أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد النبي إدسالم - أيت باعمران يطالبون برد الإعتباروالإلتزام التاريخي ولا يسعون للتجنيس















المزيد.....


أيت باعمران يطالبون برد الإعتباروالإلتزام التاريخي ولا يسعون للتجنيس


عبد النبي إدسالم

الحوار المتمدن-العدد: 1978 - 2007 / 7 / 16 - 07:10
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


من الواجب علينا كمهتمين بتاريخ مناطقنا و قبائلنا أن نرد و نصحح بعض المغالطات التي تنشر هنا و هناك، خاصة على صفحات بعض الجرائد، لأقلام لا تسعى إلا الى إثارة الإنتباه وفق منطق السوق ولو على حساب التاريخ فالذين وضعوا على الصفحة الأولى لأحد الجرائد المغربية " في إحتجاج سلبي باعمرانيون يتزاحمون للتجنيس" لم يستوعبوا جيدا رسالة الباعمرانين ولم يفهموا تاريخهم، مما جعلهم يسقطون في فخ تزييف التاريخ بقصد أو بغيره ، ومن تم فمن الأجدر أن نعي ما نقول وما نكتب. لأن ما شهدته مدينة إيفني، من توافد ساكنة أيت باعمران من كل مكان تلبية لنداء النسيج الجمعوي المحلي الذي فتح أحد الملفات العالقة في تاريخ المنطقة ألا وهو الوضعية الإجتماعية ،الإقتصادية، السياسية والثقافية للباعمرانين في علاقتها مع إسبانيا كطرف أساسي في ما الت اليه أوضاع المنطقة. ومن أجل فهم عميق للإستجابة الكبيرة للسكان لابد من الرجوع الى التاريخ وقراءته قراءة متأنية بعيدا عن كل التأويلات التي من شأنها طمس و تزييف واقع الوضعية التاريخية لأيت باعمران والعلاقة التي تربط المنطقة بإسبانيا مند قرون.



