|
النًخبة وادمان الحفر
عادل الحاج عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 2025 - 2007 / 9 / 1 - 10:36
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
النًخبة وادمان الحفر سجال بين حفريات المعرفة وحفريات النبش
عازف (( كان ثمة عازف بيانو مثّل مرة دور العازف الزاهد الذي هو في خدمة الموسيقى، وتحول الآن الى فنان عديم الخجل، افضل بقليل من..... الموسيقية، إنه رجل يروج لاسطوانته على أنها الأولى ويعلق الآمال على المُقابلة الحية في جذب الانتباه إليه!))
((ادورد سعيد، 1983)) [1]
مدخل تابعتُ كغيري من المهتمين بما يتم كتابته ونشره في المشهدين السياسي والثقافي السوداني؛ وامعاناً في التحديد والمباشرة وإن كنت ابغض هما. اذ اعني هنا مجموعة من المقالات كان قد خطها يراع الأستاذ الدكتور عبد الله علي ابراهيم. والتي جاءت كحلقات يمسك بعضها بتلابيب الآخر، يُميِّزها في الإجمال "البحث" في سيرة الدكتور منصور خالد. لا اخفي ارتيابي منذ المبتدأ، من الغرض وراء تلكم المقالات بل وعلى الشاكلة التي اتخذتها لاحقاً. وان كان ما جعلنا نُمسك عن التعليق المباشر حيالها هو المسافة التي تفصلنا عن الرجلين. فالدكتور عبد الله علي ابراهيم لا يحط من ابداعاته واسهاماته الفكرية الآ من كان به غرض! ناهيك عن الحشمة Demurenessالعلمية التي تتوسلها كتاباته فهذا ايضاً لا فِصال فيه. اما على الضفة الموازية؛ فالدكتور منصور خالد لم يكن في حوجة اصلاً لأحدٍ مثلنا يحدث الناس عن فضل اسهامه السياسي والفكري فتلكم ان جاء بها احد لا تزيده شئ، بل تجعله يفيض زهوّاً وسموّاً.
اذا جاء المشهد في مجمله حديث للكبار، فما كان لمجموعٍ كبير من ابناء وطنهما الاّ ان يُتابعوا تلكم المقالات علّها تزيدههم عِلماً بالخفايا التي ما يزال يُضمرها التاريخ المعاصر للسياسة السودانية. جاءت المقالات والتي مصدرها الأساس البحث في ارشيف "جريدة الناس"، تناوش في كل حدب وصوب لم تسلم منها الاّ فرقة "ناجية"، اصطفاها كاتب البحث وعَصمها عن الذكر!. وكنا كما الآخرين نتابع ارقام المقالات تنسل من تحت قلمه واحد تلو الأخرى، علّنا نهتدي على غفلتنا وقلة "نبشنا"، لِّما يُريد الدكتور الخُلوص اليه. الي ان جاء ذلك المقال "منصور خالد: القوّال " The Snitch" سودانيل الإلكترونية 2007/8/7 ،والذي لم يكن يحمل اي رقم كسابقاته، لينهي تلكم السلسلة "وهومحض توقع"؛ بدمغ الآخر صراحةً بالعمالة والإستخبار بل ومنذ نعومة الأظافر. تلك النهاية المأساوية للمقالات اصابت انتظارنا في الصميم، اذ يبدو ان النهايات في هذا الوطن المكلوم لا سبيل للاحاطة بها؛ والتنبؤ بخواتيمها والتي فيما يبدو انها ادمنت الفجيعة!. اضاءة معرفية في محاولة نَظُنها محفوفة بالمخاطر، لدمج شتات من المفاهيم التي لها اصّولها العلمية والفلسفية. كما ان لها صُناعها ودارسيها، والذين في الغالب يزاولون مهامهم المعرفية من ابراجهم العاجية تلك. فاصبحنا نشير إليهم تارة بالصفوة ومرات بالنخبة، وبكثير من التشويش