موفق مجيد
الحوار المتمدن-العدد: 2018 - 2007 / 8 / 25 - 09:06
المحور:
الادب والفن
قصة قصيرة
لم أكن اعلم إني حين أحببتها كانت مجردَ امرأةٍ يتقاذفُها عشاقُ الليل.. فتنهض في أخره ماسحة بعض قطرات الرغبة من على نهديها.... لم أكن اعلم إني حينما كنت أدمن في الإبحار في عينيها الناعستين.. إنها كانت تعطي بكرم أكثر من مجرد تسبيلة ساحرة.. لم أكن اعلم إني حين ضاجعتها إني أضاجع جسداً غادرته البكارة أيام كانت تبحث في أزقة النشوة عن رجل.
فأظل أدور وسط دوامة المفاجأة المنسية لأجد نفسي أمامها كحيوان أليف تداعبه بيدها تمسد على رأسه.. فاحتضن يدها بشغف مجنون..
وعندما تبدأ مرض التعري المزمن أدير عيني نحو أغطية السرير الأبيض علي أنسى إني لم أكن اعلم شيئا..
وفي منتصف النشوة أحيانا تقودني قدماي إلى التجوال في أزقة الذاكرة المتخمة باحثا عن جسد آخر يشفي ارث الطفولة المكبوتة..
فأنهض نافضا عن جسدي غبار تأنيب الضمير.. لتسوقني عيناي في أرجاء الغرفة لتسقط على أبي الذي كان ينام وسطها واضعا كلتا يديه على أذنيه لتفادي سماع الأصوات المتناثرة هنا وهناك من جراء انغماس الرغبة في جسد متصلب..
فتمتزج هذه الأصوات مع ارتعاشة قدميه مكونة نوتة موسيقية لتعزف اندثار الحلم بولادة أمل جديد..
فأخرج تاركاً الغرفة لهما لأدع قدمي تمخر الشوارع أتفرس في وجه أي امرأة أقابلها لعلي أجد فيها ضالتي المنشودة حين ترتج مشاعري وتتوسع هوة الرغبة بين الحب والبغض.. بين الأمانة والخيانة.. بين الرفض والقبول أو بين الصمت والثرثرة..
وعندما صادفتها كنت آمل أن تكون اليد التي تخرجني من هذا الواقع المزري.. ابتسمت هي لي.. ظننت أن هذه الابتسامة هي جواز مرور إلى عالمها السحري فرحت أسرع الخطى خلفها..
وعندما طرقت الباب ولأدخل كأي رجل فوجئت بارتعاشة شفتيها واصفرارهما وهي تنظر ألي.. لم أكن اعرف إنها متزوجة إلا من خلال الصورة المعلقة على جدران إحدى الغرف.. ربما لم تكون أكثر من مجرد صورة.. دخلت إلى غرفتها ذكرني غطاء سريرها الأبيض بغرفتي الصغيرة..
تذكرت فجأة بأني نسيت أن أودع والدي ذا الأقدام المرتعشة وهو لا يزال يصم أذنيه في إحدى الزوايا المظلمة في الغرفة.
#موفق_مجيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