حرق القرآن في السويد ومنع الماركسيين من دخول أمريكا .


فريد العليبي
الحوار المتمدن - العدد: 7660 - 2023 / 7 / 2 - 15:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

لماذا يحرقون الكتب في القرن الواحد والعشرين ؟ أي فرق بين أصولية اسلامية تحرق ألف ليلة وليلة وأغاني الاصفهاني وأصولية مسيحية أو ليبرالية تحرق القرآن ، هل ذلك حقا من حرية الرأي كما يراه الأمين العام للناتو بنس ستولتنبرج الذي اعتبر حرق القرآن عملا قانونيا يتناسب و حرية التعبير. ؟ لماذا يحصل ذلك في السويد وعلى يد لاجئ عراقي ؟ لماذا يجرمون في ذلك البلد معاداة السامية بينما يبررون حرق كتاب كان بإمكانهم تحليله ونقده الخ... لا حرقه ؟ هل لذلك علاقة بإشعال نار الفتن الدينية لوأد الصراعات الحقيقية وهى صراعات ضد الاستعمار والفقر والجهل والمرض واستبدالها بتقاتل الهويات ؟
سلوان موميكا هو اسم من قام بعملية الحرق ، ليبرالي من أقصى اليمين ، ينسب نفسه الى السريان العراقيين وكان قد شكل حزب الاتحاد الوطني السرياني ثم فصيلا مسلحا مما ادى الى اعتقاله قبل الافراج عنه جراء ضغوط حقوقية دولية ومن ثمة هجرته الى السويد ، مكان الحرق قبالة مسجد استكهولم والزمان عيد الاضحى ، مزق سلوان صفحات من القرآن ، ومسح بها حذائه ، ثم وضع لحم الخنزير المقدد في الكتاب وأشعل النار وسط صراخ بعض من كان في المسجد : انك لا تحرق غير كومة أوراق أما القرآن فهو في القلوب . بما يعني أن الغاية كانت الاستفزاز واثارة ردود فعل غاضبة لحفر خنادق تفصل بين الأمم والثقافات والهويات . ألم يقل الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش عشية غزو جيوشه العراق انها حملة صليبية أخرى .
واذا كان الخبر السويدي متعلقا بكتاب ديني فإن خبرا آخر جاء من أمريكا ولكنه متعلق بما هو فلسفي هذه المرة ففي ذاك البلد تعهد الرئيس السابق ترامب بمنع الماركسيين من دخول الولايات المتحدة في حال فوزه بعهدة جديدة سنة 2024 قائلا: "بالاستناد إلى القانون الاتحادي سأوجه حكومتي بمنع دخول جميع الشيوعيين وجميع الماركسيين". والسبب بحسبه أنهم يكرهون المسيحية والمسيحيين ، والجدير ذكره أن قوانين الهجرة الحالية في أمريكا تحرم الماركسيين من حق الحصول على الجنسية الأمريكية أو تصاريح الإقامة.
ترامب ضد دخول الماركسيين الولايات المتحدة لأنهم يكرهون المسيحيين ، هذا هو السبب الظاهري كما قلنا ولكنه ليس السبب الحقيقي فالأمر يتعلق بدغدغة مشاعر الحمقى حتى يصوتوا له ، لذلك يضع الماركسية مقابل المسيحية أي فلسفة مقابل دين ، وهو يعرف أن أمواله وأموال الطبقة التي ينتمي اليها لها حارس وحيد وأوحد هو المال نفسه الذي يصنع الكاهن والشرطي .
قبل السيد ترامب بأكثر من سبعين عاما شهدت أمريكا حملة واسعة لصيد الماركسيين عرفت بالمكارثّية نسبة الى عضو بالكونغرس اسمه جوزيف مكارثي. كان يرأس احدى لجانه الفرعية التي تولت توجيه الاتهامات الى المئات من المثقفين والموظفين باعتبارهم ماركسيين وهو ما أدى الى سجن البعض وطرد البعض الآخر من العمل ووصل الرقم الى ما يزيد عن عشرة آلاف شخص وكان من بين الضحايا مارتن لوثر كينغ وألبرت أينشتاين وآرثر ميلر و شارلي شابلن
و الآن اذا بحثنا عن المشترك بين الخبرين ربما أدركنا أن البرجوازية تتاجر بكل شيء ولا تستنكف من تحويل الدين والفلسفة الى بضائع في متجرها الكبير والذي يهمها هو الربح والمزيد من الربح ولا يهمها كم من جماجم سوف تعبد لها الطريق.