مراكش

كل من أسعفه الحظ يوما ما، وزار مدينة مراكش،وساعدته الحياة في كسب قوة الملاحظة والتفكير النقدي العلمي العميق، سيلاحظ ملامح الهجرة من الأرياف صوبها،ويتساءل لماذا كل هذا النزوح الجماعي إلى هنا؟ وسيتأكد بمساعدة ما كسبه من معرفة بان الأرياف والبوادي ظلت معزولة بجبال الأطلس الكبير منذ عقود، وبذلك تعسرت الحياة هناك.
قامت الدولة المغربية بجهد كبير لجعل المدينة مكان لاستقبال واحتضان الاجتماعات والمنتديات واللقاءات والقمم الدولية، ووفرت جل الشروط الخاصة لإنجاحها، بما فيها أماكن الترفيه.
سيلاحظ زائر مراكش أنها لم تهتم بمن دفعتهم ودفعتهن الظروف الوعرة لهجرة الجبال والسفوح للبحث عن الرغيف بالمدينة، فوجدوا أنفسهم بهامش هامش الهامش، من حيث البحث عن ذاك الرغيف، ووسائل الحصول عليه، وإيجاد مأوى للوقاية من قسوة البرد بفصل الشتاء وشدة القيظ بفصل الصيف.
فالدولة المغربية مشغولة جدا بخدمة مصالح الرأسماليين والامبرياليين، لان الأقلية الحاكمة مرتبطة بهم وتشكل قسم منهم، والدولة جهاز تأسس لهذا الغرض، بينما الأغلبية الساحقة تركض بكل وجهة بحثا عن الخبز وهذا الأمر سيلاحظه زائر المدينة، وسيساعده على ذلك أين ما التفت وأين ما مر سيرى الصور الكبيرة والواضحة الدالة على الظلم الاجتماعي هنا بمراكش.
من بين تلك الصور ، الفنادق المصنفة منها فندق المأمونية الذي يعد من الفنادق القديمة المشهورة في العالم، الذي كان في ملك الدولة لكنها باعته من اجل توفير تكاليف ميزانيتها السنوية، ومادامت غارقة في الديون الخارجية والداخلية ستبيع كل شيء عمومي يستفيد منه ومن عائداته الكادحين – ات.
ومن الصور : الساحات العمومية، منها ساحة جامع الفنا التي تعد من أشهر الساحات العالمية حيث يتفرج الأغنياء من بعيد جدا على الفقراء ووسائل حصولهم وحصولهن على الرغيف ، وكيف تدفع الحاجة المعدمين إلى فعل أي شيء من اجله منها : ترويض الأفاعي ومراقصة القردة والنقش بنبات الحناء وبيع ماء القرب الملطخ عنقها بالقطران، والتسول باستعمال كل الحيل والطرق.

مراكش جهة الموت الجماعي

فكل مرة تنشر الصحف والمواقع حوادث مفجعة ومأساوية تقع بالمناطق المحيطة بمراكش، وجهتها بصفة عامة، وطيلة انشغالات الدولة بجعل المدينة فضاء للقمم الدولية كانت الأحداث تتولى منها : الموت الجماعي لعدد من النساء بالصويرة ازدحاما من اجل قليل من الطحين المخصص لتحضير الرغيف. والموت الجماعي لعدد من الناس على اثر انجراف تربة بإحدى الممرات بالحوز ، والموت الجماعي بعد سقوط سيارة كبيرة معدة للنقل السري القسري بدمنات، لان ظروف العزلة هي التي دفعت لمثل هذا الصنف من وسائل النقل في العالم

المغرب يوفر كل الجهد لاستقبال مجوعي الشعوب

الدولة على قدم وساق لترتيب احتضان الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في منتصف شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وحسب توقعات الدولة المغربية فانه من المرتقب مشاركة 14000 مشارك ومشاركة من المسئولين بالاقتصاد والمالية والمصارف المركزية للدول، نحو 189 دولة.
أنجزت الدولة بنيات تحتية مهمة لفائدة أثرياء العالم للاستفادة من مناخ الأطلس الكبير، وتركت ضحايا الهجرة القروية يعيشون مكدسين بالبيوت المهددة بالانهيار بالإحياء العتيقة.
هل سيلاحظ 14000 مشاركا –ة هذا المستوى من الظلم الاجتماعي بالمغرب؟
هل سيحتج سكان مدينة مراكش على المؤسسات المالية الدولية التي جوعت وعطشت أغلبية سكان العالم؟
هل سيتظاهر الناس ضد الرأسماليين والامبرياليين أعداء الطبقة العاملة وكل الكادحين والكادحات؟


‏