أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيار الجميل - معضلة وطن ام مشكلة انسان ؟؟















المزيد.....

معضلة وطن ام مشكلة انسان ؟؟


سيار الجميل

الحوار المتمدن-العدد: 2022 - 2007 / 8 / 29 - 11:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يدرك اي محلل سياسي ، ولا اي مفكر أو مختص وضعية العراق التائهة هذا اليوم وسط بحر هائج من الامواج المتلاطمة .. مع توالي ولادة الاحداث المأساوية يوما بعد آخر ، ومع متاهة هذا الصخب التاريخي للزمن ، وهذا الخلط العجيب للاوراق الذي يمهر فيه عادة من كانت له تجربة كسيحة في حكم العراق .. ومع تداخل القوى بعضها بالبعض الاخر واللعب بالعراق من قبل دول الاقليم والعالم معا .. يعيش العراق اليوم ازمة حكم حقيقية تتداخل معها معضلة وطن مفتقد وضائع ولم يزل يحيا لوحده من دون اهله على امل النجاة .. فضلا عن مشكلة انسان لا يعرف اين هو انتماؤه ، ولا يدرك اين هي حقوقه وواجباته .. اين منه لأي انسان آخر في هذا الوجود ؟ اين منه يعيش آمنا على دمه وماله وعرضه ؟
ان الاوضاع المأساوية للعراق لا يمكن لها ان تجد تفسيرا واحدا ، بل ثمة تفاسير عدة لكل حالة ، وان كل حالة لها علاقتها بحالة اخرى .. السؤال الان : هل بالامكان الحد من انهيار العراق وايقاف تفتيته ؟ هل بالامكان معالجة ما يمكن معالجته ؟ هل تصدق مقولة البعض ان حدثا دراماتيكيا واحدا يعيد الامور الى نصابها الطبيعي ؟ هل يمكننا ان نتفق على حدود دنيا من الشراكة بكل حيوية وتجرد واحترام متبادل ، خصوصا اذا آمنا فعلا بأن العراق بلد مرّكب وصعب ، ولا يمكن له ان يستقيم ابدا اذا لم نجد الانسان السوي الذي يقبل بالتنازلات من اجل المصلحة العامة ؟ هل يمكننا ان نزيل كل تراكمات الاحقاد التي امتلأت بها الصدور من اجل ان نفتح صفحة جديدة ليس بين القتلة الارهابيين وبين الاصلاء الطيبين ، بل بين كل من آمن بحق العراقيين في الحياة والانطلاق والتحرر والانفنتاح والتقدم ؟ كيف لنا ان نعالج واقعا مأساويا يتحكم في شارعه صبية وقتلة واعداد لا تحصى ولا تستقصى من مجرمين وسفاحين وقتلة واوباش وخاطفين .. ؟ هل يمكننا ان نقتنع ويقتنع كل العراقيين بأن ليس لهم عدوا واحدا ، بل ثمة عشرات الاعداء من وزن ثقيل يعيشون في دواخلهم او يحيطون بهم او يعملون ضدهم من وراء البحار ؟
لقد تفاقمت الازمات سوءا من دون ان نجد اية علاجات وقائية ولا اية ادارات متميزة منذ تجربة مجلس الحكم سيئة الصيت مرورا بالوزارات الانتقالية والمؤقتة والحالية .. ونحن اليوم في ظل اوضاع محتقنة للغاية. وبصراحة ان أية وزارة ستؤلف ضمن الاسماء المطروحة سوف لا تقدّم او تؤخر اذ ستبقي الاوضاع سيئة ما دامت هناك محاصصات يعمل بها الواقع الجديد. لقد دخل العراق ، فعلا ، نفقا صعبا بترسيخ هذه المحاصصة بين الانسان والانسان على التراب الوطني .. انني لا اتقّبل ابدا ان يتم تقسيمنا كعراقيين الى مكونات طائفية مقيتة وشوفينية قميئة ويتم التبجح بذلك بكل فظاظة وبلادة وانعدام احساس !! كيف يمكن انتقاد الماضي كونه مارس الطائفية والشوفينية .. ونأتي اليوم لنكّرس ذلك علنا ؟