الموضوع إذن يتعلق بإسبانيا، ومن تم فإننا سنحاول قدر الإمكان ملامسة وقائع مهمة من هذا التاريخ الذي يجهل الكثيرون تفاصيله وخطوطه العريضة، فعلاقة إسبانيا بأيت باعمران تعود الى مرحلة الكشوفات الجغرافية حيث تمكن الكناري دييكو كارسيا دي هيريرا من النزول بسواحل أيت باعمران سنة 1478 فشيد بها قلعة سماها سانتاكروز دي مار بكينيا، لم يبقى لها أثر بعد جلائه ولم تحتفظ بها سوى بعض الخرائط الإسبانية دون تحديد دقيق لموقعها ومند ذلك الحين وإسبانيا تطالب بالحق التاريخي في الجنوب المغربي، خاصة مدينة إيفني وأكدت ذلك بوضوح في إتفاق الصيد الذي وقعته مع المغرب سنة1767، نصت خلاله على حقها في الصيد بالمنطقة الفاصلة بين جزر كناريا وسانتاكروز ديماربكينيا. هذا المطلب ستتشبت به إسبانيا لتطرحه مجددا بعد هزيمة تطوان ليتم توقيع معاهدة 1860 المعروفة بمعاهدة تطوان، حيث سيتنازل المخزن المغربي في شخص السلطان عبد الرحمان بن هشام لملك إسبانيا في المادة الثامنة من هذه المعاهدة عن أراضي واسعة تنعت بالقطاع المقابل لجزر كناريا أو ما ما يصطلح عليه في التاريخ الإسباني بسنتا كروز وهي إفني، غير أن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح لماذا التنازل عن هذه المنطقة بالضبط؟ وفي بحثنا عن الأسباب الكامنة وراء ذلك وجدنا، أن المجال الذي تقطنه قبائل أيت باعمران كان عبر التاريخ مجال إزعاج وتمرد، منطقة خارجة عن طاعة المخزن المركزي ففي هذه المرحلة بالذات ذكر الناصري أنه لما " ثار أهل زاوية الشراردة بحوز مراكش ضد السلطان المولى عبد الرحمان بن هشام ولما أراد إخضاعهم، وقعت معركة حامية بين الطرفين إستغرقت عدة أيام وإنتهت بإنتصار جيش السلطان بفضل تفوقه العسكري وأما الزعيم المهدي بن محمد الشراردي فقد تمكن من الفرار قاصدا سوس وإنتهى الى أيت باعمران ووليته فنزل على مرابطها أبي عبد الله أعجلي الباعمراني وإستمر عنده ثلاث سنوات" ولم يتمكن المخزن من ملاحقته حين بلغ أيت باعمران. فهي منطقة ضعف المخزن عبر التاريخ، كماأن نمط عيش السكان المعتمد أساسا على التجارة، كان عاملا اخر في إستهداف المنطقة، فالزراعة قليلة ومنعدمة أحيانا لأن إنفتاح المنطقة على المؤثرات الصحراوية يقلل من أهمية الإنتاج الفلاحي، وهو ما إستهوى إسبانيا للضغط على المغرب للتنازل عن المنطقة لتتخدها مركزا تجاريا على الساحل الاطلسي، الى جانب ذلك، إسبانيا تعي جيدا أن أيت باعمران تعيش حالة شبه إ ستقلال عن المركز وثمثيلية السلطان لا تعدو أن تكون مجرد إسمية في هذه البلاد، ولن تجد صعوبة في التعامل مع قاطنيها، ذوي الرغبة القوية في ربط علاقات تجارية مباشرة مع دول و مؤسسات أوربية ونستحضر هنا التعمل التجاري مع المانيا وإنجلترا كما تبين مجموعة من الوثائق التاريخية للمنطفة، إلا انه رغم ذلك فإسبانيا لم تتمكن من الدخول، وسيعمل المخزن على نهج إستراتيجية ردع فيدرالية أيت باعمران، حين لجأ الحسن الأول الى تنظيم حملات تأديبية لأيت باعمران كان أبرزها حركة ،1886 وصل خلالها مرسى أركسيس وأسكا كما كانت سياسة تعيين قواد مخزنيين محليين لمراقبة تحركات القبائل أهم ما ميز مرحلة الحسن الأول الذي يقال عنه أنه قضى فترة حكمه وهو على صهوة جواده. وخلال الإتفاق الفرنسي الإسباني حول مجال نفودهما بالمغرب سنة 1904 إعترفت فرنسا بالحقوق الإسبانية بمنطقة أيت باعمران، دون تحديد لمساحتها و حدودها. وبعد الدخول الفرنسي سنة 1912 ستقوم فرنسا بمحاولات عدة للتوغل بالمنطقة بعد أن وصلت الى تزنيت و أزغار و من أهم المحاولات تلك التي قادها عميل فرنسا " حيدا بن ميس المنبهي" سنة 1916 بمشاركة بعض القبائل التي تم إخضاعها بأزغار، غير أنه سيلقى هزيمة نكراء بوادي إيكالفن بأكادير زكاغن، رغم حداثة الاسلحة التي يمتلكها جيشه وستقطع رأسه ليطاف بها مدة شهر في أسواق القبائل الباعمرانية وتقول المراة الباعمرانية عن مخلفات هذه المعركة: A Haida Urrid An Tawit Aytmak ccan igdad ccan uccan ula kulmma ilan ، ومعناه: " يا حيدة إرجع لتأخد إخوتك فقد أكلت الطيور و الدئاب وغيرهم"، نظرا لكثرة القتلى في صفوف جيوش فرنسا بقيادة حيدا ميس المنبهي. بعدها ستستعد فرنسا لتنظيم أضخم حملة عسكرية لها بالجنوب المغربي، بقيادة الجنرال دي لاموط سنة 1917 أو ما يسمى في الذاكرة الشعبية بالحملة الجينرالية من أجل إحتلال أيت باعمران، والتي قالت عنها المرأة الباعمرانية كذلك: Men Taza Ar Tiznit Igad kulu Srngh Yan ومعناه:" الكل من تازا الى تزنيت متحالف ضدنا" واصفة كثرة الجيوش القادمة لإحتلال أيت باعمران، وستقع معركة مشهورة في تاريخ المنطقة المسماة بمعركة تيزي سنة 1917 لتنهزم القوات الفرنسية وتمكن الباعمرانيون من كسب غنائم ومدافع ومعدات عسكرية اخرى وللإشارة فهذه المعركة تمت في ظروف جد صعبة نتيجة للحصار الإستعماري والجفاف الذي عرفته المنطقة وتحتفظ الروايات الشفوية بمعلومات دقيقة ومعبرة عن هذه المعركة التي كان المحاربون يأكلون فيها الجراد الذي إختزنوه مند شهور.



