أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر العذاري - الشفاهية..الداء المستعصي في الثقافة العربية الحلقة 3














المزيد.....

الشفاهية..الداء المستعصي في الثقافة العربية الحلقة 3


ثائر العذاري

الحوار المتمدن-العدد: 1989 - 2007 / 7 / 27 - 08:56
المحور: الادب والفن
    


منزلي في مدينة الصويرة وهي مدينة عراقية صغيرة تقع على نقطة ساحرة من ضفة نهر دجلة 50 كيلومترا الى الجنوب من بغداد. بيتي يقع قرب أحد المساجد ، وفي أحد الأيام كنت أستضيف أحد الأصدقاء وهو أكاديمي واعلامي معروف من بغداد، وفي الوقت الذي كنت أهيئ فيه المائدة للغداء كانت مكبرات صوت المسجد تملأ البيت بصوت الخطيب في صلاة الجمعة ، سألني صاحبي : لماذا يرفع الخطيب صوته بهذه الطريقة على الرغم من وجود أجهزة التكبير الصوتي؟ أجبت بسرعة ومن غير تفكير : الإرث الشفاهي يا صديقي ، هذا الخطيب يحاول الاستيلاء على انتباه المصلين ونيل اعجابهم ولذلك تراه يصم اذانهم حتى لا يستطيع احدهم ان يسمع الا صوت الخطيب ، وأكاد أجزم أنه يراقب انفعالتهم ويهتز طربا لتجاوبهم معه.
في الحقيقة كان جوابي عفويا وسريعا ولكني بعد أن فكرت بالسؤال والجواب مليا توصلت الى نتيجة مرعبة ، هل تعلم أن الشفاهية واثها المخيم على منظومتنا المعرفية من أهم عوامل ثقافة الاستبداد السائدة في مجتمعنا؟
ثمة معطيات لابد من عرضها أولا؛ أولها أن الرواية تولدت في بدايتها كنتيجة حتمية للدرس الديني ومحاولات بناء أسس راسخة لفهم القرآن الكريم ، وثانيها أن أول المرويات كانت الحديث النبوي الشريف . هذان الأمران أكسبا صنعة الرواية قدسية كبيرة لا تضاهيها قدسية أخرى.
ما حدث بعد ذلك أن تلقي المرويات كان لابد أن يتم في المسجد ليناسب المكان قدسية الموضوع، وهكذا نشأت حلقات الدرس الأولى ؛ شيخ يروي رواياته ويحفظها للجيل التالي ، وعلى هؤلاء المتحلقين حوله أن يستمعوا ويحفظوا ويقدموا كل فروض الولاء والطاعة والتبجيل والتقديس للشيخ حافظ كتاب الله وسنة نبيه ، وطبعا لا يحق لهم الكلام والتعليق لأن هذا يبطل ثواب الرواية كما يبطل الصلاة.
هذا التقليد قرّ واستمرّ حتى بعد أن امتدت الرواية لتشمل الخطب والشعر وكلام العقلاء والمجانين . وبطون أمات الكتب مليئة بالقصص الشائقة عن علاقة التلاميذ بالشيوخ ، فالتلميذ عندما يصبح شيخا لا يجوز له أن يتحدث من بنات أفكاره بل لابد له أن يقول حدثنا فلان عن فلان .
أمر آخر لا يمكن اغفاله ، انظر وتأمل المجالس الدينية من خطب الصلات الى مجالس المواعظ والعزاء ؛ تراها مبنية على ذات الأسس متحدث مهيب في موضوع مقدس في مكان مقدس ومستمع مستسلم لا يحق له الا البكاء اذ ليس من حقه مناقشة ما يسمع بل لا يحق له التفكير بما يسمع لان عقاب الآخرة ينتظره.
المغالطة التي لابد من تأملها هنا هي الشمولية المهولة لهذا الاسلوب في التلقي ، علوم الدين تختلط بعلوم الدنيا وبكل مناحي الحياة مهما صغرت. والمهم في كل هذا هو التلقي السلبي أو الاستلابي الذي يفرضه نظام الشفاهية علينا ، فأنت من غير أن تشعر ترضى بالاستبداد وترى أن من حق المستبد أن يصادرك ويفكر نيابة عنك ويبرمج تفكيرك كما يريد. ومع مرور مئات السنين صارت ثقافة الاستبداد ثقافة شعبية لا غبار عليها.
ولما يزل للحديث بقية.



#ثائر_العذاري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ترحيل الأفغان من إيران.. ماذا تقول الأرقام والرواية الرسمية؟ ...
- الإعلام الغربي وحرب الرواية بغزة: كيف كسرت مشاهد الإبادة الس ...
- أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامعة الأزهر المصريّة
- يوروفيجن تحت الحصار.. حين تسهم الموسيقى في عزلة إسرائيل
- موجة أفلام عيد الميلاد الأميركية.. رحلة سينمائية عمرها 125 ع ...
- فلسطينية ضمن قائمة أفضل 50 معلمًا على مستوى العالم.. تعرف عل ...
- أفلام الرسوم المتحركة في 2025.. عندما لم تعد الحكايات للأطفا ...
- العرض المسرحي “قبل الشمس”
- اكتمال معجم الدوحة التاريخي للغة العربية.. احتفال باللغة وال ...
- المدير التنفيذي لمعجم الدوحة: رحلة بناء ذاكرة الأمة الفكرية ...


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر العذاري - الشفاهية..الداء المستعصي في الثقافة العربية الحلقة 3