العالم يصغر والمشاكل تكبر!
صباح كنجي
الحوار المتمدن
-
العدد: 8425 - 2025 / 8 / 5 - 16:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الى ذكرى كارثة سنجار في هذا العالم الصغير..
منذ سنوات.. مع بدء شيوع واستخدام مصطلح مفهوم العولمة.. اخذنا نسمع ونقرأ عبارة (العالم يصغر).. (العالم تحول الى قرية صغيرة).. ومع تطور التكنولوجيا وتنامي ثورة الاتصالات توسعنا في ترديد هذه التسمية.. سواء كنا نعيها أمْ لا نعيها.. وأصبحت شائعة يستخدما الكل بلا تردد.. للتعبير عن ادراكه لما يدور في العالم.. حتى ان كان هذا الادراك سطحياً وخالي الوفاض كما يقول المثل:
وفي التطبيق العملي.. شهدنا الكثير من جوانب هذا (العالم الصغير).. او عالمنا الذي جرى تصغيره.. بضغطه وكبسه بوسائل..
ـ مرئية ومكشوفة للعيان.. نحس بها ونجربها عبر الطائرات اثناء النقل.. أو من خلال مشاهدات القنوات الفضائية وبرامجها المباشرة أحياناً.. ناهيك عن شبكة الانترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي والتلفونات الحديثة.. كلها وسائل تجعلك تنتقل عبر الفضاء في ارجاء الكون بين الدول والمدن.. متجاوزاً سلاسل الجبال والصحاري والبحار وكافة اشكال الحدود..
ـ وغير مرئية.. غالباً ما تتمثل بزوال الحدود.. وما يترشح وينقل من معلومات توثق لحظات تصوير عبر الفضاء.. من خلال كاميرات صغيرة.. لا بلْ متناهية الصغر.. ثبتت في الأجهزة التي يستخدمها الناس.. جميع الناس.. تقوم بالتجسس والمراقبة.. تسجل أحاديثك.. تصورك في غرف النوم.. الى حد بات فيها الانسان يخشى من ظله.. يكاد أن يشك بنفسه.. في زمن حول الأحرار من البشر الى عبيد في عصرنا الراهن.. شاؤوا أمْ ابوا في هذا العالم الصغير المنتج للعبودية من جديد..
العالم الصغير الذي تكبر مشاكله يوماً بعد آخر.. لا بلْ لحظة بعد أخرى.. هي الأخرى مشاكل مكشوفة ومرئية من جهة يمكن وصفها بالمشاكل التقليدية.. لها علاقة بالسكن والمعيشة والصحة والسلامة.. تبدأ مع نهوض الانسان من نومه.. وتستمر لغاية عودته لوضع رأسه على مخدته.. انْ كان له مسكن او زاوية يلتجأ لها للنوم في هذه الأيام القاسية.. التي تشهد تحولات سريعة وعاصفة..
اما من ليس لهم سكن أو (حتة) للنوم.. كما يقول أعزاءنا المصريين.. فحدث بلا حرج.. الى هنا نحن نتحدث عن مشاكل العالم الصغير فقط.. بحدود المشاكل التقليدية.. سوف نتجنب الحديث عن الحروب ونتائجها.. لأنها معروفة.. بعد أن باتت من البديهيات في عالمنا.. منذ ان كان كبيراً فيما مضى لحد وصفه بالصغير اليوم..
أما الجانب العلمي من الموضوع.. فهو متروك لكم أنتم القراء.. عليكم استكشاف أسباب ومبررات صغر هذا الكبير.. مدى صحة هذا الامر.. وانْ كانت النظريات العلمية تؤكد فيما تؤكد: اننا جزء من حالة انفجار ذري انبثق منه هذا الكون.. بمعالمه وابعاده الشاسعة.. وهناك من يقول انه ما زال يتمدد ويتوسع.. وفقاً لنظريات علمية حديثة تؤكد انه يكبر.. ويكبر.. في ذات الوقت يتوسع ويتمدد..
