أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سيار الجميل - المحذوف من تفكيرنا التاريخي العراقي !!















المزيد.....

المحذوف من تفكيرنا التاريخي العراقي !!


سيار الجميل

الحوار المتمدن-العدد: 1961 - 2007 / 6 / 29 - 11:42
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ان ما يشغل تفكيرنا ويؤرق وجداننا نحن ابناء العراق وعلى امتداد تاريخ معاصر لنا لكل القرن العشرين .. هذا المنتج الثقيل الذي غمرنا به ونحن نعيش بدايات القرن الواحد والعشرين .. نعم ، انه المنتج الثقيل الذي كان ولم يزل هو المحذوف من تفكيرنا بأنفسنا ازاء الاخرين .. وما يفعله الاخرون بنا ونحن من ابعد الناس عن فهمه وادراكه ، فكيف لنا ونحن مسؤولون عن معالجته والسيطرة عليه ؟؟ ان المؤرخين العراقيين الذين كتبوا تاريخ العراق المعاصر لم يدركوا ان العراق كان ولم يزل مكانا غير عادي ابدا ، وان احداثه التي انتجها العراقيون لا يمكن ان تعالج كلها بمانشيتات ( وطنية ) منذ بدء التكوين على عهد فيصل الاول وحتى اليوم .. ان ادارة العراق لم تكن في اي يوم من الايام مستقلة الارادة في صنع مصير العراق ، وخصوصا من الناحية الاستراتيجية .. ربما كانت كانت هناك قرارات تكتيكية صنعها هذا ام مارسها ذاك ، الا ان احداث العراق الكبرى ومجيء هذا دون ذاك انما ارتبط بمعادلات غاية في التعقيد سواء من الناحية السياسية ام العسكرية ام الاقتصادية ..
ينقسم تاريخ العراق المعاصر الى قسمين اثنين اولاهما سمي بالعهد الملكي وثانيهما سمي بالعهد الجمهوري .. كان الاول نتاج مؤثرات مؤتمر الصلح بقصر فرساي بباريس عام 1919 اثر الحرب العالمية الاولى .. وكان الثاني نتاج مؤثرات مشروع روزفلت للانقلابات العسكرية اثر الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والشرقي اثر الحرب العالمية الثانية .. اي ان العهدين كانا من صناعة كل من بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية .. وعليه ، فان اي ادارة للعراق مهما كانت درجة وطنيتها ، فانها قد خضعت شاءت ام أبت ، بدرايتها ام من غير درايتها لما كانت ترسمه السياسات الدولية والمصالح الكبرى لهذا الطرف او ذاك في هذا العالم .
هذا هو المحذوف من تفكيرنا العراقي الذي كان ولم يزل يعيش على نغمة ثنائية " الوطنية والعمالة " .. وتلوك الالسن هذه الازدواجية التي توزع مجانا على هذا وتسحب من ذاك بلا اي وعي وبلا اي معرفة بما هو مخفي وبما هو مشلول من الارادة .. وبما هو واقعي من الاحداث .. وبما هو مذاع من المانشيتات .. وبما هو مبهرج من الخطاب .. وبما هو مجبول بالعاطفة . ان السياسة مجرد لعبة ذكية او صنع قرارات غبية ، وربما تكون غاية في الجمال وفجأة تغدو قبيحة على اشد ما تكون في غاية القبح .. ربما تكون معادلة قيمية مباركة وفجأة تغدو آلية بشعة لا يمكن البقاء بعيدا عنها من دون ممارستها .. ان السياسة اداة متكيفة لمصلحة معينة او جملة مصالح .. ربما تتقاطع المصالح وربما تتشابك .. ربما تتوافق وربما تتباين .. وفي العراق انتجت باسم السياسات الوطنية مصالح شخصية نفعية بنتهامية ، ثم مصالح عائلية وعشائرية مجسدة القرابة منذ مائة سنة حتى اليوم .. ثم هناك مصالح فئوية ضيقة ومصالح محلية وجهوية وقروية خاصة وكريهة .. ثم مصالح حزبية وطفيلية غاية في السوء .. ثم مصالح طائفية بشعة ترفض المصلحة العامة .. ثم هناك مصالح شوفينية لهذا الطرف او ذاك .. لهذا الجار او ذاك .. لهذه الشركة او تلك .. الخ ابحثوا لي عن صناع تاريخ حقيقيين للعراق على امتداد القرن العشرين باستثناء اسماء نظيفة ونزيهة كان العراق همها الوحيد !!
ان العراق بثقل حجمه في استراتيجية الشرق الاوسط لا يمكنه ان يلعب دوره لوحده من دون ان يتأثر بالكبار .. وان الكبار عندما يفترس بعضهم البعض للحصول على مصالح معينة ، فمن دون شك ان المجالات الحيوية ستصيبها النار او تتركز الصدمات والصراعات في مناطق دون اخرى ضمن ميتا استراتيجيات دولية ، او لما يسمى بما بعد الاستراتيجيات التي نعرفها ! والعراق مجال حيوي نادر الخصوصيات في تأثره بأية استراتيجيات . انني اعتقد بأن تاريخ العراق المعاصر على مدى قرن كامل مضى ما كان ليكون بهذه الصورة المأساوية لو اصاب ابناؤه التفكير ولم يحذفوا جزءا اساسيا منه .. والعراق ينتقل من عهد لآخر ومن ملكية لجمهورية .. ومن رئيس لآخر .. ومن شلة الى أخرى .. ومن فوضوية الى دكتاتورية .. ومن حكومة عشائرية الى انقلابات عسكريتارية .. ومن عائلة بوليسية الى ميليشيات طائفية .. انه لولا هذا الثقل البترولي الهائل الذي يتصارع من اجله المجتمع الدولي كله بوجهه الاخر المخفي عّنا تماما .. ولولا هذا الثقل الحضاري المركزي الذي جعل العراق بؤرة صراع عبر التاريخ لما كانت هذه الاهوال !
