أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - إبراهيم اليوسف - الإعلام السوري أسئلة أكثر إلحاحاً















المزيد.....


الإعلام السوري أسئلة أكثر إلحاحاً


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 615 - 2003 / 10 / 8 - 01:21
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


 

قد لا يشكل الحديث عن بؤس حال الإعلام السوري مفاجأة على كثيرين ، لاعتبارات شتى ، لأننا كثيرا ما نكون في  مثل هذا المقام أمام إعلام مستنسخ تماماً ، فما يصلنا عبر الإعلام المقروء مثلاً إنما يتصادى ببغاوياً في الإعلام المسموع والمرئي على نحو سواء .. !!
ولعل الحديث عن قائمة الممنوعات في هذا الإعلام ? يعد من نافل القول , فهو معروف من قبل أي متابعٍ , أو قارئٍ له ,  حيث أن هناك على الدوام مناطق ألغام ينبغي عدم الاقتراب منها البتة .. !!
ولقد كان من الممكن تماماً أن تتراوح هذه المنطقة الملغمة ضمن حدودٍ دنيا ,  ليتمكن الإعلامي – النـزيه – من ملامسة قضايا أخرى ,  مهمة بالنسبة للمواطن والوطن – على حد سواء – في ما يتعلق براحته وأمنه , ولقمته , ومستقبله ,  وحريته ,  بل وكرامته ... قبل كل ذلك , إلا أن هذه الحدود – وكما هو واقع الحال – بدأت تتناسل ,  وبذلك فان هناك مناطق محرمة , صارت تشكل متتالياتٍ ، لا نهاية لها ، قد تبدأ بوزير أو واحد من المقامات العالية وتنتهي ليس برئيس المخفر ، بل بأي مخبرٍ قريب من المخفر أو سواه ، إذ لكل منهم إمبراطوريته ،  وحدوده التي تستمد قدسيتها من الرمز الأول ، وهي بالتالي عالةالداخل والخارج حدث واحد  علية ، ومسيئة إلى أي منجزٍ قد يعتد به .. !
وسياستان إعلاميتان :
ربما يتبادر للذهن ، أن تقدمة كهذه ، تبدو متجنية ? عمومية ? في بعض إشاراتها ? وجحوداً بحق الواقع الإعلامي، إلا أن أية قراءة متأنية لردود الفعل العكسية التي خلقها مثل هذا الإعلام : داخلياً بالنسبة إلى علاقة القارئ به ? وخارجياً بما يتعلق بمصداقيته ? وما يقدمه من معلومة ? مكرورة ? باهتة – في الأغلب ? وما يخفيه من معلومات مهمة ? مطلوبة .. وبإلحاح ? تنعكس مع القنوات الإعلامية الأخرى ? وعلى مدى نجاعتها في آنٍ واحد .. لدرجة، انه وبإمعان النظر في مصادر المعلومات الخارجية ,  فان هناك ما يؤكد لنا أن هناك تسريبات – مدروسة – للمعلومات المقدمة للإعلام العربي ? وبالتالي الغربي !! والتي تحجب عن الإعلام المحلي ? بيد انها تعود عبر دورة – طويلة – باهتة منهكة ? إلى القارئ المحلي نفسه لا سيما في مرحلة الانتشار الهائل لوسائل الطباعة والمعلوماتية ? وهذا يعني قبل كل شيء :
1- تهميش الإعلام المحلي ? والاستخفاف بالقارئ ? وهنا مساس بمسألة وطنية وحق مواطن ? لأن دور الإعلام ليبرالياً في أقل تقدير – هو أولا و أخيرا من أجل مصلحة و معرفة و حماية المواطن .
2- اضطرار القارئ الى التفكير بإيجاد قنوات لمصادر المعلومة على حساب علاقته بوسائل الإعلام المحلي .
أن ما تقدم ? يشكل أسئلة أولى – بالتأكيد – توحي لأول وهلة بأن هناك – مؤامرة – على الإعلام المحلي بداعي تحصينه والحرص عليه ? وقد لا أجد صعوبة في الإشارة إلى أمثلة كثيرة منها : اننا كنا نضطر لتصوير مقال ما منشور في صحيفة عربية ? قُرأت عربياً ? وعالمياً ? وحجبت عن مواطننا ? مع أنها مرسلة من مصدر رسمي ? أو مطلع .. وهذا ما كان يكلفنا أحياناً دفع – أضعاف – سعر نسخة هذه الجريدة ? أو المجلة ? التي اقتطع منها الخبر وهو عموماً على حساب لقمة الخبز .. !! والأنكى من ذلك إلى مثل هذه المواد المستنسخة فوتوكوبياً ? كانت ولا تزال تنشر في البلاد طولاً وعرضاً ? عمودياً وأفقياً ? يقرؤها ? ويطلب الحصول عليها حتى المواطن عديم الاهتمام بالإعلام .
تجربة الإعلام الصحافي :
أجل ? ان مثل هذه الممارسة ? هي من عثرات السياسة الإعلامية المتبعة ? لأن القارئ في هذا الحال هو الضحية الأولى ? حيث يصل إليه السم والدسم ? والغث

 والثمين ? الملفق والصحيح ? كله في آن واحد .
بل ويتم نسف يقينياته ? ويخلخل حتى إيمانه بقيم عالية ? وبتصوري الشخصي – ان لا مبالاة الشارع العراقي ? كاملاً – بسقوط بغداد –  حيث بدا و كانه أمام فلم سينمائي لا يهمه , كانت تعود في جزء مهم منها إلى انعكاسات الإعلام الصحافي بتشديد الصاد والحاء على التوالي – التضليلي ? الذي عمل على أسس كثيرة  منها :
1- غض الطرف عن المحاسبة الحقيقية،وتفسير النقد على أنه موجه للمخطئين الصغار مستضعفي أرض الله – دون غيرهم – وان كانوا مشاريع جبابرة ? أفسدهم الواقع على نحو طبيعي نتيجة جملة علاقاته الخاطئة .
2- توريم صورة – الطاغية – وإشباع نرجسيته لتبلغ حد البارانويا الوحشية ? والسادية الدموية الحمقاء ? كي نكون في ما بعد أمام متتالية لا نهاية لها من الطغاة الصغار , ولنكون بالتالي أمام اعدام اعلام اواعلام اعدام .
3- تخريب روح المواطن ? وهدمها ? ونسف منظومة القيم العليا ? بخصوص حب الوطن ? والاستبسال من أجله .
وأكاد لا أنسى البتة ? ذلك الموقف المحرج لمحمد سعيد الصحاف – وزير الإعلام العراقي – الذي كان يقود
(( بمفرده )) حرباً ضروساً على قوى التحالف الغربي ? عندما كان يفند أكاذيب العلوج ? بدخولهم بغداد ? فقال له صحافي وقح متسائلاً (( بخبث : ولكن ألا ترى معنا .. هي ذي الدبابات الغازية على مرمى البصر والمكان !! مؤكد أن المواطن العراقي ? كان يدرك ببصيرته – وبصره معاً ? واقع الحال ? ولهذا فان هذا التحميس الستيني لم يحرك شعرة من رأسه )) وهذا ما كان يدعو ? وعلى الرغم من الموقف المحرج جداً ? انصراف المواطن العراقي ? عن هذه القناة التلفزيونية الأخيرة ? أو متابعتها كأنها – مسرحية مونودرامية صحافية – لمحض الترويح عن الخطر الذي يدخل عليه دون استئذان ?!
بوصلة الفساد :
وطبيعي ألا يجد أحد المكتوين بحب – صاحبة الجلالة – مثل هذا الأنموذج يومياً في أقسام تحرير صحفنا ? بل ومجلاتنا وتلفزيوننا على حد سواء ? فهم استقدموا إلى عالم هذه المهنة ? ليس نتيجة هيام ما بالعمل الصحافي ? هذا العمل الذي لا يقدم للصحافي الأصيل سوى المتاعب ? بيد أنه يستخدم لدى أشباه الصحافيين مفتاحاً سحرياً لولوح المكاتب المغلقة ? بل عصا موسى تحقق كل ما يخطر ببال لدى بعضهم ? ومن هنا نجد هؤلاء الذين انتفعوا في هذا العالم ? واساؤوا إليه ? ولقد كتبت في الثمانينات والتسعينات – مرة في مجلة هنا دمشق وأخرى في الناقد ما معناه : ان أختام الدوائر الرسمية وغير الرسمية لا يمكن لها أن تصنع موهبة :أديباً أو صحافياً مبدعاً لامعاً .
