كاوار محمد سعيد بلو
الحوار المتمدن-العدد: 1970 - 2007 / 7 / 8 - 10:24
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
لقد عانى الشعب الكوردي منذ فجر التاريخ أبشع مظاهر الظلم و الاستعباد من قبل الشعوب المجاورة عليها , حيث كانت كوردستان لعبة يتسلى بها شعوب المنطقة وقت ما تشاء .
بعد ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية قام المسلمون بفتح المناطق المحيطة بالعالم الإسلامي , فالكورد الذين كانوا يعتنقون الديانة الزردشتية و حينذاك كانوا في موطنهم بكل حرية , ورفضوا الدخول في الدين الإسلامي حفاظاً على تراثهم الديني و التاريخي ولغتهم , وتشير المصادر التاريخية إلى أن الكورد في أول احتكاك لهم مع الإسلام وكان ذلك في السنة 18 للهجرة في زمن الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب ( رض ) , حيث فتح الصحابي الجليل عياض بن الغنم ( رض ) بلاد كوردستان .
بعد دخولهم للدين الإسلامي الحنيف قدم الكورد خدمات جلية للإسلام و المسلمين , و إن الكورد دائماً يفتخرون بتاريخهم و خصوصاً بعد إقرار القرآن الكريم بأن كوردستان تعتبر مهد البشرية الثاني بعد الطوفان حيث انطلقت البشرية من سفوح جبال الجودي لتعمر شتى بقاع الأرض كقوله تعالى ( وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ) .
بعد أن أصبح الكورد جزءاً من الأمة الإسلامية ، وكانوا في خدمة الدين حاملاً راية الجهاد وتقديم التضحيات في سبيل هذا الدين . قام الأمويون بالانقلاب على الخليفة علي بن أبي طالب ( كرم الله وجهه ) ظهرت أولى علامات التمييز والاضطهاد بحق هذا الشعب حيث قاموا بإلحاق الخراب والدمار وزرع بذور الفتنة بين الكورد الأمر الذي أدى إلى تكوين أكثر من إمارة في كوردستان , وقاموا بتعريب المناطق الكردية معتبراً بأن اللغة العربية هي الأقوى لكونها لغة القرآن الكريم وهنا نشا مفهوم العصبية لدى العرب .
وقام الكورد بالدفاع عن قضيتهم من خلال تشكيل جبهة تظم الكورد إلى جانب العرب المتواجدين في العراق و شبه الجزيرة العربية و استطاعوا بالقضاء على الدولة الأموية الظالمة , وبعد ها تم تشكيل الدولة العباسية وكان الكورد دور مهم في تأسيس هذه الدولة , حيث يعتبر القائد الكوردي أبو مسلم الخرساني من مؤسسي الدولة العباسية , ظنّ الكورد بأنهم سيلقون معاملة حسنة , إلا أن الوضع لم يتغير فتحولت تلك الفتوحات إلى فتوحات عربية بحتة ولكن بغطاء إسلامي مستخدمين الكورد كدعامة قوية للهيمنة على المنطقة و خصوصاً بأن أرض كوردستان تتميز بأنها مناطق جبلية حيث يصعب على أعداء أن يدخلوها بسبب كثرة الكهوف فيها , فكانوا يطلقون على الكورد آنذاك اسم " القلاع الأمامية للإسلام " ومن هنا نشأ التسييس في الإسلام .
فسار الكورد وراء الإسلام المزيف التي تتبعها الدولة العباسية كمنهج لها تاركين كل ما يتعلق بالوطن واللغة والديانة الزردشتية, وخدموا القوميات الأخرى من فرس وعرب وترك , فكانوا دوماً يرددون القول : " لا يمكن النجاح في حرب التحرير دون الكورد" , العرب استخدمهم لضرب مصالح الصليبيين , حيث قام البطل الكوردي بتحرير مدينة القدس . والأتراك فقد استخدموا الكورد في حملاتهم العسكرية لضرب الصفويين و العكس صحيح .
إن الكورد منذ مجيء الإسلام ولحد الآن كانوا قدموا تضحيات كبيرة للإسلام , على حساب قوميتهم و لغتهم و تاريخهم و تراثهم , في نفس الوقت كان الترك والعرب والفرس يسيرون بمصالحهم الذاتية نحو الأمام, فالصفويين حافظوا على كيانهم و لغتهم و تراثهم , و الأتراك تمكنوا من الحفاظ على كيانهم و تطوير لغتهم على حساب الدين الإسلامي ولاسيما على حساب الكورد , والعرب أيضاً تمكنوا من الحفاظ على تراثهم و فرض لغتهم على شعوب المنطقة بحجة كون لغتهم لغة القرآن .
لقد قدمنا للإسلام و المسلمين الكثير الكثير , ولكن السؤال الشائع لدى الكورد هو ماذا قدم الإسلام و المسلمين للشعب الكوردي المضطهد من قبل دول التي تدعي بالإسلام ؟؟
كما عرفنا إن الإسلام دين العدالة و المساواة و رفع الظلم عن المظلومين , وكذلك يدعو إلى مساندة بعضنا البعض , ومن هذا المنطلق يجب على الشعوب الإسلامية أن يدركوا حقيقة القضية الكوردية و أن يمد لهم يد العون للنهوض على أقدامهم , فالشعب الكوردي له الحق في تقرير مصيره و إدارة شؤونه بنفسه حسب ما أقره الله و رسوله .
وأخيراً أريد أن أقول : أليس من أجدر أن نلجأ إلى إخواننا العرب و الترك و الفرس بدلاً من الغرب و أمريكا , ولماذا تتهمون الكورد بأنهم إسرائيل الثانية نحن ندعو لهم في مساجدنا .
و في الختام أريد أن أقول بأن مؤامرة العروبة على الإسلام أخذت أشكال متعددة , فعد أن كان الرسول (ص) و أصحابه تحاولون جلب أكبر قدر ممكن من الشعوب تحت راية الإسلام بالطرق الدبلوماسية .
أما في زمن الأمويين و العباسيين فكانت الفتوحات تأخذ طابع المتاجرة , أي عندما يقضي على بلد ما , يحاولون جلب أكبر عدد ممكن من النساء و الرجال .
===========================
المصادر:
• مقال نشر عبر شبكة الإنترنيت بقلم/ ئاوات محمد أمين .
• مقال نشر عبر شبكة الإنترنيت بقلم/ جهاد صالح .
• الحوار العربي الكردي ل عمر بوتاني و د. سعد الدين إبراهيم .
• مأساة السماء في الصحراء / الدكتور هَوار محمد سعيد بلّو .
• القومية الكردية ة تراثها التاريخي/ بقلم هادي رشيد الجاوشلي .
#كاوار_محمد_سعيد_بلو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