بركات أوهاب
الحوار المتمدن-العدد: 1972 - 2007 / 7 / 10 - 10:43
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
يشاهد الشعب المغربي كل رمضان الملك محمد السادس و رئيس المجلس الإداري لمؤسسة محمد الخامس للتضامن و هو يوزع قفة مملؤة عن آخرها بمختلف المواد الغذائية اللازمة ، هذه القفة الذي يستفيد منها فقراء الشعب المصابون بالفقر المعنوي و ليس المادي و هنا فرق بين الإثنين ، هؤولاء المستفيدين و المستفيدات هذه الكلمة التي يجب أن نضع من تحتها 30 مليون خط ، لأهمية العبارة لأن من شروط الحصول على هذه القفة أو المساعدة المولوية السنوية المولوية الرمضانية . الحصول على إفادة من عند مقدم الحومة " شيخ الحارة " تؤهلك للحصول على البطاقة الخاصة بمعونة رمضان ، و طبعا كل مقدم و ضميره فهناك من ضميره يشتغل طيلة السنة و هناك آخر عكسه .و في هذه الأخيرة تكون النتيجة كارثة عظمى .
و هنا أجدني أتقدم بإقتراح بديل و مهام إضافية إلى مهام و إختصاصات مؤسسة محمد الخامس . هذا الإختصاص يتجلى في قيام هذه المؤسسة بخلق قسم أو خلية هدفها القيام بدراسات ميدانيـة و إحصاء عدد فقراء المغرب ، و بهذا الإحصاء ستتمكن هذه المؤسسة من معرفة عدد القفف " جمع قفة " التي يجب توزيعها خلال شهر رمضان الكريم من كل عام .
بعد هذا التقديم الذي يرتبط إلى حد قريب بالموضوع الأساسي لحلقتي هذه .
فمقالتي هذه مرتبطة بقفة رمضان ، إذ نجد كل عام الملك الشاب و على محياه علامات الحــزن و الأسى و هو يوزع هذه القفة على فقرء الشعب ، و كل و كيف يفسر هذه العلامات البادية على وجهه .
المهم تعددت التأويلات و الطامة واحدة . و تجلت هذه الطامة وضوح الشمس في إحدى أيام رمضان السابقة عندما خرج الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ، حيث قام هذا الأخير بتوزيع مفاتيح الشقق على بعض المحتاجين فبدأت سيدة عجوز في الزغاريد كتعبير عن بهجتها فرد عليها أحد الحراس الخاصين بالرئيس الجزائري قائلا : " زغردي ، آمويمتي و زيدي زغردي هذا الرايس جابلك ساروت ديال الدار ماشي عطاك طاسة ديال الحريرة " و الفاهم يفهم لمن يرمي و لمن يشير بهذه المقولة . و إحنا المغاربة معروفين تنفهموها " طايرة فالسما" . المهم و بكافة الوسائل عرفت للعموم أن هذه كلمة و صفعة موجهة للمغرب .
و هنا أقول للقارئ الكريم أنه إذا قمنا بمقارنة بين الوضعية المالية للمغرب و للشقيقة الجزائــر و جدنا أنفسنا أننا أحسن منهم حالا ، إذ الفرق بيننا و بينهم مثل الفرق بين السماء و الأرض .
و هنا أطرح سؤال على الجميع و أقصد هنا بالجميع ساكنة المغرب و مفدى هذا السؤال : كم تكلف هذه القفة أو المعونة الرمضانية بالسنتيم أو الدرهم و كل واحد " ينام على الجنب لي يريحوا " ؟
للإشارة هذه القفة تدفع قيمتها من ظهر الشعب و لا أحد ينفقها من جيبها الخاص .
فوجدت أفسر هذا السؤال الذي لم يتناول و لم يرد في منبر إعلامي ، فوجدتني أبرره لعدة أسباب :
الأول : كون البعض يعتبرها تفاهات .
الثاني : كون البعض الآخر يعتبرها أن الأمر يهم مؤسسة محمد الخامس للتضامن و رئيس مجلسها الإداري الذي هو في نفس الوقت عاهل المغرب .
الثالث : هناك من يعتبر أن هذه القفة تنفق من جيب الملك محمد السادس الخاص و لا يجب أن يتناقش في قيمتها .
الرابع : كونه لا يرغب في أن يصاب بأزمة قلبية أو يموت كمدا إذا عرف القيمة الحقيقية التي تكلفها هذه القفة .
