التحليل النفسي: -فرانكشتاين في بغداد- 106
                        
                        
                            
                            
                                
                                
                        
                        
                            
                                
                                
                                
                                    طلال الربيعي
                                
                                
                                
                                
                                
                                
                                
                                    الحوار المتمدن
                                    -
                                    العدد: 8515 - 2025 / 11 / 3 - 01:05
                                
                                
                                المحور:
                                    الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
                                
                               
                                
                                    
                                    
                        
                        
                              
                            
                            
                              
                        
                        
                        
                            
                                هذه الحلقة من سلسلة -التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية-, وما يليها من حلقات, تعالج رواية "فرانكشتاين في بغداد" من وجهه نظر التحليل النفسي.  
------
"فرانكشتاين في بغداد" هي رواية للكاتب العراقي أحمد السعداوي. تروي قصة بطلها هادي العتاك، الذي يجمع أجزاء جثث ضحايا التفجيرات في بغداد عام 2005 ليصنع منها كائناً بشرياً غريباً. هذا الكائن، المعروف باسم "الشسمه"، ينهض للانتقام من الذين قتلوا أصحاب أجزاء جسده. الرواية تُكيّف قصة "فرانكشتاين" الكلاسيكية لماري شيلي مع السياق العراقي لتجسد فظائع الحرب. 
ملخص الرواية: تدور أحداثها في بغداد عام 2005، حيث يقوم بطل الرواية، هادي العتاك، بجمع أجزاء ضحايا التفجيرات الإرهابية ويجمعها ليصنع منها كائناً بشرياً.
الكائن الجديد: ينهض الكائن الذي صُنِع من أجزاء مختلفة، ويُشار إليه باسم "ما اسمه"، لتبدأ رحلة انتقام واسعة ضد المجرمين الذين تسببوا في مقتل أصحاب هذه الأجزاء.
السياق والموضوع: الرواية تُعدّ تكييفاً عصرياً لقصة "فرانكشتاين" الكلاسيكية، حيث تستخدم هذا الإطار لتجسيد صدمة العنف والفظائع التي خلفتها الحرب في العراق. 
-فرانكشتاين في بغداد-
https://mktbtypdf.com/book/%D9%81%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%83%D8%B4%D8%AA%D8%A7%D9%8A%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D8%BA%D8%AF%D8%A7%D8%AF/
سرعان ما تخرج "مهمة "الشسمه"  عن السيطرة .
 "الشسمه" باللهجة العراقية هو المجهول الاسم او الذي لا يمكن تسميته.  لو اتفقنا مع المحلل النفسي لاكان,   الشسمه ينتمي الى سجل ال Real في العقل الباطن  الذي لا يمكن التعبير عنه لغويا وبالتالي لا يمكن تسميته. -الشسمه- يشكل انهيارا  للغة ووصولها الى حدودها.  لا  يمكن تسمية ما يجهل ماهيته او التعبير عنه ضمن السجل الرمزي للاكان, او من خلال اللغة.
