جيل الله المختار

سعيد محمود

الحوار المتمدن-العدد: 2028 - 2007 / 9 / 4 - 07:11
المحور: الصحافة والاعلام
    

جيل الله المختار

كان التلميذ دائم التشكي لمعلمه: "انك تحجب عني سر الزن الأعظم".
و ما كان ليقبل إنكار المعلم.
ذات يوم، بينما كانا سائرين على التلال، سمعا طائرا يغني.
"هل سمعت ذلك الطائر يغني؟" قال المعلم.
"نعم" قال التلميذ.
"حسن. فأنت تعلم الآن أني لم أحجب عنك شيئا".
"نعم".

أغنية الطائر
أنتوني دومِلو

تقدم لنا هذه القصة القصيرة مثالاً رائعا عن شفافية العلاقة بين الأستاذ و تلميذه و ماهيتها، كما تشرح الدور الهام الذي يقوم به المعلم لكشف دروب الحقيقة و البحث و الإبداع أمام تلاميذه.
للأسف يفتقر الوسط الصحفي السوري إلى هذه العلاقة الصحية و السليمة!!
إن العديد من السادة الصحفيين الذين يعتبرون أنفسهم أساتذة في مجالهم، يعتقدون أنهم اخترعوا الصحافة و ربما يطالبون قريبا ببراءة الاختراع!!
كما يعتقدون أيضا بأن الكتابة الصحفية ستنقرض بمجرد رحيلهم و ستنضم إلى فصيلة الديناصورات.
هذه الفئة لا تتوانى عن نقد و تحطيم و تدمير أية محاولة صحفية شابة حتى و لو كانت مبدعة و مهمة – جوابهم المعتاد:"مين هادا؟"- و كأنهم كانوا أسماءً كبيرة مذ كانوا نطافاً!!!
و يقومون بهذا التدمير من داخل أبراجهم العاجية التي سجنوا أنفسهم فيها و أحاطوها بعدة أسوار متينة من جنون العظمة و تشكيلة واسعة من الأمراض النفسية الأخرى.
إن أهم شيء بالنسبة لهؤلاء السادة هو تكرار أسمائهم في أكبر عدد ممكن من الصحف و المجلات، حيث يتم ذلك بفضل مراكز بعضهم و بفضل الشبكة العنكبوتية الهشة التي شكلوها فيما بينهم و التي تتيح لكل واحد منهم أن يهدي الآخر زاوية أو عاموداً في الصفحة التي يكون مسؤولاً عنها، بالإضافة إلى اللقاءات العديدة التي يجرونها مع بعضهم أو المقالات الكثيرة التي يكتبونها عن بعضهم.
هنا بالتحديد تكمن الكارثة الكبرى حيث تتحول صفحات الجرائد إلى طاولة سُكر في مطعم الريس أو نادي الصحفيين أو ..
لماذا يتخيل هؤلاء السادة أن الشعب ينتظر الجريدة صباح كل يوم ليقرأ فيها عن نزاعاتهم و سهراتهم و أحاديثهم الخاصة التي دارت على الطاولة ليلة أمس، يبدو أن نرجسيتهم أنستهم مهمتهم الحقيقية، ألا و هي الكتابة عن الناس و للناس، لا كما يفعلون، أي الكتابة عن أنفسهم و لأنفسهم على صفحات الجرائد.
أما عندما يكون أحد هؤلاء السادة الكرام مسؤولاً عن صفحة أو عن مجلة ما فإن هذا الموقع يتيح له ممارسة شتى أنواع عقده الكثيرة و المتعددة الأطياف، بدءا من قبول المقالات الأنثوية فقط و انتهاءًً بتوجيه النقد اللاذع و الهدام.

و قد يفرض صحفي شاب وجوده و نجاحه المتكرر، فيصرّح أحد هؤلاء الأساتذة:
" هذا تلميذي"، على الرغم من عدم وجود أية علاقة أو معرفة قوية بين الاثنين، إلا إذا اعتبر الأستاذ الجهبذ أن كلمتي (مرحبا- أهلين) مدرسة في عالم الكتابة الصحفية!!

فليبق هؤلاء الأساتذة في أبراجهم العاجية العالية. و ليسمحوا لي بأن أهمس لهم من الأسفل: " جيل الله المختار، مجرد خرافة

#سعيد_محمود (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات