خليل الميّاح
الحوار المتمدن-العدد: 2003 - 2007 / 8 / 10 - 07:57
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
بدءا نقول أن الفلسفة اليونانية لم تتطور في الغرب إلا بعد نقضها والثورة عليها بأسم العقلانية اليونانية نفسها ،
وبذلك وبسبب عدم حصول النقض المرتجى ، أنتهت فلسفتنا العربية إلى اللامعقول الأشراقي كما هو لدى الفارابي وأبن سينا ....
ولاحقا نقول أننا نتماهى مع العلم الحديث وعدم تصورنا للعالم والطبيعة من خلال مفهوم أحادي للسببية فقط ؛ وإلا ومن منظور كبــّار العارفين مثل ماركس وغيرهِ ، هل يجوز لنا أن نفسر السر في خلود إلياذة هوميروس بناءً على مقولة البناء التحتي والفوقي التقليدية ؟
ويقول هيدغر في كتابه مبدأ العلة :- لقد صيغة الفكرة الشائعة بأن لكل شيء سببا ولكل أثر علة من قبل ليبنيز كمبدأ لأعطاء العلة الكافية .
وحصل أن مبدأ العلة الكافية ، قد دوّخ الفلاسفة ومنهم ليبنيز ، فراح يبحث عن صيغة فكرية مؤداها لأن لكل شيء سببا ولكل أثر علة ، لكن التأويل الذي طرحه مارتن هيدغر بهذا الخصوص أن معنى المعنى بقاء الموجود موجودا كي لايسقط في العدم وكي يصل الى كماله !
لكن هيدغر يشيرنا الى أن تلك الصيغة ظهرت لأول مرة في القرن السابع عشر في أفق التأملات التي تركها لنا ليبنيز .
مع أنه يستدرك بأن الفلسفة بدأت تترسخ وتتحول في الغرب منذ القرن السادس قبل الميلاد ، ثم مرّ عليها زمن رقادٍ طويل حتى قيض لها لبنيز لينعشها من جديد !
ولايخفى أن لب المعنى لمبدأ العلة الكافية يصب في تيار السببية وهذهِ تعني أنها شكل من أشكال الترابط العام بين ظواهر العالم الموضوعي ، لذا نرى المثالية تنكر السببية الموضوعية في الطبيعة والمجتمع وتعتبرهما فاقدين بحد ذاتهما لأي نظام خارج وعي الإنسان وتصورهما بصورة الظواهر والحوادث المبعثرة ، لذا رأينا كانط وماخ يؤكدان :- أن الطبيعة لا تحوي أسبابا ولا نتائجا !
والمثاليون عمموا ندائهم باللا حتمية وقالوا بعدم وجود للقوانين الموضوعية وأن الفكر هو الذي يدخل في الظواهر ترابطها السببي !
وهذه المقاربة الفلسفية نراها توطئة لموضوعنا : مبدأ العلة الكافية ...
وبداية يشير هيدغر الى هيراقليطس ومناداته قبل أفلاطون وأرسطو :- بأن الوجود يعشق الخفاء والحجاب .
وأن تلك العملية أي الأنحجاب والأنسحاب لا ينفكان عن الوجود .
لكن هيدغر يلفت نظرنا بأنه لايفهم من المفردتين أو الفعلين ينحجب وينسحب بأعتبارهما حالة صوفية بدليل أنه يرى أن الأصل الجوهري للعملية تلك هو حجاب العلة الكثيف بمعناها العقلاني ، وهذا مادعا الجميع الى الأقرار بأن مبدأ العلة أصبح شيئا يرن أبدا في آذاننا !
وبعد هذهِ التوطئة الهيدغرية نرى أن الرجل قد تلبسته روح مذهبية تمت الى السفسطة بجذر يكاد لايبين ، والجملة المشهورة في ,, المسألة قولان ,,
تنطبق عليه فهو وقد سبقه بروثاغوراس في القول :- ليس ثمة دين مطلق ولاعدل مطلق ولا حرية مطلقة .
