أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كمال غبريال - تساؤلات قبطي ساذج















المزيد.....

تساؤلات قبطي ساذج


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 1984 - 2007 / 7 / 22 - 12:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


رغم أني أتابع أحوال الوطن والشرق بأقصى جهد، إلا أنه كثيراً ما تحاصرني الأسئلة، التي أفشل في التوصل إلى إجابات مقنعة لها، ولا أجد ما أعزو إليه هذا الفشل غير سذاجتي، التي لا يشترط أن تكون راجعة لنقص في معلوماتي أو في قدرتي على الاستقراء، بقدر ما ترجع إلى صعوبة التوصل إلى حقيقة ما يدور في رأس الكثيرين، من حكام وصفوة شعوبنا العجيبة، أو هذا ما آمل على الأقل، حفاظاً على الحد الأدنى الضروري من الثقة بالذات.

حين تطالعنا وسائل الإعلام بأخبار أقباط المهجر، ولجوئهم إلا الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة، للضغط على مصر من أجل تحسين أحوال الأقباط، ثم تنبري الأقلام والتصريحات الوطنية جداً، والمتحمسة جداً، لتندد بهؤلاء الخونة، الذين يستعدون الآخر على بلادهم، أجدني أقلب الأمر يمنة ويسرة، لأفهم ماذا يقصد هؤلاء الوطنيين جداً والمتحمسين جداً:

هل يقصدون أن "جحا أولى بلحم ثوره"، وأنهم سيقومون بحملة موازية، لتقوم حكومتنا الرشيد فوراً ببحث أحوال هذا القطاع من أبناء الوطن، واتخاذ كافة ما يلزم من إجراءات، لتلافي ما يتثبت من معاناة لهم، وأن الأمر لا يستدعي على الإطلاق اللجوء إلى الغرباء، فيما أحضان حكومتنا الرشيدة وحوارييها مفتوحة على اتساعها للجميع؟

لو كانت الأمور تسير فعلاً على هذا النحو، لكانت مشاكل الأقباط قد انتهت منذ خمسة وثلاثين عاماً على الأقل، من أيام تقرير لجنة الدكتور جمال العطيفي، رئيس مجلس الشعب المصري، وليس رئيس الكونجرس أو مجلس النواب الأمريكي الإمبريالي الصهيوني الهوى!!

لو كانت الأمور تسير على هذا النحو، لوجدنا استجوابات في مجلس الشعب المصري، عن أداء الحكومة في أحداث قرية بمها – العياط، والتي حرق فيها الدهماء منازل وكنيسة مواطنيهم الأقباط، بعد صلاة الجمعة في مسجد تابع لوزارة الأوقاف، وليس في زاوية تسيطر عليها جماعة متطرفة.

وتزداد حيرتي حين أجد مجلس الشعب الموقر، يلاحق الحكومة حول صفر المونديال، وحول برامج التليفزيون والإعلانات وما شابه، ولا يخطر على بال نواب الأمة الموقرين معاناة أبناء الأمة الأقباط المنتشرين في قرى ونجوع مصر وشوارعها وحواريها.

حين تعلي الدولة من قيمة المواطنة، وتضعها على رأس الدستور، ثم تأتي ممارساتها العملية معاكسة تماماً، وفي العديد من المجالات، من المجال الأمني في حماية مواطنين مصريين من الغوغاء، وفي المجال القضائي بأحكام يجانبها الصواب، حين لا يستند الحكم فيه إلى بنود القانون، وإنما إلى ما يتم تصوره كأحكام للشريعة، والتي هي بموجب الدستور مصدر يستمد منه التشريع بواسطة المشرعين، وليس للحكم المباشر بها، هكذا على الإطلاق دون تحديد وتقنين، هل هذا التضارب هو سياسية مقصودة ذات أوجه متعددة، أم المسألة قصور في الأداء وفوضى مصرية طبيعية، كسائر مجالات الحياة المصرية، منذ انقلاب يوليو المبارك؟!

