المصريون .. شعب بلا كرامة

ابراهيم الجندي
صحفي ، باحث في القرآن
(Ibrahim Elgendy)

الحوار المتمدن-العدد: 2039 - 2007 / 9 / 15 - 12:35
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    

هذا العنوان ليس من عندى ولكنها عبارة وجهها أحد الضباط الليبيين لشاب مصرى كان يعبر ليبيا الى ايطاليا هاربا من جحيم مصر ، تكررت العبارة فى الكويت اثناء تعذيب شابين مصريين هناك ، وتتكررت فى السعودية والاردن وبعض العواصم العربية الاخرى، واهانة المصريين فى الحقيقة نابعة منهم وليس السعوديين او العراقيين أو غيرهم !!
تعالوا نتأمل ودون عصبية اسباب ما حدث من تعذيب واهانة للشبان المصريين فى البلدان العربية .
ففى ليبيا ..قرر عدد من الشبان المصريين دخول ايطاليا " تهريب " مستخدمين الاراضى الليبية كمحطة للهرب وفى النهاية تم القبض عليهم وتعرضوا للتعذيب هناك!!
فى السعودية .. يخالف المصرى القواعد الموجودة هناك نظرا لاختلافها مع طبيعته ، واكبر مثال على ذلك مشكلة " الكفيل " التى يعانى منها المصريين هناك ، فعلى الرغم من موافقة المصرى على السفر والعمل والتحرك من خلال كفيل يعلم ( مسبقا ) انه سوف يتحكم فى كل شىء حتى انفاسه ، الا انه سرعان ما يتململ من هذا النظام متهما اياه بالعبودية ، فلا هو يترك العبودية ويرحل الى بلاده حيث الحرية ، ولا يتوقف عن الشكوى والنقد ، بالاضافة طبعا لضجره من نظام المطوع الذى يضربه بالعصا فى الشارع على مؤخرته اذا لم يؤد الصلاة فى مواقيتها !!
وفى أمريكا واوربا.. يسافر المصرى الى هناك و يحترم النظام بسبب صرامة القوانين ، الا انه من الداخل غير مستريح نظرا لأن الديانة فيها مسيحية والقانون يسمح بالخمر ولحم الخنزير وعدم ارتداء المرأة للحجاب ، والعرى .........الخ !!
وهو يتمنى من اعماقه ان تنتشر ديانته وتقاليده واعرافه فى البلد الجديد على الرغم من هروبه من جحيم بلاده بحثا عن دخل افضل.
المشكلة ان المصريين غير قادرين على البقاء فى مصر وغير قادرين ايضا على الاندماج فى الدول العربية ولا فى الغرب !!
انا لا ادافع عن التعذيب والاهانة لأى انسان لأى سبب لأن التعذيب والاهانة ضد الطبيعة الانسانية بالاساس ، ولكن على الجانب الاخر يجب على الانسان ان يتسق مع نفسه ، وان ينصاع لقوانين البلد المضيف حتى لو اختلفت مع ما يؤمن به من اديان وتقاليد.
فهل يعقل ان يستخدموا الاراضى الليبية " للهرب " الى ايطاليا ؟ ثم ما هو المتوقع من السلطات الليبية بعد القبض عليهم ومخالفتهم لقوانينها ؟
ما هو رد فعل الكفيل السعودى حينما يتمرد عليه المصرى الذى وافق بارادته الحرة على ان يسافر اليه ليتحكم فى تصرفاته وسكناته وانفاسه " كالعبد " مقابل مبلغ معين ؟
هل المشكلة الاقتصادية التى يعانيها المصرى فى بلاده هى مسئولية الليبيين والسعوديين وباقى دول الخليج ، أم انها مشكلة المصرى مع سلطات بلاده التى تمارس معه اقسى انواع التعذيب والاهانة اذا ما تمرد عليها ؟
اذا ناقشت اى مواطن بسيط عن الاوضاع فى مصر ، فهو يسارع الى القول ان مصر غنية لكنها مسروقه من حكامها ، وان كان عوام الناس لا يملكون احصاءات محددة عن الدخل القومى وحجم الاموال المسروقة ، الا ان لديهم قناعة ان هناك من يسرق قوتهم ، ومع ذلك لا ينخرطوا فى الاحزاب ولا النقابات ولا منظمات المجتمع المدنى لتجميع الصفوف ومعارضة النظام والحصول على مكتسبات ان لم يكن اسقاطه واحلال بديل مكانه !!
المصريين منتظرين بطل يحل لهم مشاكلهم ويرفع عنهم الظلم ويوفر لهم فرص العمل والمسكن والزواج والسيارة ايضا ، بل ويوفر لهم العزة والكرامة خارج الوطن حينما يخالفون قوانين البلدان الاخرى!!
هذا البطل لن يأتى

#ابراهيم_الجندي (هاشتاغ)       Ibrahim_Elgendy#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين