خيار الإسلاميين بين السلطة والأخلاق


صادق إطيمش
الحوار المتمدن - العدد: 7962 - 2024 / 4 / 29 - 20:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

في مقابلة حوار جرت بين السيد خالد الأسدي احد قادة حزب الدعوة الإسلامية العراقي والسيد رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، تطرق الحديث بين المتحاورين في برنامج " لعبة الكراسي " وبتاريخ 26.04.2024 الى مفهوم الاخلاق ، حيث ذكر السيد الأسدي ان " الشق الأكبر من مسؤولية الأحزاب الإسلامية هو الجانب الاخلاقي ، ما تختلف فيه عن الأحزاب الاخرى هو تركيزهاعلى الجانب الاخلاقي، اي ان تحركات المجتمع يجب ان تكون في البعد الاخلاقي وليس الأناني التكبري ". ومن خلال استطراد السيد الأسدي في الحديث يبدو انه تنبه الى ان الأحزاب الإسلامية الحاكمة في العراق عديمة الاخلاق ، إذ انه استطرد واصفاً ساسة المحاصصة المقيتة التي تنتهجها الأحزاب الإسلامية والذي سماها " الركود الى الشراكة مع القوى الاخرى ، حيث قال " الركود الى فكرة ان تصل بالشراكة بحيث تتنازل ( ويقصد الأحزاب الإسلامية الحاكمة في العراق ) حتى عن القيم الأخلاقية او على الأقل تؤجل طرح القيم الاخلاقية وهذا كبر خظأ ارتكبه الإسلاميون ".
لقد كان السيد الأسدي موضوعياً حينما قال ان الإسلاميين في العراق اهملوا القيم الأخلاقية مقابل السلطة والحكم، إلا انه ، ومن مركزه القيادي في اكبر الاحزاب الإسلامية الحاكمة في العراق ، حزب الدعوة الإسلامية ، لم ينطق بكلمة واحدة اخرى عن وجود سعي جدي لدى هذه الأحزاب لتصحيح هذا الخطأ الذي انتج " الإنحراف داخل المجتمع نتيجة لغياب السلوك الأخلاقي في الممارسة السياسية " كما اضاف هو ايضاً الى حديثه عن اخلاق صحبه الإسلاميين.
حينما يتطرق السيد الأسدي الى اطروحة " الإنحراف داخل المجتمع " ويعزيها الى التصرفات اللاأخلاقية لرفاق دربه ، فهل يعني سيادته كيف اصبحت
بغداد الشعراء ، بغداد دجلة الخير ، بغداد العلم ، بغداد الإمتداد لسومر وبابل واكد ، بغداد بكل ما فيها من جمال وابداع وحب ، هل يعني انها تحولت بكل جمالها ورونقها الى مدينة ينتشر فيها تجار المخدرات الإسلاميين وسماسرة الدعارة الإسلاميين واصحاب صالات القمار الإسلاميين ، يحرسهم ويحميهم اسلاميون يقودون السلطة السياسية في العراق يذود عنهم اسلاميون مدججون بالسلاح مُهيئين لإختطاف كل من يعترض طريقهم ومُدَربين على استعمال الكواتم لقتل من يحاول التصدي لتصرفاتهم الهمجية ويوقف انحدارهم الأاخلاقي وسقوطهم الإجتماعي من خلال التصدي لجرائمهم التي لم يعهدها اي جيل من اجيال العراق السابقة ، ولم تعشعش مثل هذه الجراثيم الإجتماعية إلا في الدولة التي يقودها الإسلاميون سنة وشيعة معممين وافندية جهلة ومتعلمين من اصحاب الجباه المكوية والمحابس الفضية ، المبسملين المحوقلين في خطاباتهم التي لا ينشرون فيها إلا الكذب على الناس وخداع الجماهير التي اخذت تكتشفهم وتكتشف الاعيبهم وحيلهم الشرعية في سرقة المال العام وافقار الناس حتى وصل بوطننا العراق الامر ، وبعد اكثر من عشرين عاماً من تسلط الإسلام السياسي ولصوصه على مقدراته ، ان اصبحت الدولة العراقية التي يقودونها عاجزة عن تقديم ابسط مقومات الحياة التي تعرفها المجتمعات التي لم تملك مقدار ذرة من سمو العراق وتاريخه وحضاراته. وما سبب ذلك إلا السقوط الأخلاقي للأحزاب الإسلامية التي اختارت الحكم مقابل بيع الشرف والأخلاق الذي تبلور عبر سرقة المليارات من الأموال ومن قوت الشعب العراقي وعلى حساب الأيتام وقوت الأرامل والثكالى من اهل هذا الوطن الشرفاء الذين يدنس الإٌسلام السياسي ومريدوه شرف وطنهم كل يوم.
