أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حيدر عوض الله - مأزق بنيوي














المزيد.....

مأزق بنيوي


حيدر عوض الله

الحوار المتمدن-العدد: 2021 - 2007 / 8 / 28 - 10:10
المحور: القضية الفلسطينية
    


من يتأمل اليوم في حال الحركة السياسية الفلسطينية، خاصة المنظمات والأحزاب، تقفز إلى ذهنه على الفور مأساة "بنات داموس" اللاتي فرضت عليهن الآلهة عقوبة أن يملأن في الجحيم سلالاً لا قاع لها إلى الأبد. ويبدو أن هذه الصورة المليئة بالقسوة والعبث في الوقت ذاته تحاكي حال الحركة السياسية الفلسطينية. فالسمة الأبرز في تجربة هذه الكيانات السياسية، إضافة إلى تشوّه تركيبتها التنظيمية والفكرية والاجتماعية، هي انعدام التراكم في تجاربها وخبراتها، واستفحال انفصام حياتها النظرية عن ممارساتها الواقعية.
ويبدو لي أن إطلاق مصطلح "الحزب السياسي" على هذه الأطر المنظمة فيه الكثير من بذخ التوصيف ووهم المحاكاة، إلا إذا افترضنا أننا بصدد إعادة إنتاج مفهوم الحزب السياسي بخصوصية معرّبة، كما سبق أن عرّبنا المجتمع المدني والقومية والدولة، وإنتاجات أخرى.
وإذا نظرنا إلى تركيبة أحزابنا السياسية ووظائفها مقارنة بالصورة الأصلية لمضمون ووظيفة الحزب السياسي الذي أخذنا لبوسه اللغوي، فإن برزخاً يستحيل ردمه سيقف شاخصاً أمامنا! وإذا تجاوزنا نظرياً، وبصورة مؤقتة، لُبس الحالة الفلسطينية وخصوصيتها التي أنتجت حركة سياسية على شاكلتها، فإن القوى السياسية الفلسطينية، وبحكم مجموعة من الأسباب البنيوية التي سيأتي ذكرها ضمن هذا المقال، عانت من غياب رؤية منهجية متسقة لشكل صياغة أو إعادة صياغة المجتمع ضمن رؤية ومفهوم الحزب المعين، إعادة صياغة تبدأ بالتربية والتعليم والثقافة وتنتهي بالاقتصاد، الأمر الذي أتاح لحركة حماس أن تتدرج في هيمنتها ابتداء بالهيمنة الثقافية والتربوية، ثم السيطرة على قطاع واسع من العمل الأهلي، تلاه انقلابها السياسي والعسكري كنتيجة منطقية لما يسميه المفكر الماركسي بحرب المواقع، أي احتلال المجتمع وبناه السياسية والمدنية بالتدريج ، ويبدو أن الميوعة والتشوه المزمن الذي يعاني منه المجتمع الفلسطيني لأسباب موضوعية، وغياب التبلور الطبقي لغياب القاعدة الإنتاجية قد واصل حضوره في البنية الفوقية، وبالأساس في الأحزاب السياسية، وإذا غضضنا الطرف عن التأنق النظري، والتمثيل المتخيل للقوى الاجتماعية في برامج هذه الأحزاب، والأدلجة المفتعلة لتمثيل مصالح الفئات والشرائح الاجتماعية، فسنكتشف فقراً مدقعاً في واقعية هذا التمثيل وفي صياغة برامج واقعية تسند هذا المخيال التمثيلي لتلك الفئات والشرائح، ومن الملاحظ في حال الحركة السياسية الفلسطينية على المستوى البرامجي أنها تملك رأساً مضخماً عشرات المرات على جسد واهن وضعيف.
وقد وجدت هذه الأحزاب والقوى السياسية في طبيعة وخصائص مرحلة التحرر الوطني الفقاعة الضخمة والقادرة على حملها وتسويغ مشروعية وجودها حتى الآن، وتأجيل الأسئلة الوجودية التي باتت تطل برأسها بعد الانعطافة البارزة في القضية الوطنية الفلسطينية والتي تمثلت بولادة السلطة الفلسطينية، وانقلاب حماس، وبعد أن صارت الديمقراطية والرغيف يسيران على قدمٍ وساق إلى جانب الاستقلال الوطني.
إذا أردنا أن ننظر إلى علاقة المجتمع الفلسطيني بالمجتمع المدني الحديث، بصورة أكاديمية صارمة، فسيتعذر علينا القبول بمدنية المجتمع الفلسطيني، ليس بسبب غياب الدولة الوطنية التي تعتبر شرط قيام المجتمع المدني فحسب، بل ولغياب المؤسسات والهياكل الاجتماعية المتولدة بفعل تعقد وتنوع وتناقص المصالح الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
ان المجتمع المدني رغم الخلاف حول تعريفه ومكونه، خط الدفاع الأساسي للدولة من نفسها وعن نفسها، بمعنى أن هذا المجتمع المدني، الذي يصل فيه البعض الى مستوى التقديس، هو نتاج الدولة البرجوازية، والتي تتمكن من خلاله من صد أي هجوم مباغت على سلطتها وهيمنتها السياسية والاقتصادية، وتلطيف حدة التناقضات المتولدة من طبيعة ونشاط النظام السياسي – الاقتصادي للدولة المعينة بحيث تمتصها هذه المؤسسات دون تشكيل أي خطر حقيقي على سلطة الدولة والنظام القائم، وما يعزز هذا التعريف الشخصي، للمجتمع المدني، هو استقرار النظام السياسي الاقتصادي للدول التي يتمتع فيها المجتمع المدني باستقرار واستقلالية نسبية عن مؤسسات وهيمنة الدولة.
وسيكون مفاجئاً لي ولنا حدوث انقلاب أو أي تغيير دراماتيكي في النظم السياسية، أو الدول التي قطع فيها المجتمع المدني شوطاً طويلاً في ثبات وقوة مؤسساته. على عكس النظم التي تفتقر للرسوخ المؤسسي، أو التي يخطو فيها المجتمع المدني خطواته الأولى. هذا الاجتهاد في رؤية وتعريف مكانة ودور المجتمع المدني لا يعني موقفاً سلبياً منه، بقدر ما هو محاولة لوضعه في إطاره دون وهم أو شطط أو انتقاص.
ويبدو أن التجربة الإنسانية لم تنتج حتى الآن شكلاً أكثر قبولاً لتنظيم الصراعات وهضمها من شكل المجتمع المدني. وفي سياق هذا الدور الذي يلعبه المجتمع المدني في الدولة البرجوازية والحديثة خصوصاً، يتعقد النضال الاجتماعي والسياسي، ويصبح هدف الظفر بالسلطة السياسية من قبل أي طبقة اجتماعية، أو حزبها السياسي، أمراً بالغ الصعوبة والتركيب، ويجب أن يمر بقنوات شديدة التعقيد والصعوبة، وأهمها على الإطلاق قنوات المجتمع المدني ومؤسساته. وهنا بالضبط يمكننا تفهم التكتيك العميق لغرامشي في استبدال مفهومي "حرب الحركة" و"الثورة المستمرة" بمفهومي "الثورة السلبية" و"حرب المواقع"، كما يمكننا أيضاً تفسير سر الأموال الضخمة التي تضخ على تقوية وترسيخ هذه المؤسسات.
واليوم، لاتستطيع الحركة الوطنية "المغدورة" أو أي من أحزابها السياسية أن تترفع عن " التلوث" باحتياجات المجتمع الفلسطيني بالغة التنوع والتعقيد، وأن استمرار هيمنتها السياسية، أو تطور تمثيلها الشعبي، باتا بحاجة إلى أكثر من حضورها السياسي العام بكثير، ما يتطلب منها ملء فضاء كتلها الاجتماعية بدءاً بالثقافة والتربية وانتهاء بالقتال الاجتماعي المتواصل ذوداً عن مصالحها.