لكن السياسيون.. تجار العولمة واقتصاديّها يؤكدون ويقررون:
اننا وفقاً لمشاهداتهم ورؤياهم.. التي يتميزون بها.. ورغباتهم التي يسعون لتطبيقها.. وطموحاتهم التي يسعون من خلالها للسيطرة على كل العالم.. ويتمنون تحقيقها يقولون ويؤكدون:
انّ العالم يصغر.. وهو يصغر لحد بالإمكان التحكم به من خلال كف اليد الواحدة.. شرط انْ تكون كف لوحش من أمثال ترامب.. وهو نموذج استثنائي من مهرجي.. رأس المال المعولم.. الذي يكشف نواياه ويتطلع الى.. ماذا؟
لحل المشاكل الصغيرة.. التي تواجه هذا العالم الصغير.. وهو حل "منطقي" في عالم الرأسمال المتوحش كما يتصور.. من خلال رؤية غير مرئية لنا.. نحن المتواجدون في هذا العالم الصغير.. تعتمد اسلوباً وحلاً فريداً استثنائياً.. توصل اليه ترامب والطاقم الملتف حوله.. بتكبير المشاكل وتعقيدها.. وابتكار وصنع المزيد منها.. في عالمنا الصغير.. الذي بات يواجه مشاكل أكبر من حجمه أخذت تتفجر من خلال نزاعات محلية ـ طائفية وحروب.. مازالت القوى الشريرة ـ بيننا نحن البشر ـ تنفخ فيها.. وتعد الأرض لها.. كي تحولها الى كانتونات هزيلة.. ومنتجعات سياحية..
مشاكل تكبر مع انهيار الأوضاع في العديد من الدول..
مشاكل تكبر وتزداد مع تدمير العشرات.. لا بلْ المئات من المدن والقرى والبلدات..
مشاكل تكبر وتكبر مع نصب ودعم الحكام الفاسدين..
مشاكل تكبر وتكبر في عالم الاقتصاد والتجارة ومؤسسات رأس المال والبنوك..
مشاكل تكبر وتكبر مع التحولات في ميدان وحقل التعليم..
مشاكل تكبر وتكبر وتتأزم في حقل خصخصة الصحة وانتاج وتسويق الادوية الخالية من المفعول..
مشاكل تكبر وتكبر مع خلط المواد الكيماوية في المواد الغذائية..
مشاكل تكبر وتتفاقم مع ظاهرة التوسع في استخدام البلاستيك وتفشي مخاطره على البشر والبيئة..
مشاكل تكبر وتتأزم مع استخدام المواد الكيماوية في الزراعة..
مشاكل تكبر وتتفاقم مع تراجع حالة الوعي لدى البشر وتشبثهم بقشور الحضارة وصناعاتها..
مشاكل تتفاقم وتتوسع مع إعادة صياغة وعي الناس من خلال شبكات الانترنيت ووسائل الاتصال الاجتماعي.. وغيرها من وسائل خلق وانتاج السذاجة وتسطيح العقل الإنساني..
المشاكل تتفاقم وتتوسع وتزداد خطورة كلما تحدثت الإدارة الامريكية عن مشاريع السلام والامن في عالمنا الصغير.. الذي ما زال يتفجر بالمزيد من الحروب والعنف والنزاعات الدولية..
بتنا وأصبحنا نعيش في عالم صغير.. صغير.. بمشاكله الكبيرة المعقدة.. مما يستوجب منا المزيد من اليقظة والانتباه.. العاقل فينا من يفكر بحلٍ.. ولو صغير.. للمشاكل الكبيرة..
ونقول:
ما حدث في عالم سنجار الصغير في ليلة الثالث من أب 2014.. كان جريمة كبرى..
جريمة خطط واشترك فيها كبار المجرمين في عالمنا الصغير..
سنجار وما جرى في سنجار ليست مشكلة صغيرة.. يمكن التغاضي عنها ونسيانها.. اشترك في الاعداد والتخطيط لها من كان له رأس كبير وعقل صغير.. من الزعماء والرؤساء والأحزاب براياتهم السوداء والصفراء والخضراء.. وبقية ألوان الطيف لأحزاب ومؤسسات الفساد في العراق والعالم..
من أصحاب السياسات المزدوجة.. معك وضدك.. هكذا كان الحال في سياساتهم المزدوجة مع داعش.. داعش.. التي اشترك في تشكيلها الجميع.. وحصلت على دعم الجميع.. في عالمنا الصغير.. الذي ما زال فيه الكثير.. الكثير من القادة والزعماء الصغار.. من نمط (نص ردن ـ نص كم) ونص عقل.. كما يقول المثل.. يتصورون أنفسهم كبار.. كبار بعقول صغيرة.. ينقادون لمخططات خطيرة تجعلهم مشاركين بجرائم كبيرة.. وهم يؤدون رقصة الموت والدمار بشغف وافتخار وفرح.. فرح الذليل الفاقد للإحساس والضمير والشعور الانساني..
ـ تقول الحكاية..
حكاية البشر.. الذين يتوقون لعالم أفضل.. اننا بحاحة لمراجعة مسيرة الحضارة الإنسانية.. في هذه الحقبة التاريخية من جديد.. نحن الآن في خضم محطة جديدة من سيرة وصيرورة تاريخ لا يرحم.. تتطلب تحديد الرؤية والتطلع للأمام..
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
3آب 2025