بجهودكم نسعى الأفضل - افتتاحية العدد الثالث من مجلة الشمس


صباح كنجي
الحوار المتمدن - العدد: 7921 - 2024 / 3 / 19 - 15:29
المحور: الصحافة والاعلام     

بجهودكم نسعى الأفضل

الخطوة الثالثة في مسيرة قافلة الشمس.. تكتمل بهذا الدعم النوعي الكبير.. من كتابات المبدعين.. لترسخ يقيننا.. اننا نسير في الطريق الصحيح.. وهذا ما يدفعنا لتعزيز جهودنا.. وتكريس المزيد من الوقت.. لمواصلة المشوار في رحاب الثقافة البديلة..
هي مواصلة جدية.. تستند للدعم الثقافي الوفير.. واختيار الأفضل الممكن.. من النتاجات الإبداعية الأدبية والفكرية والكتابات النقدية والدراسات الرصينة والاجمل من اللوحات.. بما فيها لوحات الطبيعة.. لأننا نسعى.. وهذا من حقنا للأفضل..
والأفضل مقرون برؤيتكم وتقييمكم.. ما نحتاجه في هذا المجال.. ليس المديح والتعضيد فقط.. بل الملاحظات النقدية الجادة والاقتراحات العملية.. ليقين راسخ في نهجنا وتعاملنا وقناعة تؤكد:
بدون النقد وتقبل الملاحظات.. لا يمكن ان نبصر ونصل للأفضل..
لهذا نحن منفتحون على الآراء المتباينة والمختلفة.. ونشجع النقد.. ونسعى اليه.. ومن هذا المنطلق.. نقدم شكرنا لكل من قدم لنا ملاحظة مفيدة.. تساهم بنقلنا معكم.. للحالة والخيار الأفضل..
ستجدون في هذا العدد..
ان جهودنا تواصلت لتقدم للباحثين المزيد من الحقائق.. عما جرى ويجري في وطننا.. عبر حوارات إنسانية لا تخلو من الآلام.. كما هو الحال مع الحوار الذي اجراه زميلنا صباح كنجي مع قاسم خديدا السنجاري.. الذي كشف فيه عن صفحات مخفية من التاريخ المغلف بالعنف.. في منطقة جغرافية من ارض العراق ـ هي سنجار.. سنجارْ التي ما زالت تئن من الجراح.. بسبب تواصل محنة الإنسان المضطهد والملاحق.. المعذب والمظلوم فيها لليوم.. مع هذا يتواصل الابداع والغناء فيها.. حيث يواصل زميلنا مراد سليمان علو في تتبع مسار الفن والثقافة السنجارية.. عبر فصول كتابه البحثي المسلسل.. الذي افردنا له العديد من صفحات هذا العدد..
بالإضافة الى كتابات أخرى تصب في ذات الطريق.. لتقيّم وتدعم الرؤية.. من زوايا أخرى تمنح القارئ مساحة أوسع للنظر ومشاهدة الحدث بتفاصيله.. واستيعاب تعقيداته.. وهو ما نسعى اليه عبر نهجنا للكشف عن الحقائق.. التي أصبحت تغلف وتحجم لتطمر وتدفن كي تظهر البدائل المزيفة والمنمقة.. لتكون هي "المراد".. هو مراد المتاجرة بالدين والانسان والثقافة السطحية.. التي لا تقدم للناس الا القشور والأوهام..
هي قشور وأوهام الحضارة.. التي تعتمد الشكليات.. وتنمق مظهرها الخارجي.. لتخفي ما فيها من عيوب وعفن.. وبتنا بسببها.. لا نستطيع ان نفرق بين الطعام والأغذية والفواكه المحشية بالسموم والمواد القاتلة.. ولا أن نفرق بين الادوية المزيفة والحاجة للدواء الفعال لمكافحة الامراض.. ناهيك عمّا يجري حولنا من تحولات عاصفة.. تجعلنا نعيش أجواء دوامة الخوف والقلق.. من جراء تواصل العنف وخلق المزيد من الحروب واستمرار الصراعات العبثية.. التي تغذيها مصادر اقتصادية وعسكرية ومالية متعددة.. تعتمد فيما تعتمد.. على وسائل الاعلام والمفاهيم الثقافية.. الداعمة للعنف والمنتجة للحروب والنزاعات الدولية.. التي تتمحور للسيطرة على العالم.. من خلال اقطاب متنافسة.. على ما في الطبيعة من خيرات وطاقة وطرق المواصلات.. بغية التحكم بالبشر واستعبادهم.. كأننا في عصر البرابرة والتخلف.. بالرغم من كل هذا التقدم العلمي والتكنولوجي العاصف الذي يوفر إمكانية التحرر من الاستغلال.. ويوفر للإنسانية سبل العيش والتطور من جهة.. كما يوفر للفساد والجشعين الساعيين للاستحواذ على المزيد من الأموال في أروقة ودوائر رأس المال.. الذي تجاوز حدود الفئات المصنفة بـ المليونيرية الى تعداد المليارات في فترة قياسية من الزمن بحكم تراكم رأس المال السريع وبتنا ننتظر في اقل من عقد من الزمن ولادة اول (تريليونر) بين البشر من أصحاب المليارات..
