أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد علي محيي الدين - رباعيات الخيام















المزيد.....

رباعيات الخيام


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 1984 - 2007 / 7 / 22 - 05:20
المحور: الادب والفن
    



عمر الخيام من أشهر شعراء الفرس على الإطلاق،وقد نال هذا الصيت العظيم بفضل ما كان له من علم وأدب وحكمة،ولقب في حياته بألقاب فخمة،فكان يسمى"حجة الخلق" والإمام والفيلسوف والحكيم،ولقبه غياث الدين وكنيته أبو الفتح،وكلمة الخيام تدل أنها لقب له أو لعائلته،ويقال أن والده كان يصنع الخيام أو يبيعها،والمشهور أنه ولد بنيسابور من بلاد فارس،وهي مدينة عظيمة آهلة برجال العلم والأدب،وفيها الكثير من أئمة العلم والفلاسفة والأطباء،والفقهاء.ونشأ في عصر الدولة السلجوقية الكبرى أواسط القرن الخامس الهجري،وعاصر السلطان ألب أرسلان،والسلطان ملك شاه،وعهد إليه أمور (الرصد) ومات في سلطنة سنجر سنة526هج.
وقد صرحت التراجم التي دونها المؤرخون،بأن الخيام كان متمتعا بشهرة واسعة في عصره،وقد نال هذا الصيت العظيم بفضل ما كان له من علم وأدب وحكمة،وعرف أنه حاد الطبع،عصبي المزاج،وأن رباعياته المشحونة بشكوكه وأوهامه وآلامه وتخيلاته وصيحاته واشتغاله في حل المشكلات الفلسفية والعلمية،تدلنا على أنه لم يكن متمتعا بمزاج معتدل،وإنما تغلب عليه الغلظة وحدة الطبع.
وكان متعدد المواهب،فهو فطنا ذكي الفوآد،سريع الحافظة،قوي الذاكرة،وقد دلت رباعياته ومؤلفاته،وإطلاعه الواسع في مختلف العلوم والفنون،على عقل راجح،وقريحة نادرة،وعبقرية فذة،وكان متظلعا بالفلسفة والطب وسائر العلوم الشائعة،وفاق لداته،وبز أقرانه وأترابه من معاصريه،ولما شاعت أرائه الفلسفية،وذاعت نظرياته في الحكمة، صدم الناس بهذه الحقائق الناصعة،فوصموه بالزندقة ،وطعنوا في عقيدته،وظنوا فيه الظنون.
نظم الخيام الشعر بالعربية والفارسية،ومن شعره العربي:
سبقت العالمين إلى المعالي بصائب فكرة وعلو همه
فلاح بحكمتي نور الهدى في ليال للضلالة مدلهمة
يريد الجاحدون ليطفئوها ويأبى الله ألا أن يتمـــــه
وأشتهر برباعياته التي نظمها على وزن الدوبيت،فهي مضان فلسفته،ومستودع آراءه،وقد فتنت الألباب فجعلته في مصاف كبار الشعراء،وأشهرهم على الإطلاق،وقد نظمها في أزمنة وأمكنة مختلفة،وكانت نفسه تتمثل في كل رباعية تمثلا خاصا،فيقول في كل حادثة كلمة ،ولذلك تجد كل رباعية مستقلة بذاتها،لا علاقة لها بما قبلها أو بعدها،وقد ترى تناقظا ظاهرا بين رباعيتين،فتارة تراه مؤمنا مطمئنا،ومرة تجده مرتابا مضطربا،وهو أشبه بأبي العلاء المعري في لزومياته،وهذا يدل على كونه شاعرا حقيقيا تختلج في قلبه أفكار شتى.