اننا كثيرا ما ننتظر الزعيم الوطني المثالي الذي سيكون نبّيا ناصع البياض في مجتمع متعارض ومتعدد ومتنوع الالوان ومتناقض الافكار والاتجاهات .. ولكننا لن نجده ابدا ، وكأننا نبقى نعيش اوهاما ونرسم احلاما في العدم .. وكأننا نبقى نشقى بنزيفنا الدموي ونناشد بعضنا الاخر الصلح والمحبة والمودة والاحسان .. من دون ان نفّكر في لحظة تاريخية معينة عن اسباب البلاء الحقيقية .. ومن دون ان نعي ان كل الذين جاءؤا الى سدة الحكم وحكموا ثم رحلوا .. هم مجموعة شاء القدر لها ان تأتي والعراق في رعاية هذا الطرف او ذاك ، وهذه الافكار ليست وليدة نظرية المؤامرة التي لا اؤمن بها ، ولكنها افكار منتجة عن براهين واضحة وضوح الشمس لمن يتوغل في الرؤية الى الاعماق .. وليكن معلوما ان المصالح الدولية في العراق دوما ما تغلب او تتغلب على المصالح الوطنية .. وعليه ، فان العراقيين بحاجة الى من يفهم اللعبة ويدرك ما وراء التاريخ المعلن .. وان متابعة ذكية وتأملية في الاحداث التاريخية التي عاشها العراق منذ مائة سنة تدلنا على ان السلسلة واحدة وان ما حدث لم يعكس اي مصلحة عليا على العراقيين قاطبة ، في حين كان الاخرون هم في مقدمة من اغترف العراق وعاش على صراعات العراقيين !!
الاحتلال .. الانتداب .. المعاهدات .. الاحلاف .. الانقلابات .. الصراعات .. الدكتاتورية .. الحروب .. الحصارات .. الاحتلال .. ويقابلها : العرش .. المؤسسات .. الاحزاب .. الاصلاحات .. الاعمار .. الثورة .. القرارات .. الاشتراكية .. الوحدة .. الايديولوجيات .. الشعارات .. البطولات .. الانتصارات .. الاسلام .. والمكونات .. الديمقراطية .. هذه الثنائيات التي خّزنها التاريخ لا يمكنها ان تكون بمعزل عن مصالح دولية واقليمية معينة ! ان الشعب العراقي عاش حياته كلها على المفاجئات لا على التقاليد .. وعلى الانقلابات والبيانات لا على البرامج والمشروعات .. هل فكّر احدنا يوما ان يعيد التفكير من جديد بما يفكّر به قبل ان يعيد توازنه من جديد لما يؤمن به ؟ هل حدّث احدنا نفسه يوما بأن السياسات لا يمكن ان يلعبها صاحبها في ثكنة عسكرية او وكر حزبي او حزب عشائري او في صوامع دينية ؟؟ هل فّكر احدنا ان يعيد الرؤية لما صنع من قرارات مصيرية بحق العراق والعراقيين .. كي نحاكمها ليس على اساس هش وساذج من توزيع الاتهامات واذاعة الشتائم .. بل لاستقصاء دور الاخر فيها .. ومن يختل هناك بعيدا ليخيط نسيجها ويخرج سيناريوهاتها من وراء الكواليس ؟ ولماذا صنعت في مرحلة معينة دون اخرى ؟
هل فكّرنا يوما ان نّقيم كل الزعماء العراقيين من دون اي تهم ساذجة أو بذيئة .. لنحكم ونقول : من ذا الذي كان مدنيا يفهم كيف يلعب بالسياسة حقيقة من اجل ما ينفع العراق ؟ ومن ذا الذي لم يدرك كيف يلعب بالنار حقيقة ، فاحرق بيديه العراق والعراقيين ؟ هل استطعنا يوما ان نسأل : هل كانت هناك ثمة خطط معينة لتوزيع النفوذ بين دول الاقليم تنفيذا لارادة دولية ام لا ؟ عندما سنجد الاجوبة على مثل هذه التساؤلات .. دعونا لا نشتم او نّسب من حكمنا من العراقيين ، بل ان نبكي حظنا العاثر في زحمة هذه التضاريس السياسية العراقية التي امتلأت بالنفايات الخارجية .. عند ذاك سندرك هول الاخطاء والخطايا التي جناها العراقيون بحق انفسهم وبحق مستقبل اجيالهم ، ولكي ندرك حقيقة الدرس التاريخي الذي يعلمنا اياه هذا التفكير التاريخي ، فالمطلوب ان نربي اولادنا في القادم من الزمن تربية ذكية من نوع آخر ، كي يدركوا اننا على مدى مائة سنة مضت كنا بحاجة الى وطن اسمه العراق .. اما منذ اليوم وعلى الآتي من الزمن فان وطنا اسمه العراق بحاجة الينا نحن العراقيين !