وأمام عجز فرنسا التسلل الى بلاد ايت باعمران ، دعت الى الحوار وستجلس في طاولة المفاوضات مع إمغارن القبائل السبعة بلخصاص سنة 1934 ليتم عقد إتفاق الهنا أي السلام لتكون فيدرالية أيت باعمران أول من وضع حدا لطموحات فرنسا في زمن الإعصار الإمبريالي بل تمكنت من فرض شروط في هذا الإتفاق أهمها :



· التزام المخزن بأن لا يدخل بلاد أيت باعمران.



· يشمل هذا الهنا كافة قبائل أيت باعمران ماعدا أهل الساحل الدين هم كافة في المنطقة الفرنسوية.

· تلتزم قبائل أيت باعمران بتمهيد الهنا والصلح في جميع الأحوال فيما بينهم وبين المخزن و المصارفة معه بالإحسان.

· يلتزم قبائل أيت باعمران بحفظ التيارات التي عسى أن تقع ببلادهم.

· التزام أيضا السماح لأيت باعمران بالمرور في المنطقة الفرنسوية و يتسوق أسواقه غير أن السلعة المجلوبة من هده الاسواق خاصة بايت باعمران.





هذه إذن مضامين إتفاق السلام بين فرنسا و مجلس فيدرالية أيت باعمران الذي يضم سبعة إمغارن ممثلي سبعة قبائل إمستتن، أيت النص، أيت إيخلف، أيت إعزا، إصبويا، أيت الخمس، أيت عبلا. ومن خلال ما وردناه تتضح الحنكة السياسية و القوة التفاوضية لهذه القبائل الى جانب الإعتراف الفعلي بمجلس فيدرالية أيت باعمران في غياب تام لسلطة المخزن المركزي، كما تبدو خاصية الإنسجام و الإلتحام في بنية النظام القبلي أو ما يقول عنه ميشو بلير في كتابه النسق المغربي " إن هذا الوعي بالذات القوي مبني على إرادة كبرى في الإستقلال و تشبت عميق بالأعراف و خصوصا منها الملكية الحرة للارض و هو مبني على الهلع الكبير من كل تدخل أجنبي"، لكن كثرة المواجهات مع فرنسا بالإضافة الى توالي سنوات الجفاف و المجاعة ومخلفات الازمة الإقتصادية ، 1929 حثم على أيت باعمران نهج سياسة جديدة في التعامل مع الدول الأوربية حيث سيلجأ وفد من مجلس الفيدرالية الى جزر الكناري في نفس السنة التي تم فيها التوقيع على إتفاق الهنا مع فرنسا، للتباحث مع ممثلي الدولة الإسبانية هناك في شؤؤن إقتصادية و تجارية للتخفيف من حدة الأزمة التي تتخبط فيها أيت باعمران خاصة وأن فرنسا تحاصرالمنطقة من كل الجهات، لينتهي الأمر بعقد معاهدة أمزدوغ يوم 6 أبريل 1934 بين إمغارن أيت باعمران و الكولونيل كباص ممثل الحكومة الإسبانية بجزر كناريا و تتلخص مضامينها في : فتح جميع قنوات التعامل بين إسبانيا و فيدرالية أيت باعمران بإحترام تام لأعرافها و تقاليدها و ديانتها و مواطنيها وإقرار التجارة الحرة، إلا أن رئيس الكورتيس الإسباني سيصرح بعد ذلك قائلا: " بناءا على الحقوق التاريخية بإفني، فإن إسبانيا ستباشر نفس حقوق السيادة التي تباشرها في سبتة و مليلية". أي أن المنطقة أصبحت ملحقة بالتراب الإسباني، كما قاموا بتطويق المنطقة بإتفاق مع الفرنسيين ونصبوا الحواجز على الطرق، و فرضوا تصريحات خاصة على الداخلين و الخارجين منها، لتنكشف النوايا الخفية لإسبانيا بعد توطيد أجهزتها الإدارية و العسكرية. لتأتي سنة 1936 سنة بداية الحرب الأهلية الإسبانية التي عرفت مشاركة مكثفة من طرف الباعمرانيين للتخفيف من حدة البطالة، وللإغراءات و الوعود التي وعدهم بها الإسبانيون ليقود الكولونيل بريمخو ستة طوابير باعمرانية بمعدل 300 جندي في الطابور أي حوالي 1800 باعمراني، هلك أغلبهم في حصار برشلونة ليعود الباقون الى بلادهم بعد نهاية هذه الحرب سنة 1939 وأغلبهم معطوبين يحملون أمل المكافئة على ما قدموه من خدمات جليلة لديكتاتورية فرانكو في حرب لا تعني لهم أي شيء وهو الملف الذي سنعمل على فتحه في القريب العاجل عبر تأسيس جمعية ضحايا الحرب الأهلية الإسبانية للعمل على إسترجاع جزء من هذا التاريخ المفقود وتعويض المنطقة عن إستنزاف شجر الأركان.



