أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - هشام غصيب - المغزى النهضوي للفلسفة















المزيد.....



المغزى النهضوي للفلسفة


هشام غصيب

الحوار المتمدن-العدد: 3310 - 2011 / 3 / 19 - 09:45
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الفلسفة وقوى الإنتاج
إن الفلسفة ليست في حاجة إلى من يدافع عن وجودها. وعلينا أن نميز جيداً في هذا المضمار بين الفلسفة واقعاً تاريخياً وبين مهنة الاشتغال بالفلسفة. فالأولى خلقتها وتخلقها ظروف تاريخية خارج إطار الرغبات والأمنيات، وتمثل حركة ثقافية جارفة ينخرط فيها ويجددها المدافعون عن وجودها والمعارضون لها ولوجودها سواء بسواء. ومن العبث التعامل مع هذا الكيان الثقافي التاريخي من منظور مهني أو نفعي ضيق. فالفلسفة بالمعنى التاريخي ماضية في طريقها والمساهمة الفعالة في خلق التاريخ بغض النظر عن النقاشات المهنية ضيقة الأفق، التي تجري في المجتمعات المهمشة، بصدد حق الفلسفة في الوجود. إنها جزء لا يتجزأ من الوعي البشري وتاريخه، كما إن كل إنسان هو فيلسوف عفويا بحكم كونه إنساناً، كما يقول أنطونيو غرامشي. فهي ملازمة للإنسان أنى كان ومتى وجد. لكنها تحتاج إلى توافر ظروف تاريخية معينة حتى تتجلى مستقلة عن غيرها من النظم الفكرية، أي بوصفها نظاماً فكريا متخصصا يستلزم تدريبا معينا ويرتكز إلى تراث فكري معين متميز عن غيره. وهي، بهذا المعنى التاريخي، لها حضورها ووظائفها وبنيتها التاريخية المتميزة. فهي عضوية تاريخية لها تاريخ وما قبل تاريخ، شأنها في ذلك شأن العضويات التاريخية جميعاً. إذ نشأت جنينا في أحشاء الوعي الأسطوري في مرحلة ما قبل تاريخها. وبدأت مرحلة تاريخها بولادتها نظاماً فكريا مستقلا ومتميزاً. وقد ولدت لكي تبقى وتتفشى في الحضارة البشرية. فهي إذاً جزء من مسيرة التاريخ والوعي، ولا تنشأ في مجتمع بقرار ذاتي، ولا برغبة ذاتية، وإنما بتوفير ظروف اجتماعية تنموية معينة، وبممارستها تلبية لحاجات اجتماعية ثقافية معينة.
إننا ندعو الجامعات الأردنية والعربية إلى دعم أقسام الفلسفة ورفع مكانتها. لكن الأهم من ذلك كله هو تدريس الفلسفة، سواء في المدرسة أو الجامعة، بطريقة فلسفية تليق بها، وتغيير أساليب التدريس بعامة بما يوفر أرضية صالحة لازدهار الفلسفة على عدة صعد، بل وتغيير بنية الثقافة والإعلام صوب ذلك. إن تدريس الفيزياء والرياضيات والتاريخ والاقتصاد وغيرها بالجدية المعرفية التي تستحقها، وأخذ المعرفة العلمية الدقيقة على محمل الجد، هو الذي يخلق أرضية مناسبة لازدهار الفلسفة. فالفلسفة هي تعبير دقيق عن مكانة المعرفة الدقيقة في المجتمع وعن جدية العناية بها. وعلى سبيل المثال، إذا درِّست قوانين نيوتن كما يجب أن تدرس، أي بصفتها الهيكل العظمي للثورة النيوتنية في فلسفة الطبيعة وتعبيراً عن رؤية جديدة للكون، لا بالطريقة الحسية الفجة ما قبل الأرسطية التي تدرّس بها اليوم في مدارسنا، تكون قد ساهمت في خلق وعي فلسفي متقدم. وإذا غيّرت من طرائق التدريس جديا، تكون قد وفرت أرضية ملائمة لازدهار الفلسفة. فالفلسفة والمعرفة الدقيقة صنوان لا يفترقان. إن جدية الموقف صوب الفلسفة تفترض جدية الموقف صوب المعرفة. فالغوص في المعرفة يقود بالضرورة إلى الفلسفة. كما إن المجتمع المعني بإنتاج المعرفة الدقيقة معني بالضرورة بإنتاج الفلسفة. فليس غريبا إذاً أن تعمد المجتمعات التابعة، التي تقع شروط إعادة إنتاجها خارجها، إلى إهمال الفلسفة، إن لم يكن محاربتها. والذي أعنيه هنا هو أن التفكير بالعقل لا يمكن في النهاية فصله عن التفكير في العقل. إن هذين النمطين من التفكير صنوان لا يفترقان، بمعنى أن العلاقة بينهما جدلية، أي ضرورية وتحولية ووجودية. ومن ذلك ينبع تأكيدنا بأن التفكير الجدي بالعقل يقود بالضرورة إلى التفكير الجدي في العقل، أي ممارسة الفلسفة.