#سيار_الجميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلمان رشدي : من صنع هذه الظاهرة ؟
- نازك الملائكة رائدة الشعر العربي الحر
- البرلمان العربي : أين هو ؟ اين دوره اليوم ؟؟
- الفوضى: إنها بانوراما الشرق الأوسط...!
- معهد العالم العربي بباريس : مؤسسة من ينقذها ؟
- المجلس العراقي للثقافة : ملاحظات تأسيسية
- بعيدا عن الطائفية : منهج القطيعة ازاء المستقبل
- جوردن براون المؤرخ الذي سيحكم بريطانيا
- صمت مجتمعاتنا رهين سياسات بشعة !!
- من اجل أخلاقيات رفيعة في الكتابة العراقية أولا القيم المفتقد ...
- وثيقة العهد الدولي : ليست هي الحل
- ماذا فعلت أمريكا بالعراق الجديد ؟؟ التجربة والذرائع الفاشلة
- عراقيون أم غير عراقيين؟!
- افاق ستراتيجية: نصوص من كتاب البنية التكوينية للمجتمع العراق ...
- نعم لمقولة كي مون .. لا لتعريف لجاك سترو !!
- المفكّر العراقي الدكتور سّيار الجميل في حوار جديد حول الوضع ...
- هل سيخطو ساركوزي نحو الاليزيه ؟؟
- النواب العراقيون : مشروع طبقة متميزة !!
- مدخل لفهم الاقليات في الشرق الاوسط : رؤية مستقبلية
- كارثة العراق : الصراع الاهلي .. الاقليمي .. والدولي !!


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سيار الجميل - المحذوف من تفكيرنا التاريخي العراقي !!