ان من الصعب جدا اخراج العراق سالما من هذا النفق.. ذلك ان مشكلة العراقيين هي غير مشكلة اللبنانيين ـ مثلاـ، فكل طيف لبناني يعد لبنان ملكا لجميع اللبنانيين، ولكن كل طيف عراقي يعتقد ان العراق ملك له نفسه وليذهب الطيف الاخر الي الجحيم! ناهيكم بأن كل لبناني يعتز بلبنان اعتزازا وطنيا لا حدود له، في حين ان هناك من العراقيين لا يؤمنون بالعراق وطنا ابدا.. ان كل مبادئ الامم تؤكد على ان "الوطن " هو التراب ، في حين يخرج علينا بين الاونة الاخرى من العراقيين ليقول بأن الوطن هو الانسان ، او ان الانسان اهم من الوطن !! ودعونا نتأمل قليلا في ذلك .. ونتساءل : اذا كان الوطن هو الانسان ، فمن هو المواطن اذن ؟ والمعلوم ان المواطن يسكن الوطن ، فاذا سكنه تلبسه فاصبح الوطن كله يعيش في اعماقه .. فكيف يكون الوطن انسانا اذن ؟ ونمضي في تساؤلنا : من اطول عمرا ؟ ومن يعيش زمنا طويلا وتاريخا طويلا هل هو الوطن ام الانسان ؟ ربما لا يعّمر الانسان اكثر من مائة سنة ، ولكن الوطن / التراب هو الذي يبقى دهورا .. فالانسان ليست لديه اجيال من الاوطان ، ولكن العكس صحيح ، اذ ان الوطن لديه اجيال من البشر .. والوطن لا يحارب من اجل الانسان ، بل العكس صحيح في كل نواميس الوجود ان الانسان يحارب من اجل ترابه .. الوطن ليس اثمن من وجود الانسان ، ولكنه اثمن شيئ في وجوده !
فكرة المواطنة فكرة ليست سهلة اذا ما كان المجتمع موبوءا بتفاهات الزمن وتقاليد التاريخ ومواريث الماضي ورواسبه .. فكرة المواطنة ليست هي الهياج ولا الصياح والزعيق ولا الشعار البراق ولا عنوان حكم ولا مطية مستبد .. ان المواطنة ، فكرة عالية المستوى يمتزج فيها الشعور النفسي اللا ارادي بالانتماء رفقة دلالات العقل والاحساس برباط قوي .. ولا يمكن للمواطنة ان نجدها بلا وطن .. الوطن نفسه لا يعرف التمييز بين مواطنيه على اساس ديني ولا طائفي ولا عرقي ولا مناطقي ولا فكري او سياسي .. الوطن يعد الجميع في منزلة واحدة ، الا الذين يخدمونه ويخدمون ابنائه على ترابه .. الوطن فكرة شفافة فلا يمكنك ان تجد الوطن قاتلا لابنائك ولا يمكنك ان تجده سالبا لحقوقك .. فمن ذا الذي سلب حقوقك وقتلك وشتت اهلك واولادك ؟ من الذي جعل من شعارات " وطنية " اهدافا خبيثة لوأد اي بارقة امل ، وتدمير اي مشروع حضاري ؟ ومن ذا الذي استهان بكل من الانسان والوطن على هذا التراب ؟ من الذي همّش الاقليات ونال منهم ومن تقاليدهم وسحق معنوياتهم وأذلهم وجعلهم اعداء لك ؟ من الذي ركب الموجات الايديولوجية باسم الافكار التقدمية والتحزبات السياسية والتيارات القومية والشوفينية والاتجاهات الراديكالية .. ووقف ضد كل الواقع وتطوره الطبيعي ؟ من الذي قاد التمردات ضد القيم الوطنية كونه لا يؤمن بالمواطنة العراقية اصلا ؟ من الذي تعامل وتآمر مع الاجنبي تعاملا مفضوحا ضد وطنه وبلاده ؟ من الذي خان الامانة وخان القسم الذي أدّاه وقلب ظهر المجن على اسياده واخوانه وساهم في موجة الانقلابات العسكرية ؟ من الذي اشعل الحروب واوقد الجمر واخترق الحدود ومزّق العهود وداس برجليه على كل العقود ؟ من الذي اضعف البلاد وافقر العباد بعد كانت واحدة من افضل واغنى بلاد الدنيا ؟ من الذي سحق الاجيال ونال من تفكيرهم وارجعهم الى الوراء لمئات من السنين ؟
الوطن هو العراق الذي لم يؤذ ابنائه .. ولكن ابناؤه هم الذين سحقوه .. انه لا خلاف له مع اي من ابنائه ، ولكن ابناءه هم من سحق بعضهم الاخر .. من الذي اراد جعل العراق دولة دينية وجمهورية اسلامية من دون اي ادراك لمشكلات هذا المجتمع وتنوعاته وتعقيداته ؟ من الذي اوصل العراق الى هذا الجحيم بحمل كل تناقضات التاريخ والواقع معا ؟ من الذي لبس العمامة بيد وصافح المحتل بيد أخرى ؟ الوطن برئ منهم .. العراق برئ منهم .. الوطن ومن يبقى معه صرعى كل من يسعى الى القوة والسلطة والمال على حساب كليهما معا .. الوطن ليس شعارا نرفعه ، بل نزعة مغروسة في الاعماق البعيدة .. فمن يقبله يقبل كل اهله ومن يرفضه يرفض كل الحياة .