لقد ربطنا إذاً الفلسفة بالمعرفة الدقيقة، أي بالعلم. والذي نريد قوله ههنا هو أنه لا علم بلا فلسفة، ولا فلسفة بلا علم. إن لحظة العلم هي لحظة الفلسفة أيضاً. فهما يشكلان عقلا نظريا واحداً، ويتمايزان عن بعضهما ضمن هذا الإطار التوحيدي الواحد. وهذا ما نلحظه بجلاء في جميع الحضارات التي وصلت حداً من التطور مكنها من إنتاج عقل نظري. أما من يسعى إلى الفصل التعسفي بين المعلومات والتجربة والمعرفة الحسية والمعرفة النظرية بشقيها الرياضي والفلسفي، فهو إما جاهل بطبيعة المعرفة الدقيقة، وإما سيىء النية يريد شراً بالعقل النظري بخاصة، وبالعقل بعامة. فالتقسيم المتشعب للعمل في إنتاج المعرفة الدقيقة اليوم لا يعني البتة أن هذه الفروع مستقلة عن بعضها. إنه يوحي سطحيا بذلك. لكن التمحيص الدقيق لتاريخ المعرفة كفيل بتبديد هذه الأوهام.

والنقطة الجوهرية هنا هي أن قوى اجتماعية تبرز في بعض المجتمعات وتشعر بالحاجة إلى إنتاج المعرفة بوصفها عنصراً أساسيا من عناصر الإنتاج، التي تهمين عليه، أو تسعى إلى الهيمنة عليه. وتدفعها روحها الوثابة إلى خوض كل حقل من حقول المعرفة. كما إنها تدرك الطبيعة اللانهائية المتشابكة للمعرفة، الأمر الذي يدفعها إلى صرف المليارات دعما لأكثر البحوث تجريدية. إن العقل النظري هو تعبير دقيق عن قوى الإنتاج في المجتمع. فحاجة المجتمع إلى العقل النظري بوصفه قوة رئيسية من قوى الإنتاج هي في حد ذاتها تعبير عن تطور المجتمع. إن المجتمعات الناهضة تنتج العقل النظري بوصفه قوة إنتاج رئيسية. ولما كانت الفلسفة جزءاً لا يتجزأ من العقل النظري، فإنه يمكن اعتبارها قوة رئيسية من قوى الإنتاج. فالتقانة، التي تجسد العلم عمليا وإنتاجيا، تحمل في باطنها فلسفة، لا بل فلسفات. إنها، بمعنى من المعاني، تجسيد للفلسفة.

لكن الفلسفة أكثر من ذلك، أكثر من كونها قوة إنتاج رئيسية. إن الفلسفة تدخل أساسيا في تشكيل الوعي التاريخي للطبقات الرئيسية، تلك التي تحمل في باطنها وتنفذ مشروعات تاريخية كبرى. إنها أساس الوعي التاريخي الحضاري وقاعدته الحية. فالطبقة الاجتماعية تبقى تابعة ومهمشة وغير مدركة لذاتها، إذا أخفقت في إنتاج إطارها الفلسفي الخاص بها، الذي يؤسس لوعيها المستقل، ويجعلها تدرك ذاتها التاريخية ووحدتها. وبتعبير أدق، فإن الطبقة الاجتماعية تحتاج إلى خلق مثقفيها العضويين، حسب تعبير غرامشي، حتى تتحول من طبقة في ذاتها إلى طبقة لذاتها. فلا يكتمل تشكلها ولا تكتسب وحدتها إلا بخلق نخبها الثقافية العضوية. إنها تتحول إلى ذات فاعلة في التاريخ والمجتمع عبر هذه النخب. وتحتل النخبة الفلسفية مركز الصدارة بينها. من ثم، فإن الفلسفة هي شرط أساسي من شروط تكون الطبقات التاريخية الرئيسية، على الأقل منذ الإغريق، ومن ثم، فهي شرط أساسي من شروط تكون الأمم الحديثة المستقلة. ولعل أعمق من عالج هذه المسألة هو أنطونيو غرامشي في “دفاتر السجن”، التي كتبها في غياهب سجون موسوليني في الثلاثينيات من هذا القرن. فهو الذي لفت نظرنا إلى ضرورة الفلسفة في تشكيل الطبقة واستقلالها. ويمكن فهم تطور الفلسفة الأوروبية الحديثة برمتها على هذا الأساس.

