أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رحيم العراقي - ثقافة الرأسمالية الجديدة















المزيد.....

ثقافة الرأسمالية الجديدة


رحيم العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 1967 - 2007 / 7 / 5 - 08:00
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


مؤلف كتاب :ثقافة الرأسمالية الجديدة هو البروفيسور ريتشارد سينيت الأستاذ المحاضر في كلية لندن للاقتصاد وفي جامعة نيويورك في آن معا. وهو أحد علماء الاجتماع المعروفين في العالم الأنغلو-ساكسوني. وكان قد نشر سابقا عدة كتب نذكر من بينها: دراسة في الاحترام، كرامة الإنسان في عالم يسوده الظلم واللامساواة (2003).
وهو يعتبر الآن أحد كبار النقاد الاجتماعيين أو المفكرين النقديين على مستوى أوروبا كلها، وبالتالي فهو يندرج في خط ميشيل فوكو، وبيير بورديو، ويورغان هابرماس، وكبار المفكرين الآخرين.
وفي هذا الكتاب الجديد يدرس المؤلف تحولات الرأسمالية منذ الستينات في القرن العشرين وحتى اليوم. وهو يقول منذ البداية بما معناه: لقد اشتهرت الستينات بانفجار الثورة الطلابية والجنسية والتحررية على كافة الأصعدة والمستويات في مجتمعات الغرب. ويمكن أن نقول الشيء ذاته عن الانتفاضات العمالية ضد أرباب العمل والرأسماليين.
ومعلوم أن الرأسمالية كانت آنذاك متحجرة وقمعية. وكانت تسجن الناس في مؤسساتها البيروقراطية أو في مصانعها التي تشبه الأقفاص الحديدية والسجون. وكان الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو أول من انتبه إلى هذه الظاهرة ودرسها من خلال كتبه الشهيرة: تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي، أو الجريمة والعقاب، وتاريخ الجنس، الخ.
وقال ان الحداثة ارتدت على نفسها في عصر التوسع الرأسمالي. فبدلا من أن كانت تحررية في البداية أصبحت قمعية واستلابية في النهاية. وهكذا كشّرت الحداثة عن أنيابها وأخذت تطوّع الناس أجسادا وأرواحا عن طريق المؤسسات الرأسمالية: كالسجن، والمدرسة، والمصح العقلي، والمصنع، وبقية مؤسسات الدولة البيروقراطية. هذا دون أن نتحدث عن البوليس والأجهزة الأمنية التي تراقب الناس في كل شاردة وواردة.
ثم يردف المؤلف قائلا: وقد نبه ميثاق اليسار الجديد في أميركا وأوروبا إلى الحقيقة التالية: وهي أن الأنظمة الشيوعية، والأنظمة الرأسمالية تسجن الناس في أقفاص من حديد سواء بسواء. وبالتالي فلا يوجد فرق يذكر بين الشيوعية والرأسمالية من هذه الناحية. ولكن هنا يطرح سؤال نفسه: إذا كان الأمر كذلك فلماذا سقطت الشيوعية إذن ولم تسقط الرأسمالية؟
ألا يعني ذلك أن هناك فرقا بينهما؟ في الواقع أن الرأسمالية على الرغم من وحشيتها واستغلالها للإنسان إلا أنها كانت تترك للإنسان هامشا معينا من الحرية.
ولهذا السبب سقطت الأنظمة الاشتراكية ذات الخطط الخمسية الفاشلة اقتصاديا وبقيت الأنظمة الرأسمالية التي عرفت كيف تتأقلم مع الظروف والمستجدات الطارئة. كما وعرفت كيف تشبع طبقة العمال البروليتارية الرثة وتؤمن لها حياة استهلاكية معقولة على الرغم من الاستغلال الكبير الذي تتعرض له.
والواقع أن هدف قادة العالم الرأسمالي اليوم كما قادة اليسار الأوروبي سابقا هو التخفيف من صرامة أو قساوة النظام البيروقراطي الذي يتحكم بالناس أو يضغط عليهم ويكاد يخنقهم خنقا. وهنا يكمن الفرق بين الرأسمالية القديمة والرأسمالية الجديدة.
ثم يردف المؤلف قائلا كان اليساريون من أمثالي يحلمون في الستينات بعصر تزول فيه البيروقراطية الرأسمالية وتتفكك المؤسسات أو الشركات الكبرى التي تسحقنا سحقا لكي تحل محلها أماكن عمل جديدة أكثر إنسانية. ولكن هذا الحلم لم يتحقق بعد أربعين سنة إلا جزئيا جدا في الواقع.
صحيح أن ظروف العمل أصبحت أفضل بالنسبة للعامل. صحيح أنه حصل على حقوق جديدة ما كان يحلم بها سابقا، ولكن أماكن عمله اليوم تشبه محطات السيارات والكراجات أكثر مما تشبه القرى والمزارع والأماكن الإنسانية الجميلة التي كنا نحلم بها.
وهكذا تحطمت المؤسسات الكبرى وتحطمت حياتنا معها. نقول ذلك على الرغم من أن الخمسين سنة الماضية كانت حافلة بالإنجازات الاقتصادية التي لا سابق لها ليس فقط في الغرب الأوروبي الأميركي وإنما أيضا في آسيا وأميركا اللاتينية. نعم لقد تزايدت ثروات البشرية أضعافا مضاعفة طيلة هذه الفترة المزدهرة من تاريخ البشرية، ولكن المشكلة هي أن توزيع الثروة خاطئ أو قل غير عادل على الإطلاق.