والذين نظموا الرباعيات في إيران كثيرون،ولكن الخيام بزهم،وتكاد تكون المصدر الوحيد لفلسفته،والمعبر عن شعوره،وتتضمن كل ما خالجه من شكوك ووساوس ونزعات وهواجس،فعبرت عن آراءه في الجبر والاختيار،والبعث والتناسخ،والدنيا والروح،وهناك شبه كبير بين فلسفته وفلسفة المعري،وكثير من التلاقي في أفكارهما،ويمكن للدارس المقارنة بينهما،وتلمس أوجه الشبه ،يقول المعري:
هفت النصارى والحنيفة ما اهتدت ويهود حارت والمجوس مضلله
اثنان أهل الأرض ذو عقل بـــــــلا دين وأخر ديّن لا عقــل لـــــــه
وقوله: ضحكنا وكان الضحك منا سفاهة وحق لسكان البسيطة أن يبكوا
تحطمنا الأيام حتى كأننـــــــــــا زجاج ولكن لا يعاد له سبـــك
وقوله: أهوى الحياة وحسبي من معايبها أني أعيش بتمويه وتدليس
أكتم حديثك لا يشعر به أحد من رهط جبريل أو من رهط إبليس
وقد ترجمت رباعيات الخيام إلى معظم لغات العالم،كالفرنسية والنمساوية و الإنكليزية و الروسية والإيطالية ،أما ترجماتها العربية،فأول من ترجمها نظما الشاعر وديع البستاني،وأعقبه الشعراء، محمد السباعي،و محمد الهاشمي،و أحمد الصافي ألنجفي،و جميل صدقي الزهاوي،وأحمد رامي،وأحمد زكي أبو شادي،وغيرهم، وقد أجمع مؤرخي الأدب وكبار الشعراء والأدباء على أن أصح الترجمات على الإطلاق،هي ترجمة السيد أحمد الصافي ألنجفي،الذي أرانا المعجز في ترجمته الجميلة الرائعة،ولو طلب إلى الخيام أن ينقل رباعياته إلى العربية،لما أستطاع أن يعربها كما عربها المرحوم ألنجفي،ولولا قرابة قوية بينهما في التفكير والصفات،لما اٍستطاع الصافي أن يترجم الخيام،فالصافي خيام العرب،ومن يطالع شعر الصافي يجد روحه أكثر شبها بروح الخيام،والنصوص الواردة ،مختارات من ترجمة الخيام التي نشرت باللغتين العربية والفارسية،ففي الحساب والعقاب له أراء تبدوا خارجة عن المألوف الشائع إلا أنها في حقيقتها صيحة لها ما يبررها في حقيقة الأشياء،وتثير تساؤلا مشروعا في معرض التساؤل والتشكيك:
ألهي قل لي من خلا من خطيئة وكيف ترى عاش البريء من الذنب
إذا كنت تجزي الذنب مني بمثله فما الفرق ما بيني وبينك يا ربـــــي
وفي الخمر طرح صور موحية،ربما كان لشاربي الخمر ولعهم فيها وترديدهم لها،وقد أثارت الكثير من الشكوك في مسيرة الشاعر،الذي عرف بالنسك والزهد والالتزام بالفروض الواجبة،يحاول البعض تبريرها بما للمتصوفة والزهاد،من جنوح لذكر الخمر في أشعارهم،باعتبارها الخمر الإلهي الذي وعد به الإنسان،وقد أورد الكثير من الصور الموحية التي ندر مثيلها فيما قيل في الخمر لغيره من الشعراء:
أن تواعدتم رفاقـــــــي لأنس وسعدتم بالغــــــادة الحسناء
وأدار الساقي كؤوس ألحميا فاذكروني في شربها بالدعاء
****
أن تلاقيتم أخلاي يومــــــــــــــا فأطيلوا ذكراي عند اللقـــاء
وإذا ما أتي لدى الشرب دوري فأريقوا كأسي على الغبراء
****
يا باقيا رهن الرياء ورائجـــــــا لقصير عيشك فــــي عناء متعب
أتقول أين الروح من بعد الردى هات المدام وأين ما شئت أذهب