ومعلوم وبحسب هيغل أن الفهم الشائع لايعرف سوى الدوران على نفسه ولذا لا يستطيع الأمساك بالشيء ويقع الى جانب الشيء ولايصيبه .
ويقول صاحب فكرة الوردة هي بدون لماذا ، أن كانط قد نقد العقل المجرد وأنشأ ملكة
,, تؤصل وتؤسس لبناء فكري محكوم بمبدأ العلة ,,
لكننا نتذكر أن لينين سبق وأيد هيغيل بالضد من كانط بخصوص ,, الشيء في ذاته ,, وأنغلاقه على المعرفة !
ونحن نعلم أن كانط كان يود تخفيض العلم ليشق الطريق الى الأيمان !
ويلحف علينا هيدغر أن المشروع النقدي لدى كانط هو منهج أستعلائي : methode transcendantale
كل ذلك يجري في المنطق الهيغري ليدلل على أن الطريقة الأستعلائية تستجيب لدعوة مبدأ العلة .
لكن لنتريث قليلا ونفق بصاحبنا الوجودي فسنراه يمعن في الهروب الى خارج التاريخ ،
وفقدان القدرة على التمايزات التاريخية أضافة الى أن هذا النمط من الجدل الميتافيزيقي لن يرتبط بموضوعية الأشياء كما يزعم هيدغر وسيقوم بقلب للأشياء المتعلقة بالعلة الى مستوى أنطولوجي كي يغطي على الخـُلف الفلسفي الذي جاء دونما غطاء تجريبي !
ومن جانبنا نعلم أن سارتر شيخ الوجودية سبق وأذعن أن الماركسية هي فلسفة العصر والوجودية هامش على متنها !
وبخصوص المقلب الثاني في أطروحة هيدغر نراه يقول ، أن الوجود والعلة متحدان في الهو هو :- هذا نفس ذاك .
والحكاية تذكرنا بالخمرة القديمة التي جددت خوابيها ، فما عادت تسكر أحدا ، عن هوية الأضداد : idntity of opposites .
أن الفيلسوف هيدغر يريد تأكيد موضوعة تماثل الأضداد على نحو يوقع المطابقة بينها مما ينفي عن عملية الجدل صفات الحركة والصيرورة الآنية والعينية .
وكي يصدمنا تماما راح يمتح رأيا من ليبينيز هو مبدأ الهوية :- مبدأ عدم أجتماع النقيضين والذي يعبر عنه في أ = أ .
أذا وتأسيسا على ماتقدم لم يقم الفيلسوف بالمخادعة في القول بأن مبدأ العلة الذي نوّه بهِ كمبدأ لجميع المباديء ، لابل يراه المبدأ الأعظم ، قد عاد إلينا بدون علة !
ونحن لاننكر لعبة الأستغماء الهيدغرية التي كان يلعبها معنا الرجل الوجودي بأمتياز بالغ ، إذ نراهُ ينتهي معنا بأطروحة غرائبية كون المتناقض بذاته لايمكن له أن يوجد !!
ومن جانبنا ننكر عليه أستقراءه بل نراه الى الأفتراء والى النعرة العلمية أقرب فهو يصل الى نتيجة مفادها :- أن المهماز الخفي الذي يدفع بالعلم الحديث هو مبدأ اللا تناقض ، وليذهب هيغل الى البحر ليشرب الماء المالح !
أذا بات مبدؤه الأعظم للعلة ، مثله مثل الرجل الأفقم الذي لايفقه من زمنه إلا البلاهة !
ومعلوم أن الأستقصاء الماركسي عبر المادية التاريخية يضع حدا للتأمل النظري الذي ينطلق من الشعور والتصورات أي من الأوهام وبالتالي فأنه لن يدرك التاريخ أبدا .
ومن أبستيميلوجيا المعرفة التي يصدع بها لوفيفر ننكر على هيدغر أنشاءاته النظرية والتي تتراوح بين ظرب من الشعر المستلهم من النظريات السابقة حول تكوين العالم ، وبين المخاتلة الصريحة الرامية الى تسويغ الواقع الذي يتحكم بالرقاب !
#خليل_الميّاح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