ان العمل الإعلامي ? يستغل على أيدي بعضهم من أجل أغراض ذاتية ? ضيقة ? مرذولة ? ومن هنا فاننا نجد هؤلاء المندوبين الإعلاميين الذين يقدمون بين فينة وأخرى ? إلى إحدى المحافظات البعيدة ? قلما ينصرف أحدهم إلى مهمته ليجري تغطية إعلامية يشار إليها بالبنان ? بل أن كثيرين منهم ليظن أنه في رحلة العمر ? حيث يعيش أياماً على موائد عامرة ? وإقامة متميزة في فندق ذي بضعة(( نجوم ))? في ضيافة مدير تلك الدائرة الحكومية التي طلب إليه إجراء تحقيق صحافي حول عملها ?!! وطبيعي ألا يستطيع هذا الصحافي المخلص كتابة الواقع ? لأنه سيجري ريبورتاجه هذا اعتماداً على معلومات حاشية المدير ? ليكون كل شيء في بلدنا بخير !! وهناك مقولة طريفة لمدير سابق لفرع مؤسسة الحبوب في منطقتنا هو : احذروا في هذه المؤسسة من شيئين : النار والصحافة !!
ولقد قيل لي أن عاملين في الصحافة ? كانت تصرف لهم (( مكافآت )) من مؤسسة لا علاقة لهم بها ? ولا أدري لم أجد في نفسي رغبة في أن أتحدث عن مدير مركز إذاعي وتلفزيوني ? جاء من أجل تغطية أحد المهرجانات الشعرية ? وكنا حوالي عشرين شاعراً ? وكانت المناسبة (( دعماً للانتفاضة الفلسطينية )) وبدا لنا هذا الإعلامي وكأنه قادم من كوكب المريخ ? صار يجري – بروفات – لصبية من المدينة كي تلعب  دور المذيعة !! وراح يجري لقاء مع مدير الدائرة المضيفة ويقدم فقرة كاذبة عن كاتب ليس في المدينة كلها  على انه موجود!? ويصور (( معرض كتب  للقطاع الخاص )) ولأن أحدا لم يكن موجوداً في قاعة المعرض ? حيث كان الدوام المسائي قد انتهى ? صار صاحبنا ينادي الشعراء المشاركين واحداً .. واحداً ? وكانوا المحظوظين الذين تم اختيارهم ليمثلوا بأنهم (( مواطنون )) يشترون الكتب , لا أن يتحدثوا عن واقع الشعر الجديد وسوى ذلك مما توقعوه من قضايا الفن والثقافة ? لكن أكثر هؤلاء رفض هذه التمثيلية الرخيصة ? البائخة ? وعلمت أنه راح يتحدث عن انتصاراته بحق هؤلاء الشعراء في سهرة دسمة و ((نكات   مكرورة ))في ضيافة مدير الدائرة نفسه .
ملمح خاطف من تجربة مريرة :
وإذا كنت أتحاشى هنا ذكر الكثير من تجربتي المريرة مع الإعلام ? فانني أتذكر أن مواد لي اوقفت ( في الثمانينيات من القرن الأخير  في الالفيه الثانية  -كمثال يمكن قوله بسبب مايسمى بالتقادم قانونياً) في صحيفة أكتب فيها منذ اكثر من عشرين عاماً كمستكتب خارجي ,  ولفترات طويلة  – لأنني أوردت رموزا كردية – نوروز-النار-الجبل00000الخ – في إحدى موادي ? فصار ينظر إلي كأحد المجرمين !!,واذا كان الشئ بالشئ يذكر ,فلازلت اتذكر ماقام به احدهم من احدى المحافظات (وكان شاعراً)حيث دبج كتاباً ورفعه الى الجهة التي نشرت لي قصيدة مهداة الى جكرخوين -على انه شاعر كردي ممنوع ,وتم بالتالي تنطع احد الكتاب البلطجيه ,لكتابة مادة تسئ الي وهذا ما تم . الى ان فضحه كلُ من الكاتبين
نادر السباعي ونهاد سيريس . ليتم انصافي ...معنوياً
وهو السبب نفسه الذي تم من أجله رفض قبولي حوالي (( عشر سنوات )) في عضوية اتحاد الكتاب العرب ?  وابعادي عن التعليم الثانوي لسنوات. وثمة الكثير أيضاً مما لا أريد أن أقوله ? رغم أنني أزعم بتجسيد الوحدة الوطنية الحقيقية في ما أروم .