بالمثقفين. كل صفة من هذه تلك الصفات ابْتذُلت حتى بَهُتَ لونها؛ فالحق يقول ان تّوصيف شريحة بأنها تمثل المثقفين، هو امرتواضع عليه الكثيرون كيفما اتفق؛ فأصبح لا يمكن التميز ان كان استخدامهم بعضهم له يُقصد منه القدح ام المدح. فمثال لذلك قولهم هكذا دون حذر "كلام مثقفاتية"؛ فلا سبيل لدينا سوى القول انه لا يعلم خفايا القلوب إلاّ الله. الأمر الآخر؛ ان اولئك المثقفين انفسهم والمذمومين غالبا؛ً طال ما ظل ينظر اليهم على انهم النُّخبة، التي من مهامها ان تُنتج الأفكار ويُستضاء بآرائها وكتاباتها في المنحي شتىّ. وفيما نجد ان كُتاب وقُراء المقال اليوميّ السيّار والذين يقتاتون من نتاج اولئك، هم هنا بمثابة المستهلكين لإنتاج تلك الفئة المعرفيّ. إلاّعلاقات الإنتاج القائمة بين هاتين الفئتين، هي ايضا لم تخلو بدورها من سماسرة! اما الشئ الذي لا ينكره التاريخ الإنساني هو؛ ان محاولة حجر آراء هذه الفئة الأولى قد مورس على طول التاريخ الإنساني ومثالناً له هنا مثلاً صاحب كتاب اللاهوت السياسي ( سبينوزا 1632-1677)[2]. كما ان التاريخ الاسلامي السياسي كذلك ليس بمنأى عن ذلك فما لاقاه (ابن رشد)[3] على يد الخليفة المأمون. إذا السلطة الدنيوية المُتلبسة للسُلطة الزَّمانية، والمُحتكرة للمعرفة بل وهي المصادرة لأيّ مَصدر آخر للمعرفة. دائماً هي في حال تربص بالخصم الذي يُعلي من قيمة العقل وقلمه يدحض حُججها الغيبية بالبرهان العقلي لا غير! الحيطة والحذر المطلوب اعلائهما بمحاولة الإقتراب هنا، لا تتخللّها مخافة من مصير مُشابه لمصير ابن رشد والذي واجهه على يد السلطتين السياسية والدينية؛ وليس ذلك فحسب. بل ما نعنيه؛ يجعلنا نَدّعى ان التاريخ الإنساني نفسه شهد وجود سلطة ثالثة تبدو اكثر قسوة، يُمارسها اصحاب القلم والرأي على ذواتهم وهنا يبرز مكمن قسوتها، لأن ممارسة السلطة على الآخرين تهون عندما تُضاهى؛ بإمكان ممارستها على الذات ونوزعها. ثمة تحسب اخير في هذا الجزء من المقال، وهو فيما نؤمن يجب ان يُطارِد الباحث آناء اعْمَاله لفكره وصباحات طرحه له. ونعني هنا تَخيره لعبارات قاموسه، والتي في الغالب هي وافدة من لغات اخرى؛ بل وحديثة اقامة بلغة الضاد. فبقدر انبهارنا بها، واحتفائنا بطلاوتها وهو امر لا نذمه على الآخرين او سنحاول التستر عليه ان نحن قمنا به. إلاّ انه يتطلب تكبد مشقة الإتيان بالشروح؛ والتي لا يجد لها بعضِّهم الوقت والرغبة. وخاصة ان كانت الكتابة لمادة يطَّلع عليها "الناس اجمعين" ويتعامل معها بعضهم بفقه الوجبات الأمريكية السريعة Take-away. تورطّنا هذا يبتدر نفسه منذ العنوان الذي اخترناه ولإستخدامنا لكلمة "حفريات"Archaeology ؛ والتي جلبناها من واقع اعجابنا بالكتاب وصاحبه ذائع الصيت. وهو المفكر المابعد حداثي الفرنسي ميشيل فوكو "توفى 1984"، وكان عنوانه "حفريات المعرفة" Episteme [4]. ساهم كثير من مثقفينا السودانين في مُحاولات فك شفرة مصطلحات ذلك المفكر، ومنهم على سبيل المثال"د.