#سيار_الجميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ستبقى تركيا حاضنة للمبادئ الكمالية !
- هل تنجح الديمقراطية في مجتمعاتنا العربية ؟
- نداء من اجل حماية ذاكرة العراق !
- من الأمامْ سِرْ .. الى الوََراء دُرْ .. !؟
- المُؤرّخُ محترفََ سياسة ! رؤيةٌ مِهََنيِّةٌ لواقعِ الكتاباتِ ...
- اللقاء الأميركي - الإيراني الثاني: العراقيون آخر من يعلم!
- تعاسة المستقبل الفكر السياسي .. المجتمع المدني بين رجال دولة ...
- الاستراتيجية الامريكية تتحّدى من يفهمها !!
- عن حاجة الشرق الاوسط الى عناصر القوة !!
- القوى السياسية العراقية لما بعد التغيير
- نداء من اجل مستقبل العراق والعراقيين المبادئ لا تخضع للتعديل ...
- المحذوف من تفكيرنا التاريخي العراقي !!
- سلمان رشدي : من صنع هذه الظاهرة ؟
- نازك الملائكة رائدة الشعر العربي الحر
- البرلمان العربي : أين هو ؟ اين دوره اليوم ؟؟
- الفوضى: إنها بانوراما الشرق الأوسط...!
- معهد العالم العربي بباريس : مؤسسة من ينقذها ؟
- المجلس العراقي للثقافة : ملاحظات تأسيسية
- بعيدا عن الطائفية : منهج القطيعة ازاء المستقبل
- جوردن براون المؤرخ الذي سيحكم بريطانيا


المزيد.....




- وزير الخارجية الأمريكي يزور السعودية لمناقشة وضع غزة مع -شرك ...
- السلطات الروسية توقف مشتبهاً به جديد في الهجوم الدامي على قا ...
- حماس تنشر مقطع فيديو يوضح محتجزين أمريكي وإسرائيلي أحياء لدي ...
- حزب الله يقصف إسرائيل ويرد على مبادرات وقف إطلاق النار
- نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب بسام محي: نرفض التمييز ضد ...
- طلبة بجامعة كولومبيا يعتبرون تضامنهم مع غزة درسا حيا بالتاري ...
- كيف تنقذ طفلك من عادة قضم الأظافر وتخلصه منها؟
- مظاهرات جامعة كولومبيا.. كيف بدأت ولماذا انتقلت لجامعات أخرى ...
- مظاهرة طلابية في باريس تندد بالحرب على قطاع غزة
- صفقة التبادل أم اجتياح رفح؟.. خلاف يهدد الائتلاف الحكومي بإس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيار الجميل - معضلة وطن ام مشكلة انسان ؟؟