ضد الجمود العقائدي والمثالية الذاتية في الحركة الماركسية اللينينية


امال الحسين
الحوار المتمدن - العدد: 8384 - 2025 / 6 / 25 - 10:23
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

في الديالكتيك الماركسي يتحول الاستراتيجي إلى تكتيك كما يتحول التكتيك إلى الاستراتيجي كما حدد لينين ذلك في كتابه حول الديالكتيك، حيث في الخاص عام كما في العام خاص وهكذا يسير الجدل العلمي المادي، من الأشياء البسيطة إلى المعقدة في الحياة الطبيعية والاجتماعية والمعرفية، لا يمكن فصل التكتيك عن الاستراتيجي بدعوى حالة معينة معزولة التي قد تتحول إلى ضدها، ولما يتعلق الأمر بالحرب كأعلى مستويات الممارسة السياسية للتكتيك قواعده المادية في الواقع الموضوعي المختلف جدا في حالة الحياة الطبيعية، في عدة كتاباته حول الحزب، الدولة، الثورة ومواجهة الإمبريالية.

ما هي طبيعة الحرب الحالية..؟

هي تدخل ضمن الحروب اللصوصية كما سماها لينين، وهي فروع الحرب الإمبريالية تلازمها إلى الأبد.

وما موقع الظلامية في الإمبريالية..؟

والظلامية طبعا تتخذ أشكال متعددة وخاصيتها زرع الضبابية في الرؤية الثورية، وهي ذرع من أذرع الإمبريالية، يعرقل تجرر الشعوب المضطهدة ولا يدخل في نطاق عوامل تحررها، ومن يتكلم باسم الماركسية اللينينية في غياب الأحزاب الماركسية اللينينية، كل ما يقول عن المقاومة والحرب عبارة عن كلام لم يحسم بعد نظرا لبعد الماركسيين اللينينين عن الممارسة العملية، وغياب جهاز نظري جماعي وتبقى الاجتهادات محدودة الفعل والحركة.

متى حمل الماركسيون اللينيون المغاربة السلاح تطوعا بالحروب الوطنية الثورية المفترضة..؟

لقد سبق للأحزاب القومية العربية ومن بينها المغربية أن قامت بذلك، مما أفضى إلى ما سمته منظمة إلى الأمام البلانكية، استنتاج توصلت إليه بعد انتقاد حركة 3 مارس للجناح العسكري للاتحاد الوطني للقوات الشعبية، هكذا أضدرت المنظة عدة كتابات حول الاستراتيجية والتكتيك أهمها "لنبني الحزب الثوري تحت نيران العدو"، في العلاقة بين استراتيجية البناء الثورية واستراتيجية بناء الحزب الثوري، مقتبسة ذلك من التجربة الصينية والفيتنامية فيما يسمى الحرب الشعبية.
وتبقى كتابات منظمة إلى الأمام قوية في تنظيرها للحزب، الثورة والدولة لكن بعيدة عن الممارسة العملية في الحروب الوطنية الثورية، الأسباب متعددة والنتيجة غياب الحزب الماركسي اللينيني في الممارسة العملية للماركسيين اللينينيين المغاربة، وبقي الجدال سيد الموقف في ظل تفرعات المجموعات التي كانت في البداية ثلاث منظمات، حتى أصحت المجموعات المتعددة شائعة في الحركة الماركسية اللينينية إلى حد التصادم والتنافر والتناقض.
في ظل هذا الوضع الشادة للحركة الماركسية اللينينية المغربية يغرد كل حسب هواه مع ندرة الثقافة الماركسية اللينينية بين النظرية والممارسة، التي تتطلب طبعا حزب ماركسي لينيني بجهاز نظري يتتبع كل ما يجري عالميا من حركات ثورية منظمة وفوضوية وغيرها من الاتجاهات في الحركة الشيوعية عالميا، خاصة بعد تنامي الحروب اللصوصية والصراعات بين الأحزاب القومية العربية والشيوعية في الستينات والسبعينات من القرن 20، حول السلطة وقيادة الدولة، وأساسها خاصة التجربتين الناصرية والبعثية والصراعات بينهما من جهة وبينهما وبين الظلامية من جهة أخرى، وما نتج عن ذلك من تناحرات وتصفيات جسدية بين القوميين والشيوعيين من جهة، وبين القوميين والظلامية من جهة بعد صعود الأحزاب القومبة إلى السلطة.
وكانت لمنظمة إلى الأمام كتابات نقدية للأحزاب القومية التي تعتبرها برجوازية صغيرة، وفي ظل تراج كل ما هو قومي وشيوعي وتقدمي وحتى ديمقراطي الذي لم يعد له موقع في الصراعات الطبقية، بعد تفكيك الاتحاد السوفييتي والحروب اللصوصية والأهلية خاصة بالعراق، لبنان وسوريا، وبروز الظلامية كذرع الإمبريالية تستعمل ضد كل ما هو شيوعي، بأحزابها وعصاباتها التي ترأسها الدولة الظلامية بإيران في صراعها مع الرجعية العربية خلال الحرب مع العراق.
نحن هنا لا نريد سرد التاريخ لقد قمنا بذلك في حينه في عدة كتابات وانتقدناه، كما لا نسعى لبيان صفاء النظرة والنظرية حيث لا وجوج للمطلق في الفكر الماركسي، في ظل هجوم الإمبريالية وضعف الحركة الماركسية اللينينية وتجاربها الفاشلة في عدة بلدان، الفيتنام، الصين، النيبال، الهند، كوريا الشمالية دولة جنوب أمريكا وغيرها، توقفت الحركة الماركسية اللينيينة بهذه البلدان في مرحلة الحركة الوطنية الثورية، ولم تستطع تجاوزها إلى القيادة البروليتارية للثورة الاشتراكية.
وهكذا بقيت الحركة الماركسية تعيش على هامش الصراعات الطبقية بالبلدان المضطهدة ومن بينها المغرب، ولازمتها الصراعات المذهبية من الحركة الطلابية إلى الحركة العمالية التي لم ترق إلى أحزاب ماركسية لينينية، وتبقى ممارسة البوليميك والسياسوية مرض طفولي بالحركة الشيوعية المغربية كما قال لينين ذلك يوما.
وفي ظل هذا الوضع الكل يتخبط خارج اللنظرية الماركسة اللينينية ينتقي ما يحلو من المقلة المجردة، تستعملها بشكل فج في الصراع مع الآخر في نفس الحركة، معتبرانفسه فوق النظرية والتنظيم الثوريين جاهل أنه لا يمكن استثناء أحد من موقفه الصريح، ضد الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية، وتضامنه المبدئي مع المقاومة الفلسطينية الشعبية، وحقه في انتقاد الظلامية من منطلق النقد والنقد الذاتي.
لكن المعضلة في الحركة الماركسية اللينينية أن يتحول البعض إلى حكم أو حاكم يعطي الحق لنفسه بانتقاء ما يشاء من الآراء، ويصادر آراء الآخرين، ويصدر أحكاما جاهزة تعسفا، ويسمى ذلك عقلنة وتكتيك لينيني زورا.
لينين ليس فيلسوفا فقط يكتب المقالات الماركسية، إنما هو قبل كل شيء استراتيجي على طول الخط الثوري، وقائد دولة اشتراكية وقاد حرب وطنية ثورية دفاعا عن الوطن الاشتراكي ضد الحرب الإمبريالية.

