المقصودة. وواضح أن مضمون مقالي لم يفهم قطعاً، السبب الذي جعل تعقيب الدليل عليه يأتي متشائلاً. أما بالنسبة لي كان فرصة للإيضاح وإبداء الرأي مرة ثانية في بعض المواضيع الجديدة التي تناولها العدد، انطلاقا مما هو متعارف عليه من تقاليد شرعتها مهنة الصحافة، وأسست لها كل وسيلة إعلام محترفة.

أما وأن القائمين على تحرير مواد نشرة الدليل محدودة الصفحات غير الإعلانية، يجهلون اعتبارات "التوضيح" كتقليد مقدس، مسألة نشره شبه إلزامية. قد حسموا أمرهم باتجاه عدم النشر رغم تعهد صاحب الامتياز. لأسباب كما أعتقد تتعلق بالنقد الصريح والكشف عن بعض الممارسات والمواقف الزائفة التي ينتهجها البعض في كتاباته باستمرار، لغاية في نفس يعقوب. الأمر الذي اضطرني إلى كشف ما أجده مناسباً عن طريق النشر بالوسائل المتاحة، وليس بهدف فتح سجال، بعيداً، عن الموضوعية، لننغمس بالقيل والقال الذي يحاول الدليل جرنا إليه. أيضاً بهدف التوضيح لفائدة المتناول والمتلقي بالشكل الذي يسمح لنا سوية، معالجة قضايانا بروح رياضية .

وما كنت أريد الرد بشكل واضح لولا حنقي للأسباب المشار إليها أعلاه، والتي تعرض فيها بعض كتاب الدليل إلى مسائل لا تتعلق بالكتابة ومتعة العمل، إنما تتعلق بالخاص والعام، في صميم فكرنا وحضارتنا ووطنيتنا، دون الأخذ بالقيّم والتقاليد ومنها آداب الكلام بنظر الاعتبار. ولولا تأكدي من أن ادعاء الدليل "الحيادية" وتظاهرها "بالحرص" ما هو إلا عملة زائفة، كشفها عدم نشر التوضيح وسلوك الإدارة، لما شغلت نفسي بهذا الأمر.

في مقالتي السابقة كان لا بد من كشف بعض الحقائق، ووضع الأخطاء التي لم تعرج عليها افتتاحية الدليل،على حافة المركب، بهدف المعالجة والبحث عن حلول للإشكاليات القائمة التي تعاني منها أغلب الجمعيات.. إلى ذلك فأنني قد أشرت إلى أننا لا نختلف في المضمون، لكننا نختلف في ثلاث مسائل جوهرية تتجاهلها الدليل، موقفاً وأسلوباً، حيث جاء التعقيب ليؤكد أوجه الاختلاف من جديد.

ومن أوجه هذا الاختلاف، أسلوب التعميم المجازي، وتصور الدليل ظاهرة انتشار الجمعيات العربية على أنها ظاهرة سلبية خطيرة "طبعاً لم يذكر سبباً منطقياً واحداً لحد الآن" كذلك ولأسباب مجهولة، عدم الإقرار بأن هناك جمعيات عربية كثيرة قد قدمت بالملموس ما من شأنه مثمر ومتميّز.. فيما أرى في انتشارها، شأناً إيجابيا، يحد من ظاهرة التسلط والاحتكار، كما أنه حالة ضرورية تتعلق بشكل مباشر مع حرية الرأي والتعبير التي تؤكدها مفاهيم الديمقراطية، والمشكلة حسب رأيي ليس بالكم، إنما حصراً بنوع وأساليب القيادات المهيمنة على هذه الجمعيات، الأمر الذي يتطلب المعالجة الفكرية والتحريض على تغيير الأنماط المتخلفة، شكلاً ومضموناً، من الجذر.

أما مسألة دور الصحافة في معالجة هذه القضية أو تلك، فما يعني الدليل فقط إلقاء الضوء على المشكلة، وترك المعالجة للخبراء "كيف، وما هو عمل الصحافي لم تشير إليه" بمعنى أنها تريد إعفاء وسيلة الإعلام من التزاماتها الأخلاقية، وحجر الصحافي في زاوية بعيداً عن مسؤولياته الحرفية التي تشكل مهمة التوعية، أسلوبا ومنهجاً، أحد معالمها التي تقود إلى المعرفة والتنمية، وهو جزء من عمل الصحافي النوعي، علماً بأن ليس هناك من وسيلة إعلام تطرح أي قضية بالطريقة التي تريدها الدليل، فهي أما أن تتناولها من كل جوانبها أو تترك الأمر وشأنه، لا أن تضع نفسها "رقيباً"، يتحمل المسؤولية بالنيابة عن الآخرين.