لقد بينت في سلسلة من المقالات، نشرتها منذ بضع سنوات تحت عنوان “نقد العقل الغربي”، أنه يمكن النظر إلى مسيرة الفلسفة الأوروبية في الحقبة الرأسمالية من تاريخ البشرية، في جانب مهم منها، على أنها مسيرة علمنة للفكر، أي تحرير الفكر من سطوة الدين واللاهوت. إذ تضمنت هذه المسيرة نقل مصدر اليقين، فالقدرة الخلاقة، من الذات الإلهية إلى الذات الإنسانية. ووصلت هذه المسيرة أوجها البرجوازي في هيغل، وأوجها المطلق في ماركس. والمغزى الاجتماعي الحقيقي لهذه المسيرة هو تحرر الطبقة البرجوازية الأوروبية من هيمنة الطبقة الإقطاعية الأوروبية وفك تبعيتها عنها وحوزها على استقلالها منها. وكذا الحال مع الطبقة العاملة في تحررها من سطوة البرجوازية وغيرها من الطبقات الاجتماعية المؤثرة. فالفلسفة إذاً هي عنوان الاستقلال والتكون الاجتماعي. أو قل إن الطبقة الاجتماعية، ومن ثم الأمة، تعي ذاتها ومشروعها بالفلسفة بصورة رئيسية. وتبقى الطبقة والأمة مضعضعة إذا ظلت تابعة فلسفيا لطبقات وأمم أخرى. وخير دليل على ذلك شعور البرجوازية الأميركية بالدونية الثقافية تجاه أوروبا الغربية، برغم هيمنتها العسكرية والسياسية، بفعل اعتمادها النسبي فلسفيا على البرجوازيات الأوروبية الغربية (البريطانية، والفرنسية، والألمانية، والإيطالية بصورة خاصة).

ويقودنا ذلك إلى مسألة النهوض والاستقلال في الوطن العربي اليوم. فالوطن العربي الحديث أخفق حتى الآن في تحقيق أي من المهمات الديموقراطية الكبرى، مثل: الوحدة القومية، وحق تقرير المصير، والتنمية المستقلة، واستقلال القرار القومي، والتقدم الاجتماعي، وذلك برغم المحاولات الاستقلالية التنموية هنا وهناك. ولتحقيق هذه المهمات، فلا بدّ من بروز طبقات اجتماعية إنتاجية تسعى إلى التحول إلى طبقات لذاتها، أي طبقات مسلحة بوعي متماسك مستقل، مدركة لوحدتها ودورها التاريخي ومشروعاتها الاجتماعية. ولا شك أن أحد الشروط الأساسية لاكتمال تكون هذه الطبقات التنموية واستقلالها عن القوى الأخرى الداخلية والخارجية هو تمكنها من خلق فلسفة خاصة بها، تعكس هويتها التاريخية، وتجعلها قادرة على حمل مشروع التحرر القومي الاجتماعي. فالطبقات المستقلة الواعية لذاتها وعالمها ودورها التاريخي هي الوحيدة القادرة على تحقيق هذه المهمات التحررية التنموية الكبرى. فالفلسفة، أو بالأحرى الانخراط الإبداعي في حقلها، هي شرط أساسي من شروط بناء الأمم واستقلالها ونهوضها، على الأقل منذ الإغريق.

لقد تعرض الوطن العربي منذ العصور الوسطى إلى وابل من الهجمات والغزوات الهمجية الضارية. إذ انقض عليه الهمج من كل حدب وصوب؛ تتاراً وأوروبيين وأتراكاً. لكن هذه الهجمات بلغت أوجها في الاستعمار الغربي في القرن العشرين، ذلك الاستعمار الذي جاء مدججا بمنتجات حضارة متفوقة علميا وتقانيا وثقافيا من أجل قلب الأمور رأساً على عقب على جميع الصعد. وبالطبع، فإن الجماهير العربية لم تقف متفرجة على هذا الغزو الجديد من نوعه، وإنما أخذت منذ البداية تنظم نفسها في حركة مقاومة ضارية ما زالت مستعرة وقدمت الآلاف المؤلفة من الشهداء. لكن الإخفاق التاريخي الكبير للأمة العربية تمثل في عجز العرب عن تحويل حركة المقاومة القومية الشعبية إلى حركة تحرر قومية شاملة، على غرار ما تم في روسيا والصين والهند الصينية وكوبا ونيكاراغوا. إن المقاومة مستمرة، لكنها ستتبدد وتتكسر على صخور الاستسلام ما لم تتحول إلى حركة تحرر قومي شاملة. وأحد الشروط الجوهرية لهذا التحول هو نجاح الجماهير العربية في بناء عقل نظري مستقل يعبر عن مكنونات حركة التحرر القومي العربية الشاملة وأهدافها ووحدتها العضوية ووحدة إرادتها الثورية. وأساس هذا العقل هو الإبداع الفلسفي المستقل الأصيل الذي يعبر عن الوجود التاريخي للجماهير العربية.