وأصاب بما يشبه "تهنيج الكومبيوتر" وأنا أتابع الدور الرائد لحكومتنا في إصلاح ذات البين بين فتح وحماس، فترسل الرحلات المكوكية لمسئولين من أعلى المستويات، و يستضاف الفرقاء في القاهرة، لإقناعهم بالكف عن الاقتتال وذبح بعضهم بعضاً، بما يشي بحرص حكومتنا البالغ على سلام ووحدة الشعب الفلسطيني، فيما سلام ووحدة الشعب المصري، الذي كنت أظنه مهمة حكومتنا الأولى والمقدسة، يترك لمعالجته عبر "جلسة عرب" عرفية هزلية، ليتكرر اشتعال النار هنا وهنا وهناك!!

موقف وطني بطولي من وزير الخارجية المصري، أن يعلن رفض مصر لربط المعونات الأمريكية بأية شروط أو إملاءات، لكن هل سيأتي يوم نرى البطولة فيه في الاستغناء عن المعونات من الأساس، وفي اعتراف العالم كله بتوافق بلادنا مع المعايير العالمية لحقوق الإنسان ؟

هل سيأتي يوم نعتبر فيه الإخلاص للوطن يتمثل في المسارعة بتتبع ما يقال عن تجاوزات، وتلافي ما يثبت منها، وليس رجم المتقولين بالأحجار، وإصدار تصريحات حمقاء، تنبئ عن مرض التعصب بأكثر ما تتبرأ منه، كما حدث أخيراً من تصريحات حول ثروات الأقباط؟

حين أتأمل بعض التصريحات شبه الرسمية أتساءل، إلى أي مدى تغلغل المتعصبون في هيكل دولتنا، وإلى أي المستويات قد وصلوا؟!!

وحين تنتخي نقابة الأطباء المصرية كل حين وأوان لنجدة المجاهدين بسفك الدماء في فلسطين وهنا وهناك، ولا تفكر في الالتفات إلى الأقباط الذين تدمر مقدرات حياتهم قوى التطرف والكراهية، ويكون محمد الدرة الشهيد الفلسطيني جديراً بالاهتمام على أرفع مستويات الدولة، في حين أن ما يحدث لأطفال قد تكون أسماؤهم بطرس وجرجس أمر لا يستدعي لتفاهته أي التفات، هل أستطيع أن أدرج هذا ضمن القصور المعتاد للدولة، أم أن هذا يشير بصراحة صادمة إلى مدى حقيقة ما يدور من أحاديث ملونة عن المواطنة، تدبج خصيصاً للاستهلاك الخارجي (وليس المحلي)، فيما الصورة الحقيقية حالكة السواد؟!!

أم أن الوطنيين المتحمسين الناقمين على لجوء أقباط المهجر للخارج، لا يزعجهم انتهاك السيادة الوطنية واستقلالية القرار المصري كما يدعون، وإنما ما يزعجهم هو أن يلوح لهم أحد ما بوجوب الإقلاع عن النهج الفاشي المستشري في مصر على جميع المستويات؟

عندما تتسع إصدارات وزارة الأوقاف المصرية لأمثال محمد عمارة، ليسب الأقباط ويحرض ضدهم ويبث التعصب والكراهية، فهل هذا من قبيل الغفلة، أم نهج لا سبيل للحيود عنه، حتى لو تظاهر أقباط المهجر أمام المريخ، وليس فقط أمام الكونجرس أو البيت الأبيض؟!!

مثلها الصحف القومية – التي تسدد المليارات من خسائرها من أموال دافعي الضرائب، مسلمين وأقباط- حين تتيح صفحات دائمة لمن احترفوا الازدراء بالأقباط وعقيدتهم، من أمثال زغلول النجار، ماذا يمكن أن نسمي هذا، وكيف نستطيع أن نفهمه، على ضوء العبارات المستهلكة عن الوحدة الوطنية، والتي نستحضرها في المناسبات، وفي أعقاب الحرائق الطائفية، لتجميل صورة يرى العميان قبحها؟!

هل ترغبون أيها السادة في وقف التدخل الخارجي الأمريكي بالتحديد؟

حسناً، يمكن أن نقطع عن واشنطون المعونات المصرية، ونحاصرها اقتصادياً حتى تركع على ركبتيها!