وستعرف المنطقة في بداية الأربعينيات من القرن الماضي موجة جفاف قاسية، حالت دون عودة تنظيم المقاومة الباعمرانية الى جانب إنكسارها خلال الحرب الاهلية الإسبانية، في الوقت الذي تستعد فيه إسبانيا لطرح مشروع دمج المنطقة ضمن تراب الدولة الإسبانية بشكل نهائي وبدأت في نزع السلاح للسكان الذين رفضوا تسليمه، لتكون البداية الفعلية لتوثر العلاقات بين أيت باعمران و إسبانيا خاصة وأن الباعمراني لا يستطيع العيش دون سلاحه ، في هذه الظروف ستفتح مقرات التبشير و الدعوة الى الجنسية الإسبانية بإصدار قانون التجنيس ماي 1947 لتدخل المنطقة في حالة إستنفار قصوى قادها الطلبة والفقهاء ثم إمغارن الذين إعتبروا ذلك خرقا سافرا لمواثيق إتفاق أمزدوغ لتنطلق التجمعات في الأسواق و المساجد لتعبئة السكان ضد الطرح الإسباني، مما جعل إسبانيا ترد بملاحقة الشيوح وإعتقال المواطنين، كرد فعل لتنيهم عن مواجهة إسبانيا التي لم تكن تنتظر هذا الرد القوي من أيت باعمران بعد أن وطدت أجهزتها الإدارية من مستشفيات و مدارس و مراكز أخرى خدمة لسياستها التوسعية، ونقلت المعتقلين الى سجونها بالصحراء خاصة بالداخلة و الكويرة، مما جعل رجالات أيت باعمران ينتظمون من جديد، في شكل مجموعات المقاومة المسلحة و التخطيط لقنبلة المراكز العسكرية الإسبانية بالمنطقة وزادت تجربة المحاربين الباعمرانيين المشاركين في الحرب الاهلية الإسبانية أو ما يسمى "Terradores de ifni" من إمكانية فهم الخطط العسكرية، و سيتم الإعداد لثورة أيت باعمران بتأسيس جبهة تاكنزا لتحرير أيت باعمران التي أعادت بنية الإنسجام و التحالف كأحد ركائز بنية النظام القبلي كشكل من اشكال التدبير الديموقراطي المحلي، الذي حاول المخزن و الإمبريالية الأوربية تفكيكه وسيتم الهجوم يوم 23 نونبر 1957 على المراكز العسكرية الإسبانية من مركز أربعاء إمستتن و ثلاثاء إصبويا و مركز أملو ...وبفضل الصمود و التنظيم، تم تحرير كافة تراب أيت باعمران في أقل من شهر بإستثناء مدينة سيدي إيفني، التي ستلجأ اليها إسبانيا معززة بالأسلحة الثقيلة. وستحاصر بمقاومة أيت باعمران الى غاية 1969. وقد وصل عدد شهداء ثورة أيت باعمران الى 104 شهيدا و بلغ عدد القتلى 1700 قتيل، وحتى لا تتكبد إسبانيا المزيد من الخسائر لجأت الى طرح قضية إفني ووادي الذهب في سنترا بالبرتغال حيث حصل المغرب على جزء من الساقية الحمراء أو ما يعرف بإقليم طرفاية و دخلته القوات المغربية أبريل 1958، في حين إستمر الباعمرانيون في المقاومة بالقبض على عدد من الجنود وإحتجازهم كرهائن وذلك خلال حوادث سيدي إيفني وواد الدهب، سلموا فيما بعد للسفير الإسباني في حفل بالقصر الملكي بحضور محمد الخامس، وبعد 1956 ستكون أيت باعمرا من جديد ملجأ جديدا للمتضايقين من سياسة ما بعد 56 لممارسة أنشطتهم النضالية بمساعدة الباعمرانيين ومنهم زعماء أحزاب