الفلسفة سياسة
إذا أراد المرء أن يفهم عالم اليوم وما يدور فيه من أحداث جسام، فعليه أن يقرأ ويفهم عقلية النخب الحاكمة في الغرب . لكن فهم هذه العقلية يستلزم الغوص في فكر النخبة الثقافية الغربية المسيطرة ،وبخاصة فكرها الفلسفي . إن مفتاح السياسات الغربية، الداخلية منها والخارجية ، يكمن في الفلسفة الغربية المسيطرة. ولا عجب في ذلك. فلا تخلو حضارة عظمى من هذا الرابط العضوي بين الفلسفة والسياسة. بل يبدو أن ديمومة الحضارة العظمى وعمق تأثيرها لا يكونان ممكنين من دون ذلك. ونرى ذلك واضحاٌ، لا في الحضارة الغربية الحديثة وحدها ، وإنما أيضاٌ في الحضارات العظمى الأخرى ،كالحضارة الإسلامية والحضارة الإغريقية. لذلك كله، فإن فهم عالمنا المعاصر، بما في ذلك وضعنا المريع في الوطن العربي، يستلزم ولوج عالم الفلسفة الغربية المسيطرة من أجل الكشف عن سرها السياسي في المقام الأول. إذ، وكما أسلفنا، فإن للفلسفة الغربية دوراٌ سياسيا أساسيا، بالإضافة إلى دورها المعرفي المرتبط بتطور العلم . ولربما كان هذا الدور المهم هو أساس الوهم الآيديولوجي السائد في الأوساط الثقافية الغربية بأن الثقافة الغربية هي برمتها تجسد للفلسفة الغربية، الأمر الذي يجعل هذه الأوساط تناقش أزمة الحضارة الغربية المعاصرة وكأنها أزمة أخلاقية أو فلسفية محض. وهو تصور مثالي ينفي مادية الثقافات، ومن ثم يعجز عن تفسير التاريخ والمجتمعات البشرية.

ومع أن الفلسفة التقليدية تنزع عادة إلى إخفاء طابعها السياسي (بل، روحها السياسية) بشتى الأحابيل الآيديولوجية، إلا أنها لا تفلح في ذلك تماماٌ. إذ سرعان ما تخونها أعصابها فتفصح عن سرها السياسي ، ولو في فقرة عابرة أو موقف عابر(تذكر موقف الفيلسوف الإيطالي جنتيله من موسوليني وموقف الفيلسوف الألماني مارتن هيدغر من هتلر) .

وعلى سبيل المثال، ففي كتاب صدر مؤخراٌ لأستاذ الفلسفة السياسية في جامعة أكسفورد البريطانية، جون غري، بعنوان “مسار التنوير” ، يدخلنا مؤلفه في مسارب ومعارج فلسفية متشابكة من أجل التأكيد على فشل مشروع التنوير والحداثة، الذي يقوم على قيمتي العلم والحرية الفردية، وعلى التهافت الداخلي لهذا المشروع، ويحلق في فضاءات التنظير السياسي والتجريد الفلسفي (أرسطو، نيتشه ، هيدغر) . لكنه ، وبرغم كثافة الغطاء الآيديولوجي الذي يدثر به سره السياسي، إلا أنه سرعان ما يفصح عن الغاية السياسية لتحليله وتنظيره في فقرة عابرة في الفصل الأخير من كتابه المذكور. إذ نرى هذا التحليل المغرق في التجريد يقوده فجأة إلى الرأي بأن عالم المستقبل المنظور لن يكون عالماٌ ليبرالياٌ تسوده قيم الجناح الليبرالي من مشروع التنوير، وإنما سيكون عالماٌ تسوده الفوضى وتتخلله ما أسماه الانتفاضات المالثوسية (أي انتفاضات الجوع الناتجة عن الانفجار السكاني)، بالإضافة إلى الانتفاضات الأصولية والإثنية. ويخلص غري إلى القول بأن على الغرب أن يكون متأهبا لاستعمال القوى العسكرية وتسديد الضربات العسكرية المحسوبة هنا وهناك في ذلك العالم الكابوسي الفوضوي، حماية للغرب ومصالحه. في هذه الفقره التي تفلت على غفلة (ربما) من مؤلفها، يفصح خطاب غري الفلسفي عن سره (السياسي)، وعن كونه تأسيسا للسياسة العدوانية (الإبادية) الغربية تجاه أمم أطراف النظام الرأسمالي. إن الرؤية الفلسفية التي يعبر عنها جون غري في كتابه المذكور ليست أكثر من تأسيس وتسويغ للجريمة الجماعية وإبادة الشعوب غير الغربية. لقد اختزل دور الفلسفة الغربية اليوم إلى تسويغ الإبادة العرقية والممارسات الاستبدادية العنصرية، لا أكثر ولا أقل.

وهذا كله يؤكد ما سبق أن ذهب إليه كلاسيكيو الماركسية (ماركس ، لينين ، غرامشي ، ألتوسير) من أن الفلسفة هي أساساٌ سياسية . ونستذكر هنا ما قاله الفيلسوف الفرنسي الراحل (والمنسي اليوم) ، لوي ألتوسير ، في مقابلة أجريت معه عام 1968، من أن الفلسفة هي تدخل سياسي على الصعيد النظري. من ثم فهي الجسر الواصل بين العلم والوعي الاجتماعي. إنها الأساس النظري الدفين للممارسة الطبقية ، أي للسياسة.

