لأول مرة.. -النكبة- في كتاب دراسي إسرائيلي

أحمد بلال

الحوار المتمدن-العدد: 2006 - 2007 / 8 / 13 - 02:10
المحور: القضية الفلسطينية
    

الترجمة من اللغة العبرية ليست كغيرها من ترجمة اللغات الأخرى! فالعبرية لغة العدو الإسرائيلي الذي اغتصب الأرض، ثم أعلن وبكل صفاقة أن ما حدث لم يكن اغتصابا ولا احتلالا وإنما كان "تحريرا"!! هذا العدو الذي لم يكن غريبا عليه وهو الذي زيف التاريخ أن يزيف كل شيء، حتى اللغة! فالنضال الفلسطيني يسمونه "إرهابا"، والفدائيون يطلقون عليهم "المخربين"، والهجرة الإسرائيلية لأرض فلسطين العربية لا تعني في القاموس الإسرائيلي سوى "العودة إلى أرض إسرائيل"، والنكبة يسمونها "يوم الاستقلال"!!.

ولذلك فقد أثار قرار وزيرة التعليم الإسرائيلية "يولي تامير" بإدخال مصطلحات مثل "النكبة"، "اللاجئين"، و"مصادرة الأراضي"، إلى كتاب "الحياة معاً في إسرائيل.. كتاب تعليم في الموطن والمجتمع والمدنيات"، والذي يدرس للصف الثالث الابتدائي في مدارس الوسط العربي في "إسرائيل"، ردود فعل غاضبة في الأوساط الإسرائيلية التي اعتبرت تلك الخطوة خطراً على الدولة الإسرائيلية، وعلى ما وصفوه بأنه "حق اليهود التاريخي في إقامة دولتهم على أرض فلسطين".



وقد تم إضافة مصطلح "النكبة" في الصفحة رقم 133 من الكتاب المذكور والتي تتحدث إحدى فقراتها عن حرب عام 1948 قائلة: "كانت الحرب قاسية واستمرت أكثر من سنة، انتهت الحرب بانتصار اليهود، وتم توقيع اتفاق لوقف القتال بين دولة إسرائيل والدول المجاورة، يسمي العرب هذه الحرب "النكبة" بمعنى الخسارة والضياع، أما اليهود فيسمونها "حرب الاستقلال".
وقد حملت التعديلات الجديدة على الكتاب اعترافاً بعض الشيء بمأساة اللاجئين الفلسطينيين فجاء في صفحة 134 "كانت خسائر الحرب كبيرة جدا حيث قتل الكثير من العرب واليهود.. اضطر بعض السكان العرب إلى مغادرة بيوتهم وطرد البعض الآخر، ولجأوا إلى الدول العربية المجاورة مثل سوريا ولبنان والأردن، أما غالبية العرب الذين بقوا في البلاد فواصلوا السكن في قراهم ومدنهم، تحول بعض العرب إلى لاجئين واضطروا للانتقال للعيش في قرى عربية أخرى في إسرائيل بسبب هدم قراهم خلال الحرب وبعدها".



كما تحدثت الإضافات الجديدة عن فترة الحكم العسكري الذي تم فرضه على القرى والمدن العربية في أعقاب النكبة فجاء في الصفحة رقم 136 من الكتاب "كانت السنوات الأولى بعد قيام دولة إسرائيل سنوات قاسية بالنسبة للمواطنين العرب، فرض عليهم حكم عسكري وأدارت شخصيات عسكرية قراهم، لم يتمكن العرب في هذه السنوات من السفر إلى الأماكن التي أرادوا زيارتها، أو العمل في الأماكن التي أرادوا العمل فيها إلا بتصاريح خاصة، وصادرت الدولة الكثير من أراضيهم، انتهى الحكم العسكري عام 1969".

وفي محاولة منها لتبرير قرارها بعد ردود الفعل الإسرائيلية المناهضة له، قالت الوزيرة الإسرائيلية "يولي تامير": "يجب إعطاء فرصة للطالب العربي -المقيم في إسرائيل- لأن يتعرف على خصوصيات المجتمع العربي بكل ما يتعلق بهويته القومية وأن يدمج ذلك مع مواطنته الإسرائيلية"، وأكدت وزيرة التعليم الإسرائيلية أن "الطالب العربي يجب أن يعطى الفرصة لتعلم بعض المصطلحات والحقائق" وقالت: "إلى جانب الاستقلال يجب معرفة مصطلح "النكبة" وحقائق أخرى مثل رفض العرب لقرار مجلس الأمن بتقسيم البلاد عام 1947 وبالمقابل موافقة اليهود عليه"!!، وأضافت الوزيرة "عدم تعليم الطلاب عن النكبة في المدارس لا يساهم في إبعادهم عن مصطلح النكبة أو يمنع عنهم معرفة حقيقة النكبة".



أما عضو الكنيست "محمد بركة"، رئيس كتلة الجبهة الديمقراطية، فقال إن قرار الوزيرة ما هو إلا مجرد إضافة مصطلح، طالما بقي بدون مضمون وسرد حقيقي لما جرى ويجري، وأكد "بركة" أن "نكبة الشعب الفلسطيني ليست مجرد مصطلح وتسمية مرادفة لما جرى في العام 1948، بل هي تاريخ وحاضر للشعب الفلسطيني"، وطالب "محمد بركة" بـ"تغيير جذري في مناهج التعليم المخصصة للعرب، بحيث تتضمن الأدب والتاريخ الفلسطيني، فلا يعقل إجبار طلابنا على دراسة التفاصيل الدقيقة للأدب والتاريخ اليهودي وحرمانهم من دراسة أدبهم المعاصر وتاريخ شعبهم".

قرار وزيرة التعليم الإسرائيلية بإضافة مصطلح "النكبة" إلى كتاب تعليمي يدرس للتلاميذ العرب في "إسرائيل"، لا يعد اعترافا إسرائيليا بـ"النكبة"، فما تمت إضافته هو أنها "نكبة" من وجهة النظر العربية فقط!!، كما تمت ترجمة الكلمة بمعنى الخسارة وليس الكارثة!!.



وبالنسبة لللاجئين تزعم الإضافات التي أضافتها وزيرة التعليم الإسرائيلية أن بعضا من المواطنين العرب اضطر لمغادرة بيته، والبعض الآخر طرد، أما الغالبية فقد بقيت داخل الوطن!! وكأن من هجرتهم إسرائيل وطردتهم خارج فلسطين لم يكونوا إلا قلة!! بالإضافة إلى أن بقية المنهج يعتمد على الرواية الإسرائيلية، كما أن هذه التعديلات تدرس فقط للطلاب العرب، ولم يتم إضافتها في المدارس اليهودية التي تكتفي بتعريف "النكبة" على الرواية الإسرائيلية التي تطلق عليها "يوم الاستقلال"!!.

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات