أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل مزهرالغالبي - الدعبلّه














المزيد.....

الدعبلّه


خليل مزهرالغالبي

الحوار المتمدن-العدد: 1984 - 2007 / 7 / 22 - 05:20
المحور: الادب والفن
    


لقد فاجئني ترجل الآخرين من السيارة، نعم كنت موغلا مع ذلك الهم الأبدي الذي أورثته لعبة الطغاة معـــــــــــي
كم ستدوم تلك الدوامة المرعبة بالبحث عن جثث موتانا ...إنها للعبة ِالتغيب أخر موديل تبتكره حكومات الدمٍ،،فكل من يعدمُ أو يمـــــــوت في السجن ِتسلمُ جثته لذويه ،فلماذا هذا الاستخفاف بالبشر انه استهتار مبعده أخر
كانت السماء على وشك أن تمطر وها نحن نسلك طريق ترابيً بعد أن تركنا السيارة قبل وقت ليس بالقليــــــل
الى حيث تجمهرَ عدد من الناس على حفرةٍ راحَ البعض بإخراج عدد ٍمن الجثث منها، ِكنت في الصف الاخير من الحشد الملتـــــف على الحفرة وما أن تصاعدت كلمات (الله اكبر الله اكبر)وأصواتٌ تتطايرُ من الجمع ِمحترقة بلوعة ِالحـــــــدث حتى وجدتُ لي فسحة لأطل على ما يحصل لأرى الرجلَ وهو يشيرُ إلى ذلك الجسد والذي ينم عن امرأة من خلال ِبقايا بعض الدلالات والمعالم المنبعثة من كتلة التراب المحيطة بذلك الجسد وهو ملتفا بتكويره فيها من الحنان المفجع على جسد أخر ٍصغيـــــــر.
نعم انه طفل ٍلا يتجاوز الثلاث سنوات ...لم يزل ملتصقا ًبجسد أمه التي ٍأورثته العناية والحماية والدلال والكركرات،آه ٍأيها الطفل أي حماية ٍ بقيت في زمن الاستهتـــــار والقتل
لقد كنتَ في زمن ِانحسار المعادلة الإنسانية وتقهقر المُثل أحسستُ بتمايلي وأوشكتُ على السقوط من الدوار الذي تصاعد في رأسي المهموم لولا تمسكي بالأجساد المولولة التي تزاحمني الفجيعة والمكان، نعم أنها أُمٌ و طفلها. لقد أيقنت المشهد... آه ٍأيها الطفل المدلل هل اندفعت إلى حضن أمك لتقيك الموت وأنت تختنق تحت تراب هذه الحفرة اللعينة ،ماذا ستفعل لق إنها لم تعد في باحة ِذلك البيت الذي يلمك واخوانك ومداعبات أبيك لتهرع إليك لا..لا..لا...إنها في مكان الاحتضار ولحظة هبوط المقصلة،، لكنها لا تتركك بعيداً عنها وحيداً في هول ِهذه الحفرة (فكلنا في مصير ٍواحد ياطفلي في استقبال هذا الموت ٍ...لكني سأضمك لي، لربما... لربما سأوزع شيء من بقايا أنفاسي اليك كي لا أرى موتك الملتصق بي ٍ...)
يا إلهي هل لهؤلاء أم، زوجة ،طفل ،هل لهم شرف.كيف يرسمون هؤلاء قبلة على خد اطفالهم بدون ان ينبعث الدخان منها ، كيف يحملون الفاكهة الى اولادهم بدون ان تتحول الى حجر ويزورون مرضاهم بدون ان يبقوا عندهم الموت الزؤام (هتلر ولا هم) صيحة انطلق هل من فمي المرتجف ام من رجل أخر....لا أعرف
كانت الأشجارُ على مسافة ٍوهي تطلقُ حفيفاً حزيناً يتلوى كأ لتواء ِأغصانها وتلوي هذه الأجساد المفجـوَعة ِوالمستديرة على الحفرة ِبنصف استدارة بعد أن صاح أحدهم بأن يفتحوا مجالاً لرفع ِالجثة ،حتى أزاحوا ذراعَ الأم ِالملتفِ حول الطفل ِ،فانتشل رجلٌ آخر الجسدَ الصغير وقام برفعه وما إن فعل ذلك حتى سقطت (دعبلة) من يد الجسد الصغير و الممسكة على (دعبلة) اخرى وكأنه لايريد ان يتركها غير داريا بنهايته ونهاية طفولته... ممسكا على لعبه ِوحنان أمه ِآه آه آه ..كم كنتم ملعونين ايها السفلة وانتم تدفعون بهذا الطفل للموت.....
تراجع قسم كبير من المحتشدين وراح كل منهم ينفرد مع ذهول وهول المشهد وما أصابهم من الم ونوع من الخوف صك على رأسهم
ساد صمت ثقيل تحت هذه الطائلة نعم لقد أخرسهم المشهد إلا تصاعد ذلك النشيج من امرأة وأخرى تعب التراب على ذلك الرأس النائح
لم اعرف هل انه وقت ليل ام نهار لم أرى شمس أو غيوم لم أتذكر هل الوقت صباحا أو ليلا فلقد رأيت الكرة الأرضية كل الكرة الأرضية تسقط من يد الطفل الميت... حينها سمت صديقي يقول( ان ألم في أحشائي بدء يتوالد فيّ وما عدت قادرا حتى على الجلوس )
ماذا علي أن افعل له وها انا لم أرى شيء غير تصدعي وذلك الجزع الذي يدق في روحي المتعبة فها أنا قد تمددت على الأرض وفي قبضتي صم من التراب رميته بوجه ذلك الأفق الذي اخذ بالانحسار خجلا من المشهد والأشياء ...لم يقتلوا الحياة في حفرتهم هذه فحسب فها أنت ترى قتلا للإنسان قتلا للأم والطفل وقتلا للطفولة وألعابها
في اليوم التالي وأنا في طريقي لزيارة الإمام علي (ع) مر موكب أمامي وبعد أن عرفت انه لضحايا تلك الحفرة هرعت للبحث عن ذلك الجسد الصغير كي استطيع ان احمله وحدي نعم اريد ان احمله وحدي حتى مثواه الاخير جريت خلف الموكب ودموعي هي الاخرى تجري باحثة عن ذلك التابوت الذي يتنكب بمشهد سيبقى يطاردني
..........................................................................................................................
الدعبلة--كرة زجاجية صغيرة يقتني الاطفال مجاميع منها للعب فيها لعبة مارسها اطفال العراق عن زمن بعيد



#خليل_مزهرالغالبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عراقيات (الى احتراقات خلدون جاويد
- ما بعد - جودو - والرماد
- خطوط حمراء جدا
- صه..هذا هو ماو تسي تونغ
- ماوتسي تونغ...هذا الرمزالنبيل
- خطوط مستقيمه جدا
- بقايا قدح..( الى كامل الاطرقجي الشاعراليساري الفراتي )0
- ماهية - كزارحنتوش-الشعريه
- الصنم فرّخ صنم ثاني
- مساقط....
- (مساقط...( الى اليسارالعراقي الجميل في العام الجديد
- صورتان..الى جيفارا و بابلونيرودا
- الراحل عبدالاميرجرص وقصائد مشاكسة
- كاظم الركابي ..ولن تنحني القصيدة للطغاة
- عراقيات
- تعبأه
- عقيل علي ..شعروشاعرذو شجون
- تذكرونا—نحن الشيوعين الابدين-


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل مزهرالغالبي - الدعبلّه