إنه غير عادل على مستوى الدول والمناطق وغير عادل داخل كل دولة وكل منطقة على حدة. فالثروة متراكمة ومتمركزة أساسا في أميركا الشمالية، واليابان، وأوروبالغربية في هذه المناطق الثلاث توجد ثلاثة أرباع أو حتى أربعة أخماس الثروة العالمية. نقول ذلك على الرغم من أن عدد سكانها لا يتجاوز المليار شخص على أكثر تقدير.
وبالتالي فهذا المليار يمتلك 80 بالمئة من الثروة البشرية، في حين أن الخمسة مليارات الأخرى لا تمتلك إلا عشرين بالمئة! هنا تكمن المشكلة الأساسية للرأسمالية الجديدة التي تحكم العالم اليوم.
ثم نلاحظ أن الظلم والتفاوت الصارخ في الثروة سائد داخل كل الدول غنية كانت أم فقيرة. بل وحتى في بلد غني جدا كالولايات المتحدة يوجد أكثر من أربعين مليون شخص يعيشون تحت مستوى خط الفقر.
وهناك مليار شخص تقريبا على حافة الجوع: أي يعيشون على أقل من دولار في اليوم. وهناك مليار آخر أفضل قليلا، وبالتالي فإن أزمة عالم اليوم تعود الى سوء توزيع الثروة وليس إلى نقص الثروة وزيادة عدد البشر كما يزعم بعضهم من أتباع مالتوس.
فالكرة الأرضية بثرواتها الحالية تستطيع أن تطعم اثني عشر مليار شخص وليس فقط ستة مليارات شخص، أي عدد سكان العالم حاليا.
ثم يتحدث المؤلف عن تجربته الشخصية ويقول بما معناه: لقد كنت أنتمي إلى ما يدعى في الولايات المتحدة أثناء الستينات من القرن الماضي باليسار الجديد. وبعدئذ انخرطت في دراسات سوسيولوجية ميدانية لفهم طبيعة المجتمع الأميركي والرأسمالية المعاصرة.
وتركزت تحرياتي الميدانية على العائلات العمالية في مدينة بوسطن، وهي عائلات تنتمي إلى الجيل الثاني أو الثالث من المهاجرين إلى أميركا. وقد نتج عن ذلك كتاب بعنوان: الظلم الطبقي الفاحش المخبوء. لم يكن هؤلاء الناس مظلومين أو مقموعين من قبل البيروقراطية وإنما كانوا مترابطين مع بعضهم البعض بعرى مؤسساتية وثيقة وقوية.
فقد كانت هناك نقابات عمالية مستقرة، وشركات كبيرة، وأسواق ضخمة لكي ترشدهم إلى عملهم وإلى ما ينبغي أن يعملوه. وضمن هذا الجو كان أبناء الطبقة العمالية يحاولون جاهدين أن يخلعوا معنى على موقعهم الاجتماعي داخل المجتمع الأميركي:
أي داخل مجتمع لا يعترف نظريا بالتفاوتات الطبقية ولا يحتقر أبناء الطبقات الشعبية كما يحصل في فرنسا مثل أو معظم بلدان أوروبا.فهناك توجد حواجز هائلة ولا يمكن اختراقها بين طبقة الأرستقراطية، وطبقة البورجوازية، وطبقة الشعب.
ولكن الكلام شيء والفعل شيء آخر. فالواقع أن المجتمع الأميركي ظالم جدا وقاس بالنسبة للفقراء أو لأولئك الذين لم ينجحوا في الحياة كما يقال.
إنه بلد مليء بآلاف المليارديريين وعشرات الآلاف من المليونيريين وربما أكثر. ولكنه أيضا بلد الفقر المدقع لأولئك الذين تركتهم الرأسمالية الجديدة (أو الليبرالية الجديدة) على حافة الطريق.
وبالتالي فالعولمة الأميركية ظالمة ومجحفة ليس فقط بالنسبة للشعوب الأخرى، وإنما أيضا للشعب الأميركي نفسه.
ويمكن أن نقول الشيء ذاته بالنسبة للعولمة الأوروبية وإن بدرجة أقل لأن الرأسمالية الأوروبية أقل وحشية وقسوة من الرأسمالية الأميركية.
ففي أوروبا هناك الضمان الصحي والضمان الاجتماعي ويحق لأي شخص أن يتداوى حتى ولو لم يكن يمتلك في جيبه فلسا واحدا. وبالتالي فالمجتمع الأوروبي يظل أكثر إنسانية من المجتمع الأميركي، بلد الرأسمالية بامتياز.



#رحيم_العراقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسوار سمرقند
- بوش وأميركا اللاتينية
- الى روح أبينا رغيد
- أعشاش
- ..صورة من أمس..شعر شعبي عراقي
- لمرور 40 عاماً على (نكبة )حزيران....حرب الأيام الستة ..الحقي ...
- مملكة توني بلير
- حياة رجل المصارف ستيرن
- حوض البحر المتوسط و المستقبل
- السياسة والحرب والإرهاب
- فلسطين..السلام والتمييز العنصري
- كامو في كومبا
- عن التجليبة والسوفيت والحزب
- .!!....إرفع راسك إنتَ سعودي
- بلير والنغمات النشاز
- فكرة التآمر في معرض المُلهِمين
- ناصر ووهم العروبة
- نخبة القادة الإداريين
- اللطخة
- إبن عربي


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رحيم العراقي - ثقافة الرأسمالية الجديدة