The Real vs. the Symbolic: The Real is what is outside of language and symbolic representation. The symbolic order, represented by the Name-of-the-Father and the law, is an attempt to structure reality and create a sense of meaning and law
الواقعي (الواقعي عند لاكان مفهوم خاص ولا علاقة بنفس المصطلح المتعارف عليه) مقابل الرمزي: الواقعي هو ما يقع خارج نطاق اللغة والتمثيل الرمزي. أما النظام الرمزي، المتمثل في اسم الأب والقانون، فهو محاولة لهيكلة الواقع وخلق شعور بالمعنى والنظام.  (اسم الاب: الاب او من يقوم مقامه يقول لأبن "كلا! لا تستطيع مجامعة والدتك!" هذه ال -كلا- تصبح هي اساس القانون والنظام.
Name-of-the-Father
https://nosubject.com/Name-of-the-Father#google_vignette
 ولذا ان المأساة العراقية في عصرنا هي انهيار السجل الرمزي, اللغة,  قانون اسم الاب,   بسبب غزو  واستعمار الواقعي للرمزي, او,  بعرف  المحلل النفس يونغ , سيادة الظل -المزيد ادناه. التحدى سيكون  بمجابهة الظل الجمعي   ودمجه و التصالح معه, وبخلاف ذلك  يتعاظم  ويتكاثر الظل  كالخلايا السرطانية في المجتمع العراقي وآفته تتمثل في انهيار اخلاقي-ثقافي-حضاري يتجسد  في (تطبيع) الفساد الاداري والمالي الوبائي وهو في المحصلة الاخيرة فساد اخلاقي ايضا بأمتياز: لماذا لا يسعى يسارنا  الذكوري العرمرمي الي اعادة تعريف "الشرف" واخراجه من حيز الفعل الجنسي (المحرّم؟)؟ هل نلوم فرويد لاعتباره الحافز الجنسي المحرك والمحفز الرئيسي للبواعث والأفعال؟ والا ما علاقة الجنس الغير ضار بالآخر  بالشرف من قريب او بعيد؟ لماذا لا تعتبر النزاهة والاستقامة الادارية والمالية والحرص على مصالح الناس هي مقياس الشرف؟ والتحريم هو قمع للطاقة الجنسية التي تسعى الى التعبير عن نفسها, في ظروف القمع الجنسي والجسدي والفكري في العراق,  في اللاتسامي  حسب المفهوم الهيدروليكي للطاقة لدى فرويد - استخدم فرويد النموذج الهيدروليكي لشرح الطاقة النفسية كشكل من أشكال السائل الذي يتراكم ويولد ضغطًا ويسعى إلى التحرر، تمامًا مثل النظام الهيدروليكي الفيزيائي. يقارن هذا المفهوم، الذي كان له تأثير كبير في أعماله، العقل بآلة تعمل بالضغط حيث يمكن للطاقة العاطفية أو الغريزية غير المُحررة أن تسبب مشاكل نفسية إذا لم يتم توجيهها بشكل صحيح، وهي عملية تناولها من خلال علاجات مثل التداعي الحر وتفسير الأحلام.
نموذج فرويد الهيدروليكي
الطاقة النفسية: افترض فرويد أن الطاقة العقلية، وخاصة الطاقة الجنسية (الليبيدو)، تعمل كالسائل.
الضغط والتحرر: يمكن أن تتراكم هذه الطاقة في النفس، مما يولد ضغطًا. إذا لم يتم تحريرها أو إعادة توجيهها، فقد تؤدي إلى توترات أو مشاكل نفسية.
التطبيق العلاجي: هدفت العلاجات التحليلية النفسية إلى مساعدة المرضى على تحرير هذه الطاقة المكبوتة من خلال عملية التنفيس أو عن طريق إعادة توجيهها إلى قنوات مقبولة اجتماعيًا، مثل التسامي.
التأثير: تأثر هذا النموذج بالفيزياء والديناميكا الحرارية المعاصرة، وخاصة مبادئ حفظ الطاقة. كما استخدم محللون نفسيون لاحقون، مثل جاك لاكان، صور محطات الطاقة الكهرومائية لمناقشة الطاقة، لكنهم طوروا المفاهيم بطرق أكثر تعقيدًا ورمزية.
 Releasing the Pressure: A Dive into Freud s Hydraulic Model of the Mind
https://www.ezrabrand.com/p/releasing-the-pressure-a-dive-into
القمع الجنسي ومفهوم الشرف  مقلوبا رأسا على عقب يؤديان, في اغلبية الاخوال, الى -اللاتسامي-, فساد مالي وقمع فكري وجسدي للآخر. انهم يطبقون مقولة سارتر: الآخر هو الجحيم, كبديل عن التسامي, اي التعبير عن الطاقة المكبوتة من خلال ممارسة الادب والعلم والرياضة او الفن. قد يكون التسامي باللجوء الى الدين وممارسة طقوسه. ولكن هكذا "تسامي" هو اسوء انواع اللاتسامي لأنه يشكل انكارا للواقع وهروبا منه وانكارا للمسؤولية الفردية,  وبالتالي يمكن ان  تعبد المعتقدات  والطقوس  الدينية اللامتسامية, بانكارها للحرية او خشيتها لها,  بعرف المحلل النفسي الماركسي اربك فروم,  ارضا خصبة لنشوء الفاشية-