او ان السيد الأسدي يقصد " بالإنحراف داخل المجتمع " ان تصبح فنادق برج بغداد وفندق سبأ وفندق بغداد الدولي وفندق عشتار وغيرها من قاعات الروليت وصالات القمار محلات لجعل الزوجات رهينة ؟ نعم الزوجة كرهينة لمواصلة القمار ، هل سمعتم بهذه التجارة في اية بقعة من العالم من قبل ؟ انها التجارة التي ابتكرها سماسرة الإسلام السياسي الحاكمون ومن يتبعهم في ادارة شؤون الدولة العراقية التي يطلقون عليها اسماء ابتكروها لطائفيتهم المقيتة ومحاصصاتهم المنحطة وسياساتهم الإجرامية . لكي تستمر صالات القمار حتى بدون تداول العملة اصبح رهينة الزوجات عملة جديدة ابتكرها الإسلاميون لديمومة اللعب بعد ان يخسر المرء كل ما لديه من الأموال . زوجات رهينة ، كما ترهن اية بضاعة لأخذ قرض مالي كضمان لسداد الدين ، رهينة باثمان غير معروفة ولأوقات مجهولة وبتصرفات غير مقيدة مع الزوجة الرهينة . هذا هو دينهم الذي ينادون به والذي اطلق عليهم شيطانهم الأكبر ورئيس حزبك يا سيد خالد الأسدي " المشروع الإسلامي " الذي يريد المتظاهرون تخريبه حسب زعمه. او مناداتهم بشعار " الإسلام هو الحل " وهذا هو الحل ياتتيكم ايها العراقيون على طاولات القمار وعلى افرشة الدعارة وعلى منصات الروليت وعلى مسابح المساجات.
ماذا بقي لكم من الأخلاق والشرف يا لصوص الإسلام السياسي ، ولا نقول المواطنة لأنكم فقدتموها منذ ان جاء بكم الإحتلال لتكملوا ما تبقى من جرائم البعثفاشية المقيتة وتزيدوا عليها الكثير. ماذا بقي للوطن واهله وانتم تتاجرون بالزوجات وتنشرون المخدرات وتديرون بيوت الدعارة وتجمعون الأموال الطائلة من صالات القمار لتهريبها الى خارج الوطن من خلال عمليات غسل الأموال التي اصبحتم اكثر فقهاً فيها مما تفقهونه من دينكم .
وهنا لابد لنا من طرح السؤال المنطقي الذي يستفسر عن مغزى السكوت عن هؤلاء والكل يعلم بما يقومون به من جرائم وموبقات وسقوط اخلاقي وانتهاك لحرمات وتراث مجتمع بكامله ؟
ويتضمن هذا السؤال على شقين . يتعلق الشق الاول منه بالمؤسسات الدينية بمختلف مذاهبها وبالقائمين عليها من مراجع وقادة وأأمة يضعون انفسهم في موضع حماية الأمة من خلال حماية اخلاقها وانطلاقاً مما يرددونه من مقولات : انما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همُ ذهبت اخلاقهم ذهبوا ، او: جئت لأتمم مكارم الأخلاق ، وها هم مَن يتمشدقون بهذه المقولات وهم يدمرون الأخلاق وينتهكون الأعراض ويدنسون الشرف زيتاجرون بالبشر من خلال الدعارة والمساجة وصالات القمار وينشرون المخدرات ويمارسون كل الموبقات التي يقولون ان الدين ينهى عنها . فمن يراقب هؤلاء ان لم تكن المرجعيات الدينية التي تتحمل وزرهم ويجب ان توقفهم عند حدهم حتى لا يقال بان السكوت من الرضى.
اما الشق الثاني من هذا السؤال فنوجهه الى الشعب العراقي الذي تُنتهك حرماته ويُلوث شرف مجتمعه إضافة الى كل ما يعانيه من جوع وفقر وحرمان ومذلة يومية ، الى هذا الشعب نقول : الى متى ...الى متى يظل السقوط الاخلاقي يرافق المجتمع العراقي ويدنس شرفه دون ان تتحرك فيكم مشاعر الدفاع عن هذا الشرف الذي قال عنه اجدادنا : لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ..... حتى يُراق على جوانبه الدم ؟
كلمة اخيرة اقولها للسيد خالد الاسدي مهنأً له على شجاعته واعترافه بالسقوط الاخلاقي لحزبه وكل الاحزاب الإسلامية الحاكمة اليوم بالعراق، وقد يكون من المفيد له ولسمعته، إن اراد الحفاظ عليها ، ان يعلن تخليه شخصياً عن هذا النهج اللأخلاقي لحزبه وبذلك ينظف نفسه من كل الملوثات التي لم تستثن احداً من الأحزاب الإسلامية ومنتسبيها.
الدكتور صادق إطيمش