ومن ذلك تنبع أهمية الاشتباك مع الفكر الفلسفي الغربي ومجابهته جديا. إن مثل هذا الاشتباك ليس ترفاٌ فكريا، وليس شأنا أكاديميا محضاٌ، وإنما هو شأن عملي ملح نحتاج إلى إجرائه من أجل معرفة كيف نتصدى للخصم الغربي وإفشال مشروعاته العدوانية الإبادية. فإذا لم تتعلم شعوب الأطراف وعمال المراكز كيف يطورون وعيهم وينظمون أنفسهم على أساس معرفة عميقة لطبيعة البرجوازية الغربية المسيطرة وطبيعة أزمتها الحضارية الخانقة، فإن هذه البرجوازية ستستمر في غيها، وتتمادى في ممارساتها العدوانية الإبادية والاستهتار بمصائر الشعوب، وتواصل تصدير أزماتها للمجتمعات غير الغربية، وتخريب البيئة الأرضية.
لقد سخر الغرب الرأسمالي الخطاب الليبرالي في حقبة الحرب الباردة وتراث التنوير الإنسانوي في مجابهة أعظم تجلٍّ وتجسيد لمشروع التنوير، أعني الماركسية والشيوعية. فكان أن توهم الكثيرون، وتوهمت البرجوازية الغربية نفسها، أن الخطاب الليبرالي الإنسانوي هو رسالة الغرب الأبدية الكامنة في جوهر خصوصيته الثقافية(أمة غربية واحدة ذات رسالة خالدة) . وساد الوهم أن الحرب الباردة في جوهرها صراع بين جناحي مشروع التنوير، بين الماركسية والليبرالية الإنسانوية الغربية، أي بين الأنموذج السوفييتي الاشتراكي والأنموذج الغربي الليبرالي. ووصل هذا الوهم أوجه عند تفكك المنظومة الاشتراكية بقيادة الاتحاد السوفييتي، الذي فسره الكثيرون بأنه انتصار لليبرالية الإنسانونية الغربية على الشيوعية السوفييتية. ولعل أوضح تعبير عن هذا الوهم آنذاك كان مقولة إن الليبرالية الغربية هي نهاية التاريخ، والتي أطلقها فرانسيس فوكوياما. وبالطبع فقد كان هذا الاعتقاد وهما، لأن الذي انتصر حقا لم يكن الليبرالية الإنسانوية الغربية، وإنما هو البرجوازية الغربية. والذي انتكس حقا، ولا أقول انهزم، لم يكن الماركسيه السوفييتية أو غيرها من الماركسيات، وإنما شعوب الأطراف وعمال المراكز والأطراف. إذ يبدو أن الليبرالية المحدثة بخطابها المتفائل، الذي يؤكد فكرة عقلانية السوق وقيم الديموقراطية البرجوازية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني، كانت مجرد سلاح مؤقت شرعته البرجوازية الغربية في وجه المنظومة الاشتراكية بديلاً للاشتراكية وما انطوت عليه من مكاسب وحقوق كبيرة للكادحين وشعوب الأطراف.وكان هذا السلاح مجرد طعم لجرّ الطبقات والأمم الكادحة بعيداً عن الاشتراكية وقوى التقدم. فما إن تم للبرجوازية الغربية ما ابتغته، حتى بدأت تشكك في قيمة الليبرالية الإنسانوية وتؤكد أهمية صراع الحضارات وخصوصياتها الجوهرية، خصوصاً في ضوء الإخفاق المريع للرأسمالية في البلدان التي كانت تشكل المنظومة الاشتراكية. إن البرجوازية الغربية ما عادت اليوم في حاجة إلى الخطاب الليبرالي ولا إلى تقديم التنازلات للطبقات والأمم الكادحة. لذلك أخذت تتنكر بصورة فاضحة للقيم الليبرالية التقليدية، وتميل بصورة واضحة صوب الفاشية بمسميات جديدة. فهي لم تعد تكتفي بذم الماركسية وإعلان موتها، وإنما أخذت أيضا تعلن إفلاس الليبرالية الإنسانوية، وتتفلت لتعلن براءتها منها، وتحملها وزر فشلها وفشل الرأسمالية. بل وذهبت إلى أبعد من ذلك بإدانة الحداثة وعقيدة التنوير وجذورهما الإغريقية والمسيحية. فهي تريد أن تجتث التراث الديموقراطي التقدمي من جذوره، وأن تنسف الماركسية والليبرالية من أساسهما المشترك، الذي سبق أن بنته هي نفسها في فترة شبابها وصعودها. ونراها تسخر لهذا الغرض أعتى الأدوات الفكرية التي أنتجتها الحضارة الغربية الحديثة، وأرفع الأساليب المنطقية التي أفرزتها الفلسفة الغربية. ههنا نرى العقل يحطم نفسه، تماماً كما حصل مع الغزالي في الحضارة الإسلامية. لقد أفلت زمام الأمور من بين أيدي البرجوازية الغربية. إنها امبراطورية الفوضى التي تحدث ويتحدث عنها سمير أمين. ولم يبق أمام البرجوازية الغربية في سعيها اليائس إلى ضبط الأمور سوى القوة المجردة الخالية من المسوغات والمبررات. لم يبق لديها سوى منطق القوى والاستبداد والإبادة العنصري. إنها بالفعل لإمبريالية خرفة، كما ينعتها اليسار الغربي، وإنها بالفعل لفلسفة خرفة، تلك التي تسخرها البرجوازية الغربية لتحطيم العقل وقيم الحرية والعدالة.
ويقودنا هذا التحليل مرة أخرى إلى ضرورة الاشتباك مع الفكر الفلسفي الغربي الحديث والمعاصر، حتى يتسنى لنا أن نفهم العقلية الغربية المتأزمة، عقلية البرجوازية الغربية، التي تحكم عالم اليوم وتؤجج نيرانه. فالفلسفة، كما أسلفنا، سياسية في جوهرها. إنها روح السياسة. ومن ذلك ينبع ذلك الاهتمام الغربي المحموم بها، وينبع إصرار القوى الرجعية في الأطراف على منعها أو إضعافها أو تصفيتها. أما نحن، الذين لا نعتبر هيمنة الإمبريالية الغربية قدراً محتوماً، وندعو إلى مجابهتها بجدية، لا على طريقة ابن لادن وأصوليي الجزائر، وإنما على طريقة لينين و ماو وهوتشي من وتشي غيفارا، فندرك جيداً أن لا مفرّ من هذا الاشتباك الفكري الذي يعرّض كل ثوابت الوعي السائد للاهتزاز، وربما الانهيار، والذي يغوص في عمق أعماق التجريد والتنظير من أجل الغوص في عمق أعماق العياني في سياق تغييره. فما هو البديل لماركس ولينين، الذي تطرحه البرجوازية الغربية أمامنا اليوم ؟ ماذا تبقى لديها لتقدمه لنا غير نيتشه وهيدغر وصولاً إلى الطالبان فقرضاي وشارون!!‍‍‍‍‍‍‍‍


