توقف تطور البرجوازية عند بروز الماركسية


امال الحسين
الحوار المتمدن - العدد: 8392 - 2025 / 7 / 3 - 10:49
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

يتحول الانتقاد إلى انحراف الفكر المادي في اتجاه المثالية، عندما يصبح نقيضه الذاتي، ويموت الفكر وتصبح الذات بلا معنى في الوجود، هكذا يتم إعدام الفكر المادي باسم تطويره، فليس كل انتقاد ينفي ما قبله حيث هو ليس إلا نتيجة نفي النفي، تلك نتائج أعمال الأساتذة البرجوازيين بالجامعات الرجعية.

كيف يمكن تفكيك الرأسمالية في ظل سيطرة الإمبريالية..؟
من يفكك من..؟
اتحاد الاحتكاريين السياسيين والاقتصاديين أم تحالف العمال والفلاحين المضطهدين..؟
ماذا تعني اللاعرفانية برأسمالية الريع والإقطاع التكنولوجي الغربي..؟
ماذا تقصد بالمثقفين الثوريين..؟


اعتقد أن هناك لبس في المفاهيم يجب تصحيحه وتدقيق مفاهيم الماركسية اللينينية.

حيث الرجوازية وصلت حد إفلاسها في الحروب اللصوصة الأخيرة التي قد تتطور إلى حرب إمبريالية ثالثة، وحيث أفلست الرأسمالية تقوم البرجوازية بمحاولة كبح جماح أزماتها، في هذا الإطار تم إصدار كتاب "الصنم الذي هوى"، والمقصود بالصنم الشيوعية.
الكتاب يضم مجموعة من مقالات لمجموعة من الأساتذة البرجوازيين بالجامعات الرجعية يسمون أنفسهم مفكرين.
هذا الكتاب من أدوات البرجوازية بوجه خبيث، يتقمص منظور الماركسية من أجل مسخه، أصحابه لا عرفانيون مفلسون، يقدمون أنفسهم على أنهم تراجعوا عن تبني الشيوعية التي لا تملك مشروعا مجتمعيا، وهم يجهزون سهامهم ضد الماركسية اللينينية يسعون لترويض الطلبة بالجامعات العربية على العداء لكل ما هو ماركسي لينيني، خاصة ضد ستالين قائد الحرب الوطنية الثورية دفاعا عن الوطن الاشتراكي بروسيا السوفييتية ضد الحرب الإمبريالية بقيادة النازية والفاشية.
منذ ولادة الماركسية بعد قرار عدم السماح لماركس بالتدريس بالجامعات البرجوازية الألمانية، تم تنظيم حمل تشويه الماركسية في 1858، بدءا بوضع برامج جديدة تسعى إلى إضعاف تدريس الفلسفة، ودعم علم الاجتماع البرجوازي والسيكولوجيا، هكذا بدأ الهجوم الشرس على الماركسية بأدوات خبيثة منذ مهدها، خوفا من شبحها المخيف للبرجوازية حتى لا تسقط الرأسمالية في عصر المزاحمة.
وقد بلغت هذه الحرب الخبيثة مداها في عصر الإمبريالية، مع بروز أعمال لينين الفلسفية بالأممية الثانية، وانتقاده لكاوتسكي عن موقفه الشوفينية بعد دعمه للحرب الإمبريالية الأولى، وحارب لينين خبث الأساتذة الرجوازيين بالجامعات الرجعية بالغرب الأوروبي وأمريكا، بعد انتشار النيوكاطية ومست الحركة العمالية بما سماه إنجلس اللاعرفانية، وركزه لينين في كتابة "المادية والمذهب النقدي التجريبي"، وبلغت حرب البرجوازية على الماركسية اللينينة مداها بعد الحرب الإمبريالية الثانية، بعد تركيز أسس الاشتراكية بالاتحاد السوفييتي وشرق أوروبا وبناء حائط برلين بعد السلام المزيف للإمبريالية مع ستالين.
واستمر هذه الحرب الخبيثة بعد اغتيال ستالين، ونشر أكاذيب خروتشوف المجرم وعصابته ضده من داخل الاتحاد السوفييتي، لتستمرت الخيانة للاشتراكية النقيض الطبيعي للإمبريالية 37 سنة من التخريب، فيما سمي الحرب الباردة الوجه الخفي للحرب العشواء على ستالين محرر شعوب الاتحاد السوفييتي وأوروبا الشرقية من النازية والفاشية.
وكما قال ستالين "سيرمون قبرك بالنفايات لكن التاريخ كفيل بكنسها"، ذلك ما يقوم به الماركسيون اللينينيون المخلصون للخط الماركسي اللينيني ضد تلويثه بنفايات الإمبريالية، يقومون بذلك بلا هوادة ولا ملل ولا كلل.
في كتابي "في المعرفة والنقد العلمي المادي"، الذي نشر في عز حرب كوفيد 19 الإمبريالية على الشعوب في 2021، فصل خاصة بالنيوكانطية بألمانية وغرب أوروبا وأمريكا، لكن وسائل الإمبريالية المادية والثقافية تحارب كل ما تفوح منه رائحة المد الماركسي اللينيني، في هذا الإطار جاء الكتاب أعلاه الذي يؤرخ لخونة الشعوب والتحرر والديمقراطية النيوكانطيون الجدد في القرن 21، بعد مرور قرن على الحرب بلا هوادة التي قادها لينين ضد أساتذة العلوم الطبيعية بالجامعات الرجعية بأوروبا وأمريكا، وهم يسعون للتفلسفة لكن سرعان ما يغرقون في السفسطائية نتيجة إغراقهم في النيوكانطية.
هكذا تقوم البرجوازية بالاشتغال على تفاصيل أزمات الرأسمالية محاولة علاجها، وهي تنسى أو تجهل أن الرأسمالية وصلت حدها في عصر الإمبريالية، أي عصر الحروب التي لن تتوقف، لذلك قال لينين :"الإمبريالية عشية الاشتراكية"، فإما الاشتراكية وإما الحروب الإمبريالية وفروعها اللصوصية، فلا انتصار لمقاومة لم تضع في هدفها الاشتراكية.