نفسي تميل إلى ألحميا دائمــــا والسمع يهوى معزفا وربابا
ان يصنعوا كــوزا ثراي فليتهم ان يملؤه مدى الزمان شرابا
ويبرر عشقه الطاغي لربات الجمال،وتناول الخمرة،بأن أبواب التوبة تستوعب من يخطي،ولكن سواء قبلت توبته أو لم تقبل،فهو سائرا في الطريق الذي أختاره رغم علمه بما يترتب عليه من حساب:
لا عشت إلا بالغواني مغرما وعلى يدي تبر المدام الدائب
قالوا سيقبل منك ربك توبــة لا ألله يقبلها ولا أنـــــا تائب
****
كم للذي بسط الثرى وبنى السما مــــــن لوعة بقلوبنا وعذاب
كم من شفاه كالعقيق وطــــــــرة كالمسك أودعها حقاق تراب
****
ولعل ولعه العجيب بالخمر يدفعنا للتساؤل عن ماهية هذا العشق،هل هو نابع عن تجارب حسية،أم خيال شاعر مرهف،مازج بين الخيال والحقيقة،فأستوحى هذه الصور الرائعة:
أجعلوا قوتي الطــــــلا وأحيلوا كهرباء الخــــــدود للياقوت
وإذا مت فاجعلوا الراح غسلي ومن الكرم فاصنعوا تابوتي
والطمع الذي جبل عليه الإنسان جعل الشاعر يتساءل عن جدواه،إذا كانت نهايته الموت،ولماذا هذا التكالب والاستغلال للآخرين،إذا كانت المنافع قاصرة على حياة لابد أن تنتهي إلى زوال :
هب الدنيا بما تهواه كانت وكنت قرأت أسفار الحيــــاة
وهبك بلغتها مئتين حولا فماذا بعد ذاك سوى الممات
ويناقش بأسلوب جدلي رائع،المدعين الذين ينعون على الناس تصرفاتهم،ويعيبون أعمالهم ،وهم في الحقيقة أسوء ممن ينعون عليهم،فشارب الخمر لا يقارن بالسفاح الذي يفتي بقتل الناس:
نحن يا مفتي الورى منك أدرى لم تزل عقلنا مدى السكر راح
أنت تحسوا دم الأنام ونحـــسوا دم كـــرم فأيــــنا السفــــــاح
وفلسفته في الحياة والموت،حافلة بالتشاؤم،وتشوبها مرارة الإحساس بالعدمية،وعبثية رحلة الإنسان في الحياة:
لا يورث الدهر إلا الهم والكمــــدا واليوم أن يعط شيئا يستلبه غدا
من لم يجيئوا لهذا الدهر لو علموا ماذا نكابد منه ما أتوا أبــــــدا
ويدعوا إلى التمتع بأطايب الحياة،فما تخبئه الأيام،فيه الكثير مما يجعلك تفكر في أيامك دون الخشية مما سيكون:
لا تخش حادثة الزمان فأنهــــــــــا ليست بدائمة علينا سرمـــــدا
وأغنم قصير العمر في طرب ولا تحزن على أمس ولا تغشى غدا
ولا ييأس مما يضمره الله لعباده من العفو،فالجود أن يعطى من يستحق العطاء،وهو المخطيء الذي سيحظى من الكريم الرحيم ما يجنبه العذاب:
يا رب أنك ذو لطف وذو كرم ففيم لا يدخلن المذنب الخلدا
ما الجود أعطاء دار الخلد متقيا أن العطاء لأصحاب الذنوب ندا
ويأسى لحال الإنسان المتكبر،فهو لا يعلم أن مصيره سيكون ذات المصير لمن هو دونه منزلة في المجتمع،وعندما يضمحل جسمه ويغدو ترابا،سيكون حاله حال الآخرين،جرة من الجرار التي لا يستطيع أحد تمييز مصدرها،هل هي لهولا كو،أو لحمال فقير:
مررت بمعمل الخزاف يوما وكان يجد بالعمل الخطير
ويصنع للجرار عرى ثراها يد الشحاذ أو كف الأمير
وربما يتجاوز الحدود في تساؤله عن كنه العدالة،عندما يقوم من أبدع في عمل فني رائع،بتحطيمه،وإحالته إلى هباء:
هل ألجام مهما تم صنعا ودقة يرى كسره من كان منتشيا سكرا
ففيم يرى الخلاق ساقا لطيفة ورأسا وكفــــا ثم يكسرها كسرا
وينعى على بعض العلماء انصرافهم لأعمال لا تخدم الإنسان في حياته،ويبتعدون عن الأعمال العظيمة التي يتطلبها الواقع،ويحتاجها الإنسان،وقد وجدت فكرته صداها في أراء الكثير من العلماء الذين خاضوا الأمور العامة،وسعوا لإسعاد الآخرين:
أن كنت تفقه يا هذا الفقيه فلــــم؟ تلحوا فلاسفة دانــــــوا بأفكار
هم يبحثون عن الباري وصنعته وأنت تبحث عن حيض وأقذار
والدهر الخؤون ،والأقدار القاسية،هي التي جعلت الأغبياء والسذج واللئماء ينعمون بالعيش الرغيد،في الوقت الذي يلاقي الكرماء وأصحاب العلوم والمثقفين العنت والقهروالأضطهاد:
يا دهر هل بالذي تأتيه تعترف ألم تزل بزوايا الظلــــم تعتكف
تعطي اللئيم نعيما والكريم عنا لا شك أما حمار أنت أو خزف
وهناك الكثير من الصور الرائعة التي لم نتناولها في هذه العجالة،عسى أن تكون موضوعا قادما نتناول فيه جانبا آخر من فلسفة الخيام




#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات مصطفى القرداغي حول ثورة تموز
- مع الدكتور الوردي
- هل يمكن أن يكون العراق لكل العراقيين
- كردستان العراق...نهج جديد يحتذى
- ثورة تموز ثورة الفقراء على الأغنياء
- وأخيرا تكلم المستشار
- مشيخة النعال البغدادي
- ما هو مصير الأقليات الدينية في العراق
- الى أين تسير القافلة بلبنان
- السونار
- القوانين الرجعية
- هنيئا للثقافة العراقية بوزيرها الهمام
- تخرصات الأفاقين فيما يقوله ياسين
- أما آن للغريب أن يعود لوطنه
- الى أين سيؤدي الصراع الدائر في العراق
- حاولات لتقسيم العراق
- المالكي والحل الاخير
- وأخيرا توقف القلب الكبير عن الخفقان
- أتصالات شبه رسمية بين البعث والحكومة العراقية
- المرأة بين سوط الأسلام وتخلف المجتمعات


المزيد.....




- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد علي محيي الدين - رباعيات الخيام