سياسية الى وقت قريب و مناضلي تنظيمات اخرى ، كما عرفت المنطقة أحداثا دامية بين أنصار حزب الإستقلال و المقاومة بالجنوب المغربي وبين المقاومة و جيش التحرير وتأسيس الجيش الملكي من ملاحقات وإغتيالات، وأشكال أخرى لم نسمع عنها إلا القليل من شيوخ عاشوا تجارب الحديد و النار، كعملية إيكوفيون سنوات 1957 و 1958أو التحالف الثلاثي ضد المقاومة إسبانيا فرنسا والنظام المغربي. غيرأن الذي يهمنا من خلال ذكر وبإختصار شديد هده الكرونولوجيا التاريخية دون الدخول في التفاصيل ، هو التناول الإعلامي الخطير لما أقدمت عليه بعض الجمعيات بمدينة إيفني من فتح ملفات المشاكل الإجتماعية والإقتصادية و السياسية...، التي تعاني منها ساكنة المنطقة مند 1969 حين تم توقيع إتفاقية فاس بين الدولتين الإسبانية والمغربية و التي تضمنت هي الأخرى مجموعة من الإلتزامات التاريخية تجاه المنطقة وساكنتها والتي لم تلتزم بها، لا إسبانيا ولا الدولة المغربية فالمنطقة عرفت تراجعا مهولا و خطيرا على كافة الأصعدة. ذلك أن إيفني قبل 69 كانت عاصمة للجنوب المغربي بكل ما تحمله الكلمة من معنى لما تتوفر عليه من بنيات تحتية تبدو اليوم كمدينة مهجورة، بعدما كانت تتوفر على مطار دولي وإذاعة جهوية، ثاني ملعب معشوشب بالمغرب بعد ملعب المحمدية وحديقة للحيوانات وقنصلية إسبانية ثم كنيسة ومناء تجاري ضخم يربط بين كناريا وباقي المواني الجنوبية والدولية 5قاعات للسينماء، جريدة أسبوعية، ودار للشباب، مدرسة للفنون الجميلة ، المركز الثقافي، ثم مدارس في مستوى رفيع مع تعليم اللغة الإسبانية و منارإضافة الى أكبر مستشفى بالجنوب الى غيره من المؤسسات التي تركتها الدولة الإسبانية ووقعت في إتفاقية 69 على ضرورة بقائها مع إستمرار الإستفادة من خدماتها، هذا كله لم يبقى منه اليوم سوى الجدران فحتى اللغة الإسبانية حرمنا من تعلمها، فبعد أن كانت إسبانيا تسخر كل إمكانيتها من أجل الدخول الى أيت باعمران وبعد سنوات من التعامل بحسن نية معها وفق معاهدة أمزدوغ ها نحن اليوم نركب القوارب ونقطع عرض المحيطات للوصول اليها لأن ما كنا نرجوه بعد الإستقلال لم نل منه أي شي وهو ما جعل أهالي أيت باعمران ينددون بالحصار المفروض عليهم من 69 الى حد كتابة هده الأسطر وعادت المنطقة الى المقاومة والإعتقالات ضانين أن الشعوب تنام وأن كل شيء إنتهى أبدا فالتاريخ يمهل ولا يهمل و أن الشعوب لا تنام. فإنتفاضة غشت 2005 رسالة واضحة الى ضرورة التعجيل بتنمية المنطقة إلا أن المخزن المغربي تمادى في حكرته وسياسته الإقصائية. الأمر الذي أدركته شبيبة أيت باعمران ونبشت في التاريخ لتجد الكثير مما يجب إعادة الإعتبار له فأيت باعمران هم من وقعوا معاهدة أمزدوغ 1934 ومن تم فالى حد الان فأيت باعمران لم توقع أي إتفاق بعده فمعاهدة فاس أول حدث تاريخي يهم أيت باعمران ويقع خارج مجالها الجغرافي دون