أفول العقل
أزعم أن الغرب المعاصر يمر اليوم بحالة ثقافية تكاد أن تكون مماثلة للحالة الثقافية التي دشنها في الشرق الإسلامي أبو حامد الغزالي ودشن معها أفول العقل النظري، أو حتى تصفيته، في الإسلام. فالذي نشهده اليوم لا أكثر ولا أقل من محاولة النخبة الثقافية الغربية التنكر لتراثها الحديث وجذوره الإغريقية ونسفه من أسسه، ومن ثم تصفية العقل النظري الحديث الممثل بعقيدة التنوير، على غرار ما فعله أبو حامد الغزالي وتلامذته في الإسلام. ولئن سخر أبو حامد عبقريته الفذة وتملكه المتميز لأدوات الفكر العقلاني الإغريقي والعربي لهذه الغاية، فإن النخبة الثقافية الغربية المسيطرة تكفر هذه الأيام ليلا ونهاراً بتراث التنوير وارهاصاته الإغريقية، وتعبر عن حنينها المستحيل إلى ما قبل الحداثة، كائنا ما كان ذلك يعني، وتسخر أدوات تراث التنوير من أجل تفكيكه وتكسيره في الذات المعاصرة، تاركة مكانه فراغ العدمية الدامس. ولئن اعتبر أبو حامد الغزالي المدشن الأكبر لعملية التصفية تلك في تراث الإسلام، فإن الألمانيين، فريدريش نيتشه ومارتن هيدغر، يعدّان اليوم المدشنين الأعظمين لعملية تصفية عقل التنوير في تراث الغرب الحديث. فهناك شبه إجماع لدى أفراد النخبة الثقافية الغربية المعاصرة على محورية هذين المفكرين الألمانيين في عملية تصفية القائم وإيجاد البديل، حتى في العالم الأنجلو أميركي، صاحب التراث التحليلي التجريبي العملي المناقض للتراث الأوروبي الذي أفرز نيتشه وهيدغر.

لكأن الطبقات التاريخية الكبرى التي تقوم على أكتافها الحضارات التاريخية الكبرى، لكأنها، بعد استنفاد دورها التاريخي، تشعر بالغثيان والقرف إزاء ذاتها ومرحلة شبابها وعنفوانها، فتعلن العصيان عليها وتسعى إلى تصفيتها واختزالها إلى حدود ما تتحمله شيخوختها الواهنة، حتى ولو أدى ذلك إلى جمود تطورها. والغريب أنها تعمد إلى فعل ذلك بعد زوال المبرر التاريخي لذلك، أي بعد زوال خطر الطبقات النقيض وتصفيته؛ لكأنها تعزو صعود الطبقات النقيض وقوتها إلى العقل في تراثها، فتشعر، في مرحلة هبوطها التاريخي، باغترابها عن العقل الذي بنته في مرحلة صعودها، وغربته عنها، وكأنها بنته لغيرها، لنقيضها، فتسعى إلى تصفيته، بعد أن تفلح في القضاء على الحركات الثورية المناهضة لحكمها، حتى لا يبقى يشكل تربة صالحة لمزيد من الحركات الثورية. إنها غريزة حب البقاء؛ تسعى هذه الطبقات إلى تأبيد ذاتها المتعبة عبر الجمود، جمود ذاتها والمجتمع الذي تربض على قلبه. هذا ما حصل في الإسلام منذ الغزالي، وهذا ما يحصل اليوم في الغرب الحديث.