#حيدر_عوض_الله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لليسار در
- تضليل بامتياز
- قواعد جديدة
- تقاطع مصالح
- المربع الذهبي
- كلام قي اوانه
- لعبة جديدة
- اغتراب النص في الخطاب الديني
- ايران في مرمى النيران
- اوهام متجددة
- انهيار التنظير القومي للوحدة
- العولمة
- انتحار معلن
- فتح- استنفذت قدرتها على هضم تناقضاتها الداخلية على مفترق طرق ...
- الدمقراطية المتوحشة


المزيد.....




- اكتشاف ثعبان ضخم من عصور ما قبل التاريخ في الهند
- رجل يواجه بجسده سرب نحل شرس في الشارع لحماية طفلته.. شاهد ما ...
- بلينكن يصل إلى السعودية في سابع جولة شرق أوسطية منذ بدء الحر ...
- تحذير عاجل من الأرصاد السعودية بخصوص طقس اليوم
- ساويرس يتبع ماسك في التعليق على فيديو وزير خارجية الإمارات ح ...
- القوات الروسية تجلي أول دبابة -أبرامز- اغتنمتها في دونيتسك ( ...
- ترامب وديسانتيس يعقدان لقاء وديا في فلوريدا
- زفاف أسطوري.. ملياردير هندي يتزوج عارضة أزياء شهيرة في أحضا ...
- سيجورنيه: تقدم في المحادثات لتخفيف التوتر بين -حزب الله- وإس ...
- تواصل الحركة الاحتجاجية بالجامعات الأمريكية للمطالبة بوقف ال ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حيدر عوض الله - مأزق بنيوي