Escape from Freedom Revisited: Erich Fromm, Psychoanalysis and the Threat of Fascism
https://www.tandfonline.com/doi/full/10.1080/07351690.2025.2554551?src=
انهم كانوا يخشون ارهاب صدام قبل ازاحته. وعندما ازيح عن السلطة وُضعوا الآن وجها لوجه مع ظلهم, بعرف يونغ, وباتوا يخشون حريتهم الجديدة التي تسبب لهم رعبا وجوديا  لا يوصف فيهربون منه بتدين سطحي وبطقوس تعبر ليس فقط عن كره الطبيعة للفراغ, بل عن رعب لا يمكن التعبير عنه لغويا عند مجابهة ظلهم. 
 -رحلة الظل-
https://www.youtube.com/watch?v=kQTmDXBiH6Y
 الذي  كان فعلا مؤجلا زمن صدام.   السياسي لا يمكن  ان يكون هو المٌننقذ لأن مفهوم الشرف مقلوب رأسا على عقب عنده. ولذا عليه ان يلبس قناع  الشرف الاجتماعي-المزيف لاعادة انتخابه. وهو يعلم ان عدم وضعه  القناع   لا ينسجم مع روح العصر (النيوليبرالي) والوعي الجمعي للعملية السياسية في العراق. انه فقط احد جنود ايديولوجية العصر التي لا تقل قسريتها عن قسرية قانون الجاذبية الحديدي ولربما تتفوق حتى عليه.  ونفس الكلام سيجيب على التساؤل المحتمل: لماذا لا يُلجأ  الى التسامي كبديل عن التسامي؟
  ان التحرر من الظلام النفسي, بعرف يونغ , لا يتم باختزال علم النفس الى علم الفيزياء, كما يفعل مدنيوننا الماديون فوق العادة!  انه ليس بالتخلص من الظلام  بأضائته باشعال الشموع او اقوى المصابيح الكهربائية. كلا! انه بمواجهة الظلام واهواله وعدم انكاره ودمجه في كياننا الانساني كقوة للتطور والنمو والنضوج. ان "المتمركسين والمتمدنين!" من  اتباع عصر الانوار  بخشون ظلهم لذا ليس من غرابة انهم  اعتبروا الفيزياء ملكة العلوم.  
تشير عبارة "ملكة العلوم" خلال عصر التنوير إلى الفلسفة، لكنها ترتبط ارتباطًا وثيقًا باحتضان تلك الفترة للفيزياء والعقلانية العلمية، لا سيما من خلال أعمال مفكرين مثل فولتير وإميلي دو شاتليه. كانت دو شاتليه شخصية محورية قامت بترجمة قوانين نيوتن وتوسيعها، وعملت مع فولتير على نشر الفكر العلمي، مما رسخ فكرة الفيزياء كتخصص أساسي وقوي.
الفيزياء "ملكة العلوم"
إزاحة الفلسفة: بينما كانت الفلسفة تُسمى تاريخيًا "ملكة العلوم"، شهد عصر التنوير تحديًا من العلم والعقلانية للسلطة التقليدية والخرافات.
احتضان الفيزياء: أدت التطورات التي شهدتها تلك الفترة في الفيزياء والرياضيات والعلوم الطبيعية الأخرى إلى اعتبارها الأسس الجديدة للمعرفة.
تأثير نيوتن: قدم عمل إسحاق نيوتن، الذي أثبت أن الكون يعمل وفقًا لقوانين كونية ثابتة، نموذجًا قويًا للبحث العقلاني الذي طُبق على الطبيعة والمجتمع.
إميلي دو شاتليه وفولتير
التبسيط العلمي: لعب فولتير ودو شاتليه دورًا مهمًا في إيصال الأفكار العلمية المعقدة إلى جمهور أوسع.
مساهمات دو شاتليه: ترجمت وعلقّت على كتاب "الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية" لإسحاق نيوتن، وقدمت رؤى أساسية في الفيزياء كانت حاسمة في نشرها في فرنسا.
التعاون: غالبًا ما صوّر فولتير دو شاتليه على أنها "ملهمته" في العلوم في كتاباته، مسلطًا الضوء على أهميتها في الحياة العلمية والفكرية لتلك الحقبة.
ولكن عصر التنوير  تعرض الى انتقادات شديدة  واتهامات بترويج المركزية الأوروبية والإمبريالية الثقافية من خلال التقليل من شأن المعرفة غير الأوروبية، والتواطؤ في العنصرية والقمع الاستعماري من خلال مفاهيم مثل العنصرية العلمية، والمفارقة التي تتمثل في أنه أدى إلى شكل جديد من أشكال الهيمنة من خلال العقلانية الأداتية، كما جادل فلاسفة مثل أدورنو وهوركهايمر. وقد أشار النقاد  إلى أن مُثل التنوير استُخدمت لتبرير عدم المساواة والقمع. 
المركزية الأوروبية والإمبريالية الثقافية