مشاركة زعمائهم و لا حتى الأخد برأيهم وإن كان ذلك في زمن مضى فعلى الموقعين الإلتزام بما تم التنصيص عليه في 69 وهذا لا يستدعي أن تتار عليه ضجة وعنوان بارزة من قبيل باعمرانيون يتزاحمون للتجنيس ، لان الدولة المغربية وقعت عليه وكان من المفروض أن يحضر فيه موقعي أمزدوغ في 34 ودعوتنا الى إعادة النظر في إتفاق 69 وتشبتنا بنمودج إتفاق لخصاص 34 أو معاهدة أمزدوغ 34، يجب ألا يفهم فهما سطحيا من قبيل الدعوة الى دخول المستعمر بل من أجل إعادة الإعتبار لأليات تدبير الشأن المحلي السياسي منه والثقافي والإقتصادي وفي كافة الميادين وليس فقط في أيت باعمران بل في كل القبائل والفيدراليات التاريخية بالريف والاطلس وسوس و الصحراء، من أنظمة إمغارن وأيت ربعين وإنفلاس وتهميش القانون العرفي المحلي وكل المؤسسات المنبتقة من بنية المجتمع المغربي والتي شكلت جسما سياسيا يحس من خلاله الفرد بالمصير والإنتماء المشترك في أشكال التدبير السياسي والإنتاج الجماعي بدل قوانين مركزية ورثت عن الحماية الفرنسية وهي إستعمارية بالدرجة الأولى، تشرعن الإستغلال بشتى أنواعه من نهب للثرواث الطبيعية و نزع للأراضي التي من أجلها قدمنا ملايين الشهداء عبر التاريخ.من هذا المنطلق إدن وجب فهم رسالة أيت باعمران التي تدعو الى إعادة الإعتبار للتوازنات الإقتصادية والخصوصيات الثقافية والحضارية لكل المناطق ورفع كل أشكال الوصاية المركزية للدولة على القبائل، وفتح النقاش في هذه الإشكالات التاريخية المرتبطة بمخلفات المراحل الإستعمارية هو إنتقال من حالة الصمت المسكونة بهاجس عدم الوعي والإلمام بما حدث نتيجة طمس الذاكرة الجماعية، الى حالة عودة المسكوت عنه للجهر بالحقيقة عبر طرح أسئلة تاريخية أفرزتها المرحلة و الوضعية التي تمر منها مجمل مناطق المغرب، من إشتداد الأزمة وفقدان الأمل المعقود على دولة الإستقلال، فحالة أيت باعمران لا يمكن فصلها عن حالة الريف مثلا فإذا كانت أيت باعمران تعاني من الحصار و التهميش الممنهج فالريف كذلك وأكثر بجعلها ضيعة القنب الهندي لمافيا المخدرات و التهريب، ناهيك عن ملف سنوات الإبادة الجماعية بإستخدام الأسلحة الكيماوية وبالتالي فالتاريخ هو الذي تحرك بظهور أسئلة وإشكالات لابد للمنشغلين بالأمر البحث عن أجوبة مقنعة لإدراك مكامن الخلل وتصحيح التاريخ، فإسبانيا الملزمة بتقديم إعتدار للريف والتعويض عن جرائمها ملزمة بإعادة الإعتبار والإلتزام التاريخي بما وقعت علية فيما يهم أيت باعمران في أفق إسترجاع الذاكرة المشتركة بين هذه المناطق وإسبانيا فقد أخطأ من إعتقد أن الشعوب تنام.



عبد النبي إدسالم مهتم بتاريخ المنطقة الجنوبية

[email protected]



#عبد_النبي_إدسالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد النبي إدسالم - أيت باعمران يطالبون برد الإعتباروالإلتزام التاريخي ولا يسعون للتجنيس