والغريب في الأمر تلك الثقة الطافحة في النفس والتي يبديها التصفويون في الحضارتين، سواء كنا نتكلم عن العمالقة (الغزالي، نيتشه، هيدغر) أو المشتغلين النمطيين في الفلسفة والإنسانيات. ونراهم بصورة عامة يصبون جام نقدهم واستنكارهم على فكرة المطلقات العقلية ويسقطونها واحدة واحدة، لكنهم يعمدون دوما في هذا السياق، ومن دون حرج، إلى توكيد فيض من المطلقات والافتراضات غير المبررة تماماً، بل واللاعقلانية في كثير من الأحيان. إنهم يعيبون على رموز عقيدة التنوير الانطلاق من جملة من المقدمات المبررة والمختبرة، في الوقت الذي يعمدون هم فيه إلى تأكيد جملة من الافتراضات المريبة حقا وكأنها بديهيات وتحصيل حاصل. بل إن بعضهم يلجأ إلى السخرية من عملية التأسيس العقلي للممارسة الاجتماعية في حد ذاتها، وإلى اعتبارها نقيصة ما بعدها نقيصة. وعلى سبيل المثال، فإن المشروع الفلسفي للفيلسوف الأميركي المعاصر، رتشارد رورتي Rorty ، وهو من أبرز فلاسفة ما بعد الحداثة، يتمثل في تأكيد لليبرالية المجتمعات الغربية المعاصرة مصحوبا برفض واستبعاد للأسس الفلسفية العقلانية التقليدية التي قامت عليها الليبرالية وارتكزت إليها. وبتعبير آخر، فإنه يسعى إلى تأكيد هذه الليبرالية بوصفها مزاجاً أو خياراً للشعوب الغربية أعلى من أن يحتاج إلى تأسيس عقلي.

ويتفق جل أعضاء النخبة الثقافية الغربية المسيطرة على اليقين المطلق لمقولة أن الشيوعية والماركسية انتهت بتفكيك الاتحاد السوفييتي، من دون دراسة معمقة للعلاقة بين التراث الماركسي ومصير الدولة السوفييتية التراجيدي. فهم يعمدون إلى اعتبارها مقدمة بديهية غير قابلة للنقاش، تماماً كالمقدمات الدينية المطلقة التي ارتكز إليها الغزالي في تصفية الفلسفة الإسلامية. وقد سبق أن بنيت في العديد من الكتابات في السنوات العشر الأخيرة تهافت هذه المقولة غير العلمية.

لكن أولئك المنظرين البرجوازيين لا يكتفون برفض الماركسية، وإنما أخذوا مؤخراً يؤكدون إفلاس الليبرالية نفسها وإخفاقها وفشلها. بل وذهبوا إلى أبعد من ذلك باعتبار مشروع التنوير الذي بناه الغرب الحديث مشروعاً مفلساً وآيلا للسقوط المتسارع. وماذا يعني ذلك في الحقيقة؟ إنه يعني إخفاق العقل العلمي وتهافته. وفي مجابهة العقلانية العلمية، التي بني على أساسها مجد العالم الحديث وحرية الإنسان الحديث، نراهم يضعون نيتشه وهيدغر، بلاعقلانيتهما وارتباطهما الفكري بالنازية والفاشية. وهم يسعون، مسترشدين بنتيشه وهيدغر، إلى اجتثاث تراث التنوير من جذوره الإغريقية، ويبدون استعدادهم لنفض أيديهم من العقلانية الإغريقية والإنسانوية المسيحية في سبيل التخلص من تراث التنوير. إنه نوع من الحنين إلى الفاشية، يحاول أن يخفي طبيعته الفعلية بنفي تهمة الفاشية عن معبوديهم، نيتشه وهيدغر. بل يبلغ فيهم الأمر إلى وضع مسؤولية جرائم النازية والفاشية على تراث التنوير ذاته، أي يحملون تراث التنوير وزر نقيضه الفاشي الرافض لعقل التنوير!!

ولا عجب في هذا الحنين إلى الفاشية تحت مسميات أخرى! فالفاشية، لا الديموقراطية الليبرالية، هي الحالة الطبيعية لحكم البرجوازية في مرحلة تأزمها وانتهاء دورها التاريخي، أي شيخوختها. فلئن اضطرها التحدي الشيوعي في القرن العشرين إلى تبني الديموقراطية البرجوازية وإلى تقديم التنازلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى الطبقة العاملة (دولة الرفاه الاجتماعي إبان حقبة الحرب الباردة)، فإن انحسار هذا التحدي، والذي نرجو أن يكون مؤقتا، أزال مبرر الليبرالية والدعوة إليها، ومن ثم فتح المجال واسعاً أمام الفكر البرجوازي الغربي للظهور على حقيقته (الفاشية الدموية الإبادية).

