أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صالح جبار - قصة قصيرة --الكاظمين الغيظ














المزيد.....

قصة قصيرة --الكاظمين الغيظ


صالح جبار

الحوار المتمدن-العدد: 1986 - 2007 / 7 / 24 - 09:07
المحور: الادب والفن
    



حينما يحل علينا , شهر محرم نتشح بالسواد .. ويغزونا ألم مفجع .. وفي يوم الجمعة , نطهر ثيابنا , ونمضي نحو المساجد ..

داخل الجامع , كنت أرى الثلة المؤمنة ,من الشباب قد توزعت , بين تحضير الولائم , وحراسة المدخل .. كان كل شيىء بالثقة والاطمئنان ... الحركة الدائبة , وعبق الأيمان , يملأ الصدور العامرة , وينبىء بأن هذا اليوم , مختلف عن غيره من الأيام ...
تطلعت الى (عباس) ذاك الشاب الوسيم بلحيته الخفيفة , أنه يذكرني بعنفوان جذل , في رواحه ومجيئه .. لقد حرص أن يبقى مبتسما طوال الوقت ...

صدح صوت الاذان , معلنا بدء الصلاة , كانت أشعة الشمس تنفذ نحو الاعمدة المنتصبة , وسط الفناء من النوافذ المقوسة , فيما أسرع المصلون , بالدخول الى القاعة الفسيحة , أنتابني شعور بالارتياح , وقد أخترت مكانا بالقرب من أحد الاعمدة كي أصلي ..

كانت لاتزا ل مكبرات الصوت , تنقل صوت المؤذن .. حينما مر ( شامل ) من أمامي , ومد يده ليعطيني نسخة من (زيارة الاربعين) خيم السكون , نهض الخطيب لإلقاء خطبته , بعد أن (لبس أكفانه ) وقبل أن يبدأ .. دوى صوت الانفجار ...

كان يسمع صوت تكسر الزجاج , بوضوح وحدثت جلبة ... ليرتفع بعدها الصراخ الغاضب ..( أبد والله ما ننسبالانفعال..) كانت لحظة عارمة بالانفعال ..

وخارج مكان الصلاة ,حيث الممر الواسع , والحديقة الممتدة الى نهاية السياج عند الخيمة الصغيرة , التي بنيت في الطرف الآخر ...










كانت الأشلاء المقطعة متناثرة جراء الانفجار, الذي أودى بحياة الكثير من المصلين ... وشريط الدم المنساب , حتى الشارع العام , جعلني أضطرب في فضاء موحش وحزين .. ألم يطفو على الوجوه النضرة , أزاء هذا المشهد الكئيب والفوضى , التي ضربت أطنابها في بيت الله ...

لم يكن من السهل , معرفة أصحاب الجثث المبعثرة .. لأن الشظايا التي أصابتهم , أمتدت لتغير ملامحهم , بأستثناء (عباس ) الذي فارق الحياة , بعد أن أخترقت صدره من الجهة اليسرى , شظية أوقفت نبض قلبه..لكن الابتسامة
ما زالت مرسومة على شفتيه ...

بحثت عن (شامل ) فلم أعثر عليه , فيما راح الشباب الغاضب , يجمعون بقايا الجثث ,التي تطايرت الى مسافات بعيدة .. ووضعها بالسيارات المهشم زجاج نوافذها جراء التفجير ....

ظل الصراخ والنحيب , يعلو وهرعت العوائل الساكنة جوار الجامع , لتشارك في هذه المأساة , بينما كان هناك من يطلق النيران من رشاشته .. منعا لتجمهر الناس الوافدين بهلع , جعل الدموع تتحجر بأعينهم , وانتشال بقايا الأوصال الممزقة .. حمل المصابون الى المشافي القريبة ...

بدأ كل شيىء يعود الى الهدوء .. ولم تكن هناك سوى حسرات , وآهات تسمعها عند كل منعطف وزاوية , تحكي مرارة ما يحصل , بلا مؤشر على نهاية الرحيل المجاني ...

ثم جاء من يسأل عن قتلاه ..؟؟!

وحين لايسعفه الجواب , يمضي راجعا وهو ينوح ...عاد عاشوراء ملطخا بالدم والدموع .. وبقيت في عروقي نبضات من وجع يهمي ... مع تراتيل أرددها , بصمت موجع , عندما صادفني (رياض ) جاء مسرعا , ليسأل عن أخيه( عباس )فبادرني بلهفة :
: ها ....




سؤال أعتصر دموعي , وقد احتضنته , أجهشنا بالبكاء , ووجدت نفسي أردد بصوت عال:
( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ...)
وسمعته يقول : ( والله يحب المحسنين )

رجعت وفي داخلي غصة وألم لاأستطيع البوح بهما .. أستدرت خلفي , طالعت مآذنة جامع ( الكاظمين ) كانت شمس الظهيرة , ترسل أشعتها على القبة االلازوردية ,, وأنزوى الجامع عند نهاية الشارع , وكأن شيئا لم يكن ...



#صالح_جبار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عمتي النخلة
- الحيواني في الانسان
- القومية العربية .. حقيقة ؟ خيال ؟ أم ...؟؟؟
- النكات والتسويق السياسي
- قصة قصيرة


المزيد.....




- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صالح جبار - قصة قصيرة --الكاظمين الغيظ