وهل بقي شيء لم يتم تشويهه من طرف الرأسمالية..؟

كل شيء يتم تبضيعه اليوم، وليس الفن بمقدس منيع من التبضيع كما قال ماركس، والدول التبعية للرأسمالية ما هي إلا ساحات لتجارب البرجوازية لكل ما هو محرم، وما الحكومات الرجعية بهذه الدول إلا أدوات تنفيذية للبرامج الفاسدة التربوية، التعليمية، الثقافية والفنية، من أجل مسخ حياة الشعوب المضطهدة لتسهيل تحويلها إلى وقود الحروب اللصوصية.
الكثير ممن درسوا خطأ الرأسمالية أو درسوها من وجهة نظر البرجوازية يعتقدون أن الرأسمالية تتطور، وهم يتحدثون عن تطور وسائل الإنتاج التي يسمونها تكنولوجيا، ويعتقدون أنهم وقفوا على صلب التطور المنشود لديهم، وهم يجهلون الماركسية بأنها تجاوزت البرجوازية التي توقفت عن إنتاج الفكر الإيجابي، ولن تستطيع ذلك أمام بروز الماركسية.
وهؤلاء الأساتذة البرجوازيون بالجامعات الرجعية وأتباعهم من أشباه المركسيين يتحدثون عن تطور الرأسمالية، وهم جاهلين أن ماركس حدد كيف تتم الثورات الاجتماعية عبر الإنتاج دون وعي المنتجين، إنهم يعيدون إنتاج فكر النيوكانطية الذي التجأت إليه البرجوازية لما أفلست أمام الفكر الماركسي بعد البيان الشيوعي.
هؤلاء الأساتذة البرجوازيين خدمة الرأسمالية بالجامعات يتخذون من اللاعرفانية فكرا وسطا كما قال إنجلس عنهم، في محاولة منهم لتطوير الماركسية لكن تطويرها إلى الخلف، من الكانطية مرورا بالهيومية وصولا إلى البركلية من المثالية الذاتية غلى مثالية الفكر المطلق، كما قال عنهم لينين، حيث لا يستطيعون قراءة مفهوم الإمبريالية من وجهة النظر اللينينية، مما جعل تاريخ الرأسمالية يتوقف عند الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية كما سماها لينين.
بعد ماركس وإنجلس توقف الفكر البرجوازي وشرع في البحث عن مفر له من قساومة الماركسة، ليتخذ من تفاصيل إفلاسه مواضيع يسميها تطورا وهو يسبح في تفاصيل إفلاسه في دوامة لا متناهية، والرأسمالية توقفت عن التطور بعد أعمال لينين، في منظوره حول الرأسمال المالي الإمبريالي والدولة الاحتكارية، حيث أفلست الرأسمالية وللخروج من إفلاسها تنتج الحروب الإمبريالية وفروعها اللصوصية، حيث تتغذا من دماء الشعوب المضطهدة.
لذلك لم يفهم الإساتذة البرجوازيون الصراع بين القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج، الذي وضعه ماركس أساسا لتطور المجتمعات، وليس لتطور الرأسمالية، إنه خلط طبيعي لدى البرجوازية المتسمة بالمثالية الذاتية ولن تتخلص منه، حيث توقف تطورها عند بروز الماركسية.
الرأسمالية تعتمد الرأسمال في تطورها، وعرف مراحل ثلاث في تطوره وهي الرأسمال التجاري فالرأسمال الصناعي ثم الرأسمال المالي، وعصر الإمبريالية هو عصر الرأسمال المالي اقتصادا، وسياسيا عصر الدولة الاحتكارية، هكذا حدد لينين تطور الرأسمال المالي وقال أن البنوك كلها عبارة عن بورصات وتنقل الرساميل، ولا يخفى على أحد سيطرة الرأسمال المالي على السوق التجارية العالمية اليوم، لذلك قال عنها لينين:"الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية"، وتتميز بالاستعمار والحروب الإمبريالية واللصوصية، والحروب هي الصيغة العليا للسياسة.
يمكنكم أن تراجع كتاب لينين "الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية"، كي تتعمقوا في معرفة الرأسمال المالي الإمبريالي.

الرأسمالية لا تتطور منذ الحرب الإمبريالية الأولى، الذي يتطور هي وسائل الإنتاج بواسطة قوة العمل، أما الرأسمالية في صيغتها الإمبريالية فهي وصلت حدها، وأصبحت مفلسة تفك أزماتها بالحروب، لذلك قال لينين :"الإمبريالية عشية الاشتراكية"، فإما الاشتراكية أو الحروب الإمبريالية وفروعها اللصوصية، أما الفكر البرجوازي فقد توقف مع ميلاد الماركسية، فليجادل المتجادلون والحقيقة المطلقة موجدة فهي مجمل الحقائق النسبية كما قال لينين.

لا مقاومة للإمبريالية خارج هدف البناء الاشتراكي في الطريق إلى اضمحلال الدولة وقيام الشيوعية الشبح الذي يخيف البرجوازية.