الخامس : مؤمن بالمقولة المغربية : " لي كيحسب غير المزلوط " .
بعد ذكر هذه الأسباب في عدم سؤال المغرب عن القيمة المالية لهذه القفة الذهبية ، و بينما كنت في حديث خاص مع بعض المقربين من أحد الدواوين الأميرية وجدته يخبرني بالقيمة الحقيقية لهذه القفة بعدما سألته هذا السؤال الغريب ، فقال لي بالحرف : إن القفة السنوية الرمضانية التي توزعها مؤسسة للتضامن تكلف 50 مليون سنتيم للقفة الواحدة .
فإسترغبت و قلت له : و هل تحتوي هذه القفة على بيض من الذهب .
فأجابني : هذه القيمة السبب فيها هي تعويضات الملك و المرافقين خلال توزيع هذه القفة .
هذا المبلغ المهول الذي يمكن من إنشاء مقاولتين في إطار برنامج مقاولتي التي تحتضنه االدولة ، هذا المبلغ الذي يدفعه الشعب و هو فاتح فاه إلى السماء ، هذا المبلغ الذي يخرج من ظهر الشعب المغلوب على أمره ، و لكن كيف يدفع هذا المبلغ و هو شعب فقير ؟
نجده يدفع هذا المبلغ كقيمة مضافة في قيمة المواد الأساسي في إطار الزيادة التلقائية في قيمة السكر و الشاي و المواد الأساسية كذلك ، يدفعه في إطار الحملات المسعورة المتمثلة في الزيادة في فواتير الماء و الكهرباء و الهاتف .
و بعد هذا سأدخل في تحليل الكلمة التي ألقاها الحارس الشخصي للرئيس الجزائري على مسامع تلك العجوز : " زغردي ، آمويمتي و زيدي زغردي هذا الرايس جابلك ساروت ديال الدار ماشي عطاك طاسة ديال الحريرة " .
خمسون مليون سنتيم في إطار السكن الإقتصادي ممكن أن توفر مساكن لكل أسرة . ممكن أن تجعل ثلاث أسر فقيرة مالكة لثلاث شقق . أتعرفون معنى ثلاث أسر موقات من برد الشـــتاء و حرارة الصيف .
في الحقيقة قفة رمضان يمكن إعتبارها آفة من الآفات التي يعاني منها المجتمع المغربي أو " فقراء المجتمع المغربي " ، و لا أعتبر القفة آفة بلا أعتبر المبلغ الذي تكلفه هذه القفة آفة ، و لكن كيف يمكن لنا معالجة هذه الآفة أو الحد منها ؟
و هنا أوجه رسالتي هذه إلى ملك المغرب : إذا أردت أن توزع قفة رمضان فليكن ذلك و لكن يوم الفاتح من رمضان فقط و من بعدها تسند هذه المهمة في توزيع هذه القفة إلى جمعيات المجتمع المدني في كل جهة من جهات المملكة المغربية فعندنا و الحمد لله عدد الجمعيات فاق عددها 30.000 جمعية يمكن أن تختار منها بعد أن تدع ترشيحها لتوزيع هذه المنحة السنوية ، شريطة أن تضع ترشيحها قبل شهرين على الأقل من رمضان الكريم و الذي يقوم بدراسة هذا الملف الخاص بالجمعيات المرشحة لتوزيع هذه المنحة هو المجلس الإداري لمؤسسة محمد الخامس للتضامن ، و إذا قامت إحدى الجمعيات بإختلاس جزء أو بعض أو كل هذه المنحة فعلى المجلس الإداري لمؤسستكم أن يقوم بمتابعة المكتب الإداري لهذه الجمعية قضائيا و التهمة معروفة إختلاس الأموال العمومية .
أجل هذا هو الحل يا ملك المغرب و ما هذه إلى رسالة أوجهها لك مباشرة و ليست إنتقاد من أجل النقد و لكن من أجل إنتقاد طريقة أظنها خاطئة و أدعو إلى تصحيحها .
و بهذا أكون قد أزحت هذه الأمانة من عنقي و وضعتها في عنقك إلى يوم القيامة . مصداقا إلى قول الرسول الكريم : " حق المسلم على المسلم النصيحة " صدق رسول الله .
و بهذا أكون قد أنهيت الحلقة الثانية من سلسلة آفات مغربية واعدا القارئ الكريم بالتطرق في الحلقة القادمة إلى أفة جديدة من سلسلة آفات مغربية .
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