لذلك كله نرى مفكري البرجوازية الغربية اليوم معنيين في المقام الأول بإعادة قراءة مسيرة الحداثة في الأعوام الأربعمائة الأخيرة من أجل تحديد جوهر عقيدة التنوير. ثم نراهم يركزون على النقد الحارق الذي وجهه نيتشه وهيدغر إلى أسس هذه العقيدة وافتراضاتها الرئيسية، وذلك كله في سياق رفض العقل العلمي وتفكيك الخطاب العقلاني الإنسانوي. نراهم يجمعون تقريبا على أن أهم ركنين في عقيدة التنوير هما: (1) إعادة بناء الأخلاقية Morality على أساس طبيعة العقل البشري المستقل، (2) إضفاء سلطة خاصة على العلم تضعه فوق الأشكال الأخرى للمعرفة والخبرة. ومعنى ذلك أن عقيدة التنوير تضع العقل العلمي في مركز الصدارة في حياة البشر. ويرى مفكرو البرجوازية الغربية اليوم أن عقيدة التنوير بالمعنى المذكور أعلاه قد أفلست وفقدت مصداقيتها (لماذا؟ لا ندري تماماً). ومع ذلك، فهي، في شكلها الليبرالي على الأقل، ما زالت مهيمنة في الغرب. وهم يعزون ذلك إلى غياب البديل، مع أنهم يلمحون إلى أن بذور البديل المطلوب كامنة في نيتشه وهيدغر. وأعتقد أن البديل الذي يدور في خلدهم هو شكل جديد من الفاشية.

وبعد ذلك كله، ماذا يقترحون بصدد المجتمعات غير الغربية؟ إنهم، في هذا الصدد، يطرحون مقولتين في غاية الخطورة. وهما: (1) إن التحديث ممكن من دون التغريب. وهم يعنون بذلك أن تحديث المجتمعات غير الغربية ممكن أن يتم من دون تحديث الوعي الاجتماعي، أي من دون هضم عقيدة التنوير والعقلانية العلمية؛ (2) ينبغي على المجتمعات غير الغربية التمسك ببناها الثقافية القديمة التي لما يفلح الغرب في تفكيكها، وإقامة مستقبلها المنظور على هذا الأساس، وكأن هذه المظاهر الجامدة جوهرة ثمينة نادرة ينبغي الحفاظ عليها بأي ثمن. ويرى مفكرو البرجوازية الغربية أن بقاء هذه البنى ما قبل الحداثوية يجعل من السلفية في تلك المجتمعات مشروعاً واقعيا ومعقولاً. فلئن كان المشروع السلفي مستحيلاً في الغرب، لكون مشروع التنوير أفلح في الغرب تماماً في تحطيم البنى ما قبل الحداثوية، ولكون هذه الأخيرة “ملوثة” أصلاً ببذور مشروع التنوير، فإنه مشروع ممكن وواقعي في المجتمعات غير الغربية، لكون مشروع التنوير لما يصل اختراقه إياها حد اللارجعة، ولكون تراثها القديم خاليا أصلاً من عقلانية التنوير. هكذا يبرر العقل الإمبريالي الرأسمالي العنصري في الغرب سلفية الشرق وتخلفه.



#هشام_غصيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستغراب وتحدي الحداثة
- تميز العقلانية الماركسية
- علمنة الوعي
- من الفلسفة إلى نقد الاقتصاد السياسي
- مفهوم النهضة عند الحركات اليسارية العربية
- ماذا يعني لك أن تكون يساريا اليوم؟
- هل الماركسية علم؟
- تجديد لينين في مجابهة تجديد ماخ


المزيد.....




- عشرات الآلاف يتظاهرون بألمانيا ضد اليمين المتطرف
- بلاغ المؤتمر السابع للحزب الشيوعي العمالي الى جماهير العراق! ...
- البيان الختامي الصادر عن الدورة الرابعة للجنة المركزية لحزب ...
- صورة.. يحيى السنوار في ملعب نيلسون مانديلا بالجزائر!
- ماذا يعني أن يحقق اليمين المتطرف مكاسب كبيرة في الانتخابات ا ...
- مأساة في ريو غراندي دو سول: آخر فصل من رأسمالية الكوارث
- المحكمة العسكرية تجدد حبس أهالي سيناء
- تيسير خالد : يدعو الى تعليق مشاركة اسرائيل في أعمال الجمعية ...
- انتخابات أوروبا.. هل يصعد اليمين المتطرف على أكتاف الشباب؟
- مسؤولة أوروبية تتهم اليمين المتطرف بمحاولة تدمير أوروبا


المزيد.....

- كيف درس لينين هيغل / حميد علي زاده
- كراسات شيوغية:(الدولة الحديثة) من العصور الإقطاعية إلى يومنا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية:(البنوك ) مركز الرأسمالية في الأزمة.. دائرة لي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رؤية يسارية للأقتصاد المخطط . / حازم كويي
- تحديث: كراسات شيوعية(الصين منذ ماو) مواجهة الضغوط الإمبريالي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (الفوضى الاقتصادية العالمية توسع الحروب لإنعاش ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - هشام غصيب - المغزى النهضوي للفلسفة