ويرتكز العمل الصحفي وفقاً للمفاهيم الحرفية وهو ما لا تعمل به الدليل، على أسس علمية معاصرة، تحدد كل منهج من مناهج النشر والكتابة، أصوله وفلسفته.. والفرق بين المقال الإنشائي الذي يعالج قضية ما، والخبر والتحليل والنقد والحوار والبحث، واضح ومعروف بين أصحاب المهنة. بيد أنها جميعاً تخضع لقوانين وأساليب ينبغي أن يتعلمها الصحافي، ويتكيّف مع أي نموذج يؤهله للتعامل مع أي قضية من القضايا، ومن المعيب أن يتناول الناشر موضوعاً نقدياً في صفحته، يخلو من التحليل والوقائع، ويطلب ممن خارج دائرته، القيام بمعالجته، لكنه يستطيع اختيار محور معين كملف خاص يدعو المعنيين وأصحاب الرأي لمعالجته.

أنني افهم الدليل كنشرة تجارية تكسب من وراء عملها معاش العاملين فيها، لكن لا ينبغي لها أن تتعامل بازدواجية المعايير بالطريقة التي تشتهيها تحت شعار ما يسمى بـ "الحيادية" الزائفة تارة، أو الإثارة تحت حجة مهمتنا، هي تسليط الضوء ليس إلا، تارة أخرى.. فالدليل بأسلوبها غير الموضوعي بكل الاتجاهات، تريد بسبب الإفرازات الاجتماعية التي تعاني منها الجالية العربية وظروفها، أن تجعل من نفسها رقيباً على الجميع، في الوقت الذي بإمكانها أن تسهم مع الخيرين في تعميق العلاقات بين أبناء مجتمعاتنا عن طريق النقد البناء، دون المساس بالضوابط العامة، وهذا ما ينبغي أن تلتزم به فكرياً وحضارياً، كل وسيلة إعلام مسئولة.

وإذا كانت الدليل بملء الفم تفتخر بحملتها على الجاليات العربية ومؤسساتها، كان عليها أن لا تطلق العنان لأحد كتابها "بسام عويضه" لأن ينتقل للاستخفاف بالعقل العربي، انظر افتتاحية "العقول العربية المهاجرة في أوروبا ـ الدليل 8 " وهي رغم استثناءاته، مقالة تنم عن عقدة ما لديه. أورد ما جاء في خاتمتها فقط، ليفهم القارئ الكريم، سخافة المضمون الذي ليس له أي علاقة بنقد وترميم العقل العربي على الإطلاق:ـ كل ما أريد قوله أن طريقة التربية في العالم العربي خاطئة، نوع الديسك في عقل الإنسان العربي من النوع الرديء، بحاجة إلى تنظيف، قصدي إلى تبديل، ووضع ديسك آخر، مختلف تماماً، نحن بحاجة إلى تربية جذرية شاملة، جديدة، أخرى. انتهى النص.. انظر إلى كلمتيّ "رديء وتبديل" هذا هو بيت القصيد، حيث يريد لنا الكاتب أن ننتزع من عقولنا، ثقافتنا ذات الحضارة المشهود لها حتى اليوم، لنعوضها بعقل يتعاطى مع الفكر الاستعماري ولربما الصهيوني أيضاً.

ولم يكتفي السيد عويضه من الاستخفاف بعقولنا وإهانتنا كعرب في مقالته السابقة، إنما عرج علينا في مقالة جديدة تحت عنوان " نقد العقل السياسي الفلسطيني" الدليل 9 " للنيل من العقل الفلسطيني، وأكتفي بنقل مقدمته: ـ أجزم بداية، أنه ربما يمكن القول، أو ربما يمكن التساؤل، هل يوجد عقل سياسي فلسطيني ـ إلى ما جاء في آخر المقال: بالمختصر المفيد هناك خلل كبير في التفكير داخل العقل السياسي الفلسطيني بجمع أطيافه السياسية، انتهى النص.. ولا أريد مناقشة فهمه، لمفهوم " عقل " الذي لم يستطع العلم الوصول إلى تفكيك جزئياته، فيما يختزله عويضه في مكان آخر بالتالي: هو كيف يستطيع الإنسان اختراع أو ابتكار طريقة أو طرق التفكير.. يا سلام، كل هذه الجعجعة ونخرج بالنتيجة، وفسر الماء بعد الجهد بالماء.. يبقى لماذا يصر كاتب المقال على وضع العقل لخدمة التفرقة بين أبناء الجاليات العربية، والفرقة لخدمة الدليل وسواها من الوسائل والأفراد؟.