أو نرسل الأساطيل وحاملات الطائرات المصرية إلى المحيطين الأطلنطي والهادي، لتحاصر الشواطئ الغربية والشرقية للولايات المتحدة، فيرتعب الشعب الأمريكي، ويكف عن التدخل في حقوق الإنسان، وما شابه من قيم غريبة على هويتنا وخصوصيتنا حماها الله!!

أو نرسل جماعات جهادية لاغتيال رموز أقباط المهجر، وحرق منازلهم، فيدركون أنهم ليسوا بمأمن حيث هم، فيؤثروا الصمت والسلامة، تماماً كما كانوا في أوطانهم العزيزة!

أو أن نحل مشاكل مواطنينا الأقباط، فلا يعد هناك من مبرر لشكوى أو تدخل!!

الثلاثة اقتراحات الأولى بالطبع هزلية، لكن المعضلة أن الاقتراح الرابع مر المذاق، اقتراح تتجنبه حكومتنا من عقود، لأنها قررت ألا تحسم أمراً، قررت ألا تكلف نفسها عناء مواجهة تيارات التعصب لحساب السلام الوطني والاجتماعي، ألا تواجه تلك التيارات المتغلغلة داخل الحزب الوطني وأجهزة الدولة، هي فقط تواجهها إذا ما امتدت أياديها بالأذى للسائحين الأجانب، أو إذا ما حاولت دخول مجلس الشعب، فتسبب صداعاً نحن في غنى عنه، أما الأقباط فلا بأس من أن نتركهم لهم يفعلون بهم ما شاءوا، فهم مجموعة من الغلابة، وقد تأقلموا مع الذل والمسكنة لمئات السنين، وهناك كنيسة تحقنهم بالمورفين، وتصبرهم على مهانة الواقع، وتصرفهم عن النظر فيه، ليشاهدوا العصفورة هنااااك في ملكوت السماوات!!

لا أحب الإمبريالية!

وترتعد فرائصي من المخططات الصهيو أنجلو أمريكية!!

وأهتف من أعماقي بحياة الأمة العربية والجامعة العربية والمبادرة العربية!!

لكن لي أمنية بسيطة علاوة على هذا، هي أن يتوقف تدهور حال الأقباط في مصر.

فهل من سبيل لذلك؟!

المتسامحون من المصريين كثرة، والمتعصبون قلة، فهل تستمر دولتنا الرشيدة طويلاً على نهج مسايرة المتطرفين نفاقاً لهم وخشية منهم، وضرب عرض الحائط برأي المتسامحين، باعتبار أنهم لا يخشى جانبهم، ولا يشكلون كالآخرين تهديداً للجلوس على كراسيهم إلى الأبد؟

من يعطيني إجابة شافية لسؤال واحد:

إلى أين تتجه مصر، إلى الحداثة والتوافق مع العالم ومع حضارة الألفية الثالثة، أم إلى المزيد من التردي في هاوية الفاشية والكراهية والفوضى؟!!

هل من سبيل لفهم ما يحدث في مصر؟!!



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ومن العقل ما قتل
- خواطر عشوائية
- إلى المجمع المقدس: توسل ونداء
- يوميات علماني قبطي (3)
- يوميات علماني قبطي 2
- سؤال العلمانية والمستقبل
- الذئاب لا ترحم ولا تعي
- قداستي وقداسة البابا
- نحن نزرع الشوك
- سيناريوهات تركية
- الأقباط والاستقواء بالداخل
- الليبرالية الجديدة تمتد شمالاً
- الكنيسة والمسكوت عنه
- إطلالة على مؤتمر العلمانيين الأقباط
- الكنيسة القبطية والفوضى الخلاقة
- حوار ولا جدوى
- مرحباً بالعلمانية الدستورية
- أوليجاركية نعم . . ديموقراطية لا
- العلمانية هي الطريق
- عفواً يا قداسة البابا


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كمال غبريال - تساؤلات قبطي ساذج