عبدالله بولا، والباحث والشاعر اسامة الخواض، والاستاذ الباحث عبدالمنعم عجب الفيا"[5]. وتساؤل عن غياب الأطروح كان قد ابتدره الصحفي الحصيف صلاح شعيب؟!. وإن كانت هنا المناسبة تخص تناولنا لمقالات الدكتور عبدالله على ابراهيم، نجد ان مفكر بحجم فوكو إن هو "نُبش" من قبره سيواجِه الدكتور الباحث بإعتراضات لا آخر لها. عن اجناسه المطبقة في التحليل التاريخي ونهجه الذي اعمله للوصول لنتائجه. ولمساعدة الدكتور في الخروج من تورطه مع الأموات، فها نحن نقذف له كرة من الأسئلة المعينة في حالة تورط أستاذ علم التاريخ الكلاسيكي: ما هو اذاً مستوى التأويل في نصوصه؟ ثم ما مستوى تعيّن واقتران العِلل بالمعلومات لديه؟ وماهو مستوى التحليل البنيوي الذي يتبناه في نصوصه "المحتشمة"؟ وما مدى احاطة نصوصه العلميّة تِّلك بمفاهيم طرأت حديثاً في مناهج التحليل التاريخي الحديث ( كالقطيعة/الفصل/التقلب/التحول)؟ حفرٌ يلامِس السطح فقط! لم يكن القصد من وراء هذا الجزء من كتابتنا هذه، رصد لكل ما جاء في المقالات التي حملت اسم الدكتور منصور خالد منذ المقالة الاولى" والذي حمل الرقم 1" وعُنوِّن بالعنوان التالي: "ومنصور خالد من ولد بمعلقة من بيان" 2007/05/08 سودانيل الالكترونية. الاّ بمحاولة قرءاة ذلك المقال كمقالة تدشينية لِّما يريد ان يسجله الباحث الكبير د. عبد الله على ابراهيم، والتي اعدنا قراءاتها مراتٍ عدة لكنها لم تعيننا؛ في التكهن ببواعث مشروع كتابته عن الشخصية مثار البحث (د.منصور خالد) منذ البداية؛ اذاً مقاله الأول كان الجدير به لعب دور الكاشف، لما ستقوله اكشافات باحثنا في "مقالاته المشروع"؛ ولكن يُصر الدكتور على تركنا في العراء لتجريب كل الإحتمالات. دع تلك؛ لنتساءل اذاً هل كان اختياره لموضوع البحث هو اعتراف مُضمر بفضل الرجل في التاريخ المعاصر للسياسة السودانية؟ ام هو محاول لإزالة لّبس قد يقع فيه المؤرخين لاحقاً لتاريخ تلك الفترة؟ فكان من الأجدر اماطته في حضور وحياة صنّاع ذلك التاريخ؟ ولربما جاز لمن شاء ان يظن بانها الغيرة المعرفية بين الرجلين؟! وان هو كذلك فإنه لأمرٌ شائع في سلوك النخبة السودانية، تجوِّده احياناً بمزاولة عادة "القطيعة" وإشانة السمعة او ما تواضعت على وصفه قبائل اليسار السوداني "بإغتيال الشخصية". وإن ارتكنا لهكذا افتراضات"والتي دونها لا يقوم بحث" يلزمنا ان نضيف ان مقالاته تلك ومنذ لحظة تدشينها الأولى. لم يكن يُخامر ذهن كاتبها في لحظّة ولادتِها اي وجهة، ومن الوارد جداً انه حتى هو نفسه لا يعرف مآلاتها ووجهتها او مقصدها النهائي، والذي افضى لما افضى اليه (رزق اليوم باليوم). كما يُمكن اضافة شق آخر وهو ربَّما ما اسهمت فيه اشواق الباحث الدكتور؛ وهو قيامه برمي حجرِ على البركة من على ضِفتها البعيدة؛ ثم الانتظار ريثما تفضي تلك "الجدعة" لمساجلة بين الضفتين. وهذا ما خيب فيه الدكتور منصور خالد آمال د.عبدالله على ابراهيم ، وآمال كثير من مشايعيه هو نفسه (د.