سعد برادة يجلس مع النقابات التعليمية على طاولة الحوار تفاديا لدخول مدرسي مضطرب
أحمد رباص
الحوار المتمدن
-
العدد: 8420 - 2025 / 7 / 31 - 20:48
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
في سياق يتسم بالتوترات الشديدة في قطاع التربية الوطنية، أرسل الوزير محمد سعد بردى استدعاءات إلى الأمناء العامين للنقابات الأكثر تمثيلية لاجتماع الهيئة العليا للحوار الاجتماعي القطاعي المقرر عقده يوم غد الجمعة 1 غشت 2025.
يأتي هذا اللقاء بعد عدة أسابيع من الانسداد، لم يتم خلالها تفعيل أي إطار للحوار، لا تقني ولا استراتيجي، مما أثار الإحباط والقلق لدى أعضاء هيئة التدريس.
وبحسب مصادر نقابية موثوقة، يهدف الاجتماع إلى تقييم التقدم المحرز في الحوار الاجتماعي القطاعي، وجمع الرؤى الوزارية والنقابية حول النزاعات المستمرة، وتسريع تنفيذ أحدث مقتضبات النظام الأساسي الموحد الجديد لموظفي القطاع.
وتخطط الوزارة أيضًا لمناقشة الاستعدادات للعام الدراسي 2025-2026، مع التركيز على الإجراءات الواجب اتخاذها لضمان حسن سيره على جميع المستويات: الموارد البشرية، الظروف المادية، جدول التدريب، وإدارة المخصصات.
ويأتي هذا الاستدعاء في مناخ من السخط الشديد داخل هيئة التدريس، والذي تفاقم بسبب تنظيم ما يسمى بتكوين “الريادة” لأساتذة التعليم الإعدادي، في يوليوز، بعد الموعد الرسمي لانتهاء العام الدراسي (5 يوليوز). قرار اعتبرته النقابات “استفزازيا”، ودعت بالإجماع إلى مقاطعة هذه الدورات التكوينية.
تدهور المناخ أكثر في أعقاب الانتحار المأساوي لمعلم في الدار البيضاء، تم إيقافه عن مهامه قبل وقت قصير من وقوع المأساة، مما تسبب في موجات من الصدمة في قطاع التعليم وأعاد إطلاق النقاش حول ظروف العمل والضغوط الإدارية وغياب الدعم النفسي.
وفي بيان صحفي مشترك، اتهمت النقابات الأكثر تمثيلا الوزارة بخيانة الاتفاقيات المبرمة سابقا، حتى أنها تحدثت عن “انقلاب على الالتزامات الناجمة عن سنوات من النضال”، ونددت بالإدارة الأحادية للملفات المعلقة.
ووفقا لهم، فإن الحوار الصادق، القائم على احترام الإنجازات والرغبة الحقيقية في الإصلاحات المشتركة، هو وحده القادر على تجنب العودة المتوترة إلى المدرسة، أو حتى الحركات الاحتجاجية الجديدة اعتبارا من سبتمبر.
في وقت سابق من هذا الشهر، اتخذت نقابات التعليم موقفا معارضا لوزارة التربية الوطنية. وفي رسالة لاذعة موجهة إلى الوزير محمد سعد برادة، أعربت تنسيقية نقابات القطاع عن غضبها من قرار اعتبرته غير مقبول، وهو جدولة الدورات التكوينية بعد توقيع محاضر الخروج.
يرى ممثلو أطر التعليم أن هذا الإجراء مُبالغ فيه، إذ يعتبرونه انتهاكا واضحا للأنظمة الإدارية، ويُنددون به باعتباره اعتداءً مباشرا على حقوق المعلمين، ويُخلّ بتوازنهم بين العمل والحياة. ويؤكدون رفضهم القاطع لربط توقيع محاضر الانقطاع بالمشاركة في هذه الدورات التدريبية.
وأصرّت النقابات على أن “هذا إكراه مُقنّع وارتجال إداري”، معتبرةً أن هذا النهج يُشكك في التقدم المُحرز من خلال الحوار القطاعي. والأخطر من ذلك، من وجهة نظرهم، هو عدم احترام الوزارة للالتزامات الواردة في الاتفاقيات الموقعة مع الحكومة، والتي يعتقدون أنها لا تزال حبرا على ورق.
أثار هذا الوضع مخاوف النقابات من تراجع العلاقات مع الشركاء الاجتماعيين. وتُحمّل الوزارة وحدها مسؤولية عواقب هذه القرارات الأحادية الجانب، وقد حددت موقفها: ستتكثف احتجاجاتها أمام المديريات الإقليمية، مع توقع أشكال “أكثر جذرية” من الاحتجاجات المركزية.
لا يقتصر الأمر على مجرد نزاع حول الجدول الزمني. فوفقا للتنسيق النقابي، تقوض إجراءات الوزارة الحالية بشكل خطير مناخ الثقة الذي بُني بجهد كبير، وتهدد بتدمير سنوات من الحوار القطاعي. في نهاية المطاف، وجد استقرار النظام التعليمي نفسه على المحك.
لذلك، طالبت النقابات بالتراجع الفوري عن هذا القرار، وبالتنفيذ الفعال لاتفاقيات 10 و26 دجنبر 2023، والنظام الأساسي لموظفي الوزارة المعنية، بالإضافة إلى الاستنتاجات التي تم التصديق عليها في الاجتماع التقني المنعقد في 9 يناير 2025.
ويتفق المراقبون على أن اجتماع الأول من غشت سيكون حاسما بالنسبة للمستقبل القريب للقطاع. وسيمكن من قياس رغبة الوزارة الحقيقية في إعادة الثقة مع شركائها الاجتماعيين، أو على العكس من ذلك، تأكيد المأزق الحالي.