CNSS وCNOPS: زواج قسري..!!
حسن أحراث
الحوار المتمدن
-
العدد: 8106 - 2024 / 9 / 20 - 22:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عموما، عندما يقْدم النظام القائم عبر مختلف هياكله وأجهزته على خطوة أو مبادرة ما لا نشك في أنها تخدم مصالحه ومصالح قاعدته الطبقية (البورجوازية الكبيرة) وعملائه. وأكثر من ذلك، فإنها بالضرورة تُضرّ بمصالح أعدائه الطبقيين، وخاصة الطبقة العاملة. علما أنه في حالة الجزْر السياسي والاقتصادي والاجتماعي، تعاني البورجوازية الصغيرة وأيضا البورجوازية المتوسطة، وبالخصوص فئتها الدنيا من الآثار المُدمِّرة لخطواته ومبادراته. إنها قاعدة علمية من قواعد الصراع الطبقي.
مناسبة الحديث الأولى هي "اجتهاد" الحكومة وبلورة "مشروع قانون رقم 54.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 65.00 المتعلق بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض وبسن أحكام خاصة"، دون "تشاور أو استشارة" ما يسمّى بالفرقاء الاجتماعيين، وأساسا المركزيات النقابية المُسماة "ذات التمثيلية" وتعاضديات الموظفين العموميين. وتفسير ذلك بالواضح هو استهانة النظام بشركائه وتمريغ أنفهم في التراب، بل في الوحل (الغيس)، وذلك من منطلق معرفته "بخروب بلاده"، أي معرفته بحقيقة "مأجوريه/حواريه" الانتهازية، وأقصد القيادات النقابية البيروقراطية. وما يؤكد هذه الحقيقة المُرّة هو الإذعان المستمر لهذه القيادات وتواطئها ومباركتها بشتى آليات التراوغ والاحتيال لكافة المخططات الطبقية للنظام المُمْلاة من طرف الامبريالية ومؤسساتها، وخاصة البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، ومن بينها مخطط التقاعد الآتي في صمت القبور..
أما المناسبة الثانية ذات الراهنية، فهي إرجاء/تأجيل المجلس الحكومي الذي انعقد البارحة، 19 شتنبر 2024، التصويت على المشروع الذي كان مُدْرجا بجدول أعمال المجلس. ولا يمكن فهم هذا الإرجاء/التأجيل إلا كإشارة/رسالة تحذيرية للقيادات النقابية البيروقراطية من أجل الامتثال دون ضجيج للتعليمات والأوامر. ويهم الأمر هنا بالدرجة الأولى قيادة الاتحاد المغربي للشغل، باعتبارها معنية قبل الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب؛ وهو ما يلاحظ من خلال خرجات الاتحاد التي يفوق عددها ردود فعل المركزيتين الأخريتين. وعمق الشيء ليس في كون الاتحاد معنيا نضاليا، بل في الاستفادة من ريع موقع رئاسة "المجلس الإداري للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي" (CNOPS)، ورئاسة التعاضدية العامة للتربية الوطنية في ظل الفساد المستشري داخل التعاضدية. و"برودة" التعاطي مع مناورة الزواج القسري ل CNSS و CNOPS، من طرف باقي المركزيات النقابية، وخاصة الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، تعود الى كون هذه الأخيرة غير معنية/مستفيدة. وأي معركة قوية لإجهاض "زواج" غير مرغوب في "متعته" من طرف المؤَمّنين (3 ملايين و100 ألف، نشيطين وذوي الحقوق ومتقاعدين) من جهة ومن طرف موظفي CNOPS من جهة أخرى لا يمكن أن تخدم إلا مصالح بيروقراطية الاتحاد المغربي للشغل. وتلميحات الرفض من طرف الكنفدرالية ليست سوى تعابير حفظ ماء الوجه أمام المؤمّنين والموظفين..
ومن بين مخاطر الزواج/الإدماج المرفوض هو الإجهاز على حقوق ومكتسبات الموظفين والمؤمّنين، دون أن يعني ذلك أن الوضعية السابقة كانت مقبولة. فبدل انتزاع حقوق ومكتسبات جديدة، ومن بينها الديمقراطية والشفافية واقتلاع الفساد المستشري بالتعاضديات والصناديق، يتم الالتفاف على نقط الضوء الراهنة التي انتزعت بالتضحيات الجِسام..
إنها معركة أخرى أمام كل المناضلين النقابيين وغير النقابيين؛ وإنها دعوة لكشف بالدقة اللازمة كل المخاطر التي ستترتب على مناورة الزواج/الدمج "الصامتة"، فضحا للجريمة التي تُطبخ على نار هادئة..
وإذا كان الأمر يعني النقابات، فإنه يعني أكثر الأحزاب السياسية. فهذه الأخيرة تُوجِّه النقابات، وصمتُها يزكّي مخططات النظام الطبقية المدمرة. ولا يكفي التنديد عبر البيانات والشعارات وتهريب الاحتجاجات والنضالات، لقد وصل السيل الزُّبى. والوضع الاقتصادي والاجتماعي المتفاقم يستدعي مبادرات نضالية فعلية ومستمرة، وبدون شك أكثر قوة من مبادرات التضامن مع فلسطين ومناهضة التطبيع. فلا مصداقية لهذه المبادرات الأخيرة التي تختبئ وراءها القوى السياسية المتخاذلة وأيضا القوى الرجعية الظلامية دون مبادرات مناهِضة حقّاً للنظام القائم خدمةً لقضية شعبنا..
الكرة اليوم في معترك المناضلين وكل المرتبطين قلبا وقالبا بالجماهير الشعبية المضطهدة وفي مقدمتها الطبقة العاملة...