منصور خالد) الفِكريين منهم او حتى عشاق تطريبه اللّغوي منهم. بذلك تواصلت مقالات الدكتور عبد الله على ابراهيم ترتقي من حيث الأرقام وتعجز من حيث الموضوع احياناً. ودليلنا في ذلك علهُ هنا؛ ورود بعض العبارات "الموحية" لما اشرنا إليه؛ والتي جاءت في مقالاته الخمسة الاوائل مثل " سيريحنا منصور ان انكر منصور على اليمين صلته بالناس" عنوان المقال "ومنصور خالد 4 الناس منكورة: ذاكرة تختار الجياد"، مثل تلك العبارة يمكن ان تقع في طائلة (الحندكة)، لدفع الطرف الآخر لولوج المساجلة الفكرية، وان تعذر فليكن انتظار مُجرد بوحه برفضه لها اصلاً؛ وذلك ايضاً لم يحدث. الامر الآخر الأكثر اهمية لِمن يحاول قراءة مقالات الدكتور، هو الغياب الفادح للمنهج الواضح في ثنايا بحثه. والذي كان غائباً تماماً في مقالاته تِلك، ليُستعاض عنه "بالرطانة الثقافية" وهو وصف كان قد رماه به الأستاذ الخاتم عدلان[6] واصفاً امعان الدكتور عبدالله على ابراهيم في التَّستُر على موقفه السياسي والفكري العام. مستعيضاً غياب المنهج العلمي بالقسوة اللّفظية، والسُخرية احياناً وفي تَشَّفيه الغير رحيم بكل صاحب دعوة تُجافي غلوّه العروبي إسلاموي.
الاّ ان التناقض الذي مارسه بإمتياز في مقالاته المشار إليها اعلاه، بل وفُجيعتنا الكبرى فيها وفي صاحبها، وصل منتهاهه بسبب استخدام باحث في وزنه لتوصيفات غاية في اللاّمعقول المعرفيّ ومع من؟ مع رموز و روّاد من نفس المدرسة "العروبي اسلاموية في السودان". منهم "خضر حمد- مبارك زروق- عبدالماجد ابو حسبو" في زمان بعيد كان له مَنطقِه المغايِّر، وكان لهُّم فيّه منهجهم (تكتيكهم) السياسي الموازي له قطعاً!..يغفر لهم فيه تنائي حقبهم عن مُمارسات اهل المركز اليوم!.. وقد يقول احد مشايعي الدكتور انه لم يأتي بذلك الاّ في سياق ما تطلبه السرد التأريخي للأحداث والرموز، ولكن الم يكن الأجدر بالدكتور ان يُنبهنا لذلك قبل ان يقرأ علينا احداث التاريخ ويحفر في أعماقه بإزميله؛ وان كان فعل ذلك لموّضَع نفسه في خانة الباحث المحايد. ام تُراه ظن ان جُلَّ قرائه من طيبي النوايا! وسيفهمون ذلك من السياق!. اذاً بالوصول الى هذه المحطة من قراءتنا المجملة لمقالاته، نجد ان الدكتور تعرض بشكل لم يحالفه فيه ذكائه الأكاديمي وشيوعيته المستتاب عنها. في تناولهِ لسيرة رمز وطني وصل الإجماع حوله حد الإنتماء للسودان نفسه عند بعض الغلاة من الوطنيّين. وهو الزعيم الخالد اسماعيل الأزهري (العالم بستان في نسب الزعيم الأزهري/ محمد المكي ابراهيم)[7]؛ لا نريد ان يُفهم حديثنا هنا على انه انحياز عَقدي للزعيم (اي الأزهري) حتى لا يُطعن في موضوعيتنا العلمية؛ هادينا في هذه الحشمة العلمية الدكتور عبدالله نفسه وجيله من العلماء؛ وتحاشياً لزجرنا بواحدٍ من النعتيّن (الحِوار أو الإستخبار). بقدر ما نريده ان يفهم عنا على انه اصرارٌ صادق على الإنتماء للسودان ولفترة من تاريخه الناصع؛ ودعوة لتوريث ولو موطئ قدم واحدة في تاريخه، تكون بمثابة الصعيد الطاهر حتى تتطوف بعشقه ونقائه احفادٌ تأتي لأجيال يقرؤون ما يسطره