وهنا انني لأطلق سؤالي المرير : إذا كان وجود الأكراد في سوريا هو واقع حقيقي ? فلماذا يتم غض النظر عن الحديث عنهم أسوة بغيرهم في وسائل الإعلام ? واعتقد أن عدد المرات التي تم فيها ذكر كلمة الأكراد السوريين ومنذ عقود وعبر الصحافة السورية ,  تكاد تعد على أصابع اليد الواحدة فحسب ,(حادثة حريق سجن الحسكة  حيث تصريح وزير الداخلية -محمد حربا-وذكره للاكراد وما كتبه الصحفي علي جديد بخصوص الاجانب )?  بل ولم تتم حتى الان نرجمة ولو مقطوعة ادبية عن الكردية , رغم وجود ملفات في الصحف والمجلات  عن اداب كل الشعوب بل و رغم الدور الوطني المشرف الذي لعبه هؤلاء على مختلف المراحل, مع انه قد تتم ترجمة حنى (للأدب الصهيوني)الى العربية بغرض الاطلاع ?  ( أما التلفزيون السوري فلم يبث منذ تأسيسه وحتى الآن مجرد أغنية كردية واحدة )ولكم دفعنا ثمن إشاراتنا إلى هذا الواقع ولو على نحو جدّ عابرٍ
ولا أجد داعياً لذكر كل التفاصيل هنا ? بيد أن هذا ليعد من النقاط الممنوعة أمام الصحافي السوري ? .اعتقد أن هذه إحدى القضايا العالقة البارزة من الممنوعات التي تواجه الإعلاميين السوريين كواقع لا كافتراض ? ولابد من التعامل معها بمنتهى الوضوح ? والحكمة ? وعلى ضوء فهم شراكة حقيقة – لا إعلانية استهلاكية – في تراب هذا الوطن من قبل جميع أبنائه ? لأن عقلية – التعتيم – على واقع الأكراد السوريين إلى جانب الممارسات الأخرى المتبعة في هذا المضمار ? أثبتت فشلها ? بل ألحقت أضرارها الفادحة بالوحدة الوطنية ? نقطة اللقاء الأولى المطلوبة من قبل كل من يريد شراكة حقيقة في هذا الوطن .
وإذا كان انحدار الخط البياني للصحافة المحلية إلى حد مروع يستثير أسئلته المشروعة ? إلا أن الوضع الاقتصادي للصحافي – النـزيه – بائس ? أسوة بالوضع الاقتصادي العام للمواطنين ? فالصحافي بحاجة يومية إلى نفقات إضافية ? تمكنه من التقاط المعلومة من مظانها? بل وضرورة شراء الصحف والمجلات ومتابعة الانترنيت ? ناهيك عن أن بؤس وضعه الاقتصادي يلقي به لقمة سائغة في فم إعلام البترودولار ? ليكتب رغم أنفه مواد حسب الطلب ? وذلك على حساب مستوى ما يقدمه لصحافته المحلية ? وثمة كثيرون من صحافيينا يعلمون أن ما يصلهم من مكافآت لقاء زواية سريعة في إحدى هذه المنابر ? يعادل راتبه لمدة شهرين !! طبعاً أن العلاقة بهكذا صحافة عربية تجيء على حساب الكرامة الشخصية لهذا الجندي المجهول ...
بعض التفاصيل - بعض الأسباب :
لقد بات ملحاً ? ونحن نجد هذه التحولات الهائلة على كل الصعد ? بل وهذه التحديات الخارجية التي تجد لنفسها مداخل سهلة من خلال الانتهاكات الفظيعة على مختلف الصعد ? والتي لا يمكن وأن تتماشى على غرار ما كانت عليه خلال عقود خلت , وينبغي إنهاؤها ? ولعل سؤال الإعلام أحد الأسئلة الأكثر إلحاحاً التي يجب التوقف عندها، ومعالجتها ? انطلاقاً من المصالح العليا .
إن – قانون المطبوعات – الحالي ? ينبغي التفكير الجدي بالمبادرة وبالسرعة القصوى لإلغائه ? لما يلحقه من أذى وضرر بالإعلام ? بل وبأحد الحقوق الرئيسية للمواطن ، ووضع آخر بديل عنه يتماشى مع كرامة المواطن والصحافي والوطن .
ومن هنا ينبغي تفعيل دور اتحاد الصحافيين ? ليكون مرجعاً لجميع العاملين في هذا الحقل للمطالبة بحرية كلمتهم ? وتحريرها من القيود اللامتناهية التي تتنامى لدرجة عدم إكتفائها بخدمة مصلحة رئيس القسم فحسب ? بل بواب المدير العام، وربما عامل البوفيه في الجريدة أيضاً .
