يحتضن المغرب قمة صندوق النقد العالمي والبنك العالمي، مفتخر بذلك

كل من يهتم أو يتابع عمل هاتان المؤسستان، وغيرهم من المنظمات والهيئات الدولية التي تتحكم في إدارتها وتسييرها الدول الصناعية الكبرى، الرأسمالية والامبريالية، يعلم جيداً أن مشاريعهم وبرامجهم شكلت جزء كبير من التخلف والتأخر لبلدان كثيرة، وفي انتشار البطالة في صفوف الشباب ذكورا وإناثا، وفي الفقر المدقع لملايير البشر في العالم.

فالمغرب في عهد الملك الراحل الحسن الثاني نفذ تعليمات هاتان المؤسستان على الشعب المغربي بالحديد والنار، واتفق اغلب المعارضين - ات لنظامه بأنها كانت من اشد الفترات قهرا واستبدادا بالمغرب الحديث.

وكانت نتيجتها على المستوى السياسي؛ الاغتيالات والتصفيات السياسية للمعارضين، والزعماء الوطنيين، والسجون السرية، واجتثاث التنظيمات اليسارية والديمقراطية، والحركات الثورية، وقمع ومنع المنظمات العمالية والطلابية.

وعلى المستوى الاقتصادي، سيطرة النظام الملكي وحاشيته على الثروات المغربية، مناجم أصناف المعادن، والفسفاط ، والأراضي الفلاحية ومنابع المياه، والصيد البحري، والمصارف والتجارة الخارجية والداخلية، والصناعة الحديثة والتقليدية، وفي الحقيقة كل البلد.

وعلى المستوى الاجتماعي، تشكلت بالمدن الكبرى أحياء القذارة، وهي مدن الهجرة الداخلية للريفيين والهاربين من قسوة البوادي المحرومة من ضروريات الحياة، شيدت على هامش المدن الحديثة حيث التمركز الاقتصادي والإنتاجي، الصناعي والفلاحي، والزراعي والخدماتي، واشتهر المغرب بممتهني تجارة الجنس، والهجرات المتتالية نحو أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، والمحيط الأطلسي نحو جزر الكناري، وكل سنة يغرق بعضهم، وتتوالى فواجع الفقراء، ويعرف ظاهرة التسول، ومد اليد، في كل مكان تجمعي؛ ملتقى الطرق، والمحطات الكبرى لأصناف وسائل النقل، والشوارع الرئيسية، متسولين من كل الفئات وبمختلف الأساليب .

فسياسة العهد الذي أعده الإخوة المغاربة فظيعا، وقامت البرجوازية باتفاق مع النظام الملكي الحاكم الفعلي للمغرب، على تدبير مرحلة ما بعده، والسماح لهم بهامش النشاط السياسي والمشاركة بالسلطة؛ لقد ازدادت تلك السياسات وتوسعت أكثر أثناء الاتفاق وبعده، الذي تزعمه حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي ترجع أصوله للحركة الوطنية التي تزعمت الكفاح التحرري ضد الاستعمار، وجذورها كانت برجوازية، تقليدية محافظة، وعصرية.

ففي عهد الملك الراحل الحسن الثاني من 1961 حتى 1999 الذي أصبح منبوذ لدى قسم واسع من المغاربة، سرقت أموال كثيرة ونهبت مؤسسات عمومية، ومع ذلك استمرت السياسات نفسها بعد الاتفاق على ذلك.

الطبقة الحاكمة بالمغرب باعت جزء كبير من البلد للرأسماليين والامبرياليين، ومستعدة على قدم وساق لبيع ما تبقى، ورهنت البلد للمؤسسات المالية الدولية، وستدفع الثمن الأجيال القادمة جيل تلو جيل.

في هذا العهد الذي يحكم فيه الملك محمد السادس منذ 1999، سائر على الطريق نفسه الذي اتفق عليه حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ووالده الحسن الثاني في 1996، وبذلك تم قمع كل الهيئات والمنظمات المعارضة لسياسة النظام الملكي وحكوماته التي تنفذ سياساته، واعتقال الصحفيين وسجنهم، وقمع وحصار المناضلين الصحراويين ذكورا وإناثا، بالمناطق المتنازع عليها بالصحراء الغربية، ويقاسي الكثير سجناء صحراويين بسبب أحداث مخيم كديم ازيك الذي تشكل قرب مدينة العيون في أوائل تشرين الأول 2010، والذين حكموا بأحكام قاسية جدا جداً.

ماذا تركت الطبقة الرأسمالية الحاكمة للمغاربة من ثروات بلدهم؟ وكيف يعيش أغلبيتهم وأغلبيتهن؟
وبعد البحث عن الأجوبة، وإيجادها، يجب على المغاربة أو القسم الواعي منهم ومنهن ، ألا يفتخروا باحتضان قمة صندوق النقد العالمي والبنك الدولي في منتصف تشرين الأول 2023 بمدينة مراكش، بالمنطقة المنكوبة، بسبب الزلزال، ولازال السكان يعيشون بالخيام وسط قمم الجبال في ظروف طبيعية شديدة القسوة، والبحث عن الجثث تحت الأنقاض.

إن الدولة التي تفتخر باحتضانها قمة اللصوص بمنطقة منكوبة، تعد عدوة حقيقية للأغلبية الشعبية التي تبحث عن الرغيف بالكاد.