جيلكم الآن. ولكن لا صعيد sphere طاهر واحد يبدو انه سيورث، طالما سيظل ذلك التاريخ يشوهه البعض بغية تصفية حسابات نخبوية تارة، وفي مناسبات مختلفة؛ بالتحايل على "الأمة" بمزاعم ادعاء الزهد المعرفيّ او علّها الحشمة الأكاديمية كما وردت في قاموس الدكتور الباحث. وما اقلق المضاجع الحريصة اكثر؛ هو طريقة التناول والصياغة اللّغوية الجارحة التي كان الدكتور قد اعتمدها في بحثه. اذ انها بذلك خرجت من امكان ضمّها لأي نوعٍ من محاولات إعمال الحفر المعرفيّ الرصين، والذي نعلم ان غلاة الاتحاديين لا يمانعون من اجرائه، يحاصرهم في ذلك تبنيهم للديمقراطية كمبدأ على الأقل من جهة؛ وانشغالهم بذواتهم المتنازعة من جهة اخرى؛ وفي هذا الظرف التاريخيَ تحديداً. كيف لا وهم من اعتذر علانية عن لا ديمقراطية حل الحزب الشيوعي في تاريخهم وتاريخ زعيمهم برغم المُزايدات التي رافقت ذلك الحدث من اصحاب"المدرسة العروبي اسلاموية في السودان" وقتها؟!. الاّ ان الدكتور ارادها عرقية "فظة"، لا تبتعد كثيراً عن تخرصاتٍ نُسِبت يوماً لعوام الناس والذين قطعاً لا ينتمي إليهم الدكتور بمشروعه الغير مُفصح عنه صراحةً، وان كانت تُبادر بطرحه اليوم كيانات افرزتها النخبة العروبي إسلاموية السودانية في العقد الأخير من القرن الماضي (نموذج:كيان الشمال)، وفي معرض خيلائه العرقي يبدو الدكتور مزهواً بحُلته المعرفية الأنيقة. فهو لا ينسى مغازلتهم (أي جمهوره من العوام) هكذا احياناً ببعض الجمل و"الكليشهات" الشفوية (الحرَّاقة) على شاكلة "السفاهة" و"القوالة" و"حوة الطقطاقة". خاتمة إزاء الفداحة المعرفية المرتكبة بوعيّ يُدعى بالنخبوي، جاءت وقفتنا معه قاسية نوعاً ما. ولكن برغم كل ما ورد يبقى الأستاذ الدكتور عبدالله على ابراهيم، من رموز الثقافة السودانية المعاصرة؛ وما يدعو لإفتنان خصومه الفكرين بقدراته، هو روحه الشابة ومنافحته عن افكاره بعزائم الرجال، اذ يخال لك وكأنه مازال فتى يناقش في ردهات كلية غردون التذكارية. يتجنى عليه خصومه ان ازاحوا كل تلك القدرات عن الرجل وهم يتصدون لفكره ويحاورونه صراحةً. اما الدكتور منصور خالد فقد اختار الصمت، على الأقل الى الآن، فتهمة كالتخابر ليست بساقط الكلام يطلق هكذا لتذروه الرياح، وان اتفق كثيرين على ضعف الحيثيات التي سخَّرها الدكتور لرميه بها. و لعله لا احد يمتلك ان ينافح عن الرجل مثله هو (اي الدكتورمنصور). وإن كان هو يقبل الظهور في برنامج حواري ممتع على "قناة الجزيزة"[8]؛ ويمنع عشاق مدرسته السياسية والفكرية من فرصة للسجال الفكري نادراً ما يتوفر لها طرفين بهذا الوزن! لا نُلام اذاً ان فهمنا من ذلك غلواء نخبوية الرجل. او ربما حق لنا تفسيرنا لمسلكه ذاك، وتلذّذ الدكتور منصور وهو يرقب تصدي غيره لمعاركه الفكرية هذه الأيام. هذا المشهد النخبوي صرف الذي ارتسمه د. عبدالله بمداخلته الشجاعة والغير آبهة، يجدد كثير من التساؤلات عن جيل الرجلين من المتعلمين او دعنا نقل المثقفين السودانين وممارساتهم، بل وعلاقاتهم من السلطة بشكلها العام. وسلطاتهم المَعرفية التي صنعوها هم من موقع علمهم واسهامهم في الشأنين الوطني والعام . عادل الحاج عبد العزيز