أتذكر – عندما قلت في أحد مقالاتي ذات مرة – وبعيد صدور قانون المطبوعات ? ان هذا القانون هو من أسوأ قوانين المطبوعات في العالم تخلفاً ? ناقشني أحد الزملاء العاملين في حقل الصحافة مقدماً التسويغات لمثل هذا القانون ? مشيراً إلى ان هناك كتابات جريئة تكتب بين حين وآخر بأقلام معروفة دون أن ينال من أصحابها أحد ? بل هي محط احترام .. !!
ان مثل هذه العقلية طبعاً كانت ولا تزال تهيمن على أعداد من الصحافيين ? لا سيما هؤلاء الذين في مواقع المسؤولية الإدارية ? أو طوابير ممن جاؤوا طارئين على هذه المهنة ? وليس في نيتهم أصلاً إلا أن تكتب أسماؤهم بحبر المطابع وتنشر صورهم الشخصية في إحدى زوايا مقالاتهم التي لا تثير في القارئ أي دافع لقراءتها .
ولكي أكون منصفاً هنا ? فان هذه الظواهر السلبية في عالم الصحافة أشار إليها عدد من كتابنا الغيارى ? فلقد كتب ممدوح عدوان في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي في جريدة – الأسبوع الأدبي – متحدثاً عن هؤلاء الطارئين على عالم الصحافة بما معناه :
ان أحد الشباب المدللين يأتي إلى دمشق بغرض متابعة دراسته الجامعية ? فيحمله أبوه رسالة إلى قريب – أو صديق له ذي سطوة ونفوذ في العاصمة ? كي يوجد لـه عملاً ? وعلى الفور يخيره صاحبنا هذا العمل بين إحدى مؤسستين على سبيل المثال : الخضار والفواكه أو الصحافة ? فيختار هذا الولد المدلل مؤسسة الصحافة دون تردد !! ودون أن يكون قد عرف عن الأدب إلا ما قرأه في منهاج البكالوريا !! وهكذا يصبح صاحبنا هذا محرراً مرموقاً في صحافة هذه الأيام !!
ولكم حزّ في نفسي عندما وجدت منذ أشهر في إحدى صحفنا اليومية في دمشق – صحافياً عريقاً من خارج الجريدة – يساوم أحد قيمي الجريدة الطارئين من أجل نشر مواده وهو يتحدث وبملء فمه صراحة ? أن العوز وضيق ذات اليد وتأمين متطلبات الدارسة للأولاد ? يدفعانه لكي (( يتنازل )) للنشر على هذا النحو .. !! ولعل سوء الواقع المعاشي للصحافي ــ ملح المجتمع ــ يدفع بعضهم للكتابة بإسم زوجه , أوحماته , لصحف خليجية تهتم بالمواد المكتوبة با قلام أنثوية , بل ان بؤس هذا الواقع الاقتصاد ي هو الذي لايزال وراء هجرة خيرة العقول والاقلام الوطنية على حساب صحافتنا السورية
 أجل ? ان اتحاد الصحافيين ينبغي أن يلعب دوره كممثل فاعل عن سلطة رابعة في البلاد ? من خلال المساهمة وبإلحاح لخلق المناخ الديمقراطي للكاتب والقارئ في آنٍ واحد ? لاسيما واننا نجد بعض الوزارات التي تعرقل عمل الصحافيين من خلال  تعميم كتب تقتضي عدم التجاوب معهم ,من قبل الدوائر والمؤسسات التابعه لها,8 أن الصحافيين الذين يكتبون بوحي من ضمائرهم ? وينشرون (( بعض )) ما يريدون قوله عبر (( بعض )) وسائل الإعلام غير الرسمية ? والرسمية ? في أحايين قليلة جداً ? إنما يدفعون ضريبة مستمرة تطال لقمتهم ? بل ومستقبل أبنائهم ? وبدهي أن يتم التعتيم على أحد أقدم صحافي في محافظة ما , ((مقابل تكريم صحافيين جددا ))نتيجة مواقفه التي استدرت عليه نقمة أولي الأمر .