عن أي تكتيك لينيني تتحدثون..؟
وفي أي موقع ثوري تقوده البروليتاريا مقابل أي استراتيجية ثورية..؟

يمكن أن نتكلم كثيرا، لكن غياب الممارسة العملية يدحض كل ما يقال عن التكتيك والاستراتيجية، وحتى في مستوى الممارسة الديمقراطية البرجوازية على علاتها، لم يستطع الماركسي اليوم تجسيدها في ما سماه لينين العمل في النقابات الرجعية.
لينين ليس فقط منظرا للثورة البروليتارية حتى يتم اقتباس تكتيك مزعوم معزول عن السياق التاريخي والنضالي الذي جاء فيه، القضية الفلسطينية ليست مجالا للتعبيرات الكلامية وتصفية الحسابات غير المحسوبة وتوزيع الاتهامات غير المبنية على أساس مادي تاريخي.
الاستراتيجية الحربية التي تحدث عنها لينين هي قيادة الحرب من طرف البروليتاريا، والتكتيك الذي أكد عليه هو تحالف العمال والفلاحين من التحالف الحربي إلى التحالف الاقتصادي، من الممارسة الديمقراطية إلى القيادة البروليتارية للدولة، ولم يقم بذلك إلا لما استطاع تنظيم ملايين البروليتاريين استولوا على سلطة الدولة السوفييتية، وقاد ستالين مسار البناء الاشتراكي للدولة التجربة التاريخية التي لم تتكرر حتى يومنا هذا.
وما دون البعض في الحركة الماركسية اللينينية المغرب ليس إلا انتقاء ما يشاء من المقولات يرددها موردون عن وعي أو غير وعي، قد تقود هذه الممارسة غير العلمية المادية إلى نشر الانتهازية والتحريفية، العدوان داخل الحركة الماركسية اللينينة، وبدل فتح الصراع الأيديولوجي والسياسي كمهمة مركزية في مواجهتهما، إلى جانب انتقاد بلا هوادة للظلامية والفكر البتي برجوازي المجرور وراء انتصاراتها الوهمية على الشيوعية، باعتبارها أذرع الإمبريالية في أوساط الحركة العمالية خاصة.