الهوامش :-------------------------------------------------- [1] Darwich, Mahmoud, 2004, Do Not Apologize For What You Did, Published by Riad El-Ryyes Books S.A.R.L, Beirut-Lebanon. [2] بقلم هاشم صالح: سبينوزا: عبقرية الفكر http://www.alawan.com/index.php?option=com_content&task=view&id=1395&Itemid=18 [3] هوبيك، ميشيل، مقال"نحو تاريخ للافكار الاسلايمية في ما خص التحديث والعلمنة" مجلة ابواب العدد 31ربيع 2002، لندن، بريطانيا. [4] فوكو، ميشيل، 1987، حفريات المعرفة ، الناشر المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء-بيروت. [5] حول الإسهامات السودانية لشرح المفاهيم الربط ادناه لمكتبة الاستاذ اسامة الخواض على الشبكة: http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=38&msg=1110314442&rn=75 [6] عدلان، الخاتم، 2006، "مقالات مختارة": ما هو المنفى وما هو الوطن؟ ص45، صادر عن مركز الخاتم عدلان للإستنارة، الخرطوم السودان. [7] مقال لاستاذ الشاعر محمد المكي ابراهيم"العالم بستان في نسب الزعيم الأزهري" تاريخالإضافة بمنبر سودانيز اونلاين بتاريخ 2007/ 8/22 على هذا الرابط http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=140&msg=1187754925 [8] حوار مع الدكتور منصور خالد اجرته قناة الجزية الفضائية بتاريخ 2007/7/14، اجرى الحوار المذيع سامي كليب، حلقة من برنامج زيارة خارجية، على الرابط: http://www.aljazeera.net/NR/exeres/204F5018-7580-4FB0-A09A-E198BFC296CD.htm
#عادل_الحاج_عبد_العزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التُرابي يَضع المرايا أمام الجميع[1]
-
التُرابي يَضع المرايا أمام الجميع[2]
-
التُرابي يَضع المرايا أمام الجميع[3]
-
محاولة لفضّ الإشتباك
-
) قراءة من سيرة رجل1
-
قراءة من سيرة رجل يهجو اهله ( 2 )
-
مُقرَنْ العَنِتْ .. مُلتقى النظاميّن الأميركي و السوداني
المزيد.....
-
كاد يتعرض للدهس.. عامل ينجو بآخر لحظة من اصطدام شاحنة به على
...
-
بعد فوزه التاريخي.. هل يحق لترامب الترشح لولاية رئاسية جديدة
...
-
ضغوط على شولتس لتعجيل تصويت الثقة و-هابيك يريد مستشارية ألما
...
-
فوز ترامب ـ صدمة الإعلام الأوروبي من -ريمونتادا- الملياردير
...
-
شاهد.. الدمار يحيط مطار بيروت جراء الغارات الإسرائيلية
-
احتراق سيارة قرب حيفا إثر سقوط صواريخ -حزب الله-
-
السفير الروسي: قطر ترفض الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روس
...
-
درونات -لانسيت- الروسية تدمر مدافع العدو في منطقة العملية ال
...
-
في إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي إشارة للولايات المتحدة
-
مكتب التعاون الروسي اللبناني: روسيا ستواصل دعمها للبنان وشعب
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|