فرض القيم الأوروبية: يجادل النقاد بأن تركيز التنوير على العقل و"التقدم" أدى إلى التقليل من شأن طرق المعرفة والعيش غير الأوروبية وتجاهلها.
"العالمية" كزيف: كان ادعاء الحقوق العالمية زيفًا لأنه طُبق في المقام الأول على الرجال البيض، بينما برر قمع الآخرين من خلال ممارسات مثل الاستعمار والعبودية. نشهد ذلك الآن بشكل جلي في التعامل الفاحش مع الفلسطينيين  لصالح اسرائيل واستخدام قيم مزدوجة من قبل الدول الكبىرى  لعصر التنوير.  
العنصرية والقمع
التواطؤ في العبودية والاستعمار: يُنتقد مفكرو التنوير لإنشائهم وتبريرهم أنظمة التصنيف العنصري والعنصرية العلمية والقمع الاستعماري.
تبرير عدم المساواة: استُخدمت أفكار التنوير لتبرير عدم المساواة، حتى بعد إلغائها ظاهريًا.
العقلانية الأداتية والهيمنة
هيمنة العقلانية الأداتية: يجادل فلاسفة مثل أدورنو وهوركهايمر بأن تركيز التنوير على العقل أدى إلى شكل من أشكال "العقلانية الأداتية" التي تركز على الكفاءة والسيطرة، والتي يمكن أن تجرد الأفراد من استقلاليتهم.
أشكال جديدة من الهيمنة: استُغلت مسيرة العلم والتكنولوجيا من قبل أنظمة السلطة لإدامة عدم المساواة والقمع، مما أدى إلى خلق أشكال جديدة من الهيمنة بدلاً من التحرر.
فقدان الاستقلالية الفردية: يمكن أن يصبح العقل أداة للسيطرة الاجتماعية، مما يؤدي إلى انفصال الأفراد عن معرفتهم الخاصة والعالم من حولهم.
ان العقلية الاداتية والقمع والامبريالية الثقافية   لفلسفة عصر التنوير, فلسفة مدنيي العملية السياسية في العراق, اتباع بريمر علنا او سرا,  والانصار العتاة  للملكة,  الفيزياء, المهوسون باشعال الشموع  او الفوانيس (الرومانسية للتغني بملكتهم)  او مصابيح الكهرباء الوطنية او مولدات الكهرباء الأهلية  لأضاءة الظلام, بدلا من مجابهته في دواخلهم ومن حولهم, كتعبير          "(لا)عقلاني متنور" للاشتراك في الانتخابات, يسلكون  وكأن عقلهم يصبح هو مقياس شامل للعقل العراقي, او حتى وكأنهم "مرجعيات؟" لتعريف الوطنية. مثال: النائبة السابقة ميسون الديملوجي توزع صكوك الوطنية, كما وزعت الكنيسة من قبل صكوك الغفران,  فتعلن على الملأ  وبكل فصاحة وباعلى حنجرتها ان المشاركة في الانتخابات -واجب وطني! ولكن نفس هذه النائبة لم تفسر لنا, بنفس العقلانية "المتنورة", لماذا لا يوجد قانون من اين لك هذا للسياسيين العراقيين, ولماذا لم تدعو هي الى تشريعه عندما كانت نائبة في البرلمان,  واذا وجد القانون,  لماذا  لم تدعو الى تطبيقه! ولكن الصبح لم يدركها كشهرزاد, فلماذا سكتت عن الكلام (اللا) مباح؟  هل  بعرف الدملوجي ان 80% من الشعب العراقي المقاطعين للأنتخابات لا يعرفون واجبهم الوطني او انهم مارقون او خونة وطنهم لأنهم لا يشاركون في الانتخابات؟ اليس حرية العقيدة والرأي منصوص عليها في الدستور العراقي؟ ونحن لا نعلم من منح  الديملوجي صلاحية  التحديد سياسيا أو اخلاقيا  ما هو وطني وما هو غير وطني. اذا كانت الدملوجي احدى شخصيات ما يسمى -التيار المدني-, فعلى التيار المدني الاعتذار عن الاهانة الفادحة التي وجهتها هذه النائبة لأغلبية قطاعات الشعب العراقي المقاطعة للانتخابات.       
-مناظرة --- حول الانتخابات العراقية-
https://www.youtube.com/watch?v=z0jgoJTl60I
اليس هذا الكلام تعبيرا عن فاشية  النيوليبرالية  ومصادرة الرأي الآخر  التي تسم العملية السياسية وانتخاباتها وكما يتجلى بكل وضوح في كلام هذه النائبة  وذلك, نعم, باسم المدنية؟ 
الم نقل ان العملية السياسية في العراق تسجل انتصار الواقع اللاكاني وما يعنيه من انهيار اللعة وقانون -اسم الاب-,  فتتحول الفاشية (الجديدة)  الى مدنية او يصبح الاثنان صنوا لبعضهما البعض؟ 
Why Neoliberalism Needs Neofascists
 https://www.bostonreview.net/articles/why-neoliberalism-needs-neofascists/