نبيل شكرى
الحوار المتمدن-العدد: 1965 - 2007 / 7 / 3 - 09:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تتواجد الليبرالية المصرية فى الوقت الحاضر من خلال حزبين، هم حزب الوفد و حزب الغد. بطبيعة الحال الحزبان، و ما يطرحاه من أيدلوجيات ليبرالية تكاد تكون متشابهة لدرجة التطابق، يروقان لشريحة ليست بقليلة من المجتمع المصرى. الليبرالية المصرية عريقة و تُعتبر الأهم أقليمياً و الأكثر تأثيراً فى تاريخ نضال الشعب المصرى ضد الأستعمار الأنجليزى. ففى الوقت الذى سبق ثورة يوليو كانت كل الأحزاب ذات توّجه ليبرالى عدا عدة جماعات شيوعية أو إشتراكية تعمل فى إطار من السرية و الحرص. الأن و بعد أن أرجع الرئيس الراحل التعددية الحزبية نجد أن الأحزاب الليبرالية تعيش حالة من التخبط أصابتها بالشلل التام، بل أن الممارسات الديمقراطية لهذه الأحزاب محل شك كبير بالذات بعد أحداث حزب الوفد و رئيسه السابق نعمان جمعة.
فى الماضى، و تحديداً فى فترة الثمانينيات و أوائل التسعينات أتخذ حزب الوفد موقف غامض بأحتضانه جماعة الأخوان المسلمين، و كان أول ضحايا هذا التحالف الغامض هو المُفكر فرج فودة حيث تم التشهير به من خلال صحيفة الوفد التى أصبحت مرتعاً لكتاب الصفوة من المتأسلمين. بالطبع كان هذا التحالف بمثابة طرد غير مُعلن للأقباط الذين قدموا لحزب الوفد الكثير و الكثير منذ إنشاءه و حتى الوقت الحاضر. و بدلاً من أن يحتضن حزب الوفد المطالب القبطية و يعمل على تحريك شريحة تقاسمه نفس المبادئ، أخذ يتبنى أكثر التيارات كراهية للأقباط وهم الأخوان المسلمين. أرجع البعض هذا التحالف الغير منطقى إلى الحكومة المصرية التى حاولت أن تطبق سياسة أحتوائية للأخوان بإدماجهم بحزب معارض ذو توجه ليبرالى. لكن ما لبث الأخوان أن تحالفوا مع الوفد حتى بدأت محاولتهم فى أمتطائه و تغيير مساره مما أدى لإشتعال الأزمات التى أنتهت بفض التحالف الغير مُعلن بين الوفد و الأخوان.
يبقى حزب الوفد حزب ذو تاريخ و بلا حاضر، بلا أجندة سياسية من الممكن ان نحترمها، بل أن عمله الميدانى لا يتحرك إلا من خلال جريدة يموّلها عدداً من رجال الأعمال الوفديين و تتميز الجريدة بخطاب ديماجوجى لا يضع حلولاً عملية للمشاكل المطروحة من خلالها. بل لجأت لإتباع سياسة التشهير ببعض الشخصيات لتحقيق مبيعات متناسية واجبها كمنبر ليبرالى. كما أن موقف حزب الوفد من الأقباط تميز دائماً بالحياد و لم يتم إعلان مبادئ المواطنة حسب رؤية الوفد بالذات مع تفاقم الأعتداءات على الأقباط فى شتى أنحاء مصر.
نأتى لقطب الليبرالية الثان وهو حزب الغد و رئيسه أيمن نور الذى يواجه عقوبة الحبس لأهداف سياسية. ولد حزب الغد من رحم حزب الوفد حيث أن مؤسسه أيمن نور كان وفدياً قبل الأنشقاق عن جماعته ليبنى حزب ليبرالى أخر أكثر نشاطاً. إحقاقاً للحق قام أيمن نور بتنشيط الحزب و أصبح الأكثر نشاطاً بين الجماعات الليبرالية على المستوى الميدانى. ظهر نجم حزب الغد جلياً فى إنتخابات الرئاسة عام 2005. كما أثبت نور أنه قائد عمل سياسى من الدرجة الأولى، كذلك أعاد للأذهان صورة الترابط الوطنى بين الأقباط و المسلمين من خلال القس فيلوباتير الذى أصطحب أيمن نور أينما ذهب. و بالفعل حصل أيمن نور على تأييد الشارع القبطى بالذات أن نائبته فى الحزب كانت القبطية منى مكرم عبيد، لكن ما لبث هذا التعاطف و التأييد أن يكون فعلياً فى الأنتخابات حتى أنهار بزيارة أيمن نور لمقر جماعة الأخوان المسلمين و مرشدها مهدى عاكف. فى هذه الزيارة قام نور برفع المُصحف قائلاً هذا هو دستورى.. هذا هو دينى. بالطبع أثار تصرفه غضب و تعجب الشارع القبطى و لم يفهم البعض أن تحرك الكنيسة لتأييد الحزب الوطنى كان لهذا السبب حيث أن علاقة أيمن بالأخوان تطورت بشكل أقلق جموع الأقباط و أصابها بالأحباط و أرجعها مرة أخرى لحالة الثبات السياسى بعدما كانت بدأت فى أن تنشط.
من جهة أخرى، لا تعطى الأحزاب الليبرالية المصرية أى أطروحة جديدة لحل المشاكل الأقتصادية. بل أن الحزب الوطنى الديقراطى أصبح أكثر ليبرالية من الناحية الأقتصادية بعد موجة الخصخصة التى أتبعها مؤخراً. بصرف النظر عن محاربة الدولة لحزب الغد و رئيسه أيمن نور المودع بالسجون المصرية، نجد أن الأحزاب الليبرالية لا تبذل مجهوداً يمكننا ذكره فى حشد مؤيدين أو فى نشر الفكر الليبرالى بين أفراد المجتمع. بل أن حزب الوفد لم يشارك فى العملية السياسية و قاطع كل الأنتخابات و الأقتراعات لتغيير الدستور منذ إنتخابات الرئاسة و حتى الأن. هذا يعنى أن هناك تكاسل واضح يصعب على المتابع للساحة السياسية المصرية فهم أسبابه. هناك كذلك حالة من العزلة عن قضايا الوطن، فلا نجد تصريحات من المسؤلين فى الحزب حول قضايا الوطن، على سبيل المثال أختزل حزب الغد نشاطه على عدة حملات للأفراج عن أيمن نور فى الوقت الذى لا نرى فيه أى نشاط إعلامى لحزب الوفد.
يبقى الأقباط شريحة عريضة لا يستخدمها الساسة الليبرالين بذكاء من خلال دمج طلابتهم فى أجندة الأحزاب الليبرالية، بل من العجيب أن يقوم البعض بمهاجمة الأقباط لأرضاء الأخوان و التماشى مع المزاج المتشدد المتفشى فى الشارع المصرى فى الوقت الحالى.
http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=97960
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