لهذا رصدنا.. في هذا العدد.. الكتابات الداعية لتفحص مسيرة التقدم والتطور.. برؤية كتاب ومثقفين مدركين لخاصية هذه المرحلة.. وما تنتجه وتفرزه في جوانب مختلفة.. تتعدى الاقتصاد والتكنولوجيا.. وتمس حياة الجمهور العريض.. وما يواجهه من تحولات وتبدلات تتطلب الاستعداد للتعامل معها ومواجهة مخاطرها.. بحكم علاقة هذا التطور وحاجته للإنتاج المفاهيم المناسبة لهذه التحولات..
كما هو الحال فيما كتبه الدكتور سربست نبي عن العلاقة بين دوائر رأس المال والدين في مقاله البحثي بعنوان (السياسة وحرب الأفكار).. وما سطره الراحل سمير أمين تحت عنوان (الإسلام السياسي في خدمة الإمبريالية) وهكذا الحال مع بقية اختياراتنا في هذا العدد حيث سعينا لتقديم صورة تكاد تكون متكاملة لمن يرغب البحث والمعرفة وسط هذا التلاطم المعرفي..
وتواصلت جهودنا.. لتستكمل المحاولة.. برؤية متفحص عليم لخفايا الأحداث.. في اختيار الكتابات التي غطت مسار الاحداث بعمق من خلال.. البحث التحليلي النفسي للدكتور فارس كمال نظمي.. الذي حمل عنوان (الدوعشة) وشخص فيه الدوافع والأسباب المنتجة للعنف.. معتمداً على رؤية جدلية شاملة تستند لفك طلاسم الحدث.. وارتباطاته الاقتصادية والميثولوجية والسياسية.. في سياق احتدام وتشابك هذه العلاقة ودوافعها الإقليمية والدولية والمحلية..
ولم نكتفي بهذا.. ووجدنا من المناسب ان نرفق مع هذا الجهد.. رؤية عالم اقتصادي مهم هو (جيرمي ريفكن) من خلال محاضرته التي القاها عن الاقتصاد التشاركي في المانيا تحت عنوان (مجتمع التكاليف الحدية الصفرية) وهي رؤية لا يمكن تجاهلها في عصرنا تتجاوز وقائع المرحلة الراهنة لرسم تصورات مستقبلية سيشهدها العالم وفقاً لمتابعته ورؤيته للحدث المتحرك والمتسارع.. وهي رؤية اجتماعية ـ فكرية تطرح نفسها في سياق ما سمي بالاقتصاد التشاركي.. الذي أصبح جزء من الواقع الاجتماعي والثقافي.. ويفرض نفسه وينتج مفاهيمه الفكرية والثقافية ضمن هذه التحولات الكبرى.. وتتطلب منا المزيد من الرصد والمتابعة..
وما ذكرناه أعلاه ينطبق على بقية خياراتنا في هذا العدد.. ويصب في ذات الاتجاه ويدعم هدفنا في مركز الدراسات والبحوث ومجلة الشمس.. التي تسعى لتقديم ثقافة وفكر مناهض للعنف واستعباد البشر.. وهذا تجدونه فيما كتبه الراحل سيد القمني واخترناه للنشر تحت عنوان (أغلقوا مفارخ الإرهاب).. وأيضا فيما ورد في مقال الراحل نبيل فياض تحت عنوان (الحجاب في الإسلام: دين أم طبقية؟)..
هذا بالنسبة لمحور الفكر والسياسة والاقتصاد.. اما الادب والفن.. فقد تضمن كتابات قديمة ما زالت تنبض بالروح الإنسانية التي يجري استهدافها لليوم بشكل وحشي وشعرنا بأهمية إعادة نشرها ليتواصل الاطلاع عليها من الجيل الذي يحب المعرفة ويعشق الجمال ويقدر قيمة الفن والادب الراقي.. وهو نهج سنواصل اختيارنا لشذراته.. كما سنواصل البحث عن الجديد.. كما هو الحال مع ما ورد في مقال الفنان والخطاط (مصطفى محمود) واختياراته لنصوص واشعار المبدع العراقي الشاعر التركماني (رضا جولاق أوغلو) التي تلفت الاهتمام وتستحق النشر والتعميم.. لما تحمله من صور إبداعية.. تنتصر للقيم الانسانية وتجسد موقفه الرافض للعنف والحروب والإرهاب..
كما اخترنا قصصاً ونصوص للزميل رضا المادح تصب في ذات الاتجاه وتدين القمع ومصادرة حرية الانسان..
كذلك اخترنا ما كتبه الدكتور نبيه القاسم. من تغطية ونقد لرواية (واسيني الأعرج) عن المبدعة (مي زيادة) ومصيرها المفجع حيث انتهت في مهجع للمجانين.. كما اخترنا ان نشير.. في هذا العدد.. الى الفيلسوف والكاتب العراقي (خضير عباس ميري) الذي أودع هو الآخر في مستشفى المجانين (الشماعية) لا لسبب الا لإبداعهما.. وهي مجرد صورة من صور الاذلال الثقافي.. في مجتمع ما زال يسحق المزيد من المبدعين ويهينهم.. بحكم استمرار تحكم الجهلة في السلطة..
ــــــــــــــــ
هيئة التحرير
كانون الأول 2023