وعلى السيد عويضه حينما يدرك أنه قد ضمن شهاداته العليا من جامعات هارفارد أو اكسفورد أو كامبردج أو جامعة هايدلبيرج الألمانية، واطمأن على ختم فلسفة الجابري وسبينوزا وفورباخ، واستطاع وقف الاستمرار بملء الفراغ، من خلال تحريفه وتحويله المقالات الصحفية المنشورة إلى مقابلات دون علم كتابها، لأجل كسب المال. عليه أن يعلم بأن العقل العربي لازال حيوياً، لن ينتظره أو ينتظر منه خيراً، كما سيبقى هذا العقل العربي، مستنيراً، أميناً على تطور حضارته وإعلاء شأنها فكرياً وثقافياً وعلمياً.

كلنا نعاني من نقص من نوع ما، اكتسبناه داخل مجتمعاتنا لأسباب كثيرة منها الفوارق الاجتماعية والعوز المادي والاضطهاد السياسي أو الحروب والاحتلال، لا يصح أن نعتبر أنفسنا عباقرة نمتلك المعرفة والثقافة لأننا قرأنا كتاباً أو كتابين، وحفظنا اسماً أو اسمين، أوضاعنا هكذا، وعلينا أن نلملمها بحكمة ومسؤولية، لا نجعل من الاستثناءات ساحة للتراشق، ولنعلم بأن التواضع هو الطريق نحو الرقي ومفتاح الأمل والسعادة، كما هو الشكل الأنسب للدلالة على من هو المثقف.

إن بن خلدون، الفيلسوف العربي الذي لازالت علومه حاضرة بين الأمم، أراد بفلسفته أن يوجه أنظارنا إلى أن "الثقافة " وأعني بها العربية، تستمد أصالتها في حاضر الزمان والمكان، من حضارة عربية عريقة، تجاوز عمرها سبعة آلاف سنة، ولاتزال أساس العلم والإبداع إلى ما لا نهاية، وأن العقل العربي، سيبقى البئر الذي تسقى ومنه ترتوي.. ومن يستطيع أن ينكر بأن للعرب أينما حلوا وترحلوا، "عقول" لها دورها في العلوم والفن والثقافة ما يكفي لان تحتضنها حضارات مجتمعات بكاملها، فكم من علامة وخبير عربي يحتل مركزاً مهماً في مؤسسات مدنية ودولية في العالم.

مرة أخرى أقول أن ما تناولته في كتاباتي ومنها هذا الموضوع، ما هو إلا مسعى بسيط لتصحيح المسار قدر الإمكان، وفقا لقناعتي بأنه يجب أن يكون للإعلام دوراً متميزاً في معالجة كل الإشكاليات والقضايا وعلى الصحافي أن يكون منضبطاً أمام التزاماته. وهو بقدر ما يكون موقفاً أخلاقياً، أيضاً موقفاً مسئولاً، آخذاً " أي أنا " بنصيحة شارل الأول ملك بريطانيا " لا تُفسر ولا تعتذر" يعني اعمل بما يخدم ويُفيد كما يمليه عليك الواجب والضمير، وعلى الآخرين تقدير الموقف.



#عصام_الياسري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجاليات العربية في المهجر بين النقد اللاموضوعي والاقصاء
- الحروب أحد أسباب تراجيديا الصراعات النفسية عند الأطفال..
- هل يعيد النظام الجديد في العراق إلى الأذهان فكرة صدام الخطير ...


المزيد.....




- اكتشاف ثعبان ضخم من عصور ما قبل التاريخ في الهند
- رجل يواجه بجسده سرب نحل شرس في الشارع لحماية طفلته.. شاهد ما ...
- بلينكن يصل إلى السعودية في سابع جولة شرق أوسطية منذ بدء الحر ...
- تحذير عاجل من الأرصاد السعودية بخصوص طقس اليوم
- ساويرس يتبع ماسك في التعليق على فيديو وزير خارجية الإمارات ح ...
- القوات الروسية تجلي أول دبابة -أبرامز- اغتنمتها في دونيتسك ( ...
- ترامب وديسانتيس يعقدان لقاء وديا في فلوريدا
- زفاف أسطوري.. ملياردير هندي يتزوج عارضة أزياء شهيرة في أحضا ...
- سيجورنيه: تقدم في المحادثات لتخفيف التوتر بين -حزب الله- وإس ...
- تواصل الحركة الاحتجاجية بالجامعات الأمريكية للمطالبة بوقف ال ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عصام الياسري - اذا ما توقفت الحضارة تاثر الغناء