أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مرهف مينو - الليلة ما قبل الأخيرة ...














المزيد.....

الليلة ما قبل الأخيرة ...


مرهف مينو

الحوار المتمدن-العدد: 1998 - 2007 / 8 / 5 - 07:41
المحور: الادب والفن
    


حط بالخرج ياشيخ ......

هكذا أنهى موفق الكلام ,رغم كل الألم ونوباته المفاجأة يرفض موفق الذهاب للمشفى والعلاج لم استطع وطوال ثلاث ساعات من الحسرة أن أقنعه ...

- ربما يستطيع احدهم علاجك ؟

رشف ما تبقى من كأس الشاي , ونظر إلي واضعا أصابعه النحيلة الصفراء على يدي :

- أنت تمزح ؟ ... صدقني العلاج الكيميائي يطيل عمر الألم ويتفنن في إبداع الوان جديدة منه .

كنت مدرك ان كلماته القليلة القادمة تستطيع إخراسي , أحببت ان التزم الصمت وأبقى صامتا للحظة الموت ...

- أنت تطلب المستحيل موفق تريدنا ان نراك هكذا تذوب أمامنا , ولا نفعل أي شيء .

- ومن قال لك هذا ؟

استغربت برودة أعصابه , رغم تلك الخلايا القاتلة التي احتلت دماغه والصداع الذي يستمر معه لساعات .

- لا تخف فقدت الإحساس بالألم " والله " .

اعرف انه يكابر او ربما توصل لإتفاق مع نوبات صداعه التي لا تنتهي , موفق لم يكن هكذا ..... لم يسيطر عليه اليأس أبدا ... حتى يوم توفي والده , كلمني ليلا وقال :

- أتعلم .... لقد نسيته تماما

استغربت بادئ الأمر ما قال ... نسيته ؟؟؟

- اليوم دفناه ونسيته كيف ؟

- أتعلم منذ ان خرجنا من المقبرة وانا أحاول ان أتذكر لون .. فشلت .. اتصدق ؟

هكذا موفق حين تظن بأنك تفهمه او اقتربت منه تكتشف انك ازددت ابتعادا ,مجموعة متناقضات غريبة , فكر غربي مستشرق خلطة من النادر ان تتعثر بمثلها , مرجعنا في الدين ,وأولنا في المعصية ....

كنا ما نزال نلتحف سواد مدينتنا وجوها الخانق المسيطر على الشوارع , ازداد الجو حرارة وارتفعت نسبة الرطوبة بعد ان مارست سيارات البلدية مهمة رش الماء .

- هل تلاحظ ..... " والله ما بيفهموا لك رح يموتونا "

وضحك ...

- ها أنت .. مثلنا اذا .. تخاف من الموت ؟

نظر الي وحبات العرق ترسم مسارا على وجهه الأسمر مسارات متشعبة كثيرة غير محددة الإتجاه , أخرجت منديلي ومسحت جبهته .

امسك يدي وضغط على جبهته بها .. اختنقت الكلمات في حلقه وبكى ..

- أتعلم ربما أنت الوحيد الذي سأفتقده هناك ..

لم اجب أحسست بأني موشك على البكاء وعيناي على وشك الانفجار أصبحت الغصة تملئ الحلق , والنفس ازداد اختناقا ....

- كلما جلسنا مساء ... أظنها الأخيرة .

قالها وهو ينظر للأرض , ويتابع آثار قدميه على الإسفلت الرطب ...

- أتعلم لقد قررت امراََ...

هززت رأسي لم أكن استطيع الكلام , انشغلت بعلبة سجائري الصفراء وقداحتي التي لاتعمل , كان من الصعب بالنسبة لي النظر اليه ...

- والله " بخشت راسي انت وهالقداحة " أنت لا تتعلم أبدا ... السجائر ستقتلك , خفف .

ابتسمت رغما عني ... فها انا امشي مع رجل ميت يحذرني من الموت .

ربتت على كتفه نظر الي مبتسما :

- أعجبتك ها " السجائر ستقتلك "... اعلم ... لم تسألني ما قررت كعادتك ؟

- ... ما قررت ؟؟

- اليوم هي المرة الأخيرة التي سنلتقي بها ... لن استطيع رؤيتك بعد اليوم .

أدركت معنى الجملة بغته .. لم استطع تحليل كلماته اول الامر كان يتكلم بهمس وهو ما يزال ينظر للأسفل .. توقفت أمامه مباشرة , أمسكته من كتفيه ....

- ولما ؟؟؟؟ ما السبب ؟؟؟؟

لم ينظر إلي أجاب وهو مطرق برأسه :

- لم اعد استطيع ..... صدقني الأمر كل يوم يزداد صعوبة ...نوبات الصداع ورائحة مدينتي والشوارع المتآكلة .... وأنت , لم اعد أطيق سماع كلماتك عن الاشتراكية ونظرياتك الانقلابية التي لن اعيشها.... سأفتقد كلامك عن عبد الباسط الصوفي ولينين وزياد .... أتعلم ؟؟.... أنا لا أخاف الموت ... أخاف ان تشدني الحياة ولا أقوى على مفارقتكم ...

أرى الألم في وجوهكم كلما اجتمعنا ... لم اعد استطيع احتمال نظرات العطف والمواساة ,اشعربك عندما تنظر جانبا لاتريديني ان أراك وانت تمسك نفسك .... تعبت



تركته وانسحبت الى كرسي الحديقة التي وصلنا اليها , رميت جسمي على المقعد ,شوارع المدينة خاوية الا من بعض سيارات الأجرة هنا وهناك .

- لم تكن أبدا هكذا " لا اريد ان اراك مهزوما " منذ ان مرضت ورفضت العلاج وأنت هكذا مهزوم تجر خطواتك جرا

اقترب مني واضعا كفيه على راسي وقال :

- اتذكر عندما حدثتني كيف ان الله ضحك ... من يومها وانا قوي كصخرة لست خائفا من الموت فمها كان ما فعلت سيئا , أنت قلت لي ان الله يضحك ... ظننتَ أني نسيتها ,

لا..... لم تغب عن راسي كلماتك تلك ... لا تعتقد ان القرار سهل بالنسبة لي ابدا .

كان يتكلم بهدوء ويبتسم تلك الابتسامة الخفيفة .... غاب وسط ظلام الحديقة يتبعه خفق أجنحة طيور الدوري التي استوطنت الحديقة .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مطر وتراب
- متى يصرخ السوري .... من الجفاف
- قصة


المزيد.....




- شذى سالم: المسرح العراقي اثبت جدارة في ايام قرطاج
- الفنان سامح حسين يوضح حقيقة انضمامه لهيئة التدريس بجامعة مصر ...
- الغناء ليس للمتعة فقط… تعرف على فوائده الصحية الفريدة
- صَرَخَاتٌ تَرْتَدِيهَا أسْئِلَةْ 
- فيلم -خلف أشجار النخيل- يثير جدلا بالمغرب بسبب -مشاهد حميمية ...
- يسرا في مراكش.. وحديث عن تجربة فنية ناهزت 5 عقود
- هكذا أطلّت الممثلات العالميات في المهرجان الدولي للفيلم بمرا ...
- أول متحف عربي مكرّس لتخليد إرث الفنان مقبول فدا حسين
- المسرحيون يعلنون القطيعة: عصيان مفتوح في وجه دولة خانت ثقافت ...
- فيلم -أحلام قطار-.. صوت الصمت في مواجهة الزمن


المزيد.....

- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مرهف مينو - الليلة ما قبل الأخيرة ...