أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بثينة رفيع - عندما تنام دمشق














المزيد.....

عندما تنام دمشق


بثينة رفيع

الحوار المتمدن-العدد: 1966 - 2007 / 7 / 4 - 06:26
المحور: الادب والفن
    


يستيقظ الحب فيها ويعانق مساءات قديمة ، يشد الضياء فيها بدائرة لا تنتهي عند حزنها ، عندما تنام دمشق يغرق ظلها في الحنين تارة وتارة في الرحيل ، تسافر الاضواء ، يحترق الضجيج ، يصحو المطر الصاخب في شوارعها ويغفو ألف ياسمين مرتين قبل أن يقبل أرصفة الصالحية
تترك الأشياء عبقها ، تغرق الفراشات في بحر من نار ويولد النرجس مرتين على أهداب أمي التي تركتها خلف مدفأة باردة توقد عمرها ، تتحسس بدمعها فراقنا وبعضٌ من خطانا ، الدرج القديم وأرجوحة البيت نخيل انتظارانا ، تحدق في البعاد ولا أقمار تنام بجانبها ولا صغار ، ويبقى العمر حزيناً معلقاً بين زمنين وحب لا يغارد المكان ، هنا ركضنا وهنا اشترينا تفاح الفرح وآخر الأقلام ، وها هنا بكى الورد ليلة وكان الوداع دمعاً امتلأت به عيني أمي وعجبت كيف لا يزال ، ألا يكون هناك مطر عندما تحتبس الأنفاس طويلاً في السجن البعيد ؟! لماذا تبقى أعين أُمهاتنا تفيض بدمع يستعصي على أن ينهمر مرة ويبقى يترقرق كماء نهر يفيض ويرجع لعيني أمي
عندما تنام دمشق لا تنام أمي فأجمل أحلامها أن ترانا في صحوها تعد أحزانها ، أسرارها ، تشهق لفجر جديد ، وتلقي بقهرها خلف حديقة البيت فلا ترى إلا سوانا أطفالاً نعبر بين شارع وعمر بكف صغيرة وحقائب أحلام
إذا غمر المطر بيتنا اذكريني أُمي فذاك الماء المنساب من أعلى سلالم سطحه هو قلبي الذي تدحرج يوماً ليعانق مناديلك ورائحة النار فيك ، عندما تنسكب قهوتك فإنها روحي التي بقيت في انتظار طويل تعبث في قمر وتسقط بين نافذتين لتكتب عناويناً لعصفور لا يطير
عندما تنام دمشق تصحو أحلامها ، تفتح أبوابها لنوارس مهاجرة ، تورق أشجارها وتنكسر الأقلام والأعلام ، يُدمي حبرها وتنام بجانبه طفلة وأوهام ، مسافة من برد تغطيه أمي وتغلق خلفه الابواب
عندما تنام دمشق يسقط من يدها مشطها ، ينساب شعرها موجاً في الأوجاع ويصمت فيها الهواء ليُرثي في دمع أمي نداء ، أنا هنا خلف الحائط ظلاًمن حصار
عندما تنام دمشق يكبر بحرها وسحرها ويبسم ليلها ويرتمي نجمها عند أول باب لينام على صدر أمي فيغترب الاخضر باليباس
هل هذا كان بيتك ، هل عرفت فلسطين ظلك ؟ وهل تركت هنا أنفاساً وأضلاعاً لمدن ترحل خلف اليمام ؟ هل فكرت أن تعودي يوماً وأنت تتحسسين بين أصابعك أمطارها لآخر مرة وعندما صعدت لقاربك هل تمنيت أن ينكسر المجداف لتعودي ؟ وهل توشح ثوبك وقدماك ببعض ترابها وعندما غسلته هل بكيت ؟
أنتِ تجلسين هناك وأنا هنا أمام بحرها أعد أمواجه للريح ولا أرى فيها إلا الفرار ، لماذا عندما ينبض القلب على صخرةٍ غارقةٍ في الرمال لا يغطيها إلا العراء لماذا لا ينام ؟
هنا كان ظلك الجميل وهنا مدرستك ، وهنا بكت الروح مرة وهي تشد سنابل القمح ونامت وحيدة في الرحيل
أرى في الرمال خُطا أمي أعرفها من لون دمعها ، ومن اكتمال الاخضر في برعم ملقاً على جرح عتيق
أعرفها في انكسار حزنها في بلادي ، للخطا قلب ودم وأشلاء ، انتظار وطعم ، كتعب المسافر حين يصل نصف الطريق ظمآناً ليستريح
عندما تنام دمشق رائحة خبز أمي تملاً المكان فيجتاحني الأنين عند أول منزل بكى الحب فيه مرة فارتمى القلب بنفسجاً في عيني أُمي
عندما تنام دمشق يموت كل مكان ويرحل كل هواء لم يشهد عطرها ، يتلاشى السرمدي ، ولا يبقى إلا وجه أُمي ودمعها وبلاد مقفلة لا تعرف إلا الأحزان



#بثينة_رفيع (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسار الفلسطيني بين التبعية والتهميش
- فلسطين .. مساحة من دماء
- حزيران ذاكرة جرح لا يموت
- الطبقة العاملة تذهب إلى الجنة


المزيد.....




- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...
- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- خبر صحفي: كريم عبدالله يقدم كتابه النقدي الجديد -أصوات القلب ...
- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بثينة رفيع - عندما تنام دمشق