وفي هذا المقام ? ان تسوية وضع الصحافيين غير العاملين في الصحف ممن يسمون بـ : المشاركين ينبغي أن تتم حالاً ? فهناك بعض هؤلاء من نال العضوية كمشارك منذ حوالي عشرين عاماً – كما هو حالي – دون أن يتم الالتفات إليهم ,ذذذ ومساواتهم في الحقوق مع أي مصور  صحفي  او متمرن لا تزيد تجربته عن عام واحد  ? وحتى التفكير بآلية إحضارهم لأي مؤتمر ? ولقد كتبت منذ سنوات – بهذا الخصوص – وذلك عشية عقد أول مؤتمر للاتحاد ? بل  وكتبت في ما بعد إلى وزير الإعلام الحالي منذ حوالي السنة دون أن يرد علي أحد حتى الآن .. !!
أما بخصوص العمل في الصحف الرسمية ? فهو كما كان يقال لنا ? أحد ضروب المحال ? فوراء كل صحفي إما .0000 أو مصادفة لا تتكرر ? كما حصل مع بعض الصحفيين عقب حرب تشرين 1973? ? حيث هناك عشرات الصحفيين الذين خرجتهم كلية الصحافة  منذ سنوات ? ويعانون البطالة ? ولقد التقيت أحدهم وكان يعمل في أحد الأفران ليلاً ., ويبيع الخضار نهارا,مع ان له زملاء من دفعته نفسها , وأقل امكانات وخبرة منه ,غدوا من اكثر الملمعين  محلياً وعربياً , وبخصوص الصحف المحلية في بعض المحافظات ? نجد انه يتم الإشراف عليها من قبل (( المكتب التنفيذي )) وبهذا فهي ستغض النظر عن أخطاء الرؤوس الكبيرة حرصاً على استمرارية أعضائها ? فلقد تم منع صحفي عن الكتابة في إحدى المحافظات – وهو مراسل لصحيفة في دمشق – لأنه كتب ما لا يراه المحافظ .. !!
وإذا كانت هناك محافظات مثل : حلب – حمص – حماة – طرطوس – اللاذقية – دير الزور .. لها صحفها الخاصة ? فان محافظة مثل – الحسكة – هي أبعد نقطة جغرافية في سوريا ? وتنتج ثلث اقتصاد البلد من نفط وزراعة وخيرات أخرى وهي أكثر حاجة لصحيفة محلية ? بيد أنها لا تزال دون صحيفة .. رغم (( مطالبتنا المستمرة )) بذلك منذ سنوات طويلة ? بل ورغم أن عدة صحف ومجلات كانت تصدر في مدينتي : القامشلي – الحسكة – في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي وبالتوازي مع صحافة العاصمة دمشق !!
ان منح الرأي الآخر – عبر وسائل الإعلام – المجال الرحب بالموازاة مع الرأي ? دون ممارسة العسف في التنطع لمناقشته ? كي يكون الدافع إلى ذلك استقراء الواقع ، واستنباط الحلول الجدية لمعالجة مواقع الخلل ، وعدم إبقاء أية صوى وحدود وألغام في وجه الكلمة الصريحة ، الصادقة ، الغيورة على المواطن والوطن ، لابدّ سيسهم في إرساء دعائم مرحلة جديدة في ظل الديمقراطية ، والعدالة الاجتماعية ? وسيادة القانون ? وإلغاء الأحكام العرفية وقانون الطوارئ ? في ظل إصدار قانوني الأحزاب  والصحافة? والإقرار بتعددية سياسية غير عرجاء ? والسماح للاثنيات الأخرى : كرد – آشور - ... إلخ ممن لهم وجود حقيقي في البلاد بإصدار صحافتهم وبلغاتهم ,  وهو إثراء للثقافة ( الوطنية ) لا إلغاء لها , أجل إن كل ذلك سيسهم في تعزيز أفضل أشكال الوحدة الوطنية المنشودة في وجه كافة التحديات الخارجية ? ولكي نعيش في بلدٍ حصين – بحقً – يشعر فيه كل أبنائه بمسؤولياتهم الحقيقية من أجل صونه وتطويره وحمايته ? لا أن يُشعر فيه بأنه مجرد سجن كبير , و معذرة عن اللجوء الى هكذا مجاز..
 



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرأي الآخر !محاولة فهم قاصرة
- أربعون عاماً على الإحصاء الاستثنائي في محافظة الحسكة..
- حلبجة . . .ترحب بكم ... !!!!
- مدخل إلى مفهوم الوحدة الوطنية الأكراد والحالة السورية أنموذج ...
- مقدمات أولى من أجل سورية أقوى في مواجهة التحديات


المزيد.....




- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - إبراهيم اليوسف - الإعلام